صفحة جزء
[ جود ]

جود : الجيد : نقيض الرديء ، على فيعل ، وأصله جيود ، فقلبت الواو ياء ; لانكسارها ومجاورتها الياء ثم أدغمت الياء الزائدة فيها ، والجمع : جياد ، وجيادات جمع الجمع ; أنشد ابن الأعرابي :


كم كان عند بني العوام من حسب ومن سيوف جيادات وأرماح

وفي الصحاح في جمعه جيائد ، بالهمز على غير قياس . وجاد الشيء جودة وجودة ؛ أي : صار جيدا ، وأجدت الشيء فجاد ، والتجويد مثله . وقد قالوا أجودت كما قالوا : أطال وأطول ، وأطاب وأطيب ، وألان وألين ، على النقصان والتمام . ويقال : هذا شيء جيد بين الجودة والجودة . وقد جاد جودة وأجاد : أتى بالجيد من القول أو الفعل . ويقال : أجاد فلان في عمله وأجود ، وجاد عمله يجود جودة ، وجدت له بالمال جودا . ورجل مجواد مجيد وشاعر مجواد ؛ أي : مجيد يجيد كثيرا . وأجدته النقد : أعطيته جيادا . واستجدت الشيء : أعددته جيدا . واستجاد الشيء : وجده جيدا أو طلبه جيدا . ورجل جواد : سخي ، وكذلك الأنثى بغير هاء ، والجمع : أجواد ، كسروا فعالا على أفعال ، حتى كأنهم إنما كسروا فعلا . وجاودت فلانا فجدته ؛ أي : غلبته بالجود ، كما يقال ما جدته من المجد . وجاد الرجل بماله يجود جودا - بالضم - فهو جواد . وقوم جود مثل قذال وقذل ، وإنما سكنت الواو ; لأنها حرف علة ، وأجواد وأجاود وجوداء ; وكذلك امرأة جواد ونسوة جود ، مثل نوار ونور ; قال أبو شهاب الهذلي :


صناع بإشفاها حصان بشكرها     جواد بقوت البطن والعرق زاخر

قوله : العرق زاخر ; قال ابن بري : فيه عدة أقوال : أحدها أن يكون المعنى أنها تجود بقوتها عند الجوع وهيجان الدم والطبائع ; الثاني ما قاله أبو عبيدة يقال : عرق فلان زاخر إذا كان كريما ينمى فيكون معنى زاخر أنه نام في الكرم ; الثالث : أن يكون المعنى في زاخر أنه بلغ زخاريه ، يقال بلغ النبت زخاريه إذا طال وخرج زهره ; الرابع أن يكون العرق هنا الاسم من أعرق الرجل إذا كان له عرق في الكرم . وفي الحديث : تجودتها لك ؛ أي : تخيرت الأجود منها . قال أبو سعيد : سمعت أعرابيا قال : كنت أجلس إلى قوم يتجاوبون ويتجاودون فقلت له : ما يتجاودون ؟ فقال : ينظرون أيهم أجود حجة . وأجواد العرب مذكورون ، فأجواد أهل الكوفة : هم عكرمة بن ربعي ، وأسماء بن خارجة ، وعتاب بن ورقاء الرياحي ، وأجود أهل البصرة : عبيد الله بن أبي بكرة ، ويكنى أبا حاتم . وعمر بن عبد الله بن معمر التيمي ، وطلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي ، وهؤلاء أجود من أجواد الكوفة ، وأجواد الحجاز : عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وعبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ، وهما أجود من أجواد أهل البصرة ، فهؤلاء الأجواد المشهورون ، وأجواد الناس بعد ذلك كثير ، والكثير أجاود على غير قياس ، وجود وجودة ، ألحقوا الهاء للجمع كما ذهب إليه سيبويه في " الخئولة " ، وقد جاد جودا ; وقول ساعدة :


إني لأهواها وفيها لامرئ [ ص: 235 ]     جادت بنائلها إليه مرغب

إنما عداه ب " إلى " ; لأنه في معنى مالت إليه .

ونساء جود ; قال الأخطل :


وهن بالبذل لا بخل ولا جود

واستجاده : طلب جوده . ويقال : جاد به أبواه إذا ولداه جوادا ; وقال الفرزدق :


قوم أبوهم أبو العاصي أجادهم     قرم نجيب لجدات مناجيب

وأجاده درهما : أعطاه إياه . وفرس جواد : بين الجودة ، والأنثى جواد أيضا ; قال :


نمته جواد لا يباع جنينها

وفي حديث التسبيح : أفضل من الحمل على عشرين جوادا . وفي حديث سليم بن صرد : فسرت إليه جوادا ؛ أي : سريعا كالفرس الجواد ، ويجوز أن يريد سيرا جوادا ، كما يقال : سرنا عقبة جوادا ؛ أي : بعيدة . وجاء الفرس ؛ أي : صار رائعا يجود جودة - بالضم - فهو جواد للذكر والأنثى من خيل جياد وأجياد وأجاويد . وأجياد : جبل بمكة - صانها الله تعالى وشرفها - سمي بذلك لموضع خيل تبع ، وسمي قعيقعان لموضع سلاحه . وفي الحديث : باعده الله من النار سبعين خريفا ، للمضمر المجيد ; المجيد : صاحب الجواد ، وهو الفرس السابق الجيد ، كما يقال رجل مقو ومضعف إذا كانت دابته قوية أو ضعيفة .

وفي حديث الصراط : ومنهم من يمر كأجاويد الخيل ، هي جمع أجواد ، وأجواد جمع جواد ; وقول ذروة بن جحفة أنشده ثعلب :


وإنك إن حملت على جواد     رمت بك ذات غرز أو ركاب

معناه : إن تزوجت لم ترض امرأتك بك ; شبهها بالفرس أو الناقة النفور كأنها تنفر منه كما ينفر الفرس الذي لا يطاوع ، وتوصف الأتان بذلك ; أنشد ثعلب :


إن زل فوه عن جواد مئشير     أصلق ناباه صياح العصفور

والجمع جياد ، وكان قياسه أن يقال جواد ، فتصح الواو في الجمع لتحركها في الواحد الذي هو جواد كحركتها في طويل ، ولم يسمع مع هذا عنهم جواد في التكسير البتة ، فأجروا واو جواد لوقوعها قبل الألف مجرى الساكن الذي هو واو ثوب وسوط ، فقالوا جياد كما قالوا حياض وسياط ، ولم يقولوا جواد كما قالوا قوام وطوال . وقد جاد في عدوه وجود وأجود وأجاد الرجل وأجود إذا كان ذا دابة جواد ، وفرس جواد ; قال الأعشى :


فمثلك قد لهوت بها وأرض     مهامه لا يقود بها المجيد

واستجاد الفرس : طلبه جوادا . وعدا عدوا جوادا وسار عقبة جوادا ؛ أي : بعيدة حثيثة ، وعقبتين جوادين ، وعقبا جيادا وأجوادا كذلك ، إذا كانت بعيدة . ويقال : جود في عدوه تجويدا .

وجاد المطر جودا : وبل فهو جائد ، والجمع جود مثل صاحب وصحب ، وجادهم المطر يجودهم جودا . ومطر جود : بين الجود غزير ، وفي المحكم يروي كل شيء . وقيل : الجود من المطر الذي لا مطر فوقه البتة . وفي حديث الاستسقاء : ولم يأت أحد من ناحية إلا حدث بالجود ، وهو المطر الواسع الغزير . قال الحسن : فأما ما حكى سيبويه من قولهم : أخذتنا بالجود وفوقه ، فإنما هي مبالغة وتشنيع ، وإلا فليس فوق الجود شيء ; قال ابن سيده : هذا قول بعضهم ، وسماء جود ، وصفت بالمصدر ، وفي كلام بعض الأوائل : هاجت بنا سماء جود وكان كذا وكذا ، وسحابة جود كذلك ; حكاه ابن الأعرابي . وجيدت الأرض : سقاها الجود ; ومنه الحديث : تركت أهل مكة وقد جيدوا ؛ أي : مطروا مطرا جودا . وتقول : مطرنا مطرتين جودين . وأرض مجودة : أصابها مطر جود ; وقال الراجز :


والخازباز السنم المجودا

وقال الأصمعي : الجود أن تمطر الأرض حتى يلتقي الثريان ; وقول صخر الغي :


يلاعب الريح بالعصرين قصطله     والوابلون وتهتان التجاويد

يكون جمعا لا واحد له ، كالتعاجيب والتعاشيب والتباشير ، وقد يكون جمع تجواد ، وجادت العين تجود جودا وجئودا : كثر دمعها ; عن اللحياني . وحتف مجيد : حاضر ، قيل : أخذ من جود المطر ، قال أبو خراش :


غدا يرتاد في حجرات غيث     فصادف نوءه حتف مجيد

وأجاده : قتله . وجاد بنفسه عند الموت يجود جودا وجئودا : قارب أن يقضي ; يقال : هو يجود بنفسه إذا كان في السياق ، والعرب تقول : هو يجود بنفسه ، معناه يسوق بنفسه ، من قولهم : إن فلانا ليجاد إلى فلان ؛ أي : يساق إليه . وفي الحديث : فإذا ابنه إبراهيم - عليه السلام - يجود بنفسه ؛ أي : يخرجها ويدفعها كما يدفع الإنسان ماله يجود به ; قال : والجود الكرم ، يريد أنه كان في النزع وسياق الموت . ويقال : جيد فلان إذا أشرف على الهلاك كأن الهلاك جاده ; وأنشد :


وقرن قد تركت لدى مكر     إذا ما جاده النزف استدانا

ويقال : إني لأجاد إلى لقائك ؛ أي : أشتاق إليك كأن هواه جاده الشوق ؛ أي : مطره ; وإنه ليجاد إلى كل شيء يهواه ، وإني لأجاد إلى القتال : لأشتاق إليه . وجيد الرجل يجاد جوادا فهو مجود إذا عطش . والجودة : العطشة . وقيل : الجواد - بالضم - جهد العطش . التهذيب : وقد جيد فلان من العطش يجاد جوادا وجودة ; وقال ذو الرمة :


تعاطيه أحيانا إذا جيد جودة     رضابا كطعم الزنجبيل المعسل

أي عطش عطشة ; وقال الباهلي :


ونصرك خاذل عني بطيء [ ص: 236 ]     كأن بكم إلى خذلي جوادا

؛ أي : عطشا . ويقال للذي غلبه النوم : مجود ، كأن النوم جاده ؛ أي : مطره . قال : والمجود الذي يجهد من النعاس وغيره ; عن اللحياني ; وبه فسر قول لبيد :


ومجود من صبابات الكرى     عاطف النمرق صدق المبتذل

أي هو صابر على الفراش الممهد وعن الوطاء ، يعني أنه عطف نمرقه ووضعها تحت رأسه ، وقيل : معنى قوله : ومجود من صبابات الكرى ، قيل معناه شيق ، وقال الأصمعي : معناه صب عليه من جود المطر وهو الكثير منه . والجواد : النعاس . وجاده النعاس : غلبه . وجاده هواها : شاقه . والجود : الجوع ; قال أبو خراش :


تكاد يداه تسلمان رداءه     من الجود لما استقبلته الشمائل

يريد جمع الشمال ، وقال الأصمعي : من الجود ؛ أي : من السخاء . ووقع القوم في أبي جاد ؛ أي : في باطل . والجودي : موضع ، وقيل جبل ; وقال الزجاج : هو جبل بآمد ، وقيل : جبل بالجزيرة استوت عليه سفينة نوح - على نبينا محمد وعليه الصلاة والسلام - وفي التنزيل العزيز : واستوت على الجودي ، وقرأ الأعمش : واستوت على الجودي ، بإرسال الياء ، وذلك جائز للتخفيف أو يكون سمي بفعل الأنثى مثل حطي ، ثم أدخل عليه الألف واللام ; عن الفراء ; وقال أمية بن أبي الصلت :


سبحانه ثم سبحانا يعود له     وقبلنا سبح الجودي والجمدو

أبو الجودي : رجل ; قال :


لو قد حداهن أبو الجودي     برجز مسحنفر الروي
مستويات كنوى البرني

وقد روي أبو الجوذي - بالذال - وسنذكره .

والجودياء ، بالنبطية أو الفارسية : الكساء ; وعربه الأعشى فقال :


وبيداء تحسب آرامها     رجال إياد بأجيادها

وجودان : اسم . الجوهري : والجادي الزعفران ; قال كثير عزة :


يباشرن فأر المسك في كل مهجع     ويشرق جادي بهن مفيد

المفيد : المدوف .

التالي السابق


الخدمات العلمية