صفحة جزء
باب الحاء مع السين

( حسب ) * في أسماء الله تعالى " الحسيب " هو الكافي ، فعيل بمعنى مفعل ، من أحسبني الشيء : إذا كفاني . وأحسبته وحسبته بالتشديد أعطيته ما يرضيه حتى يقول حسبي .

ومنه حديث عبد الله بن عمرو قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، أي يكفيك . ولو روي بحسبك أن تصوم أي كفايتك ، أو كافيك ، كقولهم بحسبك قول السوء ، والباء زائدة لكان وجها .

( هـ ) وفيه الحسب المال ، والكرم التقوى الحسب في الأصل ، الشرف بالآباء وما يعده الناس من مفاخرهم . وقيل الحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن له آباء لهم شرف . والشرف والمجد لا يكونان إلا بالآباء . فجعل المال بمنزلة شرف النفس أو الآباء ، والمعنى أن الفقير ذا الحسب لا يوقر ولا يحتفل به ، والغني الذي لا حسب له يوقر ويجل في العيون .

( هـ ) ومنه الحديث الآخر حسب المرء خلقه ، وكرمه دينه .

* ومنه حديث عمر - رضي الله عنه - " حسب المرء دينه ، ومروءته خلقه " .

* وحديثه الآخر " حسب الرجل نقاء ثوبيه " أي أنه يوقر لذلك حيث هو دليل الثروة والجدة .

( هـ ) ومنه الحديث تنكح المرأة لميسمها وحسبها قيل الحسب هاهنا الفعال الحسن .

[ ص: 382 ] ( هـ ) ومنه حديث وفد هوازن " قال لهم اختاروا إحدى الطائفتين : إما المال ، وإما السبي ، فقالوا : أما إذ خيرتنا بين المال والحسب فإنا نختار الحسب ، فاختاروا أبناءهم ونساءهم " أرادوا أن فكاك الأسرى وإيثاره على استرجاع المال حسب وفعال حسن ، فهو بالاختيار أجدر . وقيل : المراد بالحسب هاهنا عدد ذوي القرابات ، مأخوذا من الحساب ، وذلك أنهم إذا تفاخروا عد كل واحد منهم مناقبه ومآثر آبائه وحسبها . فالحسب : العد والمعدود . وقد تكرر في الحديث .

( هـ ) وفيه من صام رمضان إيمانا واحتسابا أي طلبا لوجه الله وثوابه . فالاحتساب من الحسب ، كالاعتداد من العد ، وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله احتسبه ; لأن له حينئذ أن يعتد عمله ، فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به . والحسبة اسم من الاحتساب ، كالعدة من الاعتداد ، والاحتساب في الأعمال الصالحة ، وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر ، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبا للثواب المرجو منها .

( هـ ) ومنه حديث عمر - رضي الله عنه - " أيها الناس احتسبوا أعمالكم ، فإن من احتسب عمله كتب له أجر عمله وأجر حسبته .

( هـ ) ومنه الحديث من مات له ولد فاحتسبه أي احتسب الأجر بصبره على مصيبته . يقال : احتسب فلان ابنا له : إذا مات كبيرا ، وافترطه إذا مات صغيرا ، ومعناه : اعتد مصيبته به في جملة بلايا الله التي يثاب على الصبر عليها . وقد تكرر ذكر الاحتساب في الحديث .

( هـ ) وفي حديث طلحة " هذا ما اشترى طلحة من فلان فتاه بخمسمائة درهم بالحسب والطيب " أي بالكرامة من المشتري والبائع ، والرغبة وطيب النفس منهما . وهو من حسبته إذا أكرمته . وقيل هو من الحسبانة ، وهي الوسادة الصغيرة . يقال حسبت الرجل إذا وسدته ، وإذا أجلسته على الحسبانة .

ومنه حديث سماك " قال شعبة : سمعته يقول : ما حسبوا ضيفهم " أي ما أكرموه .

( هـ ) وفي حديث الأذان إنهم يجتمعون فيتحسبون الصلاة ، فيجيئون بلا داع أي [ ص: 383 ] يتعرفون ويتطلبون وقتها ويتوقعونه ، فيأتون المسجد قبل أن يسمعوا الأذان . والمشهور في الرواية يتحينون ، من الحين : الوقت : أي يطلبون حينها .

ومنه حديث بعض الغزوات " أنهم كانوا يتحسبون الأخبار " أي يطلبونها .

وفي حديث يحيى بن يعمر " كان إذا هبت الريح يقول : لا تجعلها حسبانا " أي عذابا .

وفيه أفضل العمل منح الرغاب ، لا يعلم حسبان أجرها إلا الله عز وجل الحسبان بالضم : الحساب . يقال : حسب يحسب حسبانا وحسبانا .

التالي السابق


الخدمات العلمية