صفحة جزء
[ جمع ]

جمع : جمع الشيء عن تفرقة يجمعه جمعا وجمعه وأجمعه فاجتمع واجدمع ، وهي مضارعة ، وكذلك تجمع واستجمع . والمجموع : الذي جمع من ههنا وههنا وإن لم يجعل كالشيء الواحد . واستجمع السيل : اجتمع من كل موضع . وجمعت الشيء إذا جئت به من ههنا وههنا . وتجمع القوم : اجتمعوا أيضا من ههنا وههنا . ومتجمع البيداء : معظمها ومحتفلها ; قال محمد بن شحاذ الضبي :


في فتية كلما تجمعت ال بيداء لم يهلعوا ولم يخموا

أراد ولم يخيموا ، فحذف ولم يحفل بالحركة التي من شأنها أن ترد المحذوف ههنا ، وهذا لا يوجبه القياس ; إنما هو شاذ ، ورجل مجمع وجماع . والجمع : اسم لجماعة الناس . والجمع : مصدر قولك : جمعت الشيء . والجمع : المجتمعون وجمعه جموع . والجماعة والجميع والمجمع والمجمعة : كالجمع ، وقد استعملوا ذلك في غير الناس حتى قالوا : جماعة الشجر وجماعة النبات . وقرأ عبد الله بن مسلم : حتى أبلغ مجمع البحرين ; وهو نادر كالمشرق والمغرب ، أعني أنه شذ في باب فعل يفعل كما شذ المشرق والمغرب ونحوهما من الشاذ في باب فعل يفعل ، والموضع مجمع ومجمع ، مثال مطلع ومطلع ، وقوم جميع : مجتمعون . والمجمع : يكون اسما للناس وللموضع الذي يجتمعون فيه . وفي الحديث : فضرب بيده مجمع بين عنقي وكتفي ؛ أي : حيث يجتمعان ، وكذلك مجمع البحرين ملتقاهما . ويقال : أدام الله جمعة ما بينكما كما تقول : أدام الله ألفة ما بينكما . وأمر جامع : يجمع الناس . وفي التنزيل : وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه ; قال الزجاج : قال بعضهم كان ذلك في الجمعة ، قال : هو ، والله أعلم ، أن الله - عز وجل - أمر المؤمنين إذا كانوا مع نبيه - صلى الله عليه وسلم - فيما يحتاج إلى الجماعة فيه نحو الحرب وشبهها مما يحتاج إلى الجمع فيه لم يذهبوا حتى يستأذنوه . وقول عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - : عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم ; معناه كيف لا يقتصر على الإيجاز ويترك الفضول من الكلام ، وهو من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : أوتيت جوامع الكلم ; يعني القرآن ، وما جمع الله - عز وجل - بلطفه من المعاني الجمة في الألفاظ القليلة ، كقوله - عز وجل - : خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين . وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - : أنه كان يتكلم بجوامع الكلم ؛ أي : أنه كان كثير المعاني ، قليل الألفاظ . وفي الحديث : كان يستحب الجوامع من الدعاء ; هي التي تجمع الأغراض الصالحة والمقاصد الصحيحة أو تجمع الثناء على الله تعالى وآداب المسألة . وفي الحديث : قال له : أقرئني سورة جامعة ، فأقرأه : إذا زلزلت ؛ أي : أنها تجمع أشياء من الخير والشر ، لقوله تعالى فيها : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره . وفي الحديث : حدثني بكلمة تكون جماعا فقال : اتق الله فيما تعلم ، الجماع ما جمع عددا ؛ أي : كلمة تجمع كلمات . وفي أسماء الله الحسنى : الجامع ; قال ابن الأثير : هو الذي يجمع الخلائق ليوم الحساب ، وقيل : هو المؤلف بين المتماثلات والمتضادات في الوجود ; وقول امرئ القيس :


فلو أنها نفس تموت جميعة     ولكنها نفس تساقط أنفسا

إنما أراد جميعا فبالغ بإلحاق الهاء ، وحذف الجواب للعلم به ، كأنه قال : لفنيت واستراحت . وفي حديث أحد : وإن رجلا من المشركين جميع اللأمة ؛ أي : مجتمع السلاح . والجميع : ضد المتفرق ; قال قيس بن معاذ ، وهو مجنون بني عامر :


فقدتك من نفس شعاع فإنني     نهيتك عن هذا وأنت جميع

وفي الحديث : له سهم جمع ؛ أي : له سهم من الخير جمع فيه حظان ، والجيم مفتوحة ، وقيل : أراد بالجمع الجيش ؛ أي : كسهم الجيش من الغنيمة . والجميع : الجيش ; قال لبيد :


في جميع حافظي عوراتهم     لا يهمون بإدعاق الشلل

والجميع : الحي المجتمع ; قال لبيد :


عريت وكان بها الجميع فأبكروا     منها فغودر نؤيها وثمامها

وإبل جماعة : مجتمعة ; قال :


لا مال إلا إبل جماعه     مشربها الجية أو نقاعه

والمجمعة : مجلس الاجتماع ; قال زهير :


وتوقد ناركم شررا ويرفع [ ص: 197 ]     لكم في كل مجمعة لواء

والمجمعة : الأرض القفر . والمجمعة : ما اجتمع من الرمال ، وهي المجامع ; وأنشد :


بات إلى نيسب خل خادع     وعث النهاض قاطع المجامع
بالأم أحيانا وبالمشايع

المشايع : الدليل الذي ينادي إلى الطريق يدعو إليه . وفي الحديث : فجمعت علي ثيابي ؛ أي : لبست الثياب التي يبرز بها إلى الناس من الإزار والرداء والعمامة والدرع والخمار . وجمعت المرأة الثياب : لبست الدرع والملحفة والخمار ، يقال ذلك للجارية إذا شبت ، يكنى به عن سن الاستواء . والجماعة : عدد كل شيء وكثرته . وفي حديث أبي ذر : ولا جماع لنا فيما بعد ؛ أي : لا اجتماع لنا . وجماع الشيء : جمعه تقول : جماع الخباء الأخبية ; لأن الجماع ما جمع عددا . يقال : الخمر جماع الإثم ؛ أي : مجمعه ومظنته . وقال الحسين - رضي الله عنه - : اتقوا هذه الأهواء التي جماعها الضلالة ، وميعادها النار ; وكذلك الجميع ، إلا أنه اسم لازم . والرجل المجتمع : الذي بلغ أشده ولا يقال ذلك للنساء . واجتمع الرجل : استوت لحيته ، وبلغ غاية شبابه ، ولا يقال ذلك للجارية . ويقال للرجل إذا اتصلت لحيته : مجتمع ثم كهل بعد ذلك ; وأنشد أبو عبيد :


قد ساد وهو فتى حتى إذا بلغت     أشده وعلا في الأمر واجتمعا

ورجل جميع : مجتمع الخلق . وفي حديث الحسن - رضي الله عنه - : أنه سمع أنس بن مالك - رضي الله عنه - وهو يومئذ جميع ؛ أي : مجتمع الخلق قوي لم يهرم ولم يضعف ، والضمير راجع إلى أنس . وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - : كان إذا مشى مشى مجتمعا ؛ أي : شديد الحركة قوي الأعضاء غير مسترخ في المشي . وفي الحديث : إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما ؛ أي : أن النطفة إذا وقعت في الرحم فأراد الله أن يخلق منها بشرا طارت في جسم المرأة تحت كل ظفر وشعر ثم تمكث أربعين ليلة ثم تنزل دما في الرحم ، فذلك جمعها ، ويجوز أن يريد بالجمع مكث النطفة بالرحم أربعين يوما تتخمر فيها حتى تتهيأ للخلق والتصوير ثم تخلق بعد الأربعين . ورجل جميع الرأي ومجتمعه : شديده ليس بمنتشره . والمسجد الجامع : الذي يجمع أهله ، نعت له ; لأنه علامة للاجتماع ، وقد يضاف ، وأنكره بعضهم ، وإن شئت قلت : مسجد الجامع بالإضافة كقولك : الحق اليقين ، وحق اليقين ، بمعنى مسجد اليوم الجامع وحق الشيء اليقين ; لأن إضافة الشيء إلى نفسه لا تجوز إلا على هذا التقدير ، وكان الفراء يقول : العرب تضيف الشيء إلى نفسه لاختلاف اللفظين ; كما قال الشاعر :


فقلت انجوا عنها نجا الجلد إنه     سيرضيكما منها سنام وغاربه

فأضاف النجا وهو الجلد إلى الجلد لما اختلف اللفظان ، وروى الأزهري عن الليث قال : ولا يقال : مسجد الجامع ; ثم قال الأزهري : النحويون أجازوا جميعا ما أنكره الليث ، والعرب تضيف الشيء إلى نفسه وإلى نعته إذا اختلف اللفظان كما قال تعالى : وذلك دين القيمة ; ومعنى الدين الملة ، كأنه قال : وذلك دين الملة القيمة ، وكما قال تعالى : وعد الصدق و : وعد الحق ، قال : وما علمت أحدا من النحويين أبى إجازته غير الليث ، قال : وإنما هو الوعد الصدق ، والمسجد الجامع ، والصلاة الأولى . وجماع كل شيء : مجتمع خلقه . وجماع جسد الإنسان : رأسه . وجماع الثمر : تجمع براعيمه في موضع واحد على حمله ; وقال ذو الرمة :


ورأس كجماع الثريا ومشفر     كسبت اليماني قده لم يجرد

وجماع الثريا : مجتمعها ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


ونهب كجماع الثريا حويته     غشاشا بمجتاب الصفاقين خيفق

فقد يكون مجتمع الثريا ، وقد يكون جماع الثريا الذين يجتمعون على مطر الثريا ، وهو مطر الوسمي ، ينتظرون خصبه وكلأه ، وبهذا القول الأخير فسره ابن الأعرابي . والجماع : أخلاط من الناس ، وقيل : هم الضروب المتفرقون من الناس ; قال قيس بن الأسلت السلمي يصف الحرب :


حتى انتهينا ولنا غاية     من بين جمع غير جماع

وفي التنزيل : وجعلناكم شعوبا وقبائل ; قال ابن عباس : الشعوب الجماع ، والقبائل الأفخاذ ; الجماع - بالضم والتشديد - : مجتمع أصل كل شيء ، أراد منشأ النسب وأصل المولد ، وقيل : أراد به الفرق المختلفة من الناس كالأوزاع والأوشاب ; ومنه الحديث : كان في جبل تهامة جماع غصبوا المارة ؛ أي : جماعات من قبائل شتى متفرقة . وامرأة جماع : قصيرة . وكل ما تجمع وانضم بعضه إلى بعض جماع . ويقال : ذهب الشهر بجمع وجمع ؛ أي : أجمع . وضربه بحجر جمع الكف وجمعها ؛ أي : ملئها . وجمع الكف - بالضم - : وهو حين تقبضها . يقال : ضربوه بأجماعهم إذا ضربوا بأيديهم . وضربته بجمع كفي - بضم الجيم - وتقول : أعطيته من الدراهم جمع الكف ، كما تقول ملء الكف . وفي الحديث : رأيت خاتم النبوة كأنه جمع ، يريد مثل جمع الكف ، وهو أن تجمع الأصابع وتضمها . وجاء فلان بقبضة ملء جمعه ; وقال منظور بن صبح الأسدي :


وما فعلت بي ذاك حتى تركتها     تقلب رأسا مثل جمعي عاريا

وجمعة من تمر ؛ أي : قبضة منه . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : صلى المغرب فلما انصرف درأ جمعة من حصى المسجد ; الجمعة : المجموعة . يقال : أعطني جمعة من تمر ، وهو كالقبضة . وتقول : أخذت فلانا بجمع ثيابه . وأمر بني فلان بجمع وجمع - بالضم والكسر - فلا تفشوه ؛ أي : مجتمع فلا تفرقوه بالإظهار ، يقال ذلك إذا كان مكتوما ولم يعلم به أحد ، وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر [ ص: 198 ] الشهداء فقال : ومنهم أن تموت المرأة بجمع ، يعني أن تموت وفي بطنها ولد ، وكسر الكسائي الجيم ، والمعنى أنها ماتت مع شيء مجموع فيها غير منفصل عنها من حمل أو بكارة ، وقد تكون المرأة التي تموت بجمع ، أن تموت ولم يمسها رجل ، وروي ذلك في الحديث : أيما امرأة ماتت بجمع لم تطمث دخلت الجنة ; وهذا يريد به البكر . الكسائي : ما جمعت بامرأة قط ، يريد ما بنيت . وباتت فلانة منه بجمع وجمع ؛ أي : بكرا لم يقتضها . قالت دهناء بنت مسحل امرأة العجاج للعامل : أصلح الله الأمير ! إني منه بجمع وجمع ؛ أي : عذراء لم يقتضني . وماتت المرأة بجمع وجمع ؛ أي : ماتت وولدها في بطنها . وهي بجمع وجمع ؛ أي : مثقلة . أبو زيد : ماتت النساء بأجماع ، والواحدة بجمع ، وذلك إذا ماتت وولدها في بطنها ، ماخضا كانت أو غير ماخض . وإذا طلق الرجل امرأته وهي عذراء لم يدخل بها قيل : طلقت بجمع ؛ أي : طلقت وهي عذراء . وناقة جمع : في بطنها ولد ; قال :


وردناه في مجرى سهيل يمانيا     بصعر البرى ما بين جمع وخادج

والخادج : التي ألقت ولدها . وامرأة جامع : في بطنها ولد ، وكذلك الأتان أول ما تحمل . ودابة جامع : تصلح للسرج والإكاف . والجمع : كل لون من التمر لا يعرف اسمه ، وقيل : هو التمر الذي يخرج من النوى . وجامعها مجامعة وجماعا : نكحها . والمجامعة والجماع : كناية عن النكاح . وجامعه على الأمر : مالأه عليه واجتمع معه ، والمصدر كالمصدر . وقدر جماع وجامعة : عظيمة ، وقيل : هي التي تجمع الجزور ; قال الكسائي : أكبر البرام الجماع ثم التي تليها المئكلة . ويقال : فلان جماع لبني فلان إذا كانوا يأوون إلى رأيه وسودده كما يقال : مرب لهم . واستجمع البقل إذا يبس كله . واستجمع الوادي إذا لم يبق منه موضع إلا سال . واستجمع القوم إذا ذهبوا كلهم لم يبق منهم أحد كما يستجمع الوادي بالسيل . وجمع أمره وأجمعه وأجمع عليه : عزم عليه كأنه جمع نفسه له ، والأمر مجمع . ويقال أيضا : أجمع أمرك ولا تدعه منتشرا ; قال أبو الحسحاس :


تهل وتسعى بالمصابيح وسطها     لها أمر حزم لا يفرق مجمع

وقال آخر :


يا ليت شعري والمنى لا تنفع     هل أغدون يوما وأمري مجمع

وقوله تعالى : فأجمعوا أمركم وشركاءكم ; أي : وادعوا شركاءكم ، قال : وكذلك هي في قراءة عبد الله ; لأنه لا يقال أجمعت شركائي إنما يقال جمعت ; قال الشاعر :


يا ليت بعلك قد غدا     متقلدا سيفا ورمحا

أراد وحاملا رمحا ; لأن الرمح لا يتقلد . قال الفراء : الإجماع الإعداد والعزيمة على الأمر ، قال : ونصب " شركاءكم " بفعل مضمر كأنك قلت : فأجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم ، قال أبو إسحاق : الذي قاله الفراء غلط في إضماره : وادعوا شركاءكم ; لأن الكلام لا فائدة له ; لأنهم كانوا يدعون شركاءهم لأن يجمعوا أمرهم ، قال : والمعنى فأجمعوا أمركم مع شركائكم ، وإذا كان الدعاء لغير شيء فلا فائدة فيه ، قال : والواو بمعنى مع كقولك لو تركت الناقة وفصيلها لرضعها ; المعنى : لو تركت الناقة مع فصيلها ، قال : ومن قرأ : ( فاجمعوا أمركم وشركاءكم ) بألف موصولة فإنه يعطف شركاءكم على " أمركم " ، قال : ويجوز فاجمعوا أمركم مع شركائكم ، قال الفراء : إذا أردت جمع المتفرق قلت : جمعت القوم ، فهم مجموعون ، قال الله تعالى : ذلك يوم مجموع له الناس ، قال : وإذا أردت كسب المال قلت : جمعت المال كقوله تعالى : ( الذي جمع مالا وعدده ) ، وقد يجوز : ( جمع مالا ) بالتخفيف . وقال الفراء في قوله تعالى : فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا ، قال : الإجماع الإحكام والعزيمة على الشيء ، تقول : أجمعت الخروج وأجمعت على الخروج ; قال : ومن قرأ : فأجمعوا كيدكم ، فمعناه لا تدعوا شيئا من كيدكم إلا جئتم به . وفي الحديث : من لم يجمع الصيام من الليل فلا صيام له ، الإجماع إحكام النية والعزيمة ، أجمعت الرأي وأزمعته وعزمت عليه بمعنى . ومنه حديث كعب بن مالك : أجمعت صدقه . وفي حديث صلاة المسافر : ما لم أجمع مكثا ؛ أي : ما لم أعزم على الإقامة . وأجمع أمره ؛ أي : جعله جميعا بعدما كان متفرقا ، قال : وتفرقه أنه جعل يديره فيقول مرة : أفعل كذا ومرة : أفعل كذا ، فلما عزم على أمر محكم أجمعه ؛ أي : جعله جمعا ; قال : وكذلك يقال أجمعت النهب ، والنهب : إبل القوم التي أغار عليها اللصوص ، وكانت متفرقة في مراعيها فجمعوها من كل ناحية حتى اجتمعت لهم ، ثم طردوها وساقوها ، فإذا اجتمعت قيل : أجمعوها ; وأنشد ل أبي ذؤيب يصف حمرا :


فكأنها بالجزع بين نبايع     وأولات ذي العرجاء نهب مجمع

قال : وبعضهم يقول : جمعت أمري . والجمع : أن تجمع شيئا إلى شيء . والإجماع : أن تجمع الشيء المتفرق جميعا ، فإذا جعلته جميعا بقي جميعا ولم يكد يتفرق كالرأي المعزوم عليه الممضى ; وقيل في قول أبي وجزة السعدي :


وأجمعت الهواجر كل رجع     من الأجماد والدمث البثاء

أجمعت ؛ أي : يبست ، والرجع : الغدير . والبثاء : السهل . وأجمعت الإبل : سقتها جميعا . وأجمعت الأرض سائلة ، وأجمع المطر الأرض إذا سال رغابها وجهادها كلها . وفلاة مجمعة ومجمعة : يجتمع فيها القوم ولا يتفرقون خوف الضلال ونحوه كأنها هي التي تجمعهم . وجمعة من تمر ؛ أي : قبضة منه . وفي التنزيل : ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ; خففها الأعمش وثقلها عاصم وأهل الحجاز ، والأصل فيها التخفيف : جمعة ، فمن ثقل أتبع الضمة الضمة ، ومن خفف فعلى الأصل ، والقراء قرءوها بالتثقيل ، ويقال يوم الجمعة لغة بني عقيل ، ولو قرئ بها كان صوابا ، قال : والذين [ ص: 199 ] قالوا : الجمعة ذهبوا بها إلى صفة اليوم أنه يجمع الناس كما يقال رجل همزة لمزة ضحكة ، وهو الجمعة والجمعة والجمعة ، وهو يوم العروبة ، سمي بذلك لاجتماع الناس فيه ، ويجمع على جمعات وجمع ، وقيل : الجمعة على تخفيف الجمعة والجمعة ; لأنها تجمع الناس كثيرا كما قالوا : رجل لعنة يكثر لعن الناس ، ورجل ضحكة يكثر الضحك . وزعم ثعلب أن أول من سماه به كعب بن لؤي جد سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان يقال له العروبة ، وذكر السهيلي في الروض الأنف : أن كعب بن لؤي أول من جمع يوم العروبة ، ولم تسم العروبة الجمعة إلا مذ جاء الإسلام ، وهو أول من سماها الجمعة ، فكانت قريش تجتمع إليه في هذا اليوم فيخطبهم ويذكرهم بمبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ويعلمهم أنه من ولده ويأمرهم باتباعه - صلى الله عليه وسلم - والإيمان به ، وينشد في هذا أبياتا منها :


يا ليتني شاهد فحواء دعوته     إذا قريش تبغي الحق خذلانا

وفي الحديث : أول جمعة جمعت بالمدينة ; جمعت - بالتشديد ؛ أي : صليت . وفي حديث معاذ : أنه وجد أهل مكة يجمعون في الحجر فنهاهم عن ذلك ، يجمعون ؛ أي : يصلون صلاة الجمعة ، وإنما نهاهم عنه ; لأنهم كانوا يستظلون بفيء الحجر قبل أن تزول الشمس فنهاهم لتقديمهم في الوقت . وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال : إنما سمي يوم الجمعة ; لأن الله تعالى جمع فيه خلق آدم - صلى الله عليه وسلم . وقال أقوام : إنما سميت الجمعة في الإسلام ، وذلك لاجتماعهم في المسجد . وقال ثعلب : إنما سمي يوم الجمعة ; لأن قريشا كانت تجتمع إلى قصي في دار الندوة . قال اللحياني : كان أبو زياد . . . وأبو الجراح يقولان : مضت الجمعة بما فيها فيوحدان ويؤنثان ، وكانا يقولان : مضى السبت بما فيه ومضى الأحد بما فيه فيوحدان ويذكران ، واختلفا فيما بعد هذا ، فكان أبو زياد يقول : مضى الاثنان بما فيه ، ومضى الثلاثاء بما فيه ، وكذلك الأربعاء والخميس ، قال : وكان أبو الجراح يقول : مضى الاثنان بما فيهما ، ومضى الثلاثاء بما فيهن ، ومضى الأربعاء بما فيهن ، ومضى الخميس بما فيهن ، فيجمع ويؤنث يخرج ذلك مخرج العدد . وجمع الناس تجميعا : شهدوا الجمعة وقضوا الصلاة فيها . وجمع فلان مالا وعدده . واستأجر الأجير مجامعة وجماعا ; عن اللحياني : كل جمعة بكراء . وحكى ثعلب عن ابن الأعرابي : لا تك جمعيا - بفتح الميم ؛ أي : ممن يصوم الجمعة وحده . ويوم الجمعة : يوم القيامة . وجمع : المزدلفة معرفة ك عرفات ; قال أبو ذؤيب :


فبات بجمع ثم آب إلى منى     فأصبح رادا يبتغي المزج بالسحل

ويروى : ثم تم إلى منى . وسميت المزدلفة بذلك لاجتماع الناس بها . وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الثقل من جمع بليل ; جمع علم للمزدلفة ، سميت بذلك ; لأن آدم وحواء لما هبطا اجتمعا بها . وتقول : استجمع السيل ، واستجمعت للمرء أموره . ويقال للمستجيش : استجمع كل مجمع . واستجمع الفرس جريا : تكمش له ; قال يصف سرابا :


ومستجمع جريا وليس ببارح     تباريه في ضاحي المتان سواعده

يعني السراب ، وسواعده : مجاري الماء . والجمعاء : الناقة الكافة الهرمة . ويقال : أقمت عنده قيظة جمعاء وليلة جمعاء . والجامعة : الغل ; لأنها تجمع اليدين إلى العنق ; قال :


ولو كبلت في ساعدي الجوامع

وأجمع الناقة وبها : صر أخلافها جمع ، وكذلك أكمش بها . وجمعت الدجاجة تجميعا إذا جمعت بيضها في بطنها . وأرض مجمعة : جدب لا تفرق فيها الركاب لرعي . والجامع : البطن - يمانية . والجمع : الدقل . يقال : ما أكثر الجمع في أرض بني فلان لنخل خرج من النوى لا يعرف اسمه . وفي الحديث : أنه أتي بتمر جنيب فقال : من أين لكم هذا ؟ قالوا : إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فلا تفعلوا ، بع الجمع بالدراهم ، وابتع بالدراهم جنيبا . قال الأصمعي : كل لون من النخل لا يعرف اسمه فهو جمع . يقال : قد كثر الجمع في أرض فلان لنخل يخرج من النوى ، وقيل : الجمع تمر مختلط من أنواع متفرقة وليس مرغوبا فيه ، وما يخلط إلا لرداءته . والجمعاء من البهائم : التي لم يذهب من بدنها شيء . وفي الحديث : كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ؛ أي : سليمة من العيوب مجتمعة الأعضاء كاملتها ، فلا جدع بها ولا كي . وأجمعت الشيء : جعلته جميعا ; ومنه قول أبي ذؤيب يصف حمرا :


وأولات ذي العرجاء نهب مجمع



وقد تقدم . وأولات ذي العرجاء : مواضع نسبها إلى مكان فيه أكمة عرجاء ، فشبه الحمر بإبل انتهبت وخرقت من طوائفها . وجميع : يؤكد به ، يقال : جاءوا جميعا كلهم . وأجمع : من الألفاظ الدالة على الإحاطة ، وليست بصفة ولكنه يلم به ما قبله من الأسماء ويجرى على إعرابه ، فلذلك قال النحويون : صفة . والدليل على أنه ليس بصفة قولهم " أجمعون " ، فلو كان صفة لم يسلم جمعه ، ولكان مكسرا ، والأنثى جمعاء ، وكلاهما معرفة لا ينكر عند سيبويه ، وأما ثعلب فحكى فيهما التنكير والتعريف جميعا ، تقول : أعجبني القصر أجمع وأجمع ، الرفع على التوكيد ، والنصب على الحال ، والجمع جمع ، معدول عن " جمعاوات " أو " جماعى " ، ولا يكون معدولا عن جمع ; لأن أجمع ليس بوصف فيكون ك " أحمر وحمر " ، قال أبو علي : باب " أجمع وجمعاء ، وأكتع وكتعاء " ، وما يتبع ذلك من بقيته إنما هو اتفاق وتوارد وقع في اللغة على غير ما كان في وزنه منها ; لأن باب " أفعل وفعلاء " إنما هو للصفات ، وجميعها يجيء على هذا الوضع نكرات نحو : أحمر وحمراء وأصفر وصفراء ، وهذا ونحوه صفات نكرات ، فأما : أجمع وجمعاء فاسمان معرفتان ليسا بصفتين ، فإنما ذلك اتفاق وقع بين هذه الكلمة المؤكد بها . ويقال : لك هذا المال أجمع ولك [ ص: 200 ] هذه الحنطة جمعاء . وفي الصحاح : وجمع جمع جمعة وجمع جمعاء في تأكيد المؤنث ، تقول : رأيت النسوة جمع ، غير منون ولا مصروف ، وهو معرفة بغير الألف واللام ، وكذلك ما يجري مجراه من التوكيد ; لأنه للتوكيد للمعرفة ، وأخذت حقي أجمع في توكيد المذكر ، وهو توكيد محض ، وكذلك أجمعون وجمعاء وجمع ، وأكتعون وأبصعون وأبتعون ، لا تكون إلا تأكيدا تابعا لما قبله لا يبتدأ ولا يخبر به ولا عنه ، ولا يكون فاعلا ولا مفعولا كما يكون غيره من التواكيد اسما مرة وتوكيدا أخرى مثل نفسه وعينه وكله . وأجمعون : جمع أجمع ، وأجمع واحد في معنى جمع ، وليس له مفرد من لفظه ، والمؤنث جمعاء ، وكان ينبغي أن يجمعوا جمعاء بالألف والتاء كما جمعوا أجمع بالواو والنون ، ولكنهم قالوا في جمعها جمع ، ويقال : جاء القوم بأجمعهم وأجمعهم أيضا - بضم الميم - كما تقول : جاءوا بأكلبهم جمع كلب ; قال ابن بري : شاهد قوله : جاء القوم بأجمعهم ، قول أبي دهبل :


فليت كوانينا من اهلي وأهلها     بأجمعهم في لجة البحر لججوا

ومجمع : لقب قصي بن كلاب ، سمي بذلك لأنه كان جمع قبائل قريش وأنزلها مكة ، وبنى دار الندوة ; قال الشاعر :


أبوكم قصي كان يدعى مجمعا     به جمع الله القبائل من فهر

وجامع وجماع : اسمان . والجميعى : موضع .

التالي السابق


الخدمات العلمية