صفحة جزء
[ حبر ]

حبر : الحبر : الذي يكتب به وموضعه المحبرة ، بالكسر . ابن سيده : الحبر المداد . والحبر والحبر : العالم ، ذميا كان أو مسلما ، بعد أن يكون من أهل الكتاب . قال الأزهري : وكذلك الحبر والحبر في الجمال والبهاء . وسأل عبد الله بن سلام كعبا عن الحبر فقال : هو الرجل الصالح وجمعه أحبار وحبور ؛ قال كعب بن مالك :


لقد جزيت بغدرتها الحبور كذاك الدهر ذو صرف يدور



وكل ما حسن من خط أو كلام أو شعر أو غير ذلك ، فقد حبر حبرا وحبر . وكان يقال لطفيل الغنوي في الجاهلية : محبر ، لتحسينه الشعر ، وهو مأخوذ من التحبير وحسن الخط والمنطق . وتحبير الخط والشعر وغيرهما : تحسينه . الليث : حبرت الشعر والكلام حسنته وفي حديث أبي موسى : لو علمت أنك تسمع لقراءتي لحبرتها لك تحبيرا ؛ يريد تحسين الصوت . وحبرت الشيء تحبيرا إذا حسنته . قال أبو عبيد : وأما الأحبار والرهبان فإن الفقهاء قد اختلفوا فيهم ، فبعضهم يقول حبر وبعضهم يقول حبر ، وقال الفراء : إنما هو حبر ، بالكسر ، وهو أفصح ؛ لأنه يجمع على أفعال دون فعل ، ويقال ذلك للعالم ، وإنما قيل كعب الحبر لمكان هذا الحبر الذي يكتب به ، وذلك أنه كان صاحب كتب . قال : وقال الأصمعي : لا أدري أهو الحبر أو الحبر للرجل العالم ؛ قال أبو عبيد : والذي عندي أنه الحبر ، بالفتح ، ومعناه العالم بتحبير الكلام والعلم وتحسينه . قال : وهكذا يرويه المحدثون كلهم ، بالفتح . وكان أبو الهيثم يقول : واحد الأحبار حبر لا غير ، وينكر الحبر . وقال ابن الأعرابي : حبر وحبر للعالم ، ومثله بزر وبزر وسجف وسجف . الجوهري : الحبر والحبر واحد أحبار اليهود ، وبالكسر أفصح ؛ ورجل حبر نبر ؛ وقال الشماخ :


كما خط عبرانية بيمينه     بتيماء حبر ، ثم عرض أسطرا



رواه الرواة بالفتح لا غير ؛ قال أبو عبيد : هو الحبر ، بالفتح ، ومعناه العالم بتحبير الكلام . وفي الحديث : سميت سورة المائدة وسورة الأحبار لقوله تعالى فيها : يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار وهم العلماء ، جمع حبر وحبر ، بالكسر والفتح ، وكان يقال لابن عباس الحبر والبحر لعلمه ؛ وفي شعر جرير :


إن البعيث وعبد آل مقاعس     لا يقرآن بسورة الأحبار



أي لا يفيان بالعهود ، يعني قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود . والتحبير : حسن الخط ؛ وأنشد الفراء فيما روى سلمة عنه :

[ ص: 12 ]

كتحبير الكتاب بخط ، يوما     يهودي يقارب أو يزيل



ابن سيده : وكعب الحبر كأنه من تحبير العلم وتحسينه . وسهم محبر : حسن البري . والحبر والسبر والحبر والسبر ، كل ذلك : الحسن والبهاء . وفي الحديث : يخرج رجل من أهل البهاء قد ذهب حبره وسبره ؛ أي لونه وهيئته ، وقيل : هيئته وسحناؤه ، من قولهم جاءت الإبل حسنة الأحبار والأسبار ، وقيل : هو الجمال والبهاء وأثر النعمة . ويقال : فلان حسن الحبر والسبر والسبر إذا كان جميلا حسن الهيئة ؛ قال ابن أحمر وذكر زمانا :


لبسنا حبره ، حتى اقتضينا     لأعمال وآجال قضينا



أي لبسنا جماله وهيئته . ويقال : فلان حسن الحبر والسبر ، بالفتح أيضا ؛ قال أبو عبيد : وهو عندي بالحبر أشبه لأنه مصدر حبرته حبرا إذا حسنته ، والأول اسم . وقال ابن الأعرابي : رجل حسن الحبر والسبر أي حسن البشرة . أبو عمرو : الحبر من الناس الداهية وكذلك السبر . والحبر والحبر والحبرة والحبور ، كله : السرور ؛ قال العجاج :


الحمد لله الذي أعطى الحبر



ويروى " الشبر " من قولهم حبرني هذا الأمر حبرا أي سرني ، وقد حرك الباء فيهما وأصله التسكين ؛ ومنه الحابور : وهو مجلس الفساق . وأحبرني الأمر : سرني . والحبر والحبرة : النعمة ، وقد حبر حبرا . ورجل يحبور يفعول من الحبور . أبو عمرو : اليحبور الناعم من الرجال ، وجمعه اليحابير مأخوذ من الحبرة وهي النعمة ؛ وحبره يحبره ، بالضم ، حبرا وحبرة ، فهو محبور . وفي التنزيل العزيز : فهم في روضة يحبرون أي يسرون وقال الليث : يحبرون ينعمون ويكرمون ؛ قال الزجاج : قيل إن الحبرة هاهنا السماع في الجنة . وقال : الحبرة في اللغة كل نغمة حسنة محسنة . وقال الأزهري : الحبرة في اللغة النعمة التامة . وفي الحديث في ذكر أهل الجنة : فرأى ما فيها من الحبرة والسرور ؛ الحبرة ، بالفتح : النعمة وسعة العيش ، وكذلك الحبور ؛ ومنه حديث عبد الله : آل عمران غنى والنساء محبرة أي مظنة للحبور والسرور . وقال الزجاج في قوله تعالى : أنتم وأزواجكم تحبرون معناه تكرمون إكراما يبالغ فيه . والحبرة : المبالغة فيما وصف بجميل ، هذا نص قوله . وشيء حبر : ناعم ؛ قال المرار العدوي :


قد لبست الدهر من أفنانه     كل فن ناعم منه حبر



وثوب حبير : جديد ناعم ؛ قال الشماخ يصف قوسا كريمة على أهلها :


إذا سقط الأنداء صينت وأشعرت     حبيرا ، ولم تدرج عليها المعاوز



والجمع كالواحد . والحبير : السحاب ، وقيل : الحبير من السحاب الذي ترى فيه كالتنمير من كثرة مائه . قال الرياشي : وأما الحبير بمعنى السحاب فلا أعرفه ؛ قال فإن كان أخذه من قول الهذلي :


تغذمن في جانبيه الخبي     ر لما وهى مزنه واستبيحا



فهو بالخاء ، وسيأتي ذكره في مكانه . والحبرة والحبرة : ضرب من برود اليمن منمر ، والجمع حبر وحبرات .الليث : برود حبرة ضرب من البرود اليمانية . يقال : برد حبير وبرد حبرة ، مثل عنبة ، على الوصف والإضافة ؛ وبرود حبرة . قال : وليس حبرة موضعا أو شيئا معلوما إنما هو وشي كقولك ثوب قرمز ، والقرمز صبغه . وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لما خطب خديجة ، رضي الله عنها ، وأجابته استأذنت أباها في أن تتزوجه ، وهو ثمل ، فأذن لها في ذلك وقال : هو الفحل لا يقرع أنفه ، فنحرت بعيرا وخلقت أباها بالعبير وكسته بردا أحمر ، فلما صحا من سكره قال : ما هذا الحبير وهذا العبير وهذا العقير ؟ أراد بالحبير البرد الذي كسته ، وبالعبير الخلوق الذي خلقته ، وبالعقير البعير المنحور وكان عقر ساقه . والحبير من البرود : ما كان موشيا مخططا . وفي حديث أبي ذر : الحمد لله الذي أطعمنا الحمير وألبسنا الحبير . وفي حديث أبي هريرة : حين لا ألبس الحبير . وقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " مثل الحواميم في القرآن كمثل الحبرات في الثياب " . والحبر : بالكسر : الوشي ؛ عن ابن الأعرابي . والحبر والحبر : الأثر من الضربة إذا لم يدم ، والجمع أحبار وحبور ، وهو الحبار والحبار . الجوهري : والحبار الأثر ؛ قال الراجز :


لا تملأ الدلو وعرق فيها     ألا ترى حبار من يسقيها ؟



وقال حميد الأرقط :


لم يقلب أرضها البيطار     ولا لحبليه بها حبار



والجمع حبارات ولا يكسر . وأحبرت الضربة جلده وبجلده : أثرت فيه . وحبر جلده حبرا إذا بقيت للجرح آثار بعد البرء . والحبار والحبر : أثر الشيء . الأزهري : رجل محبر إذا أكلت البراغيث جلده فصار له آثار في جلده ؛ ويقال : به حبور أي آثار . وقد أحبر به أي ترك به أثرا ؛ وأنشد لمصبح بن منظور الأسدي ، وكان قد حلق شعر رأس امرأته ، فرفعته إلى الوالي فجلده واعتقله ، وكان له حمار وجبة فدفعهما للوالي فسرحه :


لقد أشمتت بي أهل فيد وغادرت     بجسمي حبرا ، بنت مصان ، باديا
وما فعلت بي ذاك ، حتى تركتها     تقلب رأسا ، مثل جمعي ، عاريا
وأفلتني منها حماري وجبتي     جزى الله خيرا جبتي وحماريا !

وثوب حبير أي جديد . والحبر والحبر والحبرة والحبرة والحبر والحبرة ، كل ذلك : صفرة تشوب بياض الأسنان ؛ قال الشاعر :


تجلو بأخضر من نعمان ذا أشر     كعارض البرق لم يستشرب الحبرا



قال شمر : أوله الحبر وهي صفرة ، فإذا اخضر ، فهو القلح ، فإذا ألح [ ص: 13 ] على اللثة حتى تظهر الأسناخ ، فهو الحفر والحفر . الجوهري : الحبرة ، بكسر الحاء والباء ، القلح في الأسنان ، والجمع بطرح الهاء في القياس ، وأما اسم البلد فهو حبر ، بتشديد الراء . وقد حبرت أسنانه تحبر حبرا مثال تعب تعبا أي قلحت ، وقيل : الحبر الوسخ على الأسنان . وحبر الجرح حبرا أي نكس وغفر ، وقيل : أي برئ وبقيت له آثار . والحبير : اللغام إذا صار على رأس البعير ، والخاء أعلى ؛ هذا قول ابن سيده . الجوهري : الحبير لغام البعير . وقال الأزهري عن الليث : الحبير من زبد اللغام إذا صار على رأس البعير ، ثم قال الأزهري : صحف الليث هذا الحرف ، قال : وصوابه الخبير ، بالخاء ، لزبد أفواه الإبل ، وقال : هكذا قال أبو عبيد . وروى الأزهري بسنده عن الرياشي قال : الخبير الزبد ، بالخاء . وأرض محبار : سريعة النبات حسنته كثيرة الكلأ ؛ قال :


لنا جبال وحمى محبار     وطرق يبنى بها المنار



ابن شميل : الأرض السريعة النبات السهلة الدفئة التي ببطون الأرض وسرارتها وأراضتها ، فتلك المحابير . وقد حبرت الأرض ، بكسر الباء ، وأحبرت ؛ والحبار : هيئة الرجل ؛ عن اللحياني ، حكاه عن أبي صفوان ؛ وبه فسر قوله :


ألا ترى حبار من يسقيها



قال ابن سيده : وقيل حبار هنا اسم ناقة ، قال : ولا يعجبني . والحبرة : السلعة تخرج في الشجر أي العقدة تقطع ويخرط منها الآنية . والحبارى : ذكر الخرب ؛ وقال ابن سيده : الحبارى طائر والجمع حباريات . وأنشد بعض البغداديين في صفة صقر :


حتف الحباريات والكراوين



قال سيبويه : ولم يكسر على حباري ولا حبائر ليفرقوا بينها وبين فعلاء وفعالة وأخواتها . الجوهري : الحبارى طائر يقع على الذكر والأنثى ، واحدها وجمعها سواء . وفي المثل : كل شيء يحب ولده حتى الحبارى ؛ لأنها يضرب بها المثل في الموق فهي على موقها تحب ولدها وتعلمه الطيران ، وألفه ليست للتأنيث ولا للإلحاق ، وإنما بني الاسم عليها فصارت كأنها من نفس الكلمة لا تنصرف في معرفة ولا نكرة أي لا تنون . والحبرير والحبرور والحبربر والحبربور واليحبور : ولد الحبارى ؛ وقول أبي بردة :


باز جريء على الخزان مقتدر     ومن حبابير ذي ماوان يرتزقه



قال ابن سيده : قيل في تفسيره : هو جمع الحبارى ، والقياس يرده ، إلا أن يكون اسما للجمع . الأزهري : وللعرب فيها أمثال جمة ، منها قولهم : أذرق من حبارى ، وأسلح من حبارى ؛ لأنها ترمي الصقر بسلحها إذا أراغها ليصيدها فتلوث ريشه بلثق سلحها ، ويقال : إن ذلك يشتد على الصقر لمنعه إياه من الطيران ؛ ومن أمثالهم في الحبارى : أموق من الحبارى ؛ ذلك أنها تأخذ فرخها قبل نبات جناحه فتطير معارضة له ليتعلم منها الطيران ، ومنه المثل السائر في العرب : كل شيء يحب ولده حتى الحبارى ويذف عنده . وورد ذلك في حديث عثمان ، رضي الله عنه ، ومعنى قولهم يذف عنده أي تطير عنده أي تعارضه بالطيران ، ولا طيران له لضعف خوافيه وقوائمه . وقال ابن الأثير : خص الحبارى بالذكر في قوله حتى الحبارى لأنها يضرب بها المثل في الحمق ، فهي على حمقها تحب ولدها فتطعمه وتعلمه الطيران كغيرها من الحيوان . وقال الأصمعي : فلان يعاند فلانا أي يفعل فعله ويباريه ؛ ومن أمثالهم في الحبارى : فلان ميت كمد الحبارى ، وذلك أنها تحسر مع الطير أيام التحسير ، وذلك أن تلقي الريش ثم يبطئ نبات ريشها ، فإذا طار سائر الطير عجزت عن الطيران فتموت كمدا ؛ ومنه قول أبي الأسود الدؤلي :


يزيد ميت كمد الحبارى     إذا طعنت أمية أو يلم



أي يموت أو يقرب من الموت . قال الأزهري : والحبارى لا يشرب الماء ويبيض في الرمال النائية ؛ قال : وكنا إذا ظعنا نسير في جبال الدهناء فربما التقطنا في يوم واحد من بيضها ما بين الأربع إلى الثماني ، وهي تبيض أربع بيضات ، ويضرب لونها إلى الزرقة ، وطعمها ألذ من طعم بيض الدجاج وبيض النعام ، قال : والنعام أيضا لا ترد الماء ولا تشربه إذا وجدته . وفي حديث أنس : إن الحبارى لتموت هزالا بذنب بني آدم ؛ يعني أن الله تعالى يحبس عنها القطر بشؤم ذنوبهم ، وإنما خصها بالذكر لأنها أبعد الطير نجعة ، فربما تذبح بالبصرة فتوجد في حوصلتها الحبة الخضراء ، وبين البصرة وبين منابتها مسيرة أيام كثيرة . واليحبور : طائر . ويحابر : أبو مراد ثم سميت القبيلة يحابر ؛ قال :


وقد أمنتني ، بعد ذاك ، يحابر     بما كنت أغشي المنديات يحابرا



وحبر ، بتشديد الراء : اسم بلد ، وكذلك حبر . وحبرير : جبل معروف . وما أصبت منه حبربرا أي شيئا ، لا يستعمل إلا في النفي ؛ التمثيل لسيبويه والتفسير للسيرافي . وما أغنى فلان عني حبربرا أي شيئا ؛ وقال ابن أحمر الباهلي :


أماني لا يغنين عني حبربرا



وما على رأسه حبربرة أي ما على رأسه شعرة . وحكى سيبويه : ما أصاب منه حبربرا ولا تبربرا ولا حورورا أي ما أصاب منه شيئا . ويقال : ما في الذي تحدثنا به حبربر أي شيء . أبو سعيد : يقال ما له حبربر ولا حورور . وقال الأصمعي : ما أصبت منه حبربرا ولا حبنبرا أي ما أصبت منه شيئا . وقال أبو عمرو : ما فيه حبربر ولا حبنبر ، وهو أن يخبرك بشيء فتقول : ما فيه حبنبر . ويقال للآنية التي يجعل فيها الحبر من خزف كان أو من قوارير : محبرة ومحبرة كما يقال مزرعة ومزرعة ومقبرة ومقبرة ومخبزة ومخبزة . الجوهري : موضع الحبر الذي يكتب به المحبرة ، بالكسر . وحبر : موضع معروف في البادية . وأنشد شمر عجز بيت : فقفا حبر . الأزهري : في الخماسي الحبربرة القميئة المنافرة ، وقال : هذه ثلاثية الأصل ألحقت بالخماسي لتكرير بعض حروفها . والمحبر : فرس ضرار بن الأزور الأسدي . أبو [ ص: 14 ] عمرو : الحبربر والحبحبي الجمل الصغير .

التالي السابق


الخدمات العلمية