صفحة جزء
[ ثوب ]

ثوب : ثاب الرجل يثوب ثوبا وثوبانا : رجع بعد ذهابه . ويقال : ثاب فلان إلى الله وتاب ، بالثاء والتاء أي : عاد ورجع إلى طاعته ، وكذلك : أثاب بمعناه . ورجل تواب أواب ثواب منيب ، بمعنى واحد . ورجل ثواب : للذي يبيع الثياب . وثاب الناس : اجتمعوا وجاءوا . وكذلك الماء إذا اجتمع في الحوض . وثاب الشيء ثوبا وثئوبا أي : رجع . قال :


وزعت بكالهراوة أعوجي إذا ونت الركاب جرى وثابا

ويروى : وثابا ، وهو مذكور في موضعه . وثوب كثاب . أنشد ثعلب لرجل يصف ساقيين :


إذا استراحا بعد جهد ثوبا

والثواب : النحل ; لأنها تثوب . قال ساعدة بن جؤية :


من كل معنقة وكل عطافة     منها يصدقها ثواب يرعب

وثاب جسمه ثوبانا ، وأثاب : أقبل ، الأخيرة عن ابن قتيبة . وأثاب الرجل : ثاب إليه جسمه ، وصلح بدنه . التهذيب : ثاب إلى العليل جسمه إذا حسنت حاله بعد تحوله ، ورجعت إليه صحته . وثاب الحوض يثوب ثوبا وثئوبا : امتلأ أو قارب ، وثبة الحوض ومثابه : وسطه الذي يثوب إليه الماء إذا استفرغ حذفت عينه . والثبة : ما اجتمع إليه الماء في الوادي أو في الغائط . قال : وإنما سميت ثبة ; لأن الماء يثوب إليها ، والهاء عوض من الواو الذاهبة من عين الفعل كما عوضوا من قولهم : أقام إقامة ، وأصله إقواما . ومثاب البئر : وسطها . ومثابها : مقام الساقي من عروشها على فم البئر . قال القطامي يصف البئر وتهورها :


وما لمثابات العروش بقية     إذا استل من تحت العروش الدعائم

ومثابتها : مبلغ جموم مائها . ومثابتها : ما أشرف من الحجارة حولها يقوم عليها الرجل أحيانا كي لا تجاحف الدلو الغرب ، ومثابة البئر أيضا : طيها ، عن ابن الأعرابي . قال ابن سيده : لا أدري أعنى بطيها موضع طيها أم عنى الطي الذي هو بناؤها بالحجارة . قال : وقلما تكون المفعلة مصدرا . وثاب الماء : بلغ إلى حاله الأول بعدما يستقى . التهذيب : وبئر ذات ثيب وغيث إذا استقي منها عاد مكانه ماء آخر . وثيب كان في الأصل ثيوب . قال : ولا يكون الثئوب أول الشيء حتى يعود مرة بعد أخرى . ويقال : بئر لها ثيب أي : يثوب الماء فيها . والمثاب : صخرة يقوم الساقي عليها يثوب إليها الماء ، قال الراعي : مشرفة المثاب دحولا ; قال الأزهري : وسمعت العرب تقول : الكلأ بمواضع كذا وكذا مثل ثائب البحر : يعنون أنه غض رطب كأنه ماء البحر إذا فاض بعد جزر . وثاب أي : عاد ورجع إلى موضعه الذي كان أفضى إليه . ويقال : ثاب ماء البئر إذا عادت جمتها . وما أسرع ثابتها . والمثابة : الموضع الذي يثاب إليه أي : يرجع إليه مرة بعد أخرى . ومنه قوله تعالى : وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا . وإنما قيل للمنزل مثابة ; لأن أهله يتصرفون في أمورهم ثم يثوبون إليه ، والجمع المثاب . قال أبو إسحاق : الأصل في مثابة مثوبة ، ولكن حركة الواو نقلت إلى الثاء وتبعت الواو الحركة ، فانقلبت ألفا . قال : وهذا إعلال بإتباع باب ثاب ، وأصل ثاب ثوب ، ولكن الواو قلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها . قال : لا اختلاف بين النحويين في ذلك . والمثابة والمثاب : واحد ، وكذلك قال الفراء . وأنشد الشافعي بيت أبي طالب :


مثابا لأفناء القبائل كلها     تخب إليه اليعملات الذوامل

وقال ثعلب : البيت مثابة . وقال بعضهم : مثوبة ، ولم يقرأ بها . ومثابة الناس ومثابهم : مجتمعهم بعد التفرق . وربما قالوا لموضع حبالة الصائد مثابة . قال الراجز :


متى متى تطلع المثابا     لعل شيخا مهترا مصابا

يعني بالشيخ الوعل . والثبة : الجماعة من الناس ، من هذا . وتجمع ثبة ثبى ، وقد اختلف أهل اللغة في أصلها ، فقال بعضهم : هي من ثاب أي : عاد ورجع ، وكان أصلها ثوبة ، فلما ضمت الثاء حذفت الواو ، وتصغيرها ثويبة . ومن هذا أخذ ثبة الحوض . وهو وسطه الذي يثوب إليه بقية الماء . وقوله - عز وجل - : فانفروا ثبات أو انفروا جميعا . قال الفراء : معناه فانفروا عصبا إذا دعيتم إلى السرايا ، أو دعيتم لتنفروا جميعا . وروي أن محمد بن سلام سأل يونس عن قوله - عز وجل - : فانفروا ثبات أو انفروا جميعا . قال : ثبة وثبات أي : فرقة وفرق . وقال زهير :


وقد أغدو على ثبة كرام     نشاوى واجدين لما نشاء

قال أبو منصور : الثبات جماعات في تفرقة وكل فرقة ثبة ، وهذا من ثاب . وقال آخرون : الثبة من الأسماء الناقصة ، وهو في الأصل ثبية ، فالساقط لام الفعل في هذا القول ، وأما في القول الأول فالساقط عين الفعل . ومن جعل الأصل ثبية ، فهو من ثبيت على الرجل إذا أثنيت عليه في حياته ، وتأويله جمع محاسنه ، وإنما الثبة الجماعة . وثاب القوم : أتوا متواترين ، ولا يقال للواحد . والثواب : جزاء الطاعة ، وكذلك المثوبة . قال الله تعالى : لمثوبة من عند الله خير . وأعطاه ثوابه ومثوبته ومثوبته أي : جزاء ما عمله . وأثابه الله ثوابه وأثوبه وثوبه مثوبته : أعطاه إياها . وفي التنزيل العزيز : هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون . أي : جوزوا . وقال اللحياني : أثابه الله مثوبة حسنة . ومثوبة بفتح الواو - شاذ - منه . ومنه قراءة من قرأ : لمثوبة من عند الله خير . وقد أثوبه الله مثوبة حسنة ، فأظهر الواو على الأصل . وقال الكلابيون : لا نعرف المثوبة ، ولكن المثابة . وثوبه الله من كذا : عوضه ، وهو من ذلك . واستثابه : سأله أن يثيبه . وفي حديث ابن التيهان - رضي الله عنه - : أثيبوا أخاكم أي : جازوه على صنيعه . يقال : [ ص: 52 ] أثابه يثيبه إثابة ، والاسم الثواب ، ويكون في الخير والشر ، إلا أنه بالخير أخص وأكثر استعمالا . وأما قوله في حديث عمر - رضي الله عنه - : لا أعرفن أحدا انتقص من سبل الناس إلى مثاباتهم شيئا . قال ابن شميل : إلى مثاباتهم أي : إلى منازلهم ، الواحد مثابة ، قال : والمثابة المرجع . والمثابة : المجتمع والمنزل ; لأن أهله يثوبون إليه أي : يرجعون . وأراد عمر - رضي الله عنه - لا أعرفن أحدا اقتطع شيئا من طرق المسلمين وأدخله داره . ومنه حديث عائشة - رضي الله عنها - وقولها في الأحنف : أبي كان يستجم مثابة سفهه . وفي حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قيل له في مرضه الذي مات فيه : كيف تجدك ؟ قال : أجدني أذوب ولا أثوب أي : أضعف ولا أرجع إلى الصحة . ابن الأعرابي : يقال لأساس البيت مثابات . قال : ويقال لتراب الأساس النثيل . قال : وثاب إذا انتبه ، وآب إذا رجع ، وتاب إذا أقلع . والمثاب : طي الحجارة يثوب بعضها على بعض من أعلاه إلى أسفله . والمثاب : الموضع الذي يثوب منه الماء ، ومنه بئر ما لها ثائب . والثوب : اللباس ، واحد الأثواب والثياب ، والجمع أثوب ، وبعض العرب يهمزه فيقول أثؤب ، لاستثقال الضمة على الواو ، والهمزة أقوى على احتمالها منها ، وكذلك دار وأدؤر ، وساق وأسؤق ، وجميع ما جاء على هذا المثال . قال معروف بن عبد الرحمن :


لكل دهر قد لبست أثؤبا     حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا
أملح لا لذا ولا محببا

وأثواب وثياب . التهذيب : وثلاثة أثوب - بغير همز - وأما الأسؤق والأدؤر فمهموزان ; لأن صرف أدؤر على دار ، وكذلك أسؤق على ساق ، والأثوب حمل الصرف فيها على الواو التي في الثوب نفسها ، والواو تحتمل الصرف من غير انهماز . قال : ولو طرح الهمز من أدؤر وأسؤق لجاز على أن ترد تلك الألف إلى أصلها ، وكان أصلها الواو ، كما قالوا في جماعة الناب من الإنسان أنيب ، همزوا لأن أصل الألف في الناب ياء ، وتصغير ناب نييب ، ويجمع أنيابا . ويقال لصاحب الثياب : ثواب . وقوله - عز وجل - : وثيابك فطهر . قال ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول : لا تلبس ثيابك على معصية ، ولا على فجور كفر ، واحتج بقول الشاعر :


إني بحمد الله لا ثوب غادر     لبست ولا من خزية أتقنع

وقال أبو العباس : الثياب اللباس ، ويقال للقلب . وقال الفراء : وثيابك فطهر أي : لا تكن غادرا فتدنس ثيابك ، فإن الغادر دنس الثياب ، ويقال : وثيابك فطهر . يقول : عملك فأصلح . ويقال : وثيابك فطهر أي : قصر ، فإن تقصيرها طهر . وقيل : نفسك فطهر ، والعرب تكني بالثياب عن النفس ، وقال :

فسلي ثيابي عن ثيابك تنسلي

وفلان دنس الثياب إذا كان خبيث الفعل والمذهب ، خبيث العرض . قال امرؤ القيس :


ثياب بني عوف طهارى نقية     وأوجههم بيض المسافر غران

وقال :


رموها بأثواب خفاف ولا ترى     لها شبها إلا النعام المنفرا

رموها يعني الركاب بأبدانهم . ومثله قول الراعي :


فقام إليها حبتر بسلاحه     ولله ثوبا حبتر أيما فتى

يريد ما اشتمل عليه ثوبا حبتر من بدنه . وفي حديث الخدري لما حضره الموت دعا بثياب جدد ، فلبسها ، ثم ذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها . قال الخطابي : أما أبو سعيد فقد استعمل الحديث على ظاهره ، وقد روي في تحسين الكفن أحاديث . قال : وقد تأوله بعض العلماء على المعنى وأراد به الحالة التي يموت عليها من الخير والشر ، وعمله الذي يختم له به . يقال فلان طاهر الثياب إذا وصفوه بطهارة النفس . والبراءة من العيب . ومنه قوله تعالى : وثيابك فطهر . وفلان دنس الثياب إذا كان خبيث الفعل والمذهب . قال : وهذا كالحديث الآخر : يبعث العبد على ما مات عليه . قال الهروي : وليس قول من ذهب به إلى الأكفان بشيء ; لأن الإنسان إنما يكفن بعد الموت . وفي الحديث : من لبس ثوب شهرة ألبسه الله تعالى ثوب مذلة ; أي : يشمله بالذل كما يشمل الثوب البدن بأن يصغره في العيون ويحقره في القلوب . والشهرة : ظهور الشيء في شنعة حتى يشهره الناس . وفي الحديث : المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور . قال ابن الأثير : المشكل من هذا الحديث تثنية الثوب . قال الأزهري : معناه أن الرجل يجعل لقميصه كمين ، أحدهما فوق الآخر ليرى أن عليه قميصين ، وهما واحد ، وهذا إنما يكون فيه أحد الثوبين زورا لا الثوبان . وقيل معناه أن العرب أكثر ما كانت تلبس عند الجدة والمقدرة إزارا ورداء ، ولهذا حين سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في الثوب الواحد قال : أو كلكم يجد ثوبين ؟ وفسره عمر - رضي الله عنه - بإزار ورداء ، وإزار وقميص ، وغير ذلك . وروي عن إسحاق بن راهويه قال : سألت أبا الغمر الأعرابي وهو ابن ابنة ذي الرمة ، عن تفسير ذلك ، فقال : كانت العرب إذا اجتمعوا في المحافل كانت لهم جماعة يلبس أحدهم ثوبين حسنين ، فإن احتاجوا إلى شهادة شهد لهم بزور فيمضون شهادته بثوبيه فيقولون : ما أحسن ثيابه ، وما أحسن هيئته ، فيجيزون شهادته لذلك . قال : والأحسن أن يقال فيه إن المتشبع بما لم يعط هو الذي يقول أعطيت كذا لشيء لم يعطه ، فإما أنه يتصف بصفات ليست فيه ، يريد أن الله تعالى منحه إياها ، أو يريد أن بعض الناس وصله بشيء خصه به ، فيكون بهذا القول قد جمع بين كذبين أحدهما اتصافه بما ليس فيه ، أو أخذه ما لم يأخذه ، والآخر الكذب على المعطي ، وهو الله ، أو الناس . وأراد بثوبي زور هذين الحالين اللذين ارتكبهما ، واتصف بهما ، وقد سبق أن الثوب يطلق على الصفة المحمودة والمذمومة ، وحينئذ يصح التشبيه في التثنية [ ص: 53 ] لأنه شبه اثنين باثنين ، والله أعلم . ويقال : ثوب الداعي تثويبا إذا عاد مرة بعد أخرى . ومنه تثويب المؤذن إذا نادى بالأذان للناس إلى الصلاة ثم نادى بعد التأذين ، فقال : الصلاة - رحمكم الله - الصلاة يدعو إليها عودا بعد بدء . والتثويب : هو الدعاء للصلاة وغيرها ، وأصله أن الرجل إذا جاء مستصرخا لوح بثوبه ليرى ويشتهر ، فكان ذلك كالدعاء فسمي الدعاء تثويبا لذلك ، وكل داع مثوب . وقيل : إنما سمي الدعاء تثويبا من ثاب يثوب إذا رجع ، فهو رجوع إلى الأمر بالمبادرة إلى الصلاة ، فإن المؤذن إذا قال : حي على الصلاة ، فقد دعاهم إليها ، فإذا قال بعد ذلك : الصلاة خير من النوم ، فقد رجع إلى كلام معناه المبادرة إليها . وفي حديث بلال : أمرني رسول الله أن لا أثوب في شيء من الصلاة ، إلا في صلاة الفجر ، وهو قوله : الصلاة خير من النوم مرتين . وقيل : التثويب تثنية الدعاء . وقيل : التثويب في أذان الفجر أن يقول المؤذن بعد قوله حي على الفلاح : الصلاة خير من النوم ، يقولها مرتين ، كما يثوب بين الأذانين : الصلاة - رحمكم الله - الصلاة . وأصل هذا كله من تثويب الدعاء مرة بعد أخرى . وقيل : التثويب الصلاة بعد الفريضة . يقال : تثوبت أي : تطوعت بعد المكتوبة ، ولا يكون التثويب إلا بعد المكتوبة ، وهو العود للصلاة بعد الصلاة . وفي الحديث : إذا ثوب بالصلاة فأتوها وعليكم السكينة والوقار . قال ابن الأثير : التثويب هاهنا إقامة الصلاة . وفي حديث أم سلمة أنها قالت لعائشة - رضي الله عنها - حين أرادت الخروج إلى البصرة : إن عمود الدين لا يثاب بالنساء إن مال . تريد : لا يعاد إلى استوائه ، من ثاب يثوب إذا رجع . ويقال : ذهب مال فلان فاستثاب مالا أي : استرجع مالا . وقال الكميت :


إن العشيرة تستثيب بماله     فتغير وهو موفر أموالها

وقولهم في المثل : هو أطوع من ثواب : هو اسم رجل كان يوصف بالطواعية . قال الأخنس بن شهاب :


وكنت الدهر لست أطيع أنثى     فصرت اليوم أطوع من ثواب

التهذيب : في النوادر أثبت الثوب إثابة إذا كففت مخايطه ، ومللته : خطته الخياطة الأولى بغير كف . والثائب : الريح الشديدة تكون في أول المطر . وثوبان : اسم رجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية