صفحة جزء
[ جبر ]

جبر : الجبار : الله عز اسمه ، القاهر خلقه على ما أراد من أمر ونهي . ابن الأنباري : الجبار في صفة الله - عز وجل - الذي لا ينال ، ومنه جبار النخل . الفراء : لم أسمع فعالا من أفعل إلا في حرفين ، وهو جبار من أجبرت ، ودراك من أدركت ؛ قال الأزهري : جعل جبارا في صفة الله تعالى أو في صفة العباد من الإجبار ، وهو القهر والإكراه ، لا من جبر . ابن الأثير : ويقال جبر الخلق وأجبرهم ، وأجبر أكثر ، وقيل : الجبار العالي فوق خلقه ، وفعال من أبنية المبالغة ، ومنه قولهم : نخلة جبارة ، وهي العظيمة التي تفوت يد المتناول . وفي حديث أبي هريرة : يا أمة الجبار ! إنما أضافها إلى الجبار دون باقي أسماء الله تعالى لاختصاص الحال التي كانت عليها من إظهار العطر والبخور والتباهي والتبختر في المشي . وفي الحديث في ذكر النار : حتى يضع الجبار فيها قدمه ؛ قال ابن الأثير : المشهور في تأويله أن المراد بالجبار الله تعالى ، ويشهد له قوله في الحديث الآخر : حتى يضع فيها رب العزة قدمه ؛ والمراد بالقدم أهل النار الذين قدمهم الله لها من شرار خلقه ، كما أن المؤمنين قدمه الذين قدمهم إلى الجنة ، وقيل : أراد بالجبار هاهنا المتمرد العاتي ، ويشهد له قوله في الحديث الآخر : إن النار قالت : وكلت بثلاثة : بمن جعل مع الله إلها آخر ، وبكل جبار عنيد ، وبالمصورين . والجبار : المتكبر الذي لا يرى لأحد عليه حقا . يقال : جبار بين الجبرية والجبرية - بكسر الجيم والباء - والجبرية والجبروة والجبروة والجبروت والجبروت والجبورة والجبورة مثل الفروجة ، والجبرياء والتجبار : هو بمعنى الكبر ؛ وأنشد الأحمر لمغلس بن لقيط الأسدي يعاتب رجلا كان واليا على أوضاخ :


فإنك إن عاديتني غضب الحصى عليك وذو الجبورة المتغطرف



يقول : إن عاديتني غضب عليك الخليقة ، وما هو في العدد كالحصى . والمتغطرف : المتكبر . ويروى المتغترف - بالتاء - وهو بمعناه . وتجبر الرجل : تكبر . وفي الحديث : سبحان ذي الجبروت ، والملكوت ؛ فهو فعلوت من الجبر والقهر . وفي الحديث الآخر : ثم يكون ملك وجبروت أي : عتو وقهر . اللحياني : الجبار المتكبر عن عبادة الله تعالى ؛ ومنه قوله تعالى : ولم يكن جبارا عصيا ؛ وكذلك قول عيسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - : ولم يجعلني جبارا شقيا ؛ أي : متكبرا عن عبادة الله تعالى . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حضرته امرأة فأمرها بأمر فتأبت ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : دعوها فإنها جبارة أي : عاتية متكبرة . والجبير مثال الفسيق : الشديد التجبر . والجبار من الملوك : العاتي ، وقيل : كل عات جبار وجبير . وقلب جبار : لا تدخله الرحمة . وقلب جبار : ذو كبر لا يقبل موعظة . ورجل جبار : مسلط قاهر . قال الله - عز وجل - : وما أنت عليهم بجبار أي : بمسلط فتقهرهم على الإسلام . والجبار : الذي يقتل على الغضب . والجبار : القتال في غير حق . وفي التنزيل العزيز : وإذا بطشتم بطشتم جبارين ؛ وكذلك قول الرجل لموسى في التنزيل العزيز : إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض ؛ أي : قتالا في غير الحق ، وكله راجع إلى معنى التكبر . والجبار : العظيم القوي الطويل ؛ عن اللحياني . قال الله تعالى : إن فيها قوما جبارين ؛ قال اللحياني : أراد الطول والقوة والعظم ؛ قال الأزهري : كأنه ذهب به إلى الجبار من النخيل ، وهو الطويل الذي فات يد المتناول . ويقال : رجل جبار إذا كان طويلا عظيما قويا ، تشبيها بالجبار من النخل . الجوهري : الجبار من النخل ما طال وفات اليد ؛ قال الأعشى :


طريق وجبار رواء أصوله     عليه أبابيل من الطير تنعب



ونخلة جبارة أي : عظيمة سمينة . وفي الحديث : كثافة جلد الكافر أربعون ذراعا بذراع الجبار ، أراد به هاهنا الطويل ، وقيل : الملك ، كما يقال بذراع الملك ، قال القتيبي : وأحسبه ملكا من ملوك الأعاجم كان تام الذراع . ابن سيده : ونخلة جبارة فتية قد بلغت غاية الطول وحملت ، والجمع جبار ؛ قال :


فاخرات ضروعها في ذراها     وأناض العيدان والجبار



وحكى السيرافي : نخلة جبار بغير هاء . قال أبو حنيفة : الجبار الذي قد ارتقي فيه ، ولم يسقط كرمه ، قال : وهو أفتى النخل وأكرمه . قال ابن سيده : والجبر الملك ، قال : ولا أعرف مم اشتق إلا أن ابن جني قال : سمي بذلك لأنه يجبر بجوده ، وليس بقوي ؛ قال ابن أحمر :


اسلم براووق حييت به     وانعم صباحا أيها الجبر



قال : ولم يسمع بالجبر الملك إلا في شعر ابن أحمر ؛ قال : حكى ذلك ابن جني قال : وله في شعر ابن أحمر نظائر كلها مذكور في مواضعه . التهذيب : أبو عمرو : يقال للملك جبر . قال : والجبر الشجاع وإن لم يكن ملكا . وقال أبو عمرو : الجبر الرجل ؛ وأنشد قول ابن أحمر :


وانعم صباحا أيها الجبر



[ ص: 68 ] أي أيها الرجل . والجبر : العبد ؛ عن كراع . وروي عن ابن عباس في جبريل وميكائيل : كقولك : عبد الله وعبد الرحمن ؛ الأصمعي : معنى إيل هو الربوبية ، فأضيف جبر وميكا إليه ؛ قال أبو عبيد : فكأن معناه عبد إيل ، رجل إيل . ويقال : جبر : عبد ، وإيل هو الله . الجوهري : جبرائيل ، اسم ، يقال هو جبر أضيف إلى إيل ، وفيه لغات : جبرئيل مثال جبرعيل ، يهمز ولا يهمز ؛ وأنشد الأخفش لكعب بن مالك :


شهدنا فما تلقى لنا من كتيبة     يد الدهر إلا جبرئيل أمامها



قال ابن بري : ورفع أمامها على الإتباع بنقله من الظروف إلى الأسماء ، وكذلك البيت الذي لحسان شاهدا على جبريل - بالكسر - وحذف الهمزة فإنه قال : ويقال جبريل ، بالكسر ؛ قال حسان :


وجبريل رسول الله فينا     وروح القدس ليس له كفاء



وجبرئل : مقصور : مثال جبرعل ، وجبرين وجبرين - بالنون - . والجبر : خلاف الكسر ، جبر العظم والفقير واليتيم يجبره جبرا وجبورا وجبارة ؛ عن اللحياني . وجبره فجبر يجبر جبرا وجبورا وانجبر واجتبر وتجبر . ويقال : جبرت الكسير أجبره تجبيرا وجبرته جبرا ؛ وأنشد :


لها رجل مجبرة تخب     وأخرى ما يسترها وجاح



ويقال : جبرت العظم جبرا ، وجبر العظم بنفسه جبورا ، أي : انجبر ، وقد جمع العجاج بين المتعدي واللازم فقال :


قد جبر الدين الإله فجبر



واجتبر العظم : مثل انجبر ، يقال : جبر الله فلانا فاجتبر أي سد مفاقره ، قال عمرو بن كلثوم :


من عال منا بعدها فلا اجتبر     ولا سقى الماء ولا راء الشجر



معنى عال : جار ومال ؛ ومنه قوله تعالى : ذلك أدنى ألا تعولوا ؛ أي : لا تجوروا وتميلوا . وفي حديث الدعاء : واجبرني واهدني ؛ أي : أغنني ؛ من جبر الله مصيبته أي : رد عليه ما ذهب منه ، أو عوضه عنه ، وأصله من جبر الكسر . وقدر إجبار : ضد قولهم قدر إكسار ، كأنهم جعلوا كل جزء منه جابرا في نفسه ، أو أرادوا جمع قدر جبر ، وإن لم يصرحوا بذلك ، كما قالوا : قدر كسر ؛ حكاها اللحياني . والجبائر : العيدان التي تشدها على العظم لتجبره بها على استواء ، واحدتها جبارة وجبيرة . والمجبر : الذي يجبر العظام المكسورة . والجبارة والجبيرة : اليارقة ، وقال في حرف القاف : اليارق الجبيرة . والجبارة والجبيرة أيضا : العيدان التي تجبر بها العظام . وفي حديث علي - كرم الله تعالى وجهه - : وجبار القلوب على فطراتها ؛ هو من جبر العظم المكسور ، كأنه أقام القلوب وأثبتها على ما فطرها عليه من معرفته والإقرار به شقيها وسعيدها . قال القتيبي : لم أجعله من أجبرت ؛ لأن أفعل لا يقال فيه فعال ، قال : يكون من اللغة الأخرى . يقال : جبرت وأجبرت بمعنى قهرت . وفي حديث خسف جيش البيداء : فيهم المستبصر والمجبور ، وابن السبيل ، وهذا من جبرت لا أجبرت . أبو عبيد : الجبائر الأسورة من الذهب والفضة ، واحدتها جبارة وجبيرة ؛ وقال الأعشى :


فأرتك كفا في الخضا     ب ومعصما مثل الجباره



وجبر الله الدين جبرا فجبر جبورا ؛ حكاها اللحياني ؛ وأنشد قول العجاج :


قد جبر الدين الإله فجبر



والجبر أن تغني الرجل من الفقر أو تجبر عظمه من الكسر . أبو الهيثم : جبرت فاقة الرجل إذا أغنيته . ابن سيده : وجبر الرجل أحسن إليه . قال الفارسي : جبره أغناه بعد فقر ، وهذه أليق العبارتين . وقد استجبر واجتبر وأصابته مصيبة لا يجتبرها أي : لا مجبر منها . وتجبر النبت والشجر : اخضر وأورق وظهرت فيه المشرة وهو يابس ؛ وأنشد اللحياني لامريء القيس :


ويأكلن من قو لعاعا وربة     تجبر بعد الأكل فهو نميص



قو : موضع . واللعاع : الرقيق من النبات في أول ما ينبت . والربة : ضرب من النبات . والنميص : النبات حين طلع ورقه ؛ وقيل : معنى هذا البيت أنه عاد نابتا مخضرا بعدما كان رعي ، يعني الروض . وتجبر النبت أي : نبت بعد الأكل . وتجبر النبت والشجر إذا نبت في يابسه الرطب . وتجبر الكلأ أكل ثم صلح قليلا بعد الأكل . قال : ويقال للمريض : يوما تراه متجبرا ، ويوما تيأس منه ، معنى قوله متجبرا أي : صالح الحال . وتجبر الرجل مالا : أصابه ، وقيل : عاد إليه ما ذهب منه ؛ وحكى اللحياني : تجبر الرجل ، في هذا المعنى ، فلم يعده . التهذيب : تجبر فلان إذا عاد إليه من ماله بعض ما ذهب . والعرب تسمي الخبز جابرا ، وكنيته أيضا أبو جابر . ابن سيده : وجابر بن حبة اسم للخبز معرفة ؛ وكل ذلك من الجبر الذي هو ضد الكسر . وجابرة : اسم مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ كأنها جبرت الإيمان . وسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة بعدة أسماء : منها الجابرة والمجبورة . وجبر الرجل على الأمر يجبره جبرا وجبورا وأجبره : أكرهه ، والأخيرة أعلى . وقال اللحياني : جبره لغة تميم وحدها ؛ قال : وعامة العرب يقولون : أجبره . والجبر : تثبيت وقوع القضاء والقدر . والإجبار في الحكم ، يقال : أجبر القاضي الرجل على الحكم إذا أكرهه عليه . أبو الهيثم : والجبرية الذين يقولون : أجبر الله العباد على الذنوب أي : أكرههم ، ومعاذ الله أن يكره أحدا على معصيته ! ولكنه علم ما العباد . وأجبرته : نسبته إلى الجبر ، كما يقال : أكفرته نسبته إلى الكفر . اللحياني : أجبرت فلانا على كذا فهو مجبر ، وهو كلام عامة العرب ، أي : أكرهته عليه . وتميم تقول : جبرته على الأمر أجبره جبرا وجبورا ؛ قال الأزهري : وهي لغة معروفة . وكان الشافعي يقول : جبر السلطان ، وهو حجازي فصيح . وقيل للجبرية جبرية ؛ لأنهم نسبوا إلى القول بالجبر ، فهما لغتان جيدتان : جبرته وأجبرته ، غير أن [ ص: 69 ] النحويين استحبوا أن يجعلوا جبرت لجبر العظم بعد كسره ، وجبر الفقير بعد فاقته ، وأن يكون الإجبار مقصورا على الإكراه ، ولذلك جعل الفراء الجبار من أجبرت لا من جبرت ، قال : وجائز أن يكون الجبار في صفة الله تعالى من جبره الفقر بالغنى ، وهو تبارك وتعالى جابر كل كسير وفقير ، وهو جابر دينه الذي ارتضاه ، كما قال العجاج :


قد جبر الدين الإله فجبر



والجبر : خلاف القدر . والجبرية - بالتحريك - : خلاف القدرية ، وهو كلام مولد . وحرب جبار : لا قود فيها ولا دية . والجبار من الدم : الهدر . وفي الحديث : المعدن جبار ، والبئر جبار ، والعجماء جبار ، قال :


حتم الدهر علينا أنه     ظلف ما زال منا وجبار



وقال تأبط شرا :


به من نجاء الصيف بيض أقرها     جبار لصم الصخر فيه قراقر



جبار يعني سيلا . كل ما أهلك وأفسد : جبار . التهذيب : والجبار الهدر . يقال : ذهب دمه جبارا . ومعنى الأحاديث : أن تنفلت البهيمة العجماء فتصيب في انفلاتها إنسانا أو شيئا فجرحها هدر ، وكذلك البئر العادية يسقط فيها إنسان فيهلك فدمه هدر ، والمعدن إذا انهار على حافره فقتله فدمه هدر . وفي الصحاح : إذا انهار على من يعمل فيه فهلك لم يؤخذ به مستأجره . وفي الحديث : السائمة جبار ؛ أي : الدابة المرسلة في رعيها . ونار إجبير ، غير مصروف : نار الحباحب ؛ حكاه أبو علي عن أبي عمرو الشيباني . وجبار : اسم يوم الثلاثاء في الجاهلية ، من أسمائهم القديمة ؛ قال :


أرجي أن أعيش وأن يومي     بأول أو بأهون أو جبار
أو التالي دبار فإن يفتني     فمؤنس أو عروبة أو شيار



الفراء عن المفضل : الجبار يوم الثلاثاء . والجبار : فناء الجبان . والجبار : الملوك ، واحدهم جبر . والجبابرة : الملوك ، وقد تقدم بذراع الجبار . قيل : الجبار الملك ، وهذا كما يقال هو كذا وكذا ذراعا بذراع الملك ، وأحسبه ملكا من ملوك العجم ينسب إليه الذراع . وجبر وجابر وجبير وجبيرة وجبيرة : أسماء ، وحكى ابن الأعرابي : جنبار من الجبر ؛ قال ابن سيده : هذا نص لفظه فلا أدري من أي جبر عنى ، أمن الجبر الذي هو ضد الكسر وما في طريقه ، أم من الجبر الذي هو خلاف القدر ؟ قال : وكذلك لا أدري ما جنبار ، أوصف ، أم علم ، أم نوع ، أم شخص ؟ ولولا أنه قال : جنبار من الجبر لألحقته بالرباعي ، ولقلت : إنها لغة في الجنبار الذي هو فرخ الحبارى ، أو مخفف عنه ، ولكن قوله من الجبر تصريح بأنه ثلاثي ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية