صفحة جزء
[ جمر ]

جمر : الجمر : النار المتقدة ، واحدته جمرة . فإذا برد فهو فحم . والمجمر والمجمرة : التي يوضع فيها الجمر مع الدخنة ، وقد اجتمر بها . وفي التهذيب : المجمر قد تؤنث ، وهي التي تدخن بها الثياب . قال الأزهري : من أنثه ذهب به إلى النار ، ومن ذكره عنى به الموضع ; وأنشد ابن السكيت :


لا يصطلي النار إلا مجمرا أرجا

أراد إلا عودا أرجا على النار

. ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ومجامرهم الألوة ، وبخورهم العود الهندي غير مطرى . وقال أبو حنيفة : المجمر نفس العود . واستجمر بالمجمر إذا تبخر بالعود . الجوهري : المجمرة واحدة المجامر ، يقال : أجمرت النار مجمرا إذا هيأت الجمر ; قال : وينشد هذا البيت بالوجهين مجمرا ومجمرا ، وهو لحميد بن ثور الهلالي يصف امرأة ملازمة للطيب :


لا تصطلي النار إلا مجمرا أرجا     قد كسرت من يلنجوج له وقصا

واليلنجوج : العود . والوقص : كسار العيدان . وفي الحديث : إذا أجمرتم الميت فجمروه ثلاثا ; أي : إذا بخرتموه بالطيب . ويقال : ثوب [ ص: 193 ] مجمر ومجمر . وأجمرت الثوب وجمرته إذا بخرته بالطيب ، والذي يتولى ذلك مجمر ومجمر ; ومنه نعيم المجمر الذي كان يلي إجمار مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم . والمجامر : جمع مجمر ومجمر ، فبالكسر هو الذي يوضع فيه النار والبخور ، وبالضم الذي يتبخر به وأعد له الجمر ; قال : وهو المراد في الحديث الذي ذكر فيه بخورهم الألوة ، وهو العود . وثوب مجمر : مكبى إذا دخن عليه ، والجامر : الذي يلي ذلك ، من غير فعل إنما هو على النسب ; قال :


وريح يلنجوج يذكيه جامره

وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : لا تجمروا ، وجمر ثوبه إذا بخره . والجمرة : القبيلة لا تنضم إلى أحد ; وقيل : هي القبيلة تقاتل جماعة قبائل ، وقيل : هي القبيلة يكون فيها ثلاثمائة فارس أو نحوها . والجمرة : ألف فارس ، يقال : جمرة كالجمرة . وكل قبيل انضموا فصاروا يدا واحدة ولم يحالفوا غيرهم ، فهم جمرة . الليث : الجمرة كل قوم يصبرون لقتال من قاتلهم لا يحالفون أحدا ولا ينضمون إلى أحد ، تكون القبيلة نفسها جمرة تصبر لقراع القبائل كما صبرت عبس لقبائل قيس . وفي الحديث عن عمر : أنه سأل الحطيئة عن عبس ومقاومتها قبائل قيس فقال : يا أمير المؤمنين ، كنا ألف فارس كأننا ذهبة حمراء لا نستجمر ولا نحالف ؛ أي : لا نسأل غيرنا أن يجتمعوا إلينا لاستغنائنا عنهم . والجمرة : اجتماع القبيلة الواحدة على من ناوأها من سائر القبائل ; ومن هذا قيل لمواضع الجمار التي ترمى بمنى جمرات ; لأن كل مجمع حصى منها جمرة . وهي ثلاث جمرات . وقال عمرو بن بحر : يقال لعبس وضبة ونمير الجمرات ; وأنشد لأبي حية النميري :


لنا جمرات ليس في الأرض مثلها     كرام وقد جربن كل التجارب
نمير وعبس يتقى نفيانها     وضبة قوم بأسهم غير كاذب

وجمرات العرب : بنو الحارث بن كعب ، وبنو نمير بن عامر ، وبنو عبس ; وكان أبو عبيدة يقول : هي أربع جمرات ، ويزيد فيها بني ضبة بن أد ، وكان يقول : ضبة أشبه بالجمرة من بني نمير ، ثم قال : فطفئت منهم جمرتان ، وبقيت واحدة ، طفئت بنو الحارث لمحالفتهم نهدا ، وطفئت بنو عبس لانتقالهم إلى بني عامر بن صعصعة يوم جبلة ، وقيل : جمرات معد ضبة ، وعبس والحارث ويربوع ، سموا بذلك لجمعهم . أبو عبيدة : جمرات العرب ثلاث : بنو ضبة بن أد ، وبنو الحارث بن كعب وبنو نمير بن عامر ، وطفئت منهم جمرتان : طفئت ضبة ; لأنها حالفت الرباب ، وطفئت بنو الحارث ; لأنها حالفت مذحج ، وبقيت نمير لم تطفأ ; لأنها لم تحالف . ويقال : الجمرات : عبس ، والحارث ، وضبة ، وهم إخوة لأم ، وذلك أن امرأة من اليمن رأت في المنام أنه يخرج من فرجها ثلاث جمرات ; فتزوجها كعب بن عبد المدان ، فولدت له الحارث بن كعب بن عبد المدان وهم أشراف اليمن ، ثم تزوجها بغيض بن ريث فولدت له عبسا وهم فرسان العرب ، ثم تزوجها أد فولدت له ضبة ، فجمرتان في مضر وجمرة في اليمن . وفي حديث عمر : لألحقن كل قوم بجمرتهم ؛ أي : بجماعتهم التي هم منها . وأجمروا على الأمر وتجمروا : تجمعوا عليه وانضموا . وجمرهم الأمر : أحوجهم إلى ذلك . وجمر الشيء : جمعه . وفي حديث أبي إدريس : دخلت المسجد والناس أجمر ما كانوا ؛ أي : أجمع ما كانوا . وجمرت المرأة شعرها وأجمرته : جمعته وعقدته في قفاها ولم ترسله . وفي التهذيب : إذا ضفرته جمائر ، واحدتها جميرة ، وهي الضفائر والضمائر والجمائر . وتجمير المرأة شعرها : ضفره . والجميرة : الخصلة من الشعر . وفي الحديث عن النخعي : الضافر والملبد والمجمر عليهم الحلق ; أي : الذي يضفر رأسه وهو محرم يجب عليه حلقه ، ورواه الزمخشري - بالتشديد - وقال : هو الذي يجمع شعره ويعقده في قفاه . وفي حديث عائشة : أجمرت رأسي إجمارا ؛ أي : جمعته وضفرته ; يقال : أجمر شعره إذا جعله ذؤابة ، والذؤابة : الجميرة ; لأنها جمرت ؛ أي : جمعت . وجمير الشعر : ما جمر منه ; وأنشد ابن الأعرابي :


كأن جمير قصتها إذا ما     حمسنا والوقاية بالخناق

والجمير : مجتمع القوم . وجمر الجند : أبقاهم في ثغر العدو ولم يقفلهم ، وقد نهي عن ذلك . وتجمير الجند : أن يحبسهم في أرض العدو ولا يقفلهم من الثغر . وتجمروا هم ؛ أي : تحبسوا ; ومنه التجمير في الشعر . الأصمعي وغيره : جمر الأمير الجيش إذا أطال حبسهم بالثغر ولم يأذن لهم في القفل إلى أهليهم ، وهو التجمير ; وروى الربيع أن الشافعي أنشده :


وجمرتنا تجمير كسرى جنوده     ومنيتنا حتى نسينا الأمانيا

وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : لا تجمروا الجيش فتفتنوهم ; تجمير الجيش : جمعهم في الثغور وحبسهم عن العود إلى أهليهم ; ومنه حديث الهرمزان : أن كسرى جمر بعوث فارس . وجاء القوم جمارى وجمارا ؛ أي : بأجمعهم ; حكى الأخيرة ثعلب ; وقال : الجمار المجتمعون ; وأنشد بيت الأعشى :


فمن مبلغ وائلا قومنا     وأعني بذلك بكرا جمارا

الأصمعي : جمر بنو فلان إذا اجتمعوا وصاروا ألبا واحدا . وبنو فلان جمرة إذا كانوا أهل منعة وشدة . وتجمرت القبائل إذا تجمعت ; وأنشد :


إذا الجمار جعلت تجمر

وخف مجمر : صلب شديد مجتمع ، وقيل : هو الذي نكبته الحجارة وصلب . أبو عمرو : حافر مجمر وقاح صلب . والمفج : المقبب من الحوافر ، وهو محمود . والجمرات والجمار : الحصيات التي يرمى بها في مكة ، واحدتها جمرة . والمجمر : موضع رمي الجمار هنالك ; قال حذيفة بن أنس الهذلي :


لأدركهم شعث النواصي كأنهم     سوابق حجاج توافي المجمرا

[ ص: 194 ] وسئل أبو العباس عن الجمار بمنى ، فقال : أصلها من جمرته ودهرته إذا نحيته . والجمرة : واحدة جمرات المناسك ، وهي ثلاث جمرات يرمين بالجمار . والجمرة : الحصاة . والتجمير : رمي الجمار . وأما موضع الجمار بمنى فسمي جمرة ; لأنها ترمى بالجمار ، وقيل : لأنها مجمع الحصى التي ترمى بها من الجمرة ، وهي اجتماع القبيلة على من ناوأها ، وقيل : سميت به من قولهم : أجمر إذا أسرع ; ومنه الحديث : أن آدم رمى بمنى فأجمر إبليس بين يديه . والاستجمار : الاستنجاء بالحجارة كأنه منه . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : إذا توضأت فانثر ، وإذا استجمرت فأوتر ; أبو زيد : الاستنجاء بالحجارة ، وقيل : هو الاستنجاء ، واستجمر استنجى : واحد إذا تمسح بالجمار ، وهي الأحجار الصغار ، ومنه سميت جمار الحج للحصى التي ترمى بها . ويقال للخارص : قد أجمر النخل إذا خرصها . والجمار : معروف شحم النخل ، واحدته جمارة . وجمارة النخل : شحمته التي في قمة رأسه تقطع قمته ثم تكشط عن جمارة في جوفها بيضاء كأنها قطعة سنام ضخمة ، وهي رخصة تؤكل بالعسل ، والكافور يخرج من الجمارة بين مشق السعفتين ، وهي الكفرى ، والجمع جمار أيضا . والجامور : كالجمار . وجمر النخلة : قطع جمارها أو جامورها . وفي الحديث : كأني أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة ; الجمارة : قلب النخلة وشحمتها ، شبه ساقه ببياضها ، وفي حديث آخر : أتى بجمار ; هو جمع جمارة . والجمرة : الظلمة الشديدة . وابن جمير : الظلمة . وقيل : لظلمة ليلة في الشهر : وابنا جمير : الليلتان يستسر فيهما القمر . وأجمرت الليلة : استسر فيها الهلال . وابن جمير : هلال تلك الليلة ; قال كعب بن زهير في صفة ذئب :


وإن أطاف ولم يظفر بطائلة     في ظلمة ابن جمير ساور الفطما

يقول : إذا لم يصب شاة ضخمة أخذ فطيمة . والفطم السخال التي فطمت ، واحدتها فطيمة . وحكي عن ثعلب : ابن جمير على لفظ التصغير في كل ذلك . قال : يقال جاءنا فحمة بن جمير ; وأنشد :


عند ديجور فحمة بن جمير     طرقتنا والليل داج بهيم

وقيل : ظلمة بن جمير آخر الشهر كأنه سموه ظلمة ثم نسبوه إلى جمير ، والعرب تقول : لا أفعل ذلك ما جمر ابن جمير ; عن اللحياني . وفي التهذيب : لا أفعل ذلك ما أجمر ابن جمير وما أسمر ابن سمير ; الجوهري : وابنا جمير الليل والنهار سميا ; بذلك للاجتماع كما سميا ابني سمير ; لأنه يسمر فيهما . قال : والجمير الليل المظلم . وابن جمير : الليل المظلم ; وأنشد لعمرو بن أحمر الباهلي :


نهارهم ظمآن ضاح وليلهم     وإن كان بدرا ظلمة ابن جمير

ويروى :


نهارهم ليل بهيم وليلهم ابن جمير

: الليلة التي لا يطلع فيها القمر في أولاها ولا في أخراها ; قال أبو عمر الزاهد : هو آخر ليلة من الشهر ; وقال :


وكأني في فحمة ابن جمير     في نقاب الأسامة السرداح

قال : السرداح : القوي الشديد التام . نقاب : جلد . والأسامة : الأسد . وقال ثعلب : ابن جمير : الهلال . ابن الأعرابي : يقال للقمر في آخر الشهر : ابن جمير ; لأن الشمس تجمره ؛ أي : تواريه . وأجمر الرجل والبعير : أسرع وعدا ، ولا تقل أجمز - بالزاي ; قال لبيد :


وإذا حركت غرزي أجمرت     أو قرابي عدو جون قد أبل

وأجمرنا الخيل ؛ أي : ضمرناها وجمعناها . وبنو جمرة : حي من العرب . ابن الكلبي : الجمار طهية وبلعدوية ، وهو من بني يربوع بن حنظلة . والجامور : القبر . وجامور السفينة : معروف . والجامور : الرأس تشبيها بجامور السفينة ; قال كراع : إنما تسميه بذلك العامة . وفلان لا يعرف الجمرة من التمرة . ويقال : كان ذلك عند سقوط الجمرة . والمجيمر : موضع ، وقيل : اسم جبل ، وقول ابن الأنباري :


وركوب الخيل تعدو المرطى     قد علاها نجد فيه اجمرار

قال : رواه يعقوب بالحاء ؛ أي : اختلط عرقها بالدم الذي أصابها في الحرب ، ورواه أبو جعفر اجمرار - بالجيم - لأنه يصف تجعد عرقها وتجمعه . الأصمعي : عد فلان إبله جمارا إذا عدها ضربة واحدة ; ومنه قول ابن أحمر :


وظل رعاؤها يلقون منها     إذا عدت نظائر أو جمارا

والنظائر : أن تعد مثنى مثنى ، والجمار : أن تعد جماعة . ثعلب عن ابن الأعرابي عن المفضل في قوله :


ألم تر أنني لاقيت يوما     معاشر فيهم رجلا جمارا
فقير الليل تلقاه غنيا     إذا ما آنس الليل النهارا

هذا مقدم أريد به . وفلان غني الليل إذا كانت له إبل سود ترعى بالليل .

التالي السابق


الخدمات العلمية