صفحة جزء
( بين ) ( هـ ) فيه : إن من البيان لسحرا البيان إظهار المقصود بأبلغ لفظ ، وهو من الفهم وذكاء القلب ، وأصله الكشف والظهور . وقيل معناه أن الرجل يكون عليه الحق وهو أقوم بحجته من خصمه فيقلب الحق ببيانه إلى نفسه ; لأن معنى السحر قلب الشيء في عين الإنسان ، وليس بقلب الأعيان ، ألا ترى أن البليغ يمدح إنسانا حتى يصرف قلوب السامعين إلى حبه ، ثم يذمه حتى يصرفها إلى بغضه .

* ومنه : البذاء والبيان شعبتان من النفاق أراد أنهما خصلتان منشؤهما النفاق ، أما البذاء وهو الفحش فظاهر ، وأما البيان فإنما أراد منه بالذم التعمق في النطق والتفاصح وإظهار التقدم فيه على [ ص: 175 ] الناس ، وكأنه نوع من العجب والكبر ، ولذلك قال في رواية أخرى : البذاء وبعض البيان ; لأنه ليس كل البيان مذموما .

* ومنه حديث آدم وموسى عليهما السلام : أعطاك الله التوراة فيها تبيان كل شيء أي كشفه وإيضاحه . وهو مصدر قليل فإن مصادر أمثاله بالفتح .

( هـ ) وفيه ألا إن التبين من الله تعالى والعجلة من الشيطان ، فتبينوا يريد به هاهنا التثبت ، كذا قاله ابن الأنباري .

( س ) وفيه : أول ما يبين على أحدكم فخذه أي يعرب ويشهد عليه .

( هـ ) وفي حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه لما أراد أن يشهده على شيء وهبه ابنه النعمان : هل أبنت كل واحد منهم مثل الذي أبنت هذا أي هل أعطيتهم مثله مالا تبينه به ، أي تفرده ، والاسم البائنة . يقال : طلب فلان البائنة إلى أبويه أو إلى أحدهما ، ولا يكون من غيرهما .

( هـ ) ومنه حديث الصديق : " قال لعائشة رضي الله عنها : إني كنت أبنتك بنحل " أي أعطيتك .

( س ) وفيه : من عال ثلاث بنات حتى يبن أو يمتن يبن بفتح الياء ، أي يتزوجن . يقال أبان فلان بنته وبينها إذا زوجها . وبانت هي إذا تزوجت . وكأنه من البين : البعد ، أي بعدت عن بيت أبيها .

* ومنه الحديث الآخر : حتى بانوا أو ماتوا .

* وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه فيمن طلق امرأته ثلاث تطليقات : " فقيل له إنها قد بانت منك ، فقال صدقوا " بانت المرأة من زوجها أي انفصلت عنه ووقع عليها طلاقه . والطلاق البائن هو الذي لا يملك الزوج فيه استرجاع المرأة إلا بعقد جديد ، وقد تكرر ذكرها في الحديث .

* وفي حديث الشرب : أبن القدح عن فيك أي افصله عنه عند التنفس لئلا يسقط فيه شيء من الريق ، وهو من البين : البعد والفراق .

[ ص: 176 ] * ومنه الحديث في صفته صلى الله عليه وسلم : " ليس بالطويل البائن " أي المفرط طولا الذي بعد عن قدر الرجال الطوال .

( س ) وفيه : " بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل " أصل بينا : بين ، فأشبعت الفتحة فصارت ألفا ، يقال بينا وبينما ، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجأة ، ويضافان إلى جملة من فعل وفاعل ، ومبتدأ وخبر ، ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى ، والأفصح في جوابهما ، ألا يكون فيه إذ وإذا وقد جاءا في الجواب كثيرا ، تقول بينا زيد جالس دخل عليه عمرو ، وإذ دخل عليه عمرو ، وإذا دخل عليه .

* ومنه قول الحرقة بنت النعمان :

بينا نسوس الناس والأمر أمرنا إذا نحن فيهم سوقة نتنصف



التالي السابق


الخدمات العلمية