صفحة جزء
[ أسا ]

أسا : الأسا ، مفتوح مقصور : المداواة والعلاج ، وهو الحزن أيضا . وأسا الجرح أسوا وأسا : داواه . والأسو والإساء . جميعا : الدواء ، والجمع آسية ، قال الحطيئة في الإساء بمعنى الدواء :


هم الآسون أم الرأس لما تواكلها الأطبة والإساء

والإساء ، ممدود مكسور : الدواء بعينه ، وإن شئت كان جمعا للآسي ، وهو المعالج كما تقول راع ورعاء . قال ابن بري : قال علي بن حمزة : الإساء في بيت الحطيئة لا يكون إلا الدواء لا غير . ابن السكيت : جاء فلان يلتمس لجراحه أسوا ، يعني دواء يأسو به جرحه . والأسو : المصدر . والأسو ، على فعول : دواء تأسو به الجرح . وقد أسوت الجرح آسوه أسوا أي داويته ، فهو مأسو وأسي أيضا على فعيل . ويقال : هذا الأمر لا يؤسى كلمه . وأهل البادية يسمون الخاتنة آسية كناية . وفي حديث قيلة : استرجع وقال رب أسني لما أمضيت وأعني على ما أبقيت ; أسني ، بضم الهمزة وسكون العين ، أي عوضني . والأوس : العوض ، ويروى : آسني ; فمعناه عزني وصبرني ; وأما قول الأعشى :


عنده البر والتقى وأسا الشق [ ص: 109 ]     ق وحمل لمضلع الأثقال

أراد : وعنده أسو الشق فجعل الواو ألفا مقصورة ، قال : ومثل الأسو والأسا اللغو واللغا ، وهو الشيء الخسيس . والآسي : الطبيب ، والجمع أساة وإساء . قال كراع : ليس في الكلام ما يعتقب عليه فعلة وفعال إلا هذا ، وقولهم رعاة ورعاء في جمع راع . والأسي : المأسو ; قال أبو ذؤيب :


وصب عليها الطيب حتى كأنها     أسي على أم الدماغ حجيج

وحجيج : من قولهم حجه الطبيب فهو محجوج . وحجيج إذا سبر شجته ، قال ابن بري : ومثله قول الآخر :


وقائلة : أسيت ! فقلت : جير     أسي ، إنني من ذاك إني

وأسا بينهم أسوا : أصلح . ويقال : أسوت الجرح فأنا آسوه أسوا إذا داويته وأصلحته . وقال المؤرج : كان جزء بن الحارث من حكماء العرب ، وكان يقال له المؤسي لأنه كان يؤسي بين الناس أي يصلح بينهم ويعدل . وأسيت عليه أسى : حزنت . وأسي على مصيبته ، بالكسر يأسى أسى ، مقصور ، إذا حزن . ورجل آس وأسيان : حزين . ورجل أسوان : حزين ، وأتبعوه فقالوا : أسوان أتوان ; وأنشد الأصمعي لرجل من الهذليين :


ماذا هنالك من أسوان مكتئب     وساهف ثمل في صعدة حطم

، وقال آخر :


أسوان أنت لأن الحي موعدهم     أسوان كل عذاب دون عيذاب

وفي حديث أبي بن كعب : والله ما عليهم آسى ولكن آسى على من أضلوا ; الأسى ، مفتوحا مقصورا : الحزن ، وهو آس ، وامرأة آسية وأسيا ، والجمع أسيانون وأسيانات وأسييات وأسايا . وأسيت لفلان أي حزنت له . وسآني الشيء : حزنني ; حكاه يعقوب في المقلوب وأنشد بيت الحارث بن خالد المخزومي :


مر الحمول فما سأونك نقرة     ولقد أراك تساء بالأظعان

والأسوة والإسوة : القدوة . ويقال : ائتس به أي اقتد به وكن مثله . الليث : فلان يأتسي بفلان أي يرضى لنفسه ما رضيه ويقتدي به وكان في مثل حاله . والقوم أسوة في هذا الأمر أي حالهم فيه واحدة . والتأسي في الأمور : الأسوة ، وكذلك المؤاساة . والتأسية : التعزية . أسيته تأسية أي عزيته . وأساه فتأسى : عزاه فتعزى . وتأسى به أي تعزى به . وقال الهروي : تأسى به اتبع فعله واقتدى به . ويقال : أسوت فلانا إذا جعلته أسوته ; ومنه قول عمر - رضي الله عنه - لأبي موسى : آس بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك أي سو بينهم واجعل كل واحد منهم إسوة خصمه . وتآسوا أي آسى بعضهم بعضا ; قال الشاعر :


وإن الألى بالطف من آل هاشم تآسوا     فسنوا للكرام التآسيا

، قال ابن بري : وهذا البيت تمثل به مصعب يوم قتل . وتآسوا فيه : من المؤاساة كما ذكر الجوهري ، لا من التأسي كما ذكر المبرد ، فقال : تآسوا بمعنى تأسوا ، وتأسوا بمعنى تعزوا . ولي في فلان أسوة وإسوة أي قدوة . وقد تكرر ذكر الأسوة والإسوة والمواساة في الحديث ، وهو بكسر الهمزة وضمها القدوة . والمواساة : المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق ; وأصلها الهمزة فقلبت واوا تخفيفا . وفي حديث الحديبية : إن المشركين واسونا للصلح ; جاء على التخفيف وعلى الأصل جاء الحديث الآخر : ما أحد عندي أعظم يدا من أبي بكر آساني بنفسه وماله . وفي حديث علي - عليه السلام - : آس بينهم في اللحظة والنظرة . وآسيت فلانا بمصيبته إذا عزيته ، وذلك إذا ضربت له الأسى ، وهو أن تقول له ما لك تحزن . وفلان إسوتك أي أصابه ما أصابك فصبر فتأس به ، وواحد الأسى والإسى أسوة . وهو إسوتك أي أنت مثله ، وهو مثلك . وأتسى به : جعله أسوة . وفي المثل : لا تأتس بمن ليس لك بأسوة . وأسويته : جعلت له أسوة ; عن ابن الأعرابي : فإن كان أسويت من الأسوة كما زعم فوزنه فعليت كدربيت وجعبيت . وآساه بماله : أناله منه وجعله فيه أسوة ، وقيل : لا يك أبو بكر ون ذلك منه إلا من كفاف فإن كان من فضلة فليس بمؤاساة . قال : في قولهم ما يؤاسي فلان فلانا فيه ثلاثة أقوال ; قال المفضل بن محمد معناه ما يشارك فلان فلانا ، والمؤاساة المشاركة وأنشد :


فإن يك عبد الله آسى ابن أمه     وآب بأسلاب الكمي المغاور

، وقال المؤرج : ما يؤاسيه ما يصيبه بخير من قول العرب آس فلانا بخير أي أصبه ، وقيل : ما يؤاسيه من مودته ولا قرابته شيئا مأخوذ من الأوس ، وهو العوض ، قال : وكان في الأصل ما يؤاوسه فقدموا السين ، وهي لام الفعل ، وأخروا الواو وهي عين الفعل ، فصار يؤاسوه ، فصارت الواو ياء لتحركها ، وانكسار ما قبلها وهذا من المقلوب ، قال : ويجوز أن يكون غير مقلوب فيكون يفاعل من أسوت الجرح . وروى المنذري عن أبي طالب أنه ، قال في المؤاساة واشتقاقها إن فيها قولين : أحدهما أنها من آسى يؤاسي من الأسوة ، وهي القدوة ، وقيل إنها من أساه يأسوه إذا عالجه وداواه ، وقيل : إنها من آس يئوس إذا عاض ، فأخر الهمزة ولينها ولكل مقال . ويقال : هو يؤاسي في ماله أي يساوي . ويقال : رحم الله رجلا أعطى من فضل وآسى من كفاف ، من هذا . الجوهري : آسيته بمالي مؤاساة أي جعلته أسوتي فيه ، وواسيته لغة ضعيفة . والأسوة والإسوة بالضم والكسر : لغتان ، وهو ما يأتسى به الحزين أي يتعزى به وجمعها أسى وإسى ; وأنشد ابن بري لحريث بن زيد الخيل :


ولولا الأسى ما عشت في الناس ساعة     ولكن إذا ما شئت جاوبني مثلي

ثم سمي الصبر أسا . وأتسى به أي اقتدى به . ويقال : لا تأتس بمن [ ص: 110 ] ليس لك بأسوة أي لا تقتد بمن ليس لك بقدوة . والآسية : البناء المحكم . والآسية : الدعامة والسارية ، والجمع الأواسي ; قال النابغة :


فإن تك قد ودعت ، غير مذمم     أواسي ملك أثبتتها الأوائل

، قال ابن بري : وقد تشدد أواسي للأساطين فيكون جمعا لآسي ، ووزنه فاعول مثل آري وأواري ; قال الشاعر :


فشيد آسيا فيا حسن ما عمر

، قال : ولا يجوز أن يكون آسي فاعيلا لأنه لم يأت منه غير آمين . وفي حديث ابن مسعود : يوشك أن ترمي الأرض بأفلاذ كبدها أمثال الأواسي ، وهي السواري والأساطين ، وقيل : هي الأصل واحدتها آسية لأنها تصلح السقف وتقيمه ، من أسوت بين القوم إذا أصلحت . وفي حديث عابد بني إسرائيل : أنه أوثق نفسه إلى آسية من أواسي المسجد . وأسيت له من اللحم خاصة أسيا : أبقيت له . والآسية ، بوزن فاعلة : ما أسس من بنيان فأحكم أصله من سارية وغيرها . والآسية : بقية الدار وخرثي المتاع . وقال أبو زيد : الآسي خرثي الدار وآثارها من نحو قطعة القصعة والرماد والبعر ، قال الراجز :


هل تعرف الأطلال بالحوي     لن يبق من آسيها العامي
غير رماد الدار والأثفي

، وقالوا : كلوا فلم نؤس لكم ، مشدد ، أي لم نتعمدكم بهذا الطعام . وحكى بعضهم : فلم يؤس أي لم تتعمدوا به . وآسية : امرأة فرعون . والآسي : ماء بعينه ; قال الراعي :


ألم يترك نساء بني زهير     على الآسي ، يحلقن القرونا ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية