صفحة جزء
[ جنح ]

جنح : جنح إليه يجنح ويجنح جنوحا ، واجتنح : مال ، وأجنحه هو ; وقول أبي ذؤيب :


فمر بالطير منه فاحم كدر فيه الظباء وفيه العصم أجناح

إنما هو جمع جانح ، كشاهد وأشهاد ، وأراد موائل . وفي الحديث : مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد خفة فاجتنح على أسامة حتى دخل المسجد ؛ أي : خرج مائلا متكئا عليه . ويقال : أقمت الشيء فاستقام . واجتنحته ؛ أي : أملته فجنح ؛ أي : مال . وقال الله - عز وجل - : وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ; أي : إن مالوا إليك فمل إليها ، والسلم : المصالحة ، ولذلك أنثت ; وقول أبي النجم يصف السحاب :


وسح كل مدجن سحاح     يرعد في بيض الذرى جناح

قال الأصمعي : جناح دانية من الأرض ، وقال غيره : جناح مائلة عن القصد . وجنح الرجل واجتنح : مال على أحد شقيه وانحنى في قوسه . وجنوح الليل : إقباله . وجنح الظلام : أقبل الليل . وجنح الليل يجنح جنوحا : أقبل . وجنح الليل وجنحه : جانبه ، وقيل : أوله ، وقيل : قطعة منه نحو النصف ، وجنح الظلام وجنحه لغتان ، ويقال : كأنه جنح ليل يشبه به العسكر الجرار ; وفي الحديث : إذا استجنح الليل فاكفتوا صبيانكم ; المراد في الحديث أول الليل . وجنح الطريق : جانبه ; قال الأخضر بن هبيرة الضبي :


فما أنا يوم الرقمتين بناكل     ولا السيف إن جردته بكليل
وما كنت ضغاطا ولكن ثائرا     أناخ قليلا عند جنح سبيل

وجنح القوم : ناحيتهم وكنفهم ; وقال :


فبات بجنح القوم حتى إذا بدا     له الصبح سام القوم إحدى المهالك

وجناح الطائر : ما يخفق به في الطيران ، والجمع : أجنحة وأجنح . وجنح الطائر يجنح جنوحا إذا كسر من جناحيه ثم أقبل كالواقع اللاجئ إلى موضع ; قال الشاعر :


ترى الطير العتاق يظلن منه     جنوحا إن سمعن له حسيسا

وجناحا الطائر : يداه . وجناح الإنسان : يده . ويدا الإنسان : جناحاه . وفي التنزيل : واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ; أي : ألن لهما جانبك . وفيه : واضمم إليك جناحك من الرهب ; قال الزجاج : معنى " جناحك " العضد ، ويقال اليد كلها جناح ، وجمعه : أجنحة وأجنح ، حكى الأخيرة ابن جني وقال : كسروا الجناح ، وهو مذكر على أفعل ، وهو من تكسير المؤنث ; لأنهم ذهبوا بالتأنيث إلى الريشة ، وكله راجع إلى معنى الميل ; لأن جناح الإنسان والطائر في أحد شقيه . وفي الحديث : إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم ؛ أي : تضعها لتكون وطاء له إذا مشى ; وقيل : هو بمعنى التواضع له تعظيما لحقه ، وقيل : أراد بوضع الأجنحة نزولهم عند مجالس العلم وترك الطيران ، وقيل : أراد إظلالهم بها ; وفي الحديث الآخر : تظلهم الطير بأجنحتها . وجناح الطائر : يده . وجنحه يجنحه جنحا : أصاب جناحه . الأزهري : وللعرب أمثال في الجناح ، منها قولهم في الرجل إذا جد في الأمر واحتفل : ركب فلان جناحي نعامة ; قال الشماخ :


فمن يسع أو يركب جناحي نعامة     ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق

ويقال : ركب القوم جناحي الطائر إذا فارقوا أوطانهم ; وأنشد الفراء :


كأنما بجناحي طائر طاروا



ويقال : فلان في جناحي طائر إذا كان قلقا دهشا ، كما يقال : كأنه على قرن أعفر ، ويقال : نحن على جناح سفر ؛ أي : نريد السفر ، وفلان [ ص: 213 ] في جناح فلان ؛ أي : في ذراه وكنفه ، وأما قول الطرماح :


يبل بمعصور جناحي ضئيلة     أفاويق منها هلة ونقوع

فإنه يريد بالجناحين الشفتين ، ويقال : أراد بهما جناحي اللهاة والحلق . وجناحا العسكر : جانباه . وجناحا الوادي : مجريان عن يمينه وشماله . وجناح الرحى : ناعورها . وجناحا النصل : شفرتاه . وجناح الشيء : نفسه ; ومنه قول عدي بن زيد :


وأحور العين مربوب له غسن     مقلد من جناح الدر تقصارا

وقيل : جناح الدر نظم منه يعرض . وكل شيء جعلته في نظام ، فهو جناح . والجوانح : أوائل الضلوع تحت الترائب مما يلي الصدر ، كالضلوع مما يلي الظهر ، سميت بذلك لجنوحها على القلب ، وقيل : الجوانح الضلوع القصار التي في مقدم الصدر ، والواحدة : جانحة ، وقيل : الجوانح من البعير والدابة ما وقعت عليه الكتف ، وهو من الإنسان الدئي ، وهي ما كان من قبل الظهر ، وهي ست : ثلاث عن يمينك ، وثلاث عن شمالك ; قال الأزهري : جوانح الصدر من الأضلاع المتصلة رءوسها في وسط الزور ، الواحدة : جانحة ; وفي حديث عائشة : كان وقيذ الجوانح ، هي الأضلاع مما يلي الصدر . وجنح البعير : انكسرت جوانحه من الحمل الثقيل . وجنح البعير يجنح جنوحا : انكسر أول ضلوعه مما يلي الصدر . وناقة مجتنحة الجنبين : واسعتهما . وجنحت الإبل : خفضت سوالفها في السير ، وقيل : أسرعت . ابن شميل : الاجتناح في الناقة كأن مؤخرها يسند إلى مقدمها من شدة اندفاعها بحفزها رجليها إلى صدرها ; وقال شمر : اجتنحت الناقة في سيرها إذا أسرعت ; وأنشد :


من كل ورقاء لها دف قرح     إذا تبادرن الطريق تجتنح

وقال أبو عبيدة : المجتنح من الخيل الذي يكون حضره واحدا لأحد شقيه يجتنح عليه ؛ أي : يعتمده في حضره ; والناقة الباركة إذا مالت على أحد شقيها ، يقال : جنحت ; قال ذو الرمة :


إذا مال فوق الرحل أحييت نفسه     بذكراك والعيس المراسيل جنح

وجنحت السفينة تجنح جنوحا : انتهت إلى الماء القليل فلزقت بالأرض فلم تمض . واجتنح الرجل في مقعده على رحله إذا انكب على يديه كالمتكئ على يد واحدة . الأزهري : الرجل يجنح إذا أقبل على الشيء يعمله بيديه ، وقد حنى عليه صدره ; وقال لبيد :


جنوح الهالكي على يديه     مكبا يجتلي نقب النصال

وروى أبو صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالتجنح في الصلاة ، فشكا ناس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الضعفة فأمرهم أن يستعينوا بالركب ; وفي رواية : شكا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الاعتماد في السجود فرخص لهم أن يستعينوا بمرافقهم على ركبهم . قال شمر : التجنح والاجتناح كأنه الاعتماد في السجود على الكفين ، والادعام على الراحتين ، وترك الافتراش للذراعين ; قال ابن الأثير : هو أن يرفع ساعديه في السجود عن الأرض ولا يفترشهما ، ويجافيهما عن جانبيه ، ويعتمد على كفيه فيصيران له مثل جناحي الطائر ; قال ابن شميل : جنح الرجل على مرفقيه إذا اعتمد عليهما ، وقد وضعهما بالأرض أو على الوسادة يجنح جنوحا وجنحا . والمجنحة : قطعة أدم تطرح على مقدم الرحل يجتنح الراكب عليها . والجناح - بالضم - : الميل إلى الإثم ، وقيل : هو الإثم عامة . والجناح : ما تحمل من الهم والأذى ; أنشد ابن الأعرابي :


ولاقيت من جمل وأسباب حبها     جناح الذي لاقيت من تربها قبل

قال : وأصل ذلك من الجناح الذي هو الإثم . وقال أبو الهيثم في قوله - عز وجل - : ولا جناح عليكم فيما عرضتم به ; الجناح : الجناية والجرم ; وأنشد قول ابن حلزة :


أعلينا جناح كندة أن يغ     نم غازيهم ومنا الجزاء

وصف كندة بأنهم غزوكم فقتلوكم وتحملوننا جزاء فعلهم ؛ أي : عقاب فعلهم . والجزاء يكون ثوابا وعقابا ; وقيل في قوله : لا جناح عليكم ؛ أي : لا إثم عليكم ولا تضييق . وفي حديث ابن عباس في مال اليتيم : إني لأجنح أن آكل منه ؛ أي : أرى الأكل منه جناحا ، وهو الإثم ; قال ابن الأثير : وقد تكرر الجناح في الحديث ، فأين ورد فمعناه الإثم والميل . ويقال : أنا إليك بجناح ؛ أي : متشوق ، كذا حكي - بضم الجيم - وأنشد :


يا لهف هند بعد أسرة واهب     ذهبوا وكنت إليهم بجناح

بالضم ؛ أي : متشوقا . وجنح الرجل يجنح جنوحا : أعطى بيده . ابن شميل : جنح الرجل إلى الحرورية ، وجنح لهم إذا تابعهم وخضع لهم . وجناح : اسم رجل ، واسم ذئب ; قال :


ما راعني إلا جناح هابطا     على البيوت قوطه العلابطا

وجناح : اسم رجل . وجناح : اسم خباء من أخبيتهم ; قال :


عهدي بجناح إذا ما اهتزا     وأذرت الريح ترابا نزا
أن سوف تمضيه وما ارمأزا



وتمضيه : تمضي عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية