صفحة جزء
[ حبس ]

حبس : حبسه يحبسه حبسا ، فهو محبوس وحبيس ، واحتبسه وحبسه : أمسكه عن وجهه . والحبس : ضد التخلية . واحتبسه واحتبس بنفسه ، يتعدى ولا يتعدى . وتحبس على كذا أي حبس نفسه على ذلك . والحبسة ، بالضم : الاسم من الاحتباس . يقال : الصمت حبسة . سيبويه : حبسه ضبطه واحتبسه اتخذه حبيسا ، وقيل : احتباسك إياه اختصاصك نفسك به ؛ تقول : احتبست الشيء إذا اختصصته لنفسك خاصة . والحبس والمحبسة والمحبس : اسم الموضع . وقال بعضهم : المحبس يكون مصدرا كالحبس ، ونظيره قوله تعالى : إلى الله مرجعكم أي رجوعكم ؛ ويسألونك عن المحيض أي الحيض ؛ ومثله ما أنشده سيبويه للراعي :


بنيت مرافقهن فوق مزلة لا يستطيع بها القراد مقيلا



أي قيلولة . قال ابن سيده : وليس هذا بمطرد إنما يقتصر منه على ما سمع . قال سيبويه : المحبس على قياسهم الموضع الذي يحبس فيه ، والمحبس المصدر . الليث : المحبس يكون سجنا ويكون فعلا كالحبس . وإبل محبسة : داجنة كأنها قد حبست عن الرعي . وفي حديث طهفة : لا يحبس دركم أي لا تحبس ذوات الدر ، وهو اللبن ، عن المرعى بحشرها وسوقها إلى المصدق ليأخذ ما عليها من الزكاة لما في ذلك من الإضرار بها . وفي حديث الحديبية : حبسها حابس الفيل ؛ هو فيل أبرهة الحبشي الذي جاء يقصد خراب الكعبة فحبس الله الفيل فلم يدخل الحرم ورد رأسه راجعا من حيث جاء ، يعني أن الله حبس ناقة رسوله لما وصل إلى الحديبية فلم تتقدم ولم تدخل الحرم لأنه أراد أن يدخل مكة بالمسلمين . وفي حديث الحجاج : إن الإبل ضمر حبس ما جشمت جشمت ؛ قال ابن الأثير : هكذا رواه الزمخشري وقال : الحبس جمع حابس من حبسه إذا أخره ، أي أنها صوابر على العطش تؤخر الشرب ، والرواية بالخاء والنون . والمحبس : معلف الدابة . والمحبس : المقرمة يعني الستر ، وقد حبس الفراش بالمحبس ، وهي المقرمة التي تبسط على وجه الفراش للنوم . وفي النوادر : جعلني الله ربيطة لكذا وحبيسة أي تذهب فتفعل الشيء وأوخذ به . وزق حابس : ممسك للماء وتسمى مصنعة الماء حابسا ، والحبس ، بالضم : ما وقف . وحبس الفرس في سبيل الله وأحبسه ، فهو محبس وحبيس والأنثى حبيسة ، والجمع حبائس ؛ قال ذو الرمة :


سبحلا أبا شرخين أحيا بناته     مقاليتها ، فهي اللباب الحبائس



وفي الحديث : ذلك حبيس في سبيل الله ؛ أي موقوف على الغزاة يركبونه في الجهاد ، والحبيس فعيل بمعنى مفعول . وكل ما حبس بوجه من الوجوه حبيس . الليث : الحبيس الفرس يجعل حبيسا في سبيل الله يغزى عليه . الأزهري : والحبس جمع الحبيس يقع على كل شيء ، وقفه صاحبه وقفا محرما لا يورث ولا يباع من أرض ونخل وكرم ومستغل يحبس أصله وقفا مؤبدا وتسبل ثمرته تقربا إلى الله عز وجل ، كما قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لعمر في نخل له أراد أن يتقرب بصدقته إلى الله عز وجل فقال له : حبس الأصل وسبل الثمرة ؛ أي اجعله وقفا حبسا ، ومعنى تحبيسه أن لا يورث ولا يباع ولا يوهب ولكن يترك أصله ويجعل ثمره في سبل الخير ، وأما ما روي عن شريح [ ص: 15 ] أنه قال : جاء محمد ، صلى الله عليه وسلم ، بإطلاق الحبس فإنما أراد بها الحبس ، هو جمع حبيس ، وهو بضم الباء ، وأراد بها ما كان أهل الجاهلية يحبسونه من السوائب والبحائر والحوامي وما أشبهها ، فنزل القرآن بإحلال ما كانوا يحرمون منها وإطلاق ما حبسوا بغير أمر الله منها . قال ابن الأثير : وهو في كتاب الهروي بإسكان الباء لأنه عطف عليه الحبس الذي هو الوقف ، فإن صح فيكون قد خفف الضمة ، كما قالوا في جمع رغيف رغف ، بالسكون ، والأصل الضم ، أو أنه أراد به الواحد . قال الأزهري : وأما الحبس التي وردت السنة بتحبيس أصلها وتسبيل ثمرها فهي جارية على ما سنها المصطفى ، صلى الله عليه وسلم ، وعلى ما أمر به عمر ، رضي الله عنه ، فيها . وفي حديث الزكاة : أن خالدا جعل رقيقه وأعتده حبسا في سبيل الله ؛ أي وقفا على المجاهدين وغيرهم . يقال : حبست أحبس حبسا وأحبست أحبس إحباسا أي وقفت ، والاسم الحبس ، بالضم ؛ والأعتد : جمع العتاد وهو ما أعده الإنسان من آلة الحرب ، وقد تقدم . وفي حديث ابن عباس : لما نزلت آية الفرائض قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : لا حبس بعد سورة النساء ، أي لا يوقف مال ولا يزوى عن وارثه ، إشارة إلى ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من حبس مال الميت ونسائه ، كانوا إذا كرهوا النساء لقبح أو قلة مال حبسوهن عن الأزواج لأن أولياء الميت كانوا أولى بهن عندهم . قال ابن الأثير : وقوله لا حبس ، يجوز بفتح الحاء على المصدر وبضمها على الاسم . والحبس : كل ما سد به مجرى الوادي في أي موضع حبس ؛ وقيل : الحبس حجارة أو خشب تبنى في مجرى الماء لتحبسه كي يشرب القوم ويسقوا أموالهم ، والجمع أحباس ، سمي الماء به حبسا كما يقال له نهي ؛ قال أبو زرعة التيمي :


من كعثب مستوفز المجس     راب منيف مثل عرض الترس
فشمت فيها كعمود الحبس     أمعسها يا صاح ، أي معس
حتى شفيت نفسها من نفسي     تلك سليمى ، فاعلمن ، عرسي

.

الكعثب : الركب . والمعس : النكاح مثل معس الأديم إذا دبغ ودلك دلكا شديدا فذلك معسه . وفي الحديث : أنه سأل أين حبس سيل فإنه يوشك أن يخرج منه نار تضيء منها أعناق الإبل ببصرى ؛ هو من ذلك . وقيل : هو فلوق في الحرة يجتمع فيها ماء لو وردت عليه أمة لوسعهم . وحبس سيل : اسم موضع بحرة بني سليم ، بينها وبين السوارقية مسيرة يوم ، وقيل : حبس سيل ، بضم الحاء ، الموضع المذكور . والحباسة والحباسة كالحبس ؛ أبو عمرو : الحبس مثل المصنعة يجعل للماء ، وجمعه أحباس . والحبس : الماء المستنقع ، قال الليث : شيء يحبس به الماء نحو الحباس في المزرفة يحبس به فضول الماء ، والحباسة في كلام العرب : المزرفة ، وهي الحباسات في الأرض قد أحاطت بالدبرة ، وهي المشارة يحبس فيها الماء حتى تمتلئ ثم يساق الماء إلى غيرها . ابن الأعرابي : الحبس الشجاعة ، والحبس ، بالكسر ، حجارة تكون في فوهة النهر تمنع طغيان الماء . والحبس : نطاق الهودج . والحبس : المقرمة . والحبس : سوار من فضة يجعل في وسط القرام ، وهو ستر يجمع به ليضيء البيت . وكلأ حابس : كثير يحبس المال . والحبسة والاحتباس في الكلام : التوقف . وتحبس في الكلام : توقف . قال المبرد في باب علل اللسان : الحبسة تعذر الكلام عند إرادته ، والعقلة التواء اللسان عند إرادة الكلام . ابن الأعرابي : يكون الجبل خوعا أي أبيض ويكون فيه بقعة سوداء ، ويكون الجبل حبسا أي أسود ويكون فيه بقعة بيضاء . وفي حديث الفتح : أنه بعث أبا عبيدة على الحبس ؛ قال القتيبي : هم الرجالة ، سموا بذلك لتحبسهم عن الركبان وتأخرهم ؛ قال : وأحسب الواحد حبيسا ، فعيل بمعنى مفعول ، ويجوز أن يكون حابسا كأنه يحبس من يسير من الركبان بمسيره . قال ابن الأثير : وأكثر ما يروى الحبس ، بتشديد الباء وفتحها ، فإن صحت الرواية فلا يكون واحدها إلا حابسا كشاهد وشهد ، قال : وأما حبيس فلا يعرف في جمع فعيل فعل ، وإنما يعرف فيه فعل كنذير ونذر ، وقال الزمخشري : الحبس ، بضم الباء والتخفيف ، الرجالة ، سموا بذلك لحبسهم الخيالة ببطء مشيهم ، كأنه جمع حبوس ، أو لأنهم يتخلفون عنهم ويحتبسون عن بلوغهم كأنه جمع حبيس ؛ الأزهري : وقول العجاج :


حتف الحمام والنحوس النحسا



التي لا يدري كيف يتجه لها .


وحابس الناس الأمور الحبسا



أراد : وحابس الناس الحبس الأمور ، فقلبه ونصبه ، ومثله كثير . وقد سمت حابسا وحبيسا ، والحبس : موضع . وفي الحديث ذكر ذات حبيس ، بفتح الحاء وكسر الباء ، وهو موضع بمكة . وحبيس أيضا : موضع بالرقة به قبور شهداء صفين . وحابس : اسم أبي الأقرع التميمي .

التالي السابق


الخدمات العلمية