صفحة جزء
[ ص: 200 ] باب الواو مع الطاء ( وطأ ) ( ه ) فيه " زعمت المرأة الصالحة خولة بنت حكيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وهو محتضن أحد ابني ابنته وهو يقول : إنكم لتبخلون وتجبنون وتجهلون ، وإنكم لمن ريحان الله ، وإن آخر وطأة وطئها الله بوج " أي تحملون على البخل والجبن والجهل . يعني الأولاد ، فإن الأب يبخل بإنفاق ماله ليخلفه لهم ، ويجبن عن القتال ليعيش لهم فيربيهم ، ويجهل لأجلهم فيلاعبهم .

وريحان الله : رزقه وعطاؤه .

ووج : من الطائف .

والوطء في الأصل : الدوس بالقدم ، فسمي به الغزو والقتل ; لأن من يطأ على الشيء برجله فقد استقصى في هلاكه وإهانته . والمعنى أن آخر أخذة ووقعة أوقعها الله بالكفار كانت بوج ، وكانت غزوة الطائف آخر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه لم يغز بعدها إلا غزوة تبوك ، ولم يكن فيها قتال .

ووجه تعلق هذا القول بما قبله من ذكر الأولاد أنه إشارة إلى تقليل ما بقي من عمره ، فكنى عنه بذلك .

( ه ) ومنه حديثه الآخر اللهم اشدد وطأتك على مضر أي خذهم أخذا شديدا .

* ومنه قول الشاعر :

ووطئتنا وطأ على حنق وطء المقيد نابت الهرم

وكان حماد بن سلمة يرويه " اللهم اشدد وطدتك على مضر " والوطد : الإثبات والغمز في الأرض .

( ه ) وفيه " أنه قال للخراص : احتاطوا لأهل الأموال في النائبة والواطئة " والواطئة : المارة والسابلة ، سموا بذلك لوطئهم الطريق . يقول : استظهروا لهم [ ص: 201 ] في الخرص ، لما ينوبهم وينزل بهم من الضيفان .

وقيل : الواطئة : سقاطة التمر تقع فتوطأ بالأقدام ، فهي فاعلة بمعنى مفعولة .

وقيل : هي من الوطايا ، جمع وطيئة ، وهي تجري مجرى العرية ، سميت بذلك لأن صاحبها وطأها لأهله : أي ذللها ومهدها ، فهي لا تدخل في الخرص .

* ومنه حديث القدر " وآثار موطوءة " أي مسلوك عليها بما سبق به القدر ، من خير أو شر .

( ه ) ومنه الحديث ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجالس يوم القيامة ؟ أحاسنكم أخلاقا ، الموطأون أكنافا ، الذين يألفون ويؤلفون هذا مثل ، وحقيقته من التوطئة ، وهي التمهيد والتذليل . وفراش وطيء : لا يؤذي جنب النائم . والأكناف : الجوانب . أراد الذين جوانبهم وطيئة ، يتمكن فيها من يصاحبهم ولا يتأذى .

( ه ) وفيه " أن رعاء الإبل ورعاء الغنم تفاخروا عنده ، فأوطأهم رعاء الإبل غلبة " أي غلبوهم وقهروهم بالحجة . وأصله أن من صارعته أو قاتلته فصرعته أو أثبته فقد وطئته وأوطأته غيرك . والمعنى أنه جعلهم يوطأون قهرا وغلبة .

* وفي حديث علي ، لما خرج مهاجرا بعد النبي صلى الله عليه وسلم " فجعلت أتبع مآخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطأ ذكره حتى انتهيت إلى العرج " أراد : إني كنت أغطي خبره من أول خروجي إلى أن بلغت العرج ، وهو موضع بين مكة والمدينة . فكنى عن التغطية والإيهام بالوطء ، الذي هو أبلغ في الإخفاء والستر .

( س ) وفي حديث النساء ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه أي لا يأذن لأحد من الرجال الأجانب أن يدخل عليهن ، فيتحدث إليهن . وكان ذلك من عادة العرب ، لا يعدونه ريبة ، ولا يرون به بأسا ، فلما نزلت آية الحجاب نهوا عن ذلك .

( ه ) وفي حديث عمار " أن رجلا وشى به إلى عمر فقال : اللهم إن كان كذب فاجعله [ ص: 202 ] موطأ العقب " أي كثير الأتباع . دعا عليه بأن يكون سلطانا أو مقدما أو ذا مال ، فيتبعه الناس ويمشون وراءه .

( ه ) وفيه إن جبريل صلى بي العشاء حين غاب الشفق ، واتطأ العشاء هو افتعل ، من وطأته . يقال : وطأت الشيء فاتطأ : أي هيأته فتهيأ . أراد أن الظلام كمل وواطأ بعضه بعضا : أي وافق .

وفي الفائق : " حين غاب الشفق وأتطى العشاء " قال : وهو من قول بني قيس : " لم يأتط الجداد . ومعناه : لم يأت حينه . وقد ائتطى يأتطي ، كائتلى يأتلي " ، بمعنى الموافقة والمساعفة .

قال : " وفيه وجه آخر : أنه افتعل من الأطيط ; لأن العتمة وقت حلب الإبل ، وهي حينئذ تئط ، أي تحن إلى أولادها ، فجعل الفعل للعشاء وهو لها اتساعا " .

* وفي حديث ليلة القدر أرى رؤياكم قد تواطت في العشر الأواخر هكذا روي بترك الهمز ، وهو من المواطأة : الموافقة . وحقيقته كأن كلا منهما وطئ ما وطئه الآخر .

( س ) وفي حديث عبد الله " لا نتوضأ من موطإ " أي ما يوطأ من الأذى في الطريق . أراد لا نعيد الوضوء منه ، لا أنهم كانوا لا يغسلونه .

( ه ) وفيه " فأخرج إلينا ثلاث أكل من وطيئة " الوطيئة : الغرارة يكون فيها الكعك والقديد وغيره .

[ ص: 203 ] * وفي حديث عبد الله بن بسر " أتيناه بوطيئة " هي طعام يتخذ من التمر كالحيس . ويروى بالباء الموحدة ، وقيل : هو تصحيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية