صفحة جزء
[ ص: 26 ] حرف الهمزة

نذكر في هذا الحرف الهمزة الأصلية التي هي لام الفعل ، فأما المبدلة من الواو نحو العزاء ، الذي أصله عزاو ؛ لأنه من " عزوت " ، أو المبدلة من الياء نحو الآباء ، الذي أصله " أباي " ؛ لأنه من أبيت ، فنذكره في باب الواو والياء ، ونقدم هنا الحديث في الهمزة .

قال الأزهري : اعلم أن الهمزة لا هجاء لها ، إنما تكتب مرة ألفا ومرة ياء ومرة واوا ، والألف اللينة لا حرف لها ، إنما هي جزء من مدة بعد فتحة . والحروف ثمانية وعشرون حرفا مع الواو والألف والياء ، وتتم بالهمزة تسعة وعشرين حرفا .

والهمزة كالحرف الصحيح غير أن لها حالات من التليين والحذف والإبدال والتحقيق تعتل ، فألحقت بالأحرف المعتلة الجوف ، وليست من الجوف ، إنما هي حلقية في أقصى الفم ؛ ولها ألقاب كألقاب الحروف الجوف ، فمنها همزة التأنيث ، كهمزة الحمراء والنفساء والعشراء والخشاء ، وكل منها مذكور في موضعه ؛ ومنها الهمزة الأصلية في آخر الكلمة مثل : الحفاء والبواء والوطاء والطواء ؛ ومنها الوحاء والباء والداء والإيطاء في الشعر . هذه كلها همزها أصلي . ومنها همزة المدة المبدلة من الياء والواو : كهمزة السماء والبكاء والكساء والدعاء والجزاء وما أشبهها . ومنها الهمزة المجتلبة بعد الألف الساكنة نحو : همزة وائل وطائف ، وفي الجمع نحو : كتائب وسرائر . ومنها الهمزة الزائدة نحو : همزة الشمأل والشأمل والغرقئ . ومنها الهمزة التي تزاد لئلا يجتمع ساكنان ؛ نحو : اطمأن واشمأز وازبأر وما شاكلها . ومنها همزة الوقفة في آخر الفعل لغة لبعض دون بعض نحو قولهم للمرأة : قولئ ، وللرجلين قولأ ، وللجميع قولؤ ، لهذا وصلوا الكلام لم يهمزوا ، ويهمزون لا إذا وقفوا عليها . ومنها همزة التوهم كما روى الفراء عن بعض العرب أنهم يهمزون ما لا همز فيه إذا ضارع المهموز .

قال : وسمعت امرأة من غني تقول : رثأت زوجي بأبيات ، كأنها لما سمعت رثأت اللبن ذهبت إلى أن مرثية الميت منها . قال : ويقولون لبأت بالحج وحلأت السويق فيغلطون ؛ لأن " حلأت " يقال في دفع العطشان عن الماء ، ولبأت يذهب بها اللبا . وقالوا : استنشأت الريح والصواب استنشيت ، ذهبوا به إلى قولهم : نشأ السحاب . ومنها الهمزة الأصلية الظاهرة نحو همز الخبء والدفء والكفء والعبء وما أشبهها ؛ ومنها اجتماع همزتين في كلمة واحدة نحو همزتي الرئاء والحاوئاء ؛ وأما الضياء فلا يجوز همز يائه ، والمدة الأخيرة فيه همزة أصلية من ضاء يضوء ضوءا . قال أبو العباس أحمد بن يحيى فيمن همز ما ليس بمهموز :


وكنت أرجي بئر نعمان حائرا فلوأ بالعينين والأنف حائر

أراد لوى فهمز ، كما قال :


كمشترئ بالحمد ما لا يضيره



قال أبو العباس : هذه لغة من يهمز ما ليس بمهموز . قال : والناس كلهم يقولون ، إذا كانت الهمزة طرفا وقبلها ساكن حذفوها في الخفض والرفع ، وأثبتوها في النصب ، إلا الكسائي وحده ، فإنه يثبتها كلها .

قال : لهذا كانت الهمزة وسطى أجمعوا كلهم على أن لا تسقط .

قال : واختلف العلماء بأي صورة تكون الهمزة ، فقالت طائفة : نكتبها بحركة ما قبلها وهم الجماعة . وقال أصحاب القياس : نكتبها بحركة نفسها ؛ واحتجت الجماعة بأن الخط ينوب عن اللسان .

قال : وإنما يلزمنا أن نترجم بالخط ما نطق به اللسان . قال أبو العباس : وهذا هو الكلام .

قال : ومنها اجتماع الهمزتين بمعنيين واختلاف النحويين فيهما . قال الله عز وجل : أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون من القراء من يحقق الهمزتين فيقرأ : ( أأنذرتهم ) قرأ به عاصم وحمزة والكسائي ، وقرأ أبو عمرو : ( آأنذرتهم ) مطولة ؛ وكذلك جميع ما أشبهه نحو قوله تعالى : ( آأنت قلت للناس ) ، ( آألد وأنا عجوز ) ، ( آإله مع الله ) وكذلك قرأ ابن كثير ونافع ويعقوب بهمزة مطولة ، وقرأ عبد الله بن أبي إسحاق : ( آأنذرتهم ) بألف بين الهمزتين ، وهي لغة سائرة بين العرب . قال ذو الرمة :


تطاللت فاستشرفته فعرفته     فقلت له آأنت زيد الأرانب ؟

وأنشد أحمد بن يحيى :


خرق إذا ما القوم أجروا فكاهة     تذكر آإياه يعنون أم قردا ؟

وقال الزجاج : زعم سيبويه أن من العرب من يحقق الهمزة ولا يجمع بين الهمزتين ، وإن كانتا من كلمتين . قال : وأهل الحجاز لا يحققون واحدة منهما .

وكان الخليل يرى تخفيف الثانية ، فيجعل الثانية بين الهمزة والألف ولا يجعلها ألفا خالصة . قال : ومن جعلها ألفا خالصة ، فقد أخطأ من جهتين ؛ إحداهما : أنه جمع بين ساكنين . والأخرى : أنه أبدل من همزة متحركة قبلها حركة ألفا ، والحركة الفتح . قال : وإنما حق الهمزة إذا تحركت وانفتح ما قبلها أن تجعل بين بين - أعني بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركتها - فتقول في [ ص: 27 ] سأل سأل ، وفي رؤف رؤف ، وفي بئس بئس ، وهذا في الخط واحد ، وإنما تحكمه بالمشافهة .

قال : وكان غير الخليل يقول في مثل قوله : " فقد جاء أشراطها " أن تخفف الأولى .

قال سيبويه : جماعة من العرب يقرأون : ( فقد جاء أشراطها ) ، يحققون الثانية ويخففون الأولى . قال وإلى هذا ذهب أبو عمرو بن العلاء .

قال : وأما الخليل ، فإنه يقرأ بتحقيق الأولى وتخفيف الثانية .

قال : وإنما اخترت تخفيف الثانية لاجتماع الناس على بدل الثانية في قولهم : آدم وآخر ، لأن الأصل في آدم " أأدم " ، وفي آخر " أأخر " .

قال الزجاج : وقول الخليل أقيس ، وقول أبي عمرو جيد أيضا .

وأما الهمزتان إذا كانتا مكسورتين ، نحو قوله : على البغاء إن أردن تحصنا ، وإذا كانتا مضمومتين نحو قوله : أولياء أولئك فإن أبا عمرو يخفف الهمزة الأولى منهما ، فيقول : على البغاء إن ، ( وأولياء أولئك ) ، فيجعل الهمزة الأولى في البغاء بين الهمزة والياء ويكسرها ، ويجعل الهمزة في قوله : أولياء أولئك الأولى بين الواو والهمزة ويضمها .

قال : وجملة ما قاله في مثل هذه ثلاثة أقوال ؛ أحدها : وهو مذهب الخليل ، أن يجعل مكان الهمزة الثانية همزة بين بين ، فإذا كان مضموما جعل الهمزة بين الواو والهمزة . قال : أولياء أولئك ، ( على البغاء إن ) .

وأما أبو عمرو فيقرأ على ما ذكرنا ، وأما ابن أبي إسحاق وجماعة من القراء فإنهم يجمعون بين الهمزتين ، وأما اختلاف الهمزتين نحو قوله تعالى : كما آمن السفهاء ألا فأكثر القراء على تحقيق الهمزتين ، وأما أبو عمرو فإنه يحقق الهمزة الثانية في رواية سيبويه ، ويخفف الأولى فيجعلها بين الواو والهمزة ، فيقول : السفهاء ألا ، ويقرأ ( من في السماء أن ) فيحقق الثانية ، وأما سيبويه والخليل فيقولان : ( السفهاء ولا ) يجعلان الهمزة الثانية واوا خالصة . وفي قوله تعالى : ( أأمنتم من في السماء ين ) ياء خالصة ، والله أعلم .

قال : ومما جاء عن العرب في تحقيق الهمز وتليينه وتحويله وحذفه ، قال أبو زيد الأنصاري : الهمز على ثلاثة أوجه : التحقيق والتخفيف والتحويل . فالتحقيق منه أن تعطى الهمزة حقها من الإشباع ، فإذا أردت أن تعرف إشباع الهمزة ، فاجعل العين في موضعها ، كقولك من الخبء : قد خبأت لك بوزن خبعت لك ، وقرأت بوزن قرعت ، فأنا أخبغ وأقرع ، وأنا خابع وخابئ وقارئ نحو قارع ، بعد تحقيق الهمزة بالعين ، كما وصفت لك . قال : والتخفيف من الهمز إنما سموه تخفيفا ؛ لأنه لم يعط حقه من الإعراب والإشباع ، وهو مشرب همزا ، تصرف في وجوه العربية بمنزلة سائر الحروف التي تحرك ، كقولك : خبات وقرات ، فجعل الهمزة ألفا ساكنة على سكونها في التحقيق ، إذا كان ما قبلها مفتوحا ، وهي كسائر الحروف التي يدخلها التحريك ، كقولك : لم يخبإ الرجل ، ولم يقرإ القرآن ، فكسر الألف من " يخبإ " و " يقرإ " لسكون ما بعدها ، فكأنك قلت لم يخبير جل ولم يقر يلقرآن ، وهو يخبو ويقرو ، فيجعلها واوا مضمومة في الأدراج ، فإن وقفتها جعلتها ألفا غير أنك تهيئها للضمة من غير أن تظهر ضمتها فتقول : ما أخبأه وأقرأه ، فتحرك الألف بفتح لبقية ما فيها من الهمزة كما وصفت لك ، وأما التحويل من الهمز ، فإن تحول الهمز إلى الياء والواو ، كقولك : قد خبيت المتاع فهو مخبي ، فهو يخباه ، فاعلم ، فيجعل الياء ألفا حيث كان قبلها فتحة نحو ألف يسعى ويخشى ؛ لأن ما قبلها مفتوح .

قال : وتقول رفوت الثوب رفوا ، فحولت الهمزة واوا كما ترى ، وتقول : لم يخب عني شيئا . فتسقط موضع اللام من نظيرها من الفعل للإعراب ، وتدع ما بقي على حاله متحركا ، وتقول : ما أخباه . فتسكن الألف المحولة كما أسكنت الألف من قولك : ما أخشاه وأسعاه .

قال : ومن محقق الهمز قولك للرجل : يلؤم . كأنك قلت : يلعم ، إذا كان بخيلا ، وأسد يزئر كقولك يزعر ، فإذا أردت التخفيف قلت للرجل : يلم . وللأسد : يزر . على أن ألقيت الهمزة من قولك يلؤم ويزئر ، وحركت ما قبلها بحركتها على الضم والكسر ، إذا كان ما قبلها ساكنا ؛ فإذا أردت تحويل الهمزة منها قلت للرجل يلوم فجعلتها واوا ساكنة ؛ لأنها تبعت ضمة ، والأسد يزير فجعلتها ياء للكسرة قبلها نحو : يبيع ويخيط ؛ وكذلك كل همزة تبعت حرفا ساكنا عدلتها إلى التخفيف ، فإنك تلقيها وتحرك بحركتها الحرف الساكن قبلها ، كقولك للرجل : سل ، فتحذف الهمزة وتحرك موضع الفاء من نظيرها من الفعل بحركتها ، وأسقطت ألف الوصل ؛ إذ تحرك ما بعدها ، وإنما يجتلبونها للإسكان ، فإذا تحرك ما بعدها لم يحتاجوا إليها . وقال رؤبة :


وأنت يا با مسلم وفيتا



ترك الهمزة ، وكان وجه الكلام : يا أبا مسلم ؛ فحذف الهمزة وهي أصلية ، كما قالوا لا أب لك ، ولا ابا لك ، ولا با لك ، ولاب لغيرك ، ولا با لشانئك .

ومنها نوع آخر من المحقق ، وهو قولك من رأيت ، وأنت تأمر : إرأ ، كقولك : إرع زيدا ، فإذا أردت التخفيف قلت : ر زيدا ، فتسقط ألف الوصل لتحرك ما بعدها .

قال أبو زيد : وسمعت من العرب من يقول : يا فلان نويك ؛ على التخفيف ، وتحقيقه نؤيك ، كقولك إبغ بغيك ، إذا أمره أن يجعل نحو خبائه نؤيا كالطوق يصرف عنه ماء المطر .

قال : ومن هذا النوع : رأيت الرجل ، فإذا أردت التخفيف قلت : رايت ، فحركت الألف بغير إشباع همز ، ولم تسقط الهمزة لأن ما قبلها متحرك ، وتقول للرجل : ترأى ذلك على التحقيق .

[ ص: 28 ] وعامة كلام العرب في يرى وترى وارى ونرى ؛ على التخفيف ، لم تزد على أن ألقت الهمزة من الكلمة ، وجعلت حركتها بالضم على الحرف الساكن قبلها .

قال أبو زيد : واعلم أن واو فعول ومفعول ، وياء فعيل ، وياء التصغير لا يعتقبن الهمز في شيء من الكلام ؛ لأن الأسماء طولت بها ، كقولك في التحقيق : هذه خطيئة ، كقولك خطيعة ، فإذا أبدلتها إلى التخفيف قلت : هذه خطية ، جعلت حركتها ياء للكسرة ؛ وتقول : هذا رجل خبوء ، كقولك خبوع ، فإذا خففت قلت : رجل خبو ، فتجعل الهمزة واوا للضمة التي قبلها ، وجعلتها حرفا ثقيلا في وزن حرفين مع الواو التي قبلها ، وتقول : هذا متاع مخبوء بوزن مخبوع ، فإذا خففت . قلت : متاع مخبو ، فحولت الهمزة واوا للضمة قبلها .

قال أبو منصور : ومن العرب من يدغم الواو في الواو ويشددها ، فيقول : مخبو . قاد أبو زيد : تقول رجل براء من الشرك ، كقولك : براع ، فإذا عدلتها إلى التخفيف قلت : براو ، فتصير الهمزة واوا لأنها مضمومة ، وتقول : مررت برجل براي ، فتصير ياء على الكسرة ، ورأيت رجلا برايا ، فتصير ألفا ؛ لأنها مفتوحة . ومن تحقيق الهمزة قولهم : هذا غطاء وكساء وخباء ، فتهمز موضع اللام من نظيرها من الفعل ؛ لأنها غاية ، وقبلها ألف ساكنة ، كقولهم : هذا غطاع وكساع وخباع ، فالعين موضع الهمزة ، فإذا جمعت الاثنين على سنة الواحد في التحقيق ، قلت : هذان غطاآن وكساآن وخباآن ، كقولك : غطاعان وكساعان وخباعان ، فتهمز الاثنين على سنة الواحد ؛ وإذا أردت التخفيف قلت : هذا غطاو وكساو وخباو ، فتجعل الهمزة واوا ؛ لأنها مضمومة ؛ وإن جمعت الاثنين بالتخفيف على سنة الواحد قلت : هذان غطاأن وكساأن وخباأن ، فتحرك الألف التي في موضع اللام من نظيرها من الفعل ، بغير إشباع ؛ لأن فيها بقية من الهمزة ، وقبلها ألف ساكنة ، فإذا أردت تحويل الهمزة قلت : هذا غطاو وكساو ؛ لأن قبلها حرفا ساكنا وهي مضمومة ؛ وكذلك الفضاء : هذا فضاو ، على التحويل ؛ لأن ظهور الواو هاهنا أخف من ظهور الياء ، وتقول في الاثنين إذا جمعتهما على سنة تحويل الواو : هما غطاوان وكساوان وخباوان وفضاوان .

قال أبو زيد : وسمعت بعض بني فزارة يقول : هما كسايان وخبايان وفضايان ، فيحول الواو إلى الياء . قال : والواو في هذه الحروف أكثر في الكلام .

قال : ومن تحقيق الهمزة قولك : يا زيد من أنت ، كقولك من عنت ، فإذا عدلت الهمزة إلى التخفيف قلت : يا زيد من نت ، كأنك قلت : مننت ؛ لأنك أسقطت الهمزة من " أنت " وحركت ما قبلها بحركتها ، ولم يدخله إدغام ؛ لأن النون الأخيرة ساكنة والأولى متحركة ؛ وتقول : من أنا ، كقولك : من عنا على التحقيق ، فإذا أردت التخفيف قلت : يا زيد من نا ، كأنك قلت : يا زيد منا ، أدخلت النون الأولى في الآخرة ، وجعلتهما حرفا واحدا ثقيلا في وزن حرفين ، لأنهما متحركان في حال التخفيف ، ومثله قوله تعالى : لكنا هو الله ربي خففوا الهمزة من " لكن أنا " فصارت " لكن نا " ، كقولك : لكننا ، ثم أسكنوا بعد التخفيف فقالوا : لكنا .

قال : وسمعت أعرابيا من قيس يقول : يا أب أقبل ، وياب أقبل ، ويا أبة أقبل ، ويابة أقبل ، فألقى الهمزة من . . .

ومن تحقيق الهمزة قولك : إفعوعلت من " وأيت " : إيأوأيت ، كقولك : إفعوعيت ، فإذا عدلته على التخفيف قلت : ايويت وحدها ، وويت ، والأولى منهما في موضع الفاء من الفعل وهي ساكنة ، والثانية هي الزائدة فحركتها بحركة الهمزتين قبلها .

وثقل ظهور الواوين مفتوحتين ، فهمزوا الأولى منهما ، ولو كانت الواو الأولى واو عطف لم يثقل ظهورهما في الكلام ، كقولك : ذهب زيد ووافد ، وقدم عمرو وواهب .

قال : إذا أردت تحقيق " مفعوعل " من " وأيت " . قلت : موأوئي ، كقولك : موعوعي ، فإذا عدلت إلى التخفيف قلت : مواوي ، فتفتح الواو التي في موضع الفاء بفتحة الهمزة التي في موضع العين من الفعل ، وتكسر الواو الثانية وهي الثابتة ، بكسر الهمزة التي بعدها .

قال أبو زيد : وسمعت بعض بني عجلان من قيس يقول : رأيت غلاميبيك ، ورأيت غلاميسد ، تحول الهمزة التي في أسد وفي أبيك إلى الياء ، ويدخلونها في الياء التي في الغلامين ، التي هي نفس الإعراب ، فيظهر ياء ثقيلة في وزن حرفين ، كأنك قلت رأيت غلاميبيك ورأيت غلاميسد .

قال وسمعت رجلا من بني كلب يقول : هذه دأبة ، وهذه امرأة شأبة ، فهمز الألف فيهما ، وذلك أنه ثقل عليه إسكان الحرفين معا ، وإن كان الحرف الآخر منهما متحركا . وأنشد الفراء :


يا عجبا لقد رأيت عجبا     حمار قبان يسوق أرنبا
وأمها خاطمها أن تذهبا

قال أبو زيد : أهل الحجاز وهذيل وأهل مكة والمدينة لا ينبرون . وقف عليها عيسى بن عمر فقال : ما آخذ من قول تميم إلا بالنبر وهم أصحاب النبر ، وأهل الحجاز إذا اضطروا نبروا . قال : وقال أبو عمر الهذلي : قد توضيت ، فلم يهمز وحولها ياء ، وكذلك ما أشبه هذا من باب الهمز . والله تعالى أعلم .

التالي


الخدمات العلمية