صفحة جزء
( حكم ) في أسماء الله تعالى " الحكم والحكيم " هما بمعنى الحاكم ، وهو القاضي . والحكيم [ ص: 419 ] فعيل بمعنى فاعل ، أو هو الذي يحكم الأشياء ويتقنها ، فهو فعيل بمعنى مفعل . وقيل : الحكيم : ذو الحكمة . والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم . ويقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويتقنها : حكيم .

* ومنه حديث صفة القرآن " وهو الذكر الحكيم " أي الحاكم لكم وعليكم ، أو هو المحكم الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب ، فعيل بمعنى مفعل ، أحكم فهو محكم .

( س ) ومنه حديث ابن عباس " قرأت المحكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " يريد المفصل من القرآن ، لأنه لم ينسخ منه شيء . وقيل : هو ما لم يكن متشابها ; لأنه أحكم بيانه بنفسه ولم يفتقر إلى غيره .

* وفي حديث أبي شريح " أنه كان يكنى أبا الحكم ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن الله هو الحكم ، وكناه بأبي شريح " . وإنما كره له ذلك لئلا يشارك الله تعالى في صفته .

( هـ ) وفيه إن من الشعر لحكما أي إن من الشعر كلاما نافعا يمنع من الجهل والسفه ، وينهى عنهما . قيل : أراد بها المواعظ والأمثال التي ينتفع بها الناس . والحكم : العلم والفقه والقضاء بالعدل ، وهو مصدر حكم يحكم . ويروى إن من الشعر لحكمة وهي بمعنى الحكم .

* ومنه الحديث " الصمت حكم وقليل فاعله " .

* ومنه الحديث الخلافة في قريش ، والحكم في الأنصار خصهم بالحكم ; لأن أكثر فقهاء الصحابة فيهم : منهم معاذ بن جبل ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وغيرهم .

* ومنه الحديث وبك حاكمت أي رفعت الحكم إليك فلا حكم إلا لك . وقيل : بك خاصمت في طلب الحكم وإبطال من نازعني في الدين ، وهي مفاعلة من الحكم .

* وفيه " إن الجنة للمحكمين " يروى بفتح الكاف وكسرها ، فالفتح : هم الذين يقعون في يد العدو فيخيرون بين الشرك والقتل فيختارون القتل . قال الجوهري : هم قوم من أصحاب [ ص: 420 ] الأخدود فعل بهم ذلك فاختاروا الثبات على الإيمان مع القتل . وأما بالكسر فهو المنصف من نفسه . والأول الوجه .

( هـ ) ومنه حديث كعب " إن في الجنة دارا - ووصفها ، ثم قال - : لا ينزلها إلا نبي أو صديق أو شهيد أو محكم في نفسه " .

( س ) وفي حديث ابن عباس " كان الرجل يرث امرأة ذات قرابة فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه صداقها ، فأحكم الله عن ذلك ونهى عنه " أي منع منه . يقال أحكمت فلانا : أي منعته . وبه سمي الحاكم ; لأنه يمنع الظالم . وقيل : هو من حكمت الفرس وأحكمته وحكمته : إذا قدعته وكففته .

( س ) وفي الحديث " ما من آدمي إلا وفي رأسه حكمة " . وفي رواية " في رأس كل عبد حكمة ، إذا هم بسيئة فإن شاء الله أن يقدعه بها قدعه " الحكمة : حديدة في اللجام تكون على أنف الفرس وحنكه ، تمنعه عن مخالفة راكبه . ولما كانت الحكمة تأخذ بفم الدابة وكان الحنك متصلا بالرأس جعلها تمنع من هي في رأسه ، كما تمنع الحكمة الدابة .

( س ) ومنه حديث عمر " إن العبد إذا تواضع رفع الله حكمته " أي قدره ومنزلته ، كما يقال : له عندنا حكمة : أي قدر . وفلان عالي الحكمة . وقيل : الحكمة من الإنسان : أسفل وجهه ، مستعار من موضع حكمة اللجام ، ورفعها كناية عن الإعزاز ، لأن من صفة الذليل تنكيس رأسه .

( س ) ومنه الحديث " وأنا آخذ بحكمة فرسه " أي بلجامه .

[ هـ ] وفي حديث النخعي " حكم اليتيم كما تحكم ولدك " أي امنعه من الفساد كما تمنع ولدك . وقيل : أراد حكمه في ماله إذا صلح كما تحكم ولدك .

( هـ ) وفيه " في أرش الجراحات الحكومة " يريد الجراحات التي ليس فيها دية مقدرة . وذلك أن يجرح في موضع من بدنه جراحة تشينه فيقيس الحاكم أرشها بأن يقول : لو كان هذا [ ص: 421 ] المجروح عبدا غير مشين بهذه الجراحة كانت قيمته مائة مثلا ، وقيمته بعد الشين تسعون ، فقد نقص عشر قيمته ، فيوجب على الجارح عشر دية الحر لأن المجروح حر .

( س ) وفيه شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي حتى حكم وحاء هما قبيلتان جافيتان من وراء رمل يبرين .

التالي السابق


الخدمات العلمية