صفحة جزء
[ جلا ]

جلا : جلا القوم عن أوطانهم يجلون وأجلوا إذا خرجوا من بلد إلى بلد . وفي حديث الحوض : يرد علي رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض ; هكذا روي في بعض الطرق أي : ينفون ويطردون ، والرواية بالحاء المهملة والهمز . ويقال : استعمل فلان على الجالية والجالة . والجلاء - ممدود - : مصدر جلا عن وطنه . ويقال : أجلاهم السلطان فأجلوا أي : أخرجهم فخرجوا . والجلاء : الخروج عن البلد . وقد جلوا عن أوطانهم وجلوتهم أنا يتعدى ولا يتعدى . ويقال أيضا : أجلوا عن البلد وأجليتهم أنا كلاهما بالألف ; وقيل لأهل الذمة الجالية ; لأن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أجلاهم عن جزيرة العرب لما تقدم من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فسموا جالية [ ص: 188 ] ولزمهم هذا الاسم أين حلوا ، ثم لزم كل من لزمته الجزية من أهل الكتاب بكل بلد ، وإن لم يجلوا عن أوطانهم . والجالية : الذين جلوا عن أوطانهم . ويقال : استعمل فلان على الجالية أي : على جزية أهل الذمة . والجالة : مثل الجالية . وفي حديث العقبة : وإنكم تبايعون محمدا على أن تحاربوا العرب والعجم مجلية أي : حربا مجلية مخرجة عن الدار والمال . ومنه حديث أبي بكر - رضي الله عنه - : أنه خير وفد بزاخة بين الحرب المجلية والسلم المخزية . ومن كلام العرب : اختاروا فإما حرب مجلية ، وإما سلم مخزية ، أي : إما حرب تخرجكم من دياركم ، أو سلم تخزيكم وتذلكم . ابن سيده : جلا القوم عن الموضع ، ومنه جلوا وجلاء . وأجلوا : تفرقوا ، وفرق أبو زيد بينهما فقال : جلوا من الخوف ، وأجلوا من الجدب ، وأجلاهم هو وجلاهم لغة ، وكذلك اجتلاهم ; قال أبو ذؤيب يصف النحل والعاسل :


فلما جلاها بالأيام تحيزت ثبات عليها ذلها واكتئابها

ويروى : اجتلاها يعني العاسل جلا النحل عن مواضعها بالأيام ، وهو الدخان ، ورواه بعضهم تحيرت أي : تحيرت النحل بما عراها من الدخان . وقال أبو حنيفة : جلا النحل يجلوها جلاء إذا دخن عليها لاشتيار العسل . وجلوة النحل : طردها بالدخان . ابن الأعرابي : جلاه عن وطنه فجلا أي : طرده فهرب . قال : وجلا إذا علا ، وجلا إذا اكتحل ، وجلا الأمر وجلاه وجلى عنه كشفه وأظهره ، وقد انجلى وتجلى . وأمر جلي : واضح ; تقول : اجل لي هذا الأمر أي : أوضحه . والجلاء - ممدود - : الأمر البين الواضح . والجلاء - بالفتح والمد - : الأمر الجلي ، وتقول منه : جلا لي الخبر أي : وضح ; وقال زهير :


فإن الحق مقطعه ثلاث     يمين أو نفار أو جلاء



أراد البينة والشهود ، وقيل : أراد الإقرار ، والله تعالى يجلي الساعة أي : يظهرها . قال سبحانه : لا يجليها لوقتها إلا هو . ويقال : أخبرني عن جلية الأمر أي : حقيقته ; وقال النابغة :


وآب مضلوه بعين جلية     وغودر بالجولان حزم ونائل



يقول : كذبوا بخبر موته أول ما جاء فجاء دافنوه بخبر ما عاينوه . والجلي : نقيض الخفي . والجلية : الخبر اليقين . ابن بري : والجلية البصيرة ، يقال عين جلية ; قال أبو داود :


بل تأمل وأنت أبصر مني     قصد دير السواد عين جليه



وجلوت أي : أوضحت وكشفت . وجلى الشيء أي : كشفه . وهو يجلي عن نفسه أي : يعبر عن ضميره . وتجلى الشيء أي : تكشف . وفي حديث كعب بن مالك : فجلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للناس أمرهم ليتأهبوا أي : كشف وأوضح . وفي حديث ابن عمر : إن ربي - عز وجل - قد رفع لي الدنيا وأنا أنظر إليها جليانا من الله ، أي : إظهارا وكشفا ، وهو - بكسر الجيم وتشديد اللام - . وجلاء السيف - ممدود بكسر الجيم - وجلا الصيقل السيف والمرآة ونحوهما ، جلوا وجلاء : صقلهما . واجتلاه لنفسه ; قال لبيد :


يجتلي نقب النصال



وجلا عينه بالكحل جلوا وجلاء ، والجلا والجلاء والجلاء : الإثمد . ابن السكيت : الجلا كحل يجلو البصر ، وكتابته بالألف . ويقال : جلوت بصري بالكحل جلوا . وفي حديث أم سلمة : أنها كرهت للمحد أن تكتحل بالجلاء هو - بالكسر والمد - الإثمد ، وقيل : هو - بالفتح والمد والقصر - ضرب من الكحل . ابن سيده : والجلاء والجلاء الكحل ; لأنه يجلو العين ; قال المتنخل الهذلي :


وأكحلك بالصاب أو بالجلا     ففقح لذلك أو غمض

قال ابن بري : البيت لأبي المثلم ، قال : والذي ذكره النحاس وابن ولاد الجلا - بفتح الجيم والقصر - ; وأنشد هذا البيت وذكر المهلبي فيه المد وفتح الجيم ; وأنشد البيت . وروي عن حماد عن ثابت عن أنس قال : قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ; قال : وضع إبهامه على قريب من طرف أنملة خنصره فساخ الجبل ، قال حماد : قلت لثابت تقول هذا ؟ فقال : يقوله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقوله أنس وأنا أكتمه ! وقال الزجاج : تجلى ربه للجبل أي : ظهر وبان ، قال : وهذا قول أهل السنة والجماعة ، وقال الحسن : تجلى بدا للجبل نور العرش . والماشطة تجلو العروس ، وجلا العروس على بعلها جلوة وجلوة وجلوة وجلاء واجتلاها وجلاها ، وقد جليت على زوجها واجتلاها زوجها أي : نظر إليها . وتجليت الشيء : نظرت إليه . وجلاها زوجها وصيفة : أعطاها إياها في ذلك الوقت ، وجلوتها ما أعطاها ، وقيل : هو ما أعطاها من غرة أو دراهم . الأصمعي : يقال جلا فلان امرأته وصيفة حين اجتلاها إذا أعطاها عند جلوتها . وفي حديث ابن سيرين : أنه كره أن يجلي امرأته شيئا لا يفي به . ويقال : ما جلوتها - بالكسر - فيقال : كذا وكذا . وما جلاء فلان أي : بأي شيء يخاطب من الأسماء والألقاب فيعظم به . واجتلى الشيء : نظر إليه . وجلى ببصره : رمى . والبازي يجلي إذا آنس الصيد فرفع طرفه ورأسه . وجلى ببصره تجلية إذا رمى به كما ينظر الصقر إلى الصيد ; قال لبيد :


فانتضلنا وابن سلمى قاعد     كعتيق الطير يغضي ويجل



أي ويجلي . قال ابن بري : ابن سلمى هو النعمان بن المنذر . قال ابن حمزة : التجلي في الصقر أن يغمض عينه ثم يفتحها ليكون أبصر له ، فالتجلي هو النظر ; وأنشد لرؤبة :


جلى بصير العين لم يكلل     فانقض يهوي من بعيد المختل



ويقوي قول ابن حمزة بيت لبيد المتقدم . وجلى البازي تجليا وتجلية : رفع رأسه ثم نظر ; قال ذو الرمة :


نظرت كما جلى على رأس رهوة      [ ص: 189 ] من الطير أقنى ينفض الطل أورق



وجبهة جلواء : واسعة . والسماء جلواء أي : مصحية مثل جهواء . وليلة جلواء : مصحية مضيئة . والجلا بالقصر : انحسار مقدم الشعر ، كتابته بالألف ، مثل الجله ، وقيل : هو دون الصلع ، وقيل : هو أن يبلغ انحسار الشعر نصف الرأس ، وقد جلي جلا وهو أجلى . وفي صفة المهدي : أنه أجلى الجبهة ; الأجلى : الخفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين ، والذي انحسر الشعر عن جبهته . وفي حديث قتادة في صفة الدجال : أنه أجلى الجبهة ، وقيل : الأجلى الحسن الوجه الأنزع . أبو عبيد : إذا انحسر الشعر عن نصف الرأس ونحوه فهو أجلى ; وأنشد :


مع الجلا ولائح القتير

وقد جلي يجلى جلا ، تقول منه : رجل أجلى بين الجلا . والمجالي : مقاديم الرأس ، وهي مواضع الصلع ; قال أبو محمد الفقعسي ، واسمه عبد الله بن ربعي :


رأين شيخا ذرئت مجاليه



قال ابن بري : صواب إنشاده : أراه شيخا ; لأن قبله :


قالت سليمى إنني لا أبغيه     أراه شيخا ذرئت مجاليه
يقلي الغواني والغواني تقليه



وقال الفراء : الواحد مجلى واشتقاقه من الجلا ، وهو ابتداء الصلع إذا ذهب شعر رأسه إلى نصفه . الأصمعي : جاليته بالأمر وجالحته إذا جاهرته ; وأنشد :


مجالحة ليس المجالاة كالدمس



والمجالي : ما يرى من الرأس إذا استقبل الوجه ، وهو موضع الجلى . وتجالينا أي : انكشف حال كل واحد منا لصاحبه . وابن جلا : الواضح الأمر . واجتليت العمامة عن رأسي إذا رفعتها مع طيها عن جبينك . ويقال للرجل إذا كان على الشرف لا يخفى مكانه : هو ابن جلا ; وقال القلاخ :


أنا القلاخ بن جناب بن جلا

وجلا : اسم رجل سمي بالفعل الماضي . ابن سيده : وابن جلا الليثي سمي بذلك لوضوح أمره ، قال سحيم بن وثيل :


أنا ابن جلا وطلاع الثنايا     متى أضع العمامة تعرفوني



قال : هكذا أنشده ثعلب ، وطلاع الثنايا - بالرفع - على أنه من صفته لا من صفة الأب ، كأنه قال : وأنا طلاع الثنايا ، وكان ابن جلا هذا صاحب فتك يطلع في الغارات من ثنية الجبل على أهلها ، وقوله :


متى أضع العمامة تعرفوني



قال ثعلب : العمامة تلبس في الحرب وتوضع في السلم . قال عيسى بن عمر : إذا سمي الرجل بقتل وضرب ونحوهما فإنه لا يصرف ، واستدل بهذا البيت ، وقال غيره : يحتمل هذا البيت وجها آخر ، وهو أنه لم ينونه ; لأنه أراد الحكاية ، كأنه قال : أنا ابن الذي يقال له جلا الأمور ، وكشفها فلذلك لم يصرفه . قال ابن بري : وقوله لم ينونه ; لأنه فعل وفاعل ; وقد استشهد الحجاج بقوله :


أنا ابن جلا وطلاع الثنايا

أي أنا الظاهر الذي لا يخفى ، وكل أحد يعرفني . ويقال للسيد : ابن جلا . وقال سيبويه : جلا فعل ماض ، كأنه بمعنى جلا الأمور أي : أوضحها وكشفها ; قال ابن بري : ومثله قول الآخر :


أنا القلاخ بن جناب بن جلا     أبو خناثير أقود الجملا

وابن أجلى : كابن جلا . يقال : هو ابن جلا وابن أجلى ; قال العجاج :


لاقوا به الحجاج والإصحارا     به ابن أجلى وافق الإسفارا



لاقوا به أي : بذلك المكان . وقوله الإصحار : وجدوه مصحرا . ووجدوا به ابن أجلى : كما تقول لقيت به الأسد . والإسفار : الصبح . وابن أجلى : الأسد ، وقيل : ابن أجلى الصبح ، في بيت العجاج . وما أقمت عنده إلا جلاء يوم واحد أي : بياضه ; قال الشاعر :


ما لي إن أقصيتني من مقعد     ولا بهذي الأرض من تجلد
إلا جلاء اليوم أو ضحى غد

وأجلى الله عنك أي : كشف ، يقال ذلك للمريض . يقال للمريض : جلا الله عنه المرض أي : كشفه . وأجلى يعدو : أسرع بعض الإسراع . وانجلى الغم ، وجلوت عني همي جلوا إذا أذهبته . وجلوت السيف جلاء - بالكسر - أي : صقلت . وجلوت العروس جلاء وجلوة واجتليتها بمعنى إذا نظرت إليها مجلوة . وانجلى الظلام إذا انكشف . وانجلى عنه الهم : انكشف . وفي التنزيل العزيز : والنهار إذا جلاها ; قال الفراء : إذا جلى الظلمة فجازت الكناية عن الظلمة ولم تذكر في أوله ; لأن معناها معروف ألا ترى أنك تقول : أصبحت باردة وأمست عرية وهبت شمالا ؟ فكني عن مؤنثات لم يجر لهن ذكر ; لأن معناهن معروف . وقال الزجاج : إذا جلاها إذا بين الشمس ; لأنها تتبين إذا انبسط النهار . الليث : أجليت عنه الهم إذا فرجت عنه ، وانجلت عنه الهموم كما تنجلي الظلمة . وأجلوا عن القتيل لا غير أي : انفرجوا . وفي حديث الكسوف : حتى تجلت الشمس أي : انكشفت وخرجت من الكسوف ، يقال : تجلت وانجلت . وفي حديث الكسوف أيضا : فقمت حتى تجلاني الغشي أي : غطاني وغشاني ، وأصله تجللني ، فأبدلت إحدى اللامين ألفا مثل تظنى وتمطى في تظنن وتمطط ، ويجوز أن يكون معنى تجلاني الغشي ذهب بقوتي وصبري من الجلاء ، أو ظهر بي وبان علي . وتجلى فلان مكان كذا إذا علاه ، والأصل تجلله ; قال ذو الرمة :


فلما تجلى قرعها القاع سمعه     وبان له وسط الأشاء انغلالها



قال أبو منصور : التجلي النظر بالإشراف . وقال غيره : التجلي [ ص: 190 ] التجلل أي : تجلل قرعها سمعه في القاع ; ورواه ابن الأعرابي :


تحلى قرعها القاع سمعه



وأجلى : موضع بين فلجة ومطلع الشمس ، فيه هضيبات حمر ، وهي تنبت النصي والصليان . وجلوى - مقصور - : قرية . وجلوى : فرس خفاف بن ندبة ; قال :


وقفت لها جلوى وقد قام صحبتي     لأبني مجدا أو لأثأر هالكا



وجلوى أيضا : فرس قرواش بن عوف . وجلوى أيضا : فرس لبني عامر . قال ابن الكلبي : وجلوى فرس كانت لبني ثعلبة بن يربوع ، وهو ابن ذي العقال ، قال : وله حديث طويل في حرب غطفان ; وقول المتلمس :


يكون نذير من ورائي جنة     وينصرني منهم جلي وأحمس



قال : هما بطنان في ضبيعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية