صفحة جزء
[ جلب ]

جلب : الجلب : سوق الشيء من موضع إلى آخر . جلبه يجلبه ويجلبه جلبا وجلبا واجتلبه وجلبت الشيء إلى نفسي واجتلبته ، بمعنى . وقوله أنشده ابن الأعرابي :


يا أيها الزاعم أني أجتلب

فسره فقال : معناه أجتلب شعري من غيري أي : أسوقه وأستمده . ويقوي ذلك قول جرير :


ألم تعلم مسرحي القوافي     فلا عيا بهن ولا اجتلابا

أي : لا أعيا بالقوافي ولا اجتلبهن ممن سواي ، بل أنا غني بما لدي منها . وقد انجلب الشيء واستجلب الشيء : طلب أن يجلب إليه . والجلب والأجلاب : الذين يجلبون الإبل والغنم للبيع . والجلب : ما جلب من خيل وإبل ومتاع . وفي المثل : النفاض يقطر الجلب أي : أنه إذا أنفض القوم ، أي : نفدت أزوادهم قطروا إبلهم للبيع . والجمع : أجلاب . الليث : الجلب : ما جلب القوم من غنم أو سبي والفعل يجلبون ، ويقال : جلبت الشيء جلبا والمجلوب أيضا : جلب . والجليب : الذي يجلب من بلد إلى غيره . وعبد جليب والجمع جلبى وجلباء كما [ ص: 168 ] قالوا : قتلى وقتلاء . وقال اللحياني : امرأة جليب في نسوة جلبى وجلائب . والجليبة والجلوبة ما جلب . قال قيس بن الخطيم :


فليت سويدا راء من فر منهم     ومن خر إذ يحدونهم كالجلائب

ويروى : إذ نحدو بهم . والجلوبة : ما يجلب للبيع نحو الناب والفحل والقلوص ، فأما كرام الإبل الفحولة التي تنتسل فليست من الجلوبة . ويقال لصاحب الإبل : هل لك في إبلك جلوبة ؟ يعني شيئا جلبته للبيع . وفي حديث سالم : قدم أعرابي بجلوبة ، فنزل على طلحة ، فقال طلحة : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد . قال : الجلوبة - بالفتح - ما يجلب للبيع من كل شيء ، والجمع الجلائب ; وقيل : الجلائب الإبل التي تجلب إلى الرجل النازل على الماء ليس له ما يحتمل عليه فيحملونه عليها . قال : والمراد في الحديث الأول كأنه أراد أن يبيعها له طلحة . قال ابن الأثير : هكذا جاء في كتاب أبي موسى في حرف الجيم . قال : والذي قرأناه في سنن أبي داود : بحلوبة ، وهي الناقة التي تحلب . والجلوبة : الإبل يحمل عليها متاع القوم ، الواحد والجمع فيه سواء ، وجلوبة الإبل : ذكورها . وأجلب الرجل إذا نتجت ناقته سقبا . وأجلب الرجل : نتجت إبله ذكورا ; لأنه تجلب أولادها ، فتباع ، وأحلب بالحاء إذا نتجت إبله إناثا . يقال للمنتج : أأجلبت أم أحلبت ؟ أي : أولدت إبلك جلوبة أم ولدت حلوبة ؟ وهي الإناث . ويدعو الرجل على صاحبه فيقول : أجلبت ولا أحلبت ، أي : كان نتاج إبلك ذكورا لا إناثا ليذهب لبنه . وجلب لأهله يجلب وأجلب : كسب وطلب واحتال ; عن اللحياني . والجلب والجلبة : الأصوات . وقيل : هو اختلاط الصوت . وقد جلب القوم يجلبون ويجلبون وأجلبوا وجلبوا . والجلب : الجلبة في جماعة الناس ، والفعل أجلبوا وجلبوا ، من الصياح . وفي حديث الزبير : أن أمه صفية قالت : أضربه كي يلب ويقود الجيش ذا الجلب ، هو جمع جلبة ، وهي الأصوات . ابن السكيت يقال : هم يجلبون عليه ويحلبون عليه ، بمعنى واحد أي : يعينون عليه . وفي حديث علي - رضي الله تعالى عنه - : أراد أن يغالط بما أجلب فيه . يقال أجلبوا عليه إذا تجمعوا وتألبوا . وأجلبه : أعانه . وأجلب عليه إذا صاح به واستحثه . وجلب على الفرس وأجلب وجلب يجلب جلبا ، قليلة : زجره . وقيل : هو إذا ركب فرسا وقاد خلفه آخر يستحثه وذلك في الرهان . وقيل : هو إذا صاح به من خلفه واستحثه للسبق . وقيل : هو أن يركب فرسه رجلا ، فإذا قرب من الغاية تبع فرسه ، فجلب عليه وصاح به ليكون هو السابق ، وهو ضرب من الخديعة . وفي الحديث : لا جلب ولا جنب . فالجلب : أن يتخلف الفرس في السباق فيحرك وراءه الشيء يستحث فيسبق . والجنب : أن يجنب مع الفرس الذي يسابق به فرس آخر فيرسل حتى إذا دنا تحول راكبه على الفرس المجنوب فأخذ السبق . وقيل الجلب : أن يرسل في الحلبة ، فتجتمع له جماعة تصيح به ليرد عن وجهه . والجنب : أن يجنب فرس جام فيرسل من دون الميطان ، وهو الموضع الذي ترسل فيه الخيل ، وهو مرح ، والأخر معايا . وزعم قوم أنها في الصدقة ، فالجنب : أن تأخذ شاء هذا ، ولم تحل فيها الصدقة ، فتجنبها إلى شاء هذا حتى تأخذ منها الصدقة . وقال أبو عبيد : الجلب في شيئين ، يكون في سباق الخيل ، وهو أن يتبع الرجل فرسه فيزجره ويجلب عليه أو يصيح حثا له ، ففي ذلك معونة للفرس على الجري . فنهي عن ذلك . والوجه الآخر في الصدقة أن يقدم المصدق على أهل الزكاة فينزل موضعا ثم يرسل إليهم من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقاتها ، فنهي عن ذلك وأمر أن يأخذ صدقاتهم من أماكنهم وعلى مياههم وبأفنيتهم . وقيل : قوله ولا جلب أي : لا تجلب إلى المياه ولا إلى الأمصار ، ولكن يتصدق بها في مراعيها . وفي الصحاح : والجلب الذي جاء النهي عنه هو أن لا يأتي المصدق القوم في مياههم لأخذ الصدقات ، ولكن يأمرهم بجلب نعمهم إليه . وقوله في حديث العقبة : إنكم تبايعون محمدا على أن تحاربوا العرب والعجم مجلبة أي : مجتمعين على الحرب . قال ابن الأثير : هكذا جاء في بعض الطرق بالباء . قال : والرواية - بالياء - تحتها نقطتان ، وهو مذكور في موضعه . ورعد مجلب : مصوت . وغيث مجلب : كذلك . قال :


خفاهن من أنفاقهن كأنما     خفاهن ودق من عشي مجلب

وقول صخر الغي :


بحية قفر في وجار مقيمة     تنمى بها سوق المنى والجوالب

أراد ساقتها جوالب القدر ، واحدتها جالبة . وامرأة جلابة ومجلبة وجلبانة وجلبانة وجلبنانة وجلبنانة وتكلابة : مصوتة صخابة ، كثيرة الكلام ، سيئة الخلق ، صاحبة جلبة ومكالبة . وقيل : الجلبانة من النساء : الجافية الغليظة ، كأن عليها جلبة أي : قشرة غليظة ، وعامة هذه اللغات عن الفارسي . وأنشد لحميد بن ثور :


جلبنانة ورهاء تخصي حمارها     بفي من بغى خيرا إليها الجلامد

قال : وأما يعقوب فإنه روى جلبانة ، قال ابن جني : ليست لام جلبانة بدلا من راء جربانة ، يدلك على ذلك وجودك لكل واحد منهما أصلا ومتصرفا واشتقاقا صحيحا ، فأما جلبانة فمن الجلبة والصياح ; لأنها الصخابة . وأما جربانة فمن جرب الأمور وتصرف فيها ، ألا تراهم قالوا : تخصي حمارها ، فإذا بلغت المرأة من البذلة والحنكة إلى خصاء عيرها ، فناهيك بها في التجربة والدربة ، وهذا وفق الصخب والضجر ; لأنه ضد الحياء والخفر . ورجل جلبان وجلبان : ذو جلبة . وفي الحديث : لا تدخل مكة إلا بجلبان السلاح . جلبان السلاح : القراب بما فيه . قال شمر : كأن اشتقاق الجلبان من الجلبة وهي الجلدة التي توضع على القتب ، والجلدة التي تغشي التميمة ; لأنها كالغشاء للقراب ; وقال جران العود :


نظرت وصحبتي بخنيصرات      [ ص: 169 ] وجلب الليل يطرده النهار

أراد بجلب الليل : سواده . وروي عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - أنه قال لما صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشركين بالحديبية : صالحهم على أن يدخل هو وأصحابه من قابل ثلاثة أيام ولا يدخلونها إلا بجلبان السلاح ; قال فسألته : ما جلبان السلاح ؟ قال : القراب بما فيه . قال أبو منصور : القراب : الغمد الذي يغمد فيه السيف ، والجلبان : شبه الجراب من الأدم يوضع فيه السيف مغمودا ، ويطرح فيه الراكب سوطه وأداته ، ويعلقه من آخرة الكور ، أو في واسطته . واشتقاقه من الجلبة ، وهي الجلدة التي تجعل على القتب . ورواه القتيبي - بضم الجيم واللام وتشديد الباء - قال : وهو أوعية السلاح بما فيها . قال : ولا أراه سمي به إلا لجفائه ، ولذلك قيل للمرأة الغليظة الجافية : جلبانة . وفي بعض الروايات : ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح ، السيف والقوس ونحوهما ; يريد ما يحتاج إليه في إظهاره والقتال به إلى معاناة لا كالرماح ; لأنها مظهرة يمكن تعجيل الأذى بها ، وإنما اشترطوا ذلك ليكون علما ، وأمارة للسلم ، إذ كان دخولهم صلحا . وجلب الدم ، وأجلب : يبس ، عن ابن الأعرابي . والجلبة : القشرة التي تعلو الجرح عند البرء . وقد جلب يجلب ويجلب ، وأجلب الجرح مثله . الأصمعي : إذا علت القرحة جلدة البرء ، قيل جلب . وقال الليث : قرحة مجلبة وجالبة وقروح جوالب وجلب ; وأنشد :


عافاك ربي من قروح جلب     بعد نتوض الجلد والتقوب

وما في السماء جلبة أي : غيم يطبقها ; عن ابن الأعرابي . وأنشد :


إذا ما السماء لم تكن غير جلبة     كجلدة بيت العنكبوت تنيرها

تنيرها أي : كأنها تنسجها بنير . والجلبة في الجبل : حجارة تراكم بعضها على بعض فلم يكن فيه طريق تأخذ فيه الدواب . والجلبة من الكلأ : قطعة متفرقة ليست بمتصلة . والجلبة : العضاه إذا اخضرت وغلظ عودها ، وصلب شوكها . والجلبة : السنة الشديدة ، وقيل : الجلبة مثل الكلبة شدة الزمان ، يقال : أصابتنا جلبة الزمان وكلبة الزمان . قال أوس بن مغراء التميمي :


لا يسمحون إذا ما جلبة أزمت     وليس جارهم فيها بمختار

والجلبة : شدة الجوع ، وقيل : الجلبة الشدة والجهد والجوع . قال مالك بن عويمر بن عثمان بن حنيش الهذلي ، وهو المتنخل ، ويروى لأبي ذؤيب ، والصحيح الأول :


كأنما بين لحييه ولبته     من جلبة الجوع جيار وإرزيز

والإرزيز : الطعنة . والجيار : حرقة في الجوف ; وقال ابن بري : الجيار حرارة من غيظ ، تكون في الصدر . والإرزيز الرعدة . والجوالب الآفات والشدائد . والجلبة : حديدة تكون في الرحل ، وقيل : هو ما يؤسر به سوى صفته وأنساعه . والجلبة : جلدة تجعل على القتب ، وقد أجلب قتبه : غشاه بالجلبة . وقيل : هو أن يجعل عليه جلدة رطبة فطيرا ثم يتركها عليه حتى تيبس . التهذيب : الإجلاب أن تأخذ قطعة قد ، فتلبسها رأس القتب ، فتيبس عليه ، وهي الجلبة . قال النابغة الجعدي :


أمر ونحي من صلبه     كتنحية القتب المجلب

والجلبة : حديدة صغيرة يرقع بها القدح . والجلبة : العوذة تخرز عليها جلدة ، وجمعها الجلب . وقال علقمة يصف فرسا :


بغوج لبانه يتم بريمه     على نفث راق خشية العين مجلب

يتم بريمه : أي : يطال إطالة لسعة صدره . والمجلب : الذي يجعل العوذة في جلد ثم تخاط على الفرس . والغوج : الواسع جلد الصدر . والبريم : خيط يعقد عليه عوذة . وجلبة السكين : التي تضم النصاب على الحديدة . والجلب والجلب : الرحل بما فيه . وقيل : خشبه بلا أنساع ولا أداة . وقال ثعلب : جلب الرحل : غطاؤه . وجلب الرحل وجلبه : عيدانه . قال العجاج ، وشبه بعيره بثور وحشي رائح ، وقد أصابه المطر :


عاليت أنساعي وجلب الكور     على سراة رائح ممطور

قال ابن بري : والمشهور في رجزه :


بل خلت أعلاقي وجلب كوري

وأعلاقي جمع علق ، والعلق : النفيس من كل شيء . والأنساع : الحبال ، واحدها نسع . والسراة : الظهر . وأراد بالرائح الممطور الثور الوحشي . وجلب الرحل وجلبه : أحناؤه . والتجليب : أن تؤخذ صوفة ، فتلقى على خلف الناقة ثم تطلى بطين ، أو عجين ، لئلا ينهزها الفصيل . يقال جلب ضرع حلوبتك . ويقال : جلبته عن كذا وكذا تجليبا أي : منعته . ويقال : إنه لفي جلبة صدق أي : في بقعة صدق ، وهي الجلب . والجلب : الجناية على الإنسان . وكذلك الأجل . وقد جلب عليه وجنى عليه وأجل . والتجلب : التماس المرعى ما كان رطبا من الكلأ ، رواه - بالجيم - كأنه معنى إحنائه . والجلب والجلب : السحاب الذي لا ماء فيه ; وقيل : سحاب رقيق لا ماء فيه ، وقيل : هو السحاب المعترض تراه كأنه جبل . قال تأبط شرا :


ولست بجلب جلب ليل وقرة     ولا بصفا صلد عن الخير معزل

يقول : لست برجل لا نفع فيه ، ومع ذلك فيه أذى كالسحاب الذي فيه ريح وقر ، ولا مطر فيه ، والجمع : أجلاب . وأجلبه أي : أعانه . وأجلبوا عليه إذا تجمعوا وتألبوا مثل أحلبوا . قال الكميت :

على تلك إجرياي وهي ضريبتي     ولو أجلبوا طرا علي وأحلبوا

وأجلب الرجل الرجل إذا توعده بشر ، وجمع الجمع عليه . وكذلك جلب يجلب جلبا . وفي التنزيل العزيز : وأجلب عليهم بخيلك ورجلك ; [ ص: 170 ] أي : اجمع عليهم وتوعدهم بالشر . وقد قرئ واجلب . والجلباب : القميص . والجلباب : ثوب أوسع من الخمار ، دون الرداء تغطي به المرأة رأسها وصدرها ، وقيل : هو ثوب واسع ، دون الملحفة ، تلبسه المرأة ; وقيل : هو الملحفة . قالت جنوب أخت عمرو ذي الكلب ترثيه :


تمشي النسور إليه وهي لاهية     مشي العذارى عليهن الجلابيب

معنى قوله : وهي لاهية : أن النسور آمنة منه لا تفرقه لكونه ميتا ، فهي تمشي إليه مشي العذارى . وأول المرثية :


كل امرئ بطوال العيش مكذوب     وكل من غالب الأيام مغلوب

وقيل : هو ما تغطي به المرأة الثياب من فوق كالملحفة ; وقيل : هو الخمار . وفي حديث أم عطية : لتلبسها صاحبتها من جلبابها أي : إزارها . وقد تجلبب . قال يصف الشيب :


حتى اكتسى الرأس قناعا أشهبا     أكره جلباب لمن تجلببا

وفي التنزيل العزيز : يدنين عليهن من جلابيبهن . قال ابن السكيت ، قالت العامرية : الجلباب الخمار ، وقيل : جلباب المرأة ملاءتها التي تشتمل بها ، واحدها جلباب ، والجماعة جلابيب ، وقد تجلببت ; وأنشد :


والعيش داج كنفا جلبابه

وقال آخر :


مجلبب من سواد الليل جلبابا

والمصدر : الجلببة ، ولم تدغم ; لأنها ملحقة بدحرجة . وجلببه إياه . قال ابن جني : جعل الخليل باء جلبب الأولى كواو جهور ودهور ، وجعل يونس الثانية كياء سلقيت وجعبيت . قال : وهذا قدر من الحجاج مختصر ليس بقاطع ، وإنما فيه الأنس بالنظير لا القطع باليقين ; ولكن من أحسن ما يقال في ذلك ما كان أبو علي - رحمه الله - يحتج به لكون الثاني هو الزائد قولهم : اقعنسس واسحنكك ; قال أبو علي : ووجه الدلالة من ذلك أن نون افعنلل ، بابها ، إذا وقعت في ذوات الأربعة ، أن تكون بين أصلين نحو احرنجم واخرنطم ، فاقعنسس ملحق بذلك ، فيجب أن يحتذى به طريق ما ألحق بمثاله ، فلتكن السين الأولى أصلا كما أن الطاء المقابلة لها من اخرنطم أصل ، وإذا كانت السين الأولى من اقعنسس أصلا كانت الثانية الزائدة من غير ارتياب ولا شبهة . وفي حديث علي : من أحبنا أهل البيت ; فليعد للفقر جلبابا وتجفافا . ابن الأعرابي : الجلباب : الإزار ; قال : ومعنى قوله : فليعد للفقر ، يريد لفقر الآخرة ونحو ذلك . قال أبو عبيد ; قال الأزهري : معنى قول ابن الأعرابي الجلباب الإزار لم يرد به إزار الحقو ، ولكنه أراد إزارا يشتمل به ، فيجلل جميع الجسد ; وكذلك إزار الليل ، وهو الثوب السابغ الذي يشتمل به النائم ، فيغطي جسده كله . وقال ابن الأثير : أي : ليزهد في الدنيا ، وليصبر على الفقر والقلة . والجلباب أيضا : الرداء ، وقيل : هو كالمقنعة تغطي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها ، والجمع جلابيب ; كنى به عن الصبر ; لأنه يستر الفقر كما يستر الجلباب البدن ، وقيل : إنما كنى بالجلباب عن اشتماله بالفقر أي : فليلبس إزار الفقر ، ويكون منه على حالة تعمه وتشمله ; لأن الغنى من أحوال أهل الدنيا ، ولا يتهيأ الجمع بين حب أهل الدنيا وحب أهل البيت . والجلباب : الملك . والجلباب : مثل به سيبويه ، ولم يفسره أحد . قال السيرافي : وأظنه يعني الجلباب . والجلاب : ماء الورد ، فارسي معرب . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء مثل الجلاب ، فأخذ بكفه ، فبدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر ، فقال بهما على وسط رأسه . قال أبو منصور : أراد بالجلاب ماء الورد ، وهو فارسي معرب ، يقال له جل وآب . وقال بعض أصحاب المعاني والحديث : إنما هو الحلاب لا الجلاب ، وهو ما يحلب فيه الغنم كالمحلب سواء ، فصحف ، فقال : جلاب ، يعني أنه كان يغتسل من الجنابة في ذلك الحلاب . والجلبان : الخلر ، وهو شيء يشبه الماش . التهذيب : والجلبان الملك ، الواحدة جلبانة ، وهو حب أغبر أكدر على لون الماش ، إلا أنه أشد كدرة منه وأعظم جرما يطبخ . وفي حديث مالك : تؤخذ الزكاة من الجلبان ، هو بالتخفيف حب كالماش . والجلبان من القطاني : - معروف - . قال أبو حنيفة : لم أسمعه من الأعراب إلا - بالتشديد - وما أكثر من يخففه . قال : ولعل التخفيف لغة . والينجلب : خرزة يؤخذ بها الرجال . حكى اللحياني عن العامرية أنهن يقلن :


أخذته بالينجلب     فلا يرم ولا يغب
ولا يزل عند الطنب

وذكر الأزهري هذه الخرزة في الرباعي ، قال : ومن خرزات الأعراب الينجلب ، وهو الرجوع بعد الفرار ، والعطف بعد البغض . والجلب : جمع جلبة ، وهي بقلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية