صفحة جزء
[ جزأ ]

جزأ : الجزء والجزء : البعض ، والجمع أجزاء . سيبويه : لم يكسر الجزء على غير ذلك . وجزأ الشيء جزءا وجزأه كلاهما : جعله أجزاء ، وكذلك التجزئة . وجزأ المال بينهم مشدد لا غير : قسمه . وأجزأ منه جزءا : أخذه . والجزء في كلام العرب : النصيب ، وجمعه أجزاء ; وفي الحديث : قرأ جزأه من الليل الجزء : النصيب والقطعة من الشيء ; وفي الحديث : الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ; قال ابن الأثير : وإنما خص هذا العدد المذكور ; لأن عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في أكثر الروايات الصحيحة كان ثلاثا وستين سنة ، وكانت مدة نبوته منها ثلاثا وعشرين سنة ; لأنه بعث عند استيفاء الأربعين ، وكان في أول الأمر يرى الوحي في المنام ، ودام كذلك نصف سنة ، ثم رأى الملك في اليقظة ، فإذا نسبت مدة الوحي في النوم ، وهي نصف سنة ، إلى مدة نبوته ، وهي ثلاث وعشرون سنة ، كانت نصف جزء من ثلاثة وعشرين جزءا ، وهو جزء واحد من ستة وأربعين جزءا ; قال : وقد تعاضدت الروايات في أحاديث الرؤيا بهذا العدد ، وجاء في بعضها جزء من خمسة وأربعين جزءا ، ووجه ذلك أن عمره لم يكن قد استكمل ثلاثا وستين سنة ، ومات في أثناء السنة الثالثة والستين ، ونسبة نصف السنة إلى اثنتين وعشرين سنة وبعض الأخرى ، كنسبة جزء من خمسة وأربعين ; وفي بعض الروايات : جزء من أربعين ، ويكون محمولا على من روى أن عمره كان ستين سنة ، فيكون نسبة نصف سنة إلى عشرين سنة ، كنسبة جزء إلى أربعين . ومنه الحديث : الهدي الصالح والسمت الصالح جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة أي : إن هذه الخلال من شمائل الأنبياء ومن جملة الخصال المعدودة من خصالهم ، وأنها جزء معلوم من أجزاء أفعالهم فاقتدوا بهم فيها وتابعوهم ، وليس المعنى أن النبوة تتجزأ ، ولا أن من جمع هذه الخلال كان فيه جزء من النبوة ، فإن النبوة غير مكتسبة ولا مجتلبة بالأسباب ، وإنما هي كرامة من الله - عز وجل - ; ويجوز أن يكون أراد بالنبوة ههنا ما جاءت به النبوة ودعت إليه من الخيرات أي : إن هذه الخلال جزء من خمسة وعشرين جزءا مما جاءت به النبوة ودعا إليه الأنبياء . وفي الحديث : أن رجلا أعتق ستة مملوكين عند موته ، لم يكن له مال غيرهم ، فدعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجزأهم أثلاثا ثم أقرع بينهم ، فأعتق اثنين وأرق أربعة أي فرقهم أجزاء ثلاثة وأراد بالتجزئة أنه قسمهم على عبرة القيمة دون عدد الرءوس إلا أن قيمتهم تساوت فيهم ، فخرج عدد الرءوس مساويا للقيم . وعبيد أهل الحجاز إنما هم الزنوج والحبش غالبا ، والقيم فيهم متساوية أو متقاربة ، ولأن الغرض أن تنفذ وصيته في ثلث ماله ، والثلث إنما يعتبر بالقيمة لا بالعدد . وقال بظاهر الحديث مالك والشافعي وأحمد ، وقال أبو حنيفة - رحمهم الله - : يعتق ثلث كل واحد منهم ويستسعى في ثلثيه . التهذيب : يقال : جزأت المال بينهم وجزأته : أي : قسمته . والمجزوء من الشعر : ما حذف منه جزءان أو كان على جزأين فقط ، فالأولى على السلب ، والثانية على الوجوب . وجزأ الشعر جزءا وجزأه فيهما : حذف منه جزأين أو بقاه على جزأين . التهذيب : والمجزوء من الشعر : إذا ذهب فعل كل واحد من فواصله كقوله :


يظن الناس بالملكي ن أنهما قد التأما     فإن تسمع بلأمهما
فإن الأمر قد فقما

ومنه قوله :


أصبح قلبي صردا     لا يشتهي أن يردا

ذهب منه الجزء الثالث من عجزه . والجزء : الاستغناء بالشيء عن الشيء ، وكأنه الاستغناء بالأقل عن الأكثر ، فهو راجع إلى معنى الجزء . ابن الأعرابي : يجزيء قليل من كثير ويجزئ هذا من هذا : أي : كل واحد منهما يقوم مقام صاحبه ، وجزأ بالشيء وتجزأ : قنع واكتفى به ، وأجزأه الشيء : كفاه ; وأنشد :


لقد آليت أغدر في جداع     وإن منيت أمات الرباع
بأن الغدر في الأقوام عار     وأن المرء يجزأ بالكراع

أي يكتفي به . ومنه قول الناس : اجتزأت بكذا وكذا ، وتجزأت به : بمعنى اكتفيت وأجزأت بهذا المعنى . وفي الحديث : ليس شيء يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن ، أي : ليس يكفي . وجزئت الإبل : إذا اكتفت بالرطب عن الماء . وجزأت تجزأ جزءا وجزءا - بالضم - وجزوءا أي : اكتفت ، والاسم الجزء . وأجزأها هو وجزأها تجزئة وأجزأ القوم : جزئت إبلهم . وظبية جازئة : استغنت بالرطب عن الماء . والجوازئ : الوحش ; لتجزئها بالرطب عن الماء ; وقول الشماخ بن ضرار ، واسمه معقل ، وكنيته أبو سعيد :


إذا الأرطى توسد أبرديه     خدود جوازئ بالرمل عين

لا يعني به الظباء ، كما ذهب إليه ابن قتيبة ; لأن الظباء لا تجزأ بالكلإ [ ص: 137 ] عن الماء ، وإنما عنى البقر ، ويقوي ذلك أنه قال : عين ، والعين من صفات البقر لا من صفات الظباء ; والأرطى - مقصور - : شجر يدبغ به ، وتوسد أبرديه أي : اتخذ الأرطى فيهما كالوسادة ، والأبردان : الظل والفيء ، سميا بذلك لبردهما . والأبردان أيضا : الغداة والعشي ، وانتصاب أبرديه على الظرف ; والأرطى مفعول مقدم بتوسد ، أي : توسد خدود البقر الأرطى في أبرديه ، والجوازئ : البقر والظباء التي جزأت بالرطب عن الماء ، والعين جمع عيناء ، وهي الواسعة العين ; وقول ثعلب بن عبيد :


جوازئ لم تنزع لصوب غمامة     وروادها في الأرض دائمة الركض

قال : إنما عنى بالجوازئ النخل يعني أنها قد استغنت عن السقي ، فاستبعلت . وطعام لا جزء له : أي : لا يتجزأ بقليله . وأجزأ عنه مجزأه ومجزأته ومجزأه ومجزأته : أغنى عنه مغناه . وقال ثعلب : البقرة تجزئ عن سبعة وتجزي ، فمن همز فمعناه تغني ، ومن لم يهمز فهو من الجزاء . وأجزأت عنك شاة ، لغة في جزت أي : قضت ; وفي حديث الأضحية : ولن تجزئ عن أحد بعدك : أي لن تكفي ، من أجزأني الشيء أي : كفاني . ورجل له جزء أي : غناء ; قال :


إني لأرجو من شبيب برا     والجزء إن أخدرت يوما قرا

أي أن يجزئ عني ويقوم بأمري . وما عنده جزأة ذلك ، أي : قوامه . ويقال : ما لفلان جزء وما له إجزاء : أي : ما له كفاية . وفي حديث سهل : ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان ، أي : فعل فعلا ظهر أثره وقام فيه مقاما لم يقمه غيره ولا كفى فيه كفايته . والجزأة : أصل مغرز الذنب ، وخص به بعضهم أصل ذنب البعير من مغرزه . والجزأة - بالضم - : نصاب السكين والإشفى والمخصف والميثرة ، وهي الحديدة التي يؤثر بها أسفل خف البعير . وقد أجزأها وجزأها وأنصبها : جعل لها نصابا وجزأة ، وهما عجز السكين . قال أبو زيد : الجزأة لا تكون للسيف ولا للخنجر ، ولكن للميثرة التي يوسم بها أخفاف الإبل والسكين ، وهي المقبض . وفي التنزيل العزيز : وجعلوا له من عباده جزءا . قال أبو إسحاق : يعني به الذين جعلوا الملائكة بنات الله - تعالى الله وتقدس عما افتروا - . قال : وقد أنشدت بيتا يدل على أن معنى جزءا معنى الإناث . قال : ولا أدري البيت هو قديم أم مصنوع ؟ :


إن أجزأت حرة يوما فلا عجب     قد تجزئ الحرة المذكار أحيانا

والمعنى في قوله : وجعلوا له من عباده جزءا ، أي : جعلوا نصيب الله من الولد الإناث . قال : ولم أجده في شعر قديم ولا رواه عن العرب الثقات . وأجزأت المرأة : ولدت الإناث ; وأنشد أبو حنيفة :


زوجتها من بنات الأوس مجزئة     للعوسج اللدن في أبياتها زجل

يعني امرأة غزالة بمغازل سويت من شجر العوسج . الأصمعي : اسم الرجل جزء ، وكأنه مصدر جزأت جزءا . وجزء : اسم موضع . قال الراعي :


كانت بجزء فمنتها مذاهبه     وأخلفتها رياح الصيف بالغبر

والجازئ : فرس الحارث بن كعب . وأبو جزء : كنية . وجزء - بالفتح - : اسم رجل . قال حضرمي بن عامر :


إن كنت أزننتني بها كذبا     جزء فلاقيت مثلها عجلا

والسبب في قول هذا الشعر أن هذا الشاعر كان له تسعة إخوة فهلكوا ، وهذا جزء هو ابن عمه وكان ينافسه ، فزعم أن حضرميا سر بموت إخوته ; لأنه ورثهم فقال حضرمي هذا البيت ، وقبله :


أفرح أن أرزأ الكرام وأن     أورث ذودا شصائصا نبلا

يريد : أأفرح فحذف الهمزة ، وهو على طريق الإنكار : أي : لا وجه للفرح بموت الكرام من إخوتي لإرث شصائص لا ألبان لها ، واحدتها شصوص ، ونبلا : صغارا . وروى : أن جزءا هذا كان له تسعة إخوة جلسوا على بئر فانخسفت بهم ، فلما سمع حضرمي بذلك قال : إنا لله كلمة وافقت قدرا ، يريد قوله : فلاقيت مثلها عجلا . وفي الحديث : أنه - صلى الله عليه وسلم - أتي بقناع جزء ; قال الخطابي : زعم راويه أنه اسم الرطب عند أهل المدينة ; قال : فإن كان صحيحا فكأنهم سموه بذلك للاجتزاء به عن الطعام ; والمحفوظ : بقناع جرو - بالراء - وهو صغار القثاء ، وقد ذكر في موضعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية