صفحة جزء
[ جهد ]

جهد : الجهد والجهد : الطاقة ، تقول : اجهد جهدك ; وقيل : الجهد المشقة ، والجهد الطاقة . الليث : الجهد ما جهد الإنسان من مرض أو أمر شاق ، فهو مجهود ; قال : والجهد لغة بهذا المعنى . وفي [ ص: 224 ] حديث أم معبد : شاة خلفها الجهد عن الغنم ; قال ابن الأثير : قد تكرر لفظ الجهد والجهد في الحديث ، وهو - بالفتح - المشقة ، وقيل : المبالغة ، والغاية و - بالضم - الوسع والطاقة ، وقيل : هما لغتان في الوسع والطاقة ، فأما في المشقة والغاية فالفتح لا غير ، ويريد به في حديث أم معبد في الشاة الهزال ; ومن المضموم حديث الصدقة : أي الصدقة أفضل ، قال : جهد المقل ؛ أي : قدر ما يحتمله حال القليل المال . وجهد الرجل إذا هزل ; قال سيبويه : وقالوا طلبته جهدك ، أضافوا المصدر وإن كان في موضع الحال ، كما أدخلوا فيه الألف واللام حين قالوا : أرسلها العراك ; قال : وليس كل مصدر مضافا كما أنه ليس كل مصدر تدخله الألف واللام . وجهد يجهد جهدا واجتهد ، كلاهما : جد . وجهد دابته جهدا وأجهدها : بلغ جهدها وحمل عليها في السير فوق طاقتها . الجوهري : جهدته وأجهدته بمعنى ; قال الأعشى :


فجالت وجال لها أربع جهرنا لها مع إجهادها

وجهد جاهد : يريدون المبالغة ، كما قالوا : شعر شاعر ، وليل لائل ; قال سيبويه : وتقول جهدواي أنك ذاهب ; تجعل جهد ظرفا ، وترفع " أن " به على ما ذهبوا إليه في قولهم حقا أنك ذاهب . وجهد الرجل : بلغ جهده ، وقيل : غم . وفي خبر قيس بن ذريح : أنه لما طلق لبنى اشتد عليه وجهد وضمن . وجهد بالرجل : امتحنه عن الخير وغيره . الأزهري : الجهد بلوغك غاية الأمر الذي لا تألو على الجهد فيه ; تقول : جهدت جهدي واجتهدت رأيي ونفسي حتى بلغت مجهودي . قال : وجهدت فلانا إذا بلغت مشقته وأجهدته على أن يفعل كذا وكذا . ابن السكيت : الجهد الغاية . قال الفراء : بلغت به الجهد ؛ أي : الغاية . وجهد الرجل في كذا ؛ أي : جد فيه وبالغ . وفي حديث الغسل : إذا جلس بين شعبها الأربع ، ثم جهدها ؛ أي : دفعها وحفزها ، وقيل : الجهد من أسماء النكاح . وجهده المرض والتعب والحب يجهده جهدا : هزله . وأجهد الشيب : كثر وأسرع ; قال عدي بن زيد :


لا تؤاتيك إن صحوت وإن أج     هد في العارضين منك القتير

وأجهد فيه الشيب إجهادا إذا بدا فيه وكثر . والجهد : الشيء القليل يعيش به المقل على جهد العيش . وفي التنزيل العزيز : والذين لا يجدون إلا جهدهم على هذا المعنى . وقال الفراء : الجهد في هذه الآية الطاقة ، تقول : هذا جهدي ؛ أي : طاقتي ; وقرئ : ( والذين لا يجدون إلا جهدهم ) ، و : ( جهدهم ) - بالضم والفتح - الجهد - بالضم - : الطاقة ، والجهد - بالفتح - : من قولك اجهد جهدك في هذا الأمر ؛ أي : ابلغ غايتك ، ولا يقال اجهد جهدك . والجهاد : الأرض المستوية ، وقيل : الغليظة ، وتوصف به ، فيقال أرض جهاد . ابن شميل : الجهاد : أظهر الأرض وأسواها ؛ أي : أشدها استواء ، نبتت أو لم تنبت ، وليس قربه جبل ولا أكمة . والصحراء جهاد ; وأنشد :


يعود ثرى الأرض الجهاد وينبت ال     جهاد بها والعود ريان أخضر

أبو عمرو : الجماد والجهاد الأرض الجدبة التي لا شيء فيها ، والجماعة جهد وجمد ; قال الكميت :


أمرعت في نداه إذ قحط القط     ر فأمسى جهادها ممطورا

قال الفراء : أرض جهاد وفضاء وبراز بمعنى واحد . وفي الحديث : أنه - عليه الصلاة والسلام - نزل بأرض جهاد ، الجهاد - بالفتح - الأرض الصلبة ، وقيل : هي التي لا نبات بها ; وقول الطرماح :


ذاك أم حقباء بيدانة     غربة العين جهاد السنام

جعل الجهاد صفة للأتان في اللفظ وإنما هي في الحقيقة للأرض ، ألا ترى أنه لو قال : غربة العين جهاد : لم يجز ; لأن الأتان لا تكون أرضا صلبة ، ولا أرضا غليظة ؟ وأجهدت لك الأرض : برزت . وفلان مجهد لك : محتاط . وقد أجهد إذا احتاط ; قال :


نازعتها بالهينمان وغرها     قيلي ومن لك بالنصيح المجهد ؟

ويقال : أجهد لك الطريق ، وأجهد لك الحق ؛ أي : برز وظهر ووضح . وقال أبو عمرو بن العلاء : حلف بالله فأجهد وسار فأجهد ، ولا يكون فجهد . وقال أبو سعيد : أجهد لك الأمر ؛ أي : أمكنك وأعرض لك . أبو عمرو : أجهد القوم لي ؛ أي : أشرفوا ; قال الشاعر :


لما رأيت القوم قد أجهدوا     ثرت إليهم بالحسام الصقيل

الأزهري عن الشعبي قال : الجهد في الغنية ، والجهد في العمل . ابن عرفة : الجهد - بضم الجيم - الوسع والطاقة ، والجهد المبالغة والغاية ومنه ، قوله - عز وجل - : جهد أيمانهم ؛ أي : بالغوا في اليمين ، واجتهدوا فيها . وفي الحديث : أعوذ بالله من جهد البلاء ; قيل : إنها الحالة الشاقة التي تأتي على الرجل يختار عليها الموت . ويقال : جهد البلاء كثرة العيال وقلة الشيء . وفي حديث عثمان : والناس في جيش العسرة مجهدون ؛ أي : معسرون . يقال : جهد الرجل فهو مجهود إذا وجد مشقة ، وجهد الناس فهم مجهودون إذا أجدبوا ; فأما أجهد فهو مجهد - بالكسر - فمعناه ذو جهد ومشقة ، أو هو من أجهد دابته إذا حمل عليها في السير فوق طاقتها . ورجل مجهد إذا كان ذا دابة ضعيفة من التعب ، فاستعاره للحال في قلة المال . وأجهد فهو مجهد - بالفتح ؛ أي : أنه أوقع في الجهد المشقة . وفي حديث الأقرع والأبرص : فوالله لا أجهد اليوم بشيء أخذته لله ، لا أشق عليك وأردك في شيء تأخذه من مالي لله - عز وجل . والمجهود : المشتهى من الطعام واللبن ; قال الشماخ يصف إبلا بالغزارة :


تضحى وقد ضمنت ضراتها غرفا     من ناصع اللون حلو الطعم مجهود

فمن رواه : حلو الطعم مجهود ، أراد بالمجهود : المشتهى الذي يلح عليه [ ص: 225 ] في شربه لطيبه وحلاوته ، ومن رواه : حلو غير مجهود فمعناه : أنها غزار لا يجهدها الحلب فينهك لبنها ; وفي المحكم : معناه : غير قليل يجهد حلبه أو تجهد الناقة عند حلبه ، وقال الأصمعي في قوله غير مجهود : أي : أنه لا يمذق ; لأنه كثير . قال الأصمعي : كل لبن شد مذقه بالماء فهو مجهود . وجهدت اللبن فهو مجهود ؛ أي : أخرجت زبده كله . وجهدت الطعام : اشتهيته . والجاهد : الشهوان . وجهد الطعام وأجهد ؛ أي : اشتهي . وجهدت الطعام : أكثرت من أكله . ومرعى جهيد : جهده المال . وجهد الرجل فهو مجهود من المشقة . يقال : أصابهم قحوط من المطر فجهدوا جهدا شديدا . وجهد عيشهم - بالكسر ؛ أي : نكد واشتد . والاجتهاد والتجاهد : بذل الوسع والمجهود . وفي حديث معاذ : اجتهد رأي الاجتهاد ، بذل الوسع ، في طلب الأمر وهو افتعال من الجهد الطاقة ، والمراد به رد القضية التي تعرض للحاكم من طريق القياس إلى الكتاب والسنة ، ولم يرد الرأي الذي رآه من قبل نفسه من غير حمل على كتاب أو سنة . أبو عمرو : هذه بقلة لا يجهدها المال ؛ أي : لا يكثر منها ، وهذا كلأ يجهده المال إذا كان يلح على رعيته . وأجهدوا علينا العداوة : جدوا . وجاهد العدو مجاهدة وجهادا : قاتله ، وجاهد في سبيل الله ; وفي الحديث : لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية ; الجهاد محاربة الأعداء ، وهو المبالغة واستفراغ ما في الوسع والطاقة من قول أو فعل ، والمراد بالنية إخلاص العمل لله ؛ أي : أنه لم يبق بعد فتح مكة هجرة ; لأنها قد صارت دار إسلام ، وإنما هو الإخلاص في الجهاد وقتال الكفار . والجهاد : المبالغة واستفراغ الوسع في الحرب أو اللسان أو ما أطاق من شيء . وفي حديث الحسن : لا يجهد الرجل ماله ثم يقعد يسأل الناس ; قال النضر : قوله لا يجهد ماله ؛ أي : يعطيه ، ويفرقه جميعه هاهنا وهاهنا قال الحسن : ذلك في قوله - عز وجل - : ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو . ابن الأعرابي : الجهاض والجهاد ثمر الأراك . وبنو جهادة : حي ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية