صفحة جزء
( حلل ) ‏ * في حديث عائشة " قالت : طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحله وحرمه " . * وفي حديث آخر " لإحلاله حين حل " يقال حل المحرم يحل حلالا وحلا ، وأحل يحل إحلالا‏ : إذا حل له ما يحرم عليه من محظورات الحج . ورجل حل من الإحرام‏ : أي حلال . والحلال‏ : ضد الحرام . ورجل حلال‏ : أي غير محرم ولا متلبس بأسباب الحج ، وأحل الرجل إذا خرج إلى الحل عن الحرم . وأحل إذا دخل في شهور الحل . [ ص: 429 ] ( ‏ هـ ) ‏ ومنه حديث النخعي " أحل بمن أحل بك " أي من ترك إحرامه وأحل بك فقاتلك فأحلل أنت أيضا به وقاتله وإن كنت محرما . وقيل‏ : معناه إذا أحل رجل ما حرم الله عليه منك فادفعه أنت عن نفسك بما قدرت عليه . ( هـ ) وفي حديث آخر " من حل بك فاحلل به " أي من صار بسببك حلالا فصر أنت به أيضا حلالا . هكذا ذكره الهروي وغيره . والذي جاء في كتاب أبي عبيد عن النخعي في المحرم يعدو عليه السبع أو اللص " أحل بمن أحل بك " قال‏ : وقد روى عن الشعبي مثله وشرح مثل ذلك . * ومنه حديث دريد بن الصمة " قال لمالك بن عوف : أنت محل بقومك " أي إنك قد أبحت حريمهم وعرضتهم للهلاك ، شبههم بالمحرم إذا أحل ، كأنهم كانوا ممنوعين بالمقام في بيوتهم فحلوا بالخروج منها . * وفي حديث العمرة " حلت العمرة لمن اعتمر " أي صارت لكم حلالا جائزة . وذلك أنهم كانوا لا يعتمرون في الأشهر الحرم ، فذلك معنى قولهم‏ : إذا دخل صفر حلت العمرة لمن اعتمر . ( هـ ) وفي حديث العباس وزمزم " لست أحلها لمغتسل ، وهي لشارب حل وبل " الحل بالكسر الحلال ضد الحرام . * ومنه الحديث " وإنما أحلت لي ساعة من نهار " يعني مكة يوم الفتح حيث دخلها عنوة غير محرم . * وفيه " إن الصلاة تحريمها التكبير وتحليلها التسليم " أي صار المصلي بالتسليم يحل له ما حرم عليه فيها بالتكبير من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالها ، كما يحل للمحرم بالحج عند الفراغ منه ما كان حراما عليه . [ هـ ] ‏ ومنه الحديث " لا يموت لمؤمن ثلاثة أولاد فتمسه النار إلا تحلة القسم " قيل أراد بالقسم قوله تعالى : وإن منكم إلا واردها تقول العرب‏ : ضربه تحليلا وضربه تعذيرا إذا لم يبالغ في ضربه ، وهذا مثل في القليل المفرط في القلة ، وهو أن يباشر من الفعل الذي يقسم عليه المقدار [ ص: 430 ] الذي يبر به قسمه ، مثل أن يحلف على النزول بمكان ، فلو وقع به وقعة خفيفة أجزأته ، فتلك تحلة قسمه . فالمعنى لا تمسه النار إلا مسة يسيرة مثل تحلة قسم الحالف ، ويريد بتحلته الورود على النار والاجتياز بها . والتاء في التحلة زائدة . ( هـ ) ومنه الحديث الآخر " من حرس ليلة من وراء المسلمين متطوعا لم يأخذه الشيطان ولم ير النار تمسه إلا تحلة القسم ، قال الله تعالى : وإن منكم إلا واردها . ومنه قصيد كعب بن زهير‏ :

تخدي على يسرات وهي لاهية ذوابل وقعهن الأرض تحليل

أي قليل ، كما يحلف الإنسان على الشيء أن يفعله فيفعل منه اليسير يحلل به يمينه . ( هـ ) وفي حديث عائشة " أنها قالت لامرأة مرت بها : ما أطول ذيلها ؟ فقال : اغتبتيها ، قومي إليها فتحلليها " يقال تحللته واستحللته‏ : إذا سألته أن يجعلك في حل من قبله . ( هـ ) ومنه الحديث من كان عنده مظلمة من أخيه فليستحله . ( هـ ) وفي حديث أبي بكر " أنه قال لامرأة حلفت أن لا تعتق مولاة لها ، فقال لها : حلا أم فلان ، واشتراها وأعتقها " أي تحللي من يمينك ، وهو منصوب على المصدر . * ومنه حديث عمرو بن معدي كرب " قال لعمر : حلا يا أمير المؤمنين فيما تقول " أي تحلل من قولك . * وفي حديث أبى قتادة " ثم ترك فتحلل " أي لما انحلت قواه ترك ضمه إليه ، وهو تفعل ، من الحل نقيض الشد . * وفي حديث أنس " قيل له : حدثنا ببعض ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال وأتحلل " أي أستثني . ( هـ ) وفيه " أنه سئل : أي الأعمال أفضل ؟ فقال : الحال المرتحل ، قيل : وما ذاك ؟ قال : الخاتم المفتتح ، وهو الذي يختم القرآن بتلاوته ، ثم يفتتح التلاوة من أوله ، شبهه بالمسافر يبلغ المنزل فيحل فيه ، ثم يفتتح سيره : أي يبتدؤه . وكذلك قراء أهل مكة إذا ختموا القرآن [ ص: 431 ] بالتلاوة ابتدءوا وقرءوا الفاتحة وخمس آيات من أول سورة البقرة إلى وأولئك هم المفلحون ، ثم يقطعون القراءة ، ويسمون فاعل ذلك‏ : الحال المرتحل ، أي ختم القرآن وابتدأ بأوله ولم يفصل بينهما بزمان . وقيل‏ : أراد بالحال المرتحل الغازي الذي لا يقفل عن غزو إلا عقبه بآخر . * وفيه " أحلوا الله يغفر لكم " أي أسلموا ، هكذا فسر في الحديث . قال الخطابي‏ : معناه الخروج من حظر الشرك إلى حل الإسلام وسعته ، من قولهم أحل الرجل إذا خرج من الحرم إلى الحل . ويروى بالجيم ، وقد تقدم . وهذا الحديث هو عند الأكثرين من كلام أبي الدرداء . ومنهم من جعله حديثا . ( هـ ) وفيه لعن الله المحلل والمحلل له وفي رواية المحل والمحل له . * وفي حديث بعض الصحابة " لا أوتى بحال ولا محلل إلا رجمتهما " جعل الزمخشري هذا الحديث الأخير حديثا لا أثرا . وفي هذه اللفظة ثلاث لغات‏ : حللت ، وأحللت ، وحللت ; فعلى الأولى جاء الحديث الأول ، يقال حلل فهو محلل ومحلل له ، وعلى الثانية جاء الثاني ، تقول أحل فهو محل ومحل له ، وعلى الثالثة جاء الثالث ، تقول حللت فأنا حال ، وهو محلول له . وقيل أراد بقوله لا أوتى بحال‏ : أي بذي إحلال ، مثل قولهم ريح لاقح‏ : أي ذات إلقاح . والمعنى في الجميع‏ : هو أن يطلق الرجل امرأته ثلاثا فيتزوجها رجل آخر على شريطة أن يطلقها بعد وطئها لتحل لزوجها الأول . وقيل سمي محللا بقصده إلى التحليل ، كما يسمى مشتريا إذا قصد الشراء . * وفي حديث مسروق " في الرجل تكون تحته الأمة فيطلقها طلقتين ، ثم يشتريها ، قال : لا تحل له إلا من حيث حرمت عليه " أي أنها لا تحل له وإن اشتراها حتى تنكح زوجا غيره . يعني أنها كما حرمت عليه بالتطليقتين فلا تحل له حتى يطلقها الزوج الثاني تطليقتين فتحل له بهما كما حرمت عليه بهما . * وفيه أن تزاني حليلة جارك حليلة الرجل‏ : امرأته ، والرجل حليلها ; لأنها تحل معه ويحل معها . وقيل لأن كل واحد منهما يحل للآخر . [ ص: 432 ] ( ‏س ) ومنه حديث عيسى - عليه السلام - عند نزوله " أنه يزيد في الحلال " قيل أراد أنه إذا نزل تزوج فزاد فيما أحل الله له‏ : أي ازداد منه لأنه لم ينكح إلى أن رفع . * وفي حديثه أيضا " فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات " أي هو حق واجب واقع ، لقوله تعالى : وحرام على قرية أي حق واجب عليها . * ومنه الحديث حلت له شفاعتي وقيل‏ : هي بمعنى غشيته ونزلت به . ‏ * فأما قوله : لا يحل الممرض على المصح فبضم الحاء ، من الحلول : النزول . وكذلك فليحلل بضم اللام . * وفي حديث الهدي " لا ينحر حتى يبلغ محله " أي الموضع والوقت الذي يحل فيهما نحره ، وهو يوم النحر بمنى ، وهو بكسر الحاء يقع على الموضع والزمان . * ومنه حديث عائشة " قال لها : هل عندكم شيء ؟ قالت : لا ، إلا شيء بعثت به إلينا نسيبة من الشاة التي بعثت إليها من الصدقة ، فقال : هات فقد بلغت محلها " أي وصلت إلى الموضع الذي تحل فيه ، وقضي الواجب فيها من التصدق بها ، فصارت ملكا لمن تصدق بها عليه ، يصح له التصرف فيها ، ويصح قبول ما أهدى منها وأكله ، وإنما قال ذلك لأنه يحرم عليه أكل الصدقة . ( هـ س ) ‏ وفيه " أنه كره التبرج بالزينة لغير محلها " يجوز أن تكون الحاء مكسورة من الحل ، ومفتوحة من الحلول ، أو أراد به الذين ذكرهم الله في قوله : ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن الآية . والتبرج‏ : إظهار الزينة . ( هـ ) وفيه " خير الكفن الحلة " الحلة‏ : واحدة الحلل ، وهي برود اليمن ، ولا تسمى حلة إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد . * ومنه حديث أبي اليسر " لو أنك أخذت بردة غلامك وأعطيته معافريك ، أو أخذت معافريه وأعطيته بردتك فكانت عليك حلة وعليه حلة " . [ ص: 433 ] ( هـ ) ومنه الحديث " أنه رأى رجلا عليه حلة قد ائتزر بأحدهما وارتدى بالأخرى " أي ثوبين . ( ‏س ) ومنه حديث علي " أنه بعث ابنته أم كلثوم إلى عمر لما خطبها ، فقال لها قولي له إن أبي يقول لك : هل رضيت الحلة ؟ " كنى عنها بالحلة لأن الحلة من اللباس ، ويكنى به عن النساء ، ومنه قوله تعالى : هن لباس لكم وأنتم لباس لهن . * وفيه " أنه بعث رجلا على الصدقة ، فجاء بفصيل مخلول أو محلول بالشك " المحلول بالحاء المهملة‏ : الهزيل الذي حل اللحم عن أوصاله فعري منه . والمخلول يجيء في بابه . ( ‏س ) ‏ وفي حديث عبد المطلب‏ :

لا هم إن المرء يمـ ـنع رحله فامنع حلالك



الحلال بالكسر‏ : القوم المقيمون المتجاورون ، يريد بهم سكان الحرم . * وفيه " أنهم وجدوا ناسا أحلة " كأنهم جمع حلال ، كعماد وأعمدة ، وإنما هو جمع فعال بالفتح ، كذا قاله بعضهم . وليس في جمع فعال بالكسر أولى منها في جمع فعال بالفتح كفدان وأفدنة . وفي قصيد كعب بن زهير :

‏تمر مثل عسيب النخل ذا خصل     بغارب لم تخونه الأحاليل

الأحاليل‏ : جمع إحليل ، وهو مخرج اللبن من الضرع ، وتخونه‏ : تنقصه ، يعني أنه قد نشف لبنها ، فهي سمينة لم تضعف بخروج اللبن منها . والإحليل يقع على ذكر الرجل وفرج المرأة . ‏ * ومنه حديث ابن عباس " أحمد إليكم غسل الإحليل " أي غسل الذكر . * وفي حديث ابن عباس " إن حل لتوطي الناس وتؤذي وتشغل عن ذكر الله تعالى " حل‏ : زجر للناقة إذا حثثتها على السير‏ : أي أن زجرك إياها عند الإفاضة عن عرفات يؤدي إلى ذلك من الإيذاء والشغل عن ذكر الله تعالى ، فسر على هينتك .

التالي السابق


الخدمات العلمية