صفحة جزء
[ أري ]

أري : الأصمعي : أرت القدر تأري أريا إذا احترقت ولصق بها الشيء ، وأرت القدر تأري أريا ، وهو ما يلصق بها من الطعام . وقد أرت القدر أريا : لزق بأسفلها شيء من الاحتراق مثل شاطت ; وفي المحكم : لزق بأسفلها شبه الجلبة السوداء ، وذلك إذا لم يسط ما فيها أو لم يصب عليه ماء . والأري : ما لزق بأسفلها وبقي فيه من ذلك ; المصدر والاسم فيه سواء . وأري القدر : ما التزق بجوانبها من الحرق . ابن الأعرابي : قرارة القدر وكدادتها وأريها . والأري : العسل ; قال لبيد :


بأشهب من أبكار مزن سحابة وأري دبور شاره النحل عاسل

وعمل النحل أري أيضا ; وأنشد ابن بري لأبي ذؤيب :


جوارسها تأري الشعوف

تأري : تعسل ، قال : هكذا رواه علي بن حمزة وروى غيره تأوي . وقد أرت النحل تأري أريا وتأرت وأترت : عملت العسل ; قال الطرماح في صفة دبر العسل :


إذا ما تأرت بالخلي     بنت به شريجين مما تأتري وتتيع

شريجين : ضربين يعني : من الشهد والعسل . وتأتري : تعسل ، وتتيع أي : تقيء العسل . والتزاق الأري بالعسالة ائتراؤه ، وقيل : الأري ما تجمعه من العسل في أجوافها ثم تلفظه ، وقيل : الأري عمل النحل ، وهو أيضا ما التزق من العسل في جوانب العسالة ، وقيل : عسلها حين ترمي به من أفواهها ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


إذا الصدور أظهرت أري المئر

إنما هو مستعار من ذلك ، يعني : ما جمعت في أجوافها من الغيظ كما تفعل النحل إذا جمعت في أفواهها العسل ثم مجته . ويقال للبن إذا لصق وضره بالإناء : قد أري ، وهو الأري مثل الرمي . والتأري : جمع الرجل لبنيه الطعام . وأرت الريح الماء : صبته شيئا بعد شيء . وأري السماء ما أرته الريح تأريه أريا فصبته شيئا بعد شيء ، وقيل : أري الريح عملها وسوقها السحاب ; قال زهير :


يشمن بروقها ويرش أري ال     جنوب على حواجبها العماء

قال الليث : أراد ما وقع من الندى والطل على الشجر والعشب فلم يزل يلزق بعضه ببعض ويكثر . قال أبو منصور : وأري الجنوب ما استدرته الجنوب من الغمام إذا مطرت . وأري السحاب : درته ، قال أبو حنيفة : أصل الأري العمل . وأري الندى : ما وقع منه على الشجر والعشب فالتزق وكثر . والأري : لطاخة ما تأكله . وتأرى عنه : تخلف . وتأرى بالمكان وأترى : احتبس . وأرت الدابة مربطها ومعلفها أريا : لزمته . والآري والآري : الأخية . وأريت لها : عملت لها آريا . قال ابن السكيت في قولهم للمعلف : آري قال : هذا مما يضعه الناس في غير موضعه ، وإنما الآري محبس الدابة ، وهي الأواري والأواخي ، واحدتها آخية ، وآري إنما هو من الفعل فاعول . وتأرى بالمكان إذا تحبس ; ومنه قول أعشى باهلة :


لا يتأرى لما في القدر يرقبه     ولا يعض على شرسوفه الصفر

وقال آخر :


لا يتأرون في المضيق وإن     نادى مناد كي ينزلوا نزلوا

يقول : لا يجمعون الطعام في الضيقة ; وقال العجاج :


واعتاد أرباضا لها آري     من معدن الصيران عدملي

[ ص: 95 ] قال : اعتادها أتاها ورجع إليها ، والأرباض : جمع ربض وهو المأوى ، وقوله لها : آري أي : لها آخية من مكانس البقر لا تزول ، ولها أصل ثابت في سكون الوحش بها ، يعني : الكناس . قال : وقد تسمى الآخية أيضا آريا ، وهو حبل تشد به الدابة في محبسها ; وأنشد ابن السكيت للمثقب العبدي يصف فرسا :


داويته بالمحض حتى شتا     يجتذب الآري بالمرود

أي : مع المرود ، وأراد بآريه الركاسة المدفونة تحت الأرض المثبتة فيها تشد الدابة من عروتها البارزة فلا تقلعها لثباتها في الأرض ; قال الجوهري : وهو في التقدير فاعول ، والجمع الأواري ، يخفف ويشدد . تقول منه : أريت للدابة تأرية ، والدابة تأري إلى الدابة إذا انضمت إليها وألفت معها معلفا واحدا ، وآريتها أنا ; وقول لبيد يصف ناقته :


تسلب الكانس لم يوأر بها     شعبة الساق إذا الظل عقل

قال الليث : لم يوأر بها أي : لم يذعر ، ويروى لم يورأ بها أي : لم يشعر بها ، قال : وهو مقلوب من أريته أي : أعلمته ، قال : ووزنه الآن لم يلفع ، ويروى لم يورا ، على تخفيف الهمزة ، ويروى لم يؤر بها ، بوزن لم يعر ، من الأري أي : لم يلصق بصدره الفزع ، ومنه قيل : إن في صدرك علي لأريا أي : لطخا من حقد ، وقد أرى علي صدره . قال ابن بري : وروى السيرافي لم يؤر من أوار الشمس ، وأصله لم يوأر ، ومعناه : لم يذعر أي : لم يصبه حر الذعر . وقالوا : أري الصدر أريا ، وهو ما يثبت في الصدر من الضغن . وأري صدره ، بالكسر ، أي : وغر . قال ابن سيده : أرى صدره علي أريا وأري اغتاظ ; وقول الراعي :


لها بدن عاس ونار كريمة     بمعتلج الآري بين الصرائم

قيل في تفسيره : الآري ما كان بين السهل والحزن ، وقيل : معتلج الآري اسم أرض . وتأرى : تحزن وأرى الشيء : أثبته ومكنه . وفي الحديث : اللهم أر ما بينهم . أي : ثبت الود ومكنه ، يدعو للرجل وامرأته . وروى أبو عبيدة : أن رجلا شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأته فقال : اللهم أر بينهما ; قال أبو عبيد : يعني : أثبت بينهما ; وأنشد لأعشى باهلة :


لا يتأرى لما في القدر يرقبه

البيت . يقول : لا يتلبث ولا يتحبس . وروى بعضهم هذا الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا بهذا الدعاء لعلي وفاطمة - عليهما السلام - ، وروى ابن الأثير أنه دعا لامرأة كانت تفرك زوجها فقال : اللهم أر بينهما ، أي : ألف وأثبت الود بينهما ، من قولهم : الدابة تأري للدابة إذا انضمت إليها وألفت معها معلفا واحدا ، وآريتها أنا ، ورواه ابن الأنباري : اللهم أر كل واحد منهما صاحبه ، أي : احبس كل واحد منهما على صاحبه حتى لا ينصرف قلبه إلى غيره ، من قولهم : تأريت بالمكان إذا احتبست فيه ، وبه سميت الآخية آريا لأنها تمنع الدواب عن الانفلات ، وسمي المعلف آريا مجازا ، قال : والصواب في هذه الرواية أن يقال : اللهم أر كل واحد منهما على صاحبه ، فإن صحت الرواية بحذف على فيكون كقولهم : تعلقت بفلان وتعلقت فلانا . ومنه حديث أبي بكر : أنه دفع إليه سيفا ليقتل به رجلا فاستثبته فقال : أر . أي : مكن وثبت يدي من السيف ، وروي : أر مخففة ، من الرؤية كأنه يقول : أرني بمعنى : أعطني . الجوهري : تأريت بالمكان أقمت به ; وأنشد بيت أعشى باهلة أيضا :


لا يتأرى لما في القدر يرقبه

وقال في تفسيره : أي : لا يتحبس على إدراك القدر ليأكل . قال أبو زيد : يتأرى يتحرى ; وأنشد ابن بري للحطيئة :


ولا تأرى لما في القدر يرقبه     ولا يقوم بأعلى الفجر ينتطق

قال : وأريت أيضا وإلى متى أنت مؤر به . وأريته : استرشدني فغششته . وأرى النار : عظمها ورفعها . وقال أبو حنيفة : أراها جعل لها إرة ، قال : وهذا لا يصح إلا أن يكون مقلوبا من وأرت ، إما مستعملة ، وإما متوهمة . أبو زيد : أريت النار تأرية ونميتها تنمية وذكيتها تذكية إذا رفعتها . يقال : أر نارك . والإرة : موضع النار ، وأصله إري ، والهاء عوض من الياء ، والجمع إرون مثل عزون ; قال ابن بري : شاهده لكعب أو لزهير :


يثرن التراب على وجهه     كلون الدواجن فوق الإرينا

قال : وقد تجمع الإرة إرات ، قال : والإرة عند الجوهري محذوفة اللام بدليل جمعها على إرين وكون الفعل محذوف اللام . يقال : أر لنارك أي : اجعل لها إرة ، قال : وقد تأتي الإرة مثل عدة محذوفة الواو ، تقول : وأرت إرة . وآذاني أري القدر والنار أي : حرهما ; وأنشد ثعلب :


إذا الصدور أظهرت أري المئر

أي : حر العداوة . والإرة أيضا : شحم السنام ; قال الراجز :


وعد كشحم الإرة المسرهد

الجوهري : أريت النار تأرية أي : ذكيتها ; قال ابن بري : هو تصحيف وإنما هو أرثتها ، واسم ما تلقيه عليها الأرثة . وأر نارك وأر لنارك أي : اجعل لها إرة ، وهي حفرة تكون في وسط النار يكون فيها معظم الجمر . وحكي عن بعضهم أنه قال : أر نارك افتح وسطها ليتسع الموضع للجمر ، واسم الشيء الذي تلقيه عليها من بعر أو حطب الذكية . قال أبو منصور : أحسب أبا زيد جعل أريت النار من وريتها ، فقلب الواو همزة ، كما قالوا : أكدت اليمين ووكدتها وأرثت النار وورثتها . وقالوا من الإرة وهي الحفرة التي توقد فيها النار : إرة بينة الإروة ، وقد أروتها آروها ، ومن آري الدابة أريت تأرية . قال : والآري ما حفر له وأدخل في الأرض ، وهي الآرية والركاسة . وفي حديث بلال : قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أمعكم شيء من الإرة أي : القديد ; وقيل : هو أن يغلى اللحم بالخل ويحمل في الأسفار . وفي حديث [ ص: 96 ] بريدة : أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إرة . أي : لحما مطبوخا في كرش . وفي الحديث : ذبحت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة ثم صنعت في الإرة . الإرة : حفرة توقد فيها النار ، وقيل : هي الحفرة التي حولها الأثافي . يقال : وأرت إرة ، وقيل : الإرة النار نفسها ، وأصل الإرة إري ، بوزن علم ، والهاء عوض من الياء . وفي حديث زيد بن حارثة : ذبحنا شاة وصنعناها في الإرة حتى إذا نضجت جعلناها في سفرتنا . وأريت عن الشيء : مثل وريت عنه . وبئر ذي أروان : اسم بئر ، بفتح الهمزة . وفي حديث عبد الرحمن النخعي : لو كان رأي الناس مثل رأيك ما أدي الأريان . قال ابن الأثير : هو الخراج والإتاوة ، وهو اسم واحد كالشيطان . قال الخطابي : الأشبه بكلام العرب أن يكون بضم الهمزة والباء المعجمة بواحدة ، وهو الزيادة عن الحق ، يقال فيه : أربان وعربان ، قال : فإن كانت الياء معجمة باثنتين فهو من التأرية لأنه شيء قرر على الناس وألزموه .

التالي السابق


الخدمات العلمية