صفحة جزء
[ ص: 447 ] ( حما ) ( س هـ ) فيه لا حمى إلا لله ورسوله قيل : كان الشريف في الجاهلية إذا نزل أرضا في حيه استعوى كلبا فحمى مدى عواء الكلب لا يشركه فيه غيره ، وهو يشارك القوم في سائر ما يرعون فيه ، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، وأضاف الحمى إلى الله ورسوله : أي إلا ما يحمى للخيل التي ترصد للجهاد ، والإبل التي يحمل عليها في سبيل الله ، وإبل الزكاة وغيرها ، كما حمى عمر بن الخطاب النقيع لنعم الصدقة والخيل المعدة في سبيل الله .

( هـ ) وفي حديث أبيض بن حمال لا حمى في الأراك فقال أبيض : أراكة في حظاري : أي في أرضي " وفي رواية أنه سأله عما يحمى من الأراك فقال ما لم تنله أخفاف الإبل معناه أن الإبل تأكل منتهى ما تصل إليه أفواهها لأنها إنما تصل إليه بمشيها على أخفافها ، فيحمى ما فوق ذلك . وقيل أراد أنه يحمى من الأراك ما بعد عن العمارة ولم تبلغه الإبل السارحة إذا أرسلت في المرعى ، ويشبه أن تكون هذه الأراكة التي سأل عنها يوم إحياء الأرض وحظر عليها قائمة فيها ، فملك الأرض بالإحياء ، ولم يملك الأراكة ، فأما الأراك إذا نبت في ملك رجل فإنه يحميه ويمنع غيره منه .

( هـ ) وفي حديث عائشة ، وذكرت عثمان " عتبنا عليه موضع الغمامة المحماة " تريد الحمى الذي حماه . يقال أحميت المكان فهو محمى إذا جعلته حمى . وهذا شيء حمى : أي محظور لا يقرب ، وحميته حماية إذا دفعت عنه ومنعت منه من يقربه ، وجعلته عائشة موضعا للغمامة لأنها تسقيه بالمطر ، والناس شركاء فيما سقته السماء من الكلأ إذا لم يكن مملوكا ، فلذلك عتبوا عليه .

( س ) وفي حديث حنين " الآن حمي الوطيس " الوطيس : التنور ، وهو كناية عن شدة الأمر واضطرام الحرب ، ويقال إن هذه الكلمة أول من قالها النبي - صلى الله عليه وسلم - لما اشتد البأس يومئذ ولم تسمع قبله ، وهي من أحسن الاستعارات .

* ومنه الحديث " وقدر القوم حامية تفور " أي حارة تغلي ، يريد عزة جانبهم وشدة شوكتهم وحميتهم .

* وفي حديث معقل بن يسار " فحمي من ذلك أنفا " أي أخذته الحمية ، وهي الأنفة والغيرة ، وقد تكررت الحمية في الحديث .

[ ص: 448 ] * وفي حديث الإفك أحمي سمعي وبصري أي أمنعهما من أن أنسب إليهما ما لم يدركاه ، ومن العذاب لو كذبت عليهما .

( هـ ) وفيه " لا يخلون رجل بمغيبة وإن قيل حموها ، ألا حموها الموت " الحم أحد الأحماء : أقارب الزوج . والمعنى فيه أنه إذا كان رأيه هذا في أبي الزوج - وهو محرم - فكيف بالغريب ! أي فلتمت ولا تفعلن ذلك ، وهذه كلمة تقولها العرب ، كما تقول الأسد الموت ، والسلطان النار ، أي لقاؤهما مثل الموت والنار . يعني أن خلوة الحم معها أشد من خلوة غيره من الغرباء لأنه ربما حسن لها أشياء وحملها على أمور تثقل على الزوج من التماس ما ليس في وسعه ، أو سوء عشرة أو غير ذلك ، ولأن الزوج لا يؤثر أن يطلع الحم على باطن حاله بدخول بيته .

التالي السابق


الخدمات العلمية