صفحة جزء
[ ص: 17 ] [ حبط ]

حبط : الحبط مثل العرب : من آثار الجرح . وقد حبط حبطا وأحبطه الضرب . الجوهري : يقال حبط الجرح حبطا ، بالتحريك ، أي عرب ونكس . ابن سيده : والحبط وجع يأخذ البعير في بطنه من كلأ يستوبله ، وقد حبط حبطا ، فهو حبط ، وإبل حباطى وحبطة ، وحبطت الإبل تحبط . قال الجوهري : الحبط أن تأكل الماشية فتكثر حتى تنتفخ لذلك بطونها ولا يخرج عنها ما فيها . وحبطت الشاة ، بالكسر ، حبطا : انتفخ بطنها عن أكل الذرق وهو الحندقوق . الأزهري : حبط بطنه إذا انتفخ يحبط حبطا ، فهو حبط . وفي الحديث : وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم ، وذلك الداء الحباط ، قال : ورواه بعضهم بالخاء المعجمة من التخبط . وهو الاضطراب . قال الأزهري : وأما قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم ، فإن أبا عبيد فسر الحبط وترك من تفسير هذا الحديث أشياء لا يستغني أهل العلم عن معرفتها فذكرت الحديث على وجهه لأفسر منه كل ما يحتاج من تفسيره ، فقال وذكر سنده إلى أبي سعيد الخدري أنه قال : جلس رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، على المنبر وجلسنا حوله فقال : " إني أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها " ، قال : فقال رجل : أويأتي الخير بالشر يا رسول الله ؟ ! قال : فسكت عنه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ورأينا أنه ينزل عليه ، فأفاق يمسح عنه الرحضاء وقال : أين هذا السائل ؟ وكأنه حمده ؛ فقال : " إنه لا يأتي الخير بالشر وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر ، فإنها أكلت حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت ، وإن هذا المال خضرة حلوة ، ونعم صاحب المسلم هو لمن أعطى المسكين واليتيم وابن السبيل " ؛ أو كما قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : وإنه من يأخذه بغير حقه فهو كالآكل الذي لا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة . قال الأزهري : وإنما تقصيت رواية هذا الخبر لأنه إذا بتر استغلق معناه وفيه مثلان : ضرب أحدهما للمفرط في جمع الدنيا مع منع ما جمع من حقه ، والمثل الآخر ضربه للمقتصد في جمع المال وبذله في حقه ، فأما قوله ، صلى الله عليه وسلم : وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا ، فهو مثل الحريص والمفرط في الجمع والمنع ، وذلك أن الربيع ينبت أحرار العشب التي تحلوليها الماشية فتستكثر منها حتى تنتفخ بطونها وتهلك ، كذلك الذي يجمع الدنيا ويحرص عليها ويشح على ما جمع حتى يمنع ذا الحق حقه منها يهلك في الآخرة بدخول النار واستيجاب العذاب ، وأما مثل المقتصد المحمود فقوله ، صلى الله عليه وسلم ، " إلا آكلة الخضر فإنها أكلت حتى إذا امتلأت خواصرها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت " ، وذلك أن الخضر ليس من أحرار البقول التي تستكثر منها الماشية فتهلكه أكلا ، ولكنه من الجنبة التي ترعاها بعد هيج العشب ويبسه ، قال : وأكثر ما رأيت العرب يجعلون الخضر ما كان أخضر من الحلي الذي لم يصفر والماشية ترتع منه شيئا شيئا ولا تستكثر منه فلا تحبط بطونها عنه ؛ قال : وقد ذكره طرفة فبين أنه من نبات الصيف في قوله :


كبنات المخر يمأدن ، إذا أنبت الصيف عساليج الخضر



فالخضر من كلأ الصيف في القيظ وليس من أحرار بقول الربيع والنعم لا تستوبله ولا تحبط بطونها عنه ، قال : وبنات مخر أيضا وهي سحائب يأتين قبل الصيف ، قال : وأما الخضارة فهي من البقول الشتوية وليست من الجنبة ، فضرب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، آكلة الخضر مثلا لمن يقتصد في أخذ الدنيا وجمعها ولا يسرف في قمها والحرص عليها ، وأنه ينجو من وبالها كما نجت آكلة الخضر ، ألا تراه قال : فإنها إذا أصابت من الخضر استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ؟ وإذا ثلطت فقد ذهب حبطها ، وإنما تحبط الماشية إذا لم تثلط ولم تبل وأتطمت عليها بطونها ، وقوله إلا آكلة الخضر معناه لكن آكلة الخضر . وأما قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : إن هذا المال خضرة حلوة ، هاهنا الناعمة الغضة ، وحث على إعطاء المسكين واليتيم منه مع حلاوته ورغبة الناس فيه ، ليقيه الله تبارك وتعالى وبال نعمتها في دنياه وآخرته . والحبط : أن تأكل الماشية فتكثر حتى تنتفخ لذلك بطونها ولا يخرج عنها ما فيها . ابن سيده : والحبط في الضرع أهون الورم ، وقيل : الحبط الانتفاخ أين كان من داء أو غيره . وحبط جلده : ورم . ويقال : فرس حبط القصيرى إذا كان منتفخ الخاصرتين ؛ ومنه قول الجعدي :


فليق النسا حبيط الموقفي     ن ، يستن كالصدع الأشعب



قال : ولا يقولون حبط الفرس حتى يضيفوه إلى القصيرى أو إلى الخاصرة أو إلى الموقف لأن حبطه انتفاخ بطنه . واحبنطأ الرجل : انتفخ بطنه . والحبنطأ يهمز ولا يهمز : الغليظ القصير البطين . قال أبو زيد : المحبنطئ ، مهموز وغير مهموز ، الممتلئ غضبا ، والنون والهمزة والألف والباء زوائد للإلحاق ، وقيل : الألف للإلحاق بسفرجل . ورجل حبنطى بالتنوين ، وحبنطاة ومحبنط ، وقد احبنطيت ، فإن حقرت فأنت بالخيار إن شئت حذفت النون وأبدلت من الألف ياء وقلت حبيط ، بكسر الطاء منونا لأن الألف ليست للتأنيث فيفتح ما قبلها كما نفتح في تصغير حبلى وبشرى وإن بقيت النون وحذفت الألف قلت حبينط ، وكذلك كل اسم فيه زيادتان للإلحاق فاحذف أيتهما شئت ، وإن شئت أيضا عوضت من المحذوف في الموضعين ، وإن شئت لم تعوض ، فإن عوضت في الأول قلت حبيط ، بتشديد الياء والطاء مكسورة ، وقلت في الثاني حبينيط ، وكذلك القول في عفرنى . وامرأة حبنطاة : قصيرة دميمة عظيمة البطن . والحبنطى : الممتلئ غضبا أو بطنة . وحكى اللحياني عن الكسائي : رجل حبنطى ، مقصور ، وحبنطى ، مكسور مقصور ، وحبنطأ وحبنطأة أي ممتلئ غيظا أو بطنة ؛ وأنشد ابن بري للراجز :


إني إذا أنشدت لا أحبنطي     ولا أحب كثرة التمطي

قال وقال في المهموز :


ما لك ترمي بالخنى إلينا     محبنطئا منتقما علينا ؟



[ ص: 18 ] وقد ترجم الجوهري على حبطأ . قال ابن بري : وصوابه أن يذكر في ترجمة حبط لأن الهمزة زائدة ليست بأصلية ، وقد احبنطأت واحبنطيت ، وكل ذلك من الحبط الذي هو الورم ، ولذلك حكم على نونه وهمزته أو يائه أنهما ملحقتان له ببناء سفرجل . والمحبنطئ : اللازق بالأرض . وفي الحديث : " إن السقط ليظل محبنطيا على باب الجنة " ، فسروه متغضبا ، وقيل : المحبنطي المتغضب المستبطئ للشيء ، وبالهمز العظيم البطن ، قال ابن الأثير : المحبنطئ بالهمز ، وتركه ، المتغضب المستبطئ للشيء ، وقيل : هو الممتنع امتناع طلب لا امتناع إباء . يقال : احبنطأت واحبنطيت ، والنون والهمزة والألف والياء زوائد للإلحاق . وحكى ابن بري المحبنطي ، بغير همز ، المتغضب ، وبالهمز المنتفخ . وحبط حبطا وحبوطا : عمل عملا ثم أفسده والله أحبطه . وفي التنزيل : فأحبط أعمالهم . الأزهري : إذا عمل الرجل عملا ثم أفسده قيل حبط عمله ، وأحبطه صاحبه ، وأحبط الله أعمال من يشرك به . وقال ابن السكيت : يقال حبط عمله يحبط حبطا وحبوطا ، فهو حبط ، بسكون الباء ، وقال الجوهري : بطل ثوابه وأحبطه الله . وروى الأزهري عن أبي زيد أنه حكى عن أعرابي قرأ : فقد حبط عمله ، بفتح الباء ، وقال : يحبط حبوطا قال الأزهري : ولم أسمع هذا لغيره والقراءة : فقد حبط عمله . وفي الحديث : " أحبط الله عمله " ، أي أبطله ، قال ابن الأثير : وأحبطه غيره ، قال : وهو من قولهم حبطت الدابة حبطا ، بالتحريك ، إذا أصابت مرعى طيبا فأفرطت في الأكل حتى تنتفخ فتموت . والحبط والحبط : الحارث بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم ، سمي بذلك لأنه كان في سفر فأصابه مثل الحبط الذي يصيب الماشية ؛ فنسبوا إليه ، وقيل : إنما سمي بذلك لأن بطنه ورم من شيء أكله ، والحبطات والحبطات : أبناؤه على جهة النسب ، والنسبة إليهم حبطي ، وهم من تميم ، والقياس الكسر ، وقيل : الحبطات الحارث بن عمرو بن تميم ، والعنبر بن عمرو والقليب بن عمرو ومازن بن مالك بن عمرو . وقال ابن الأعرابي : ولقي دغفل رجلا فقال له : ممن أنت ؟ قال : من بني عمرو بن تميم ، قال : إنما عمرو عقاب جاثمة ؛ فالحبطات عنقها والقليب رأسها ، وأسيد والهجيم جناحاها ، والعنبر جثوتها وجثوتها ، ومازن مخلبها ، وكعب ذنبها ، يعني بالجثوة بدنها ورأسها . الأزهري : الليث : الحبطات حي من بني تميم ، منهم المسور بن عباد الحبطي ، يقال : فلان الحبطي قال : وإذا نسبوا إلى الحبط قالوا حبطي ، وإلى سلمة سلمي ، وإلى شقرة شقري ، وذلك أنهم كرهوا كثرة الكسرات ؛ ففتحوا ، قال الأزهري : ولا أرى حبط العمل وبطلانه مأخوذا إلا من حبط البطن ؛ لأن صاحب البطن يهلك ، وكذلك عمل المنافق يحبط ، غير أنهم سكنوا الباء من قولهم حبط عمله يحبط حبطا ، وحركوها من حبط بطنه يحبط حبطا ، كذلك أثبت لنا عن ابن السكيت وغيره . ويقال : حبط دم القتيل يحبط حبطا إذا هدر . وحبطت البئر حبطا إذا ذهب ماؤها . وقال أبو عمرو : الإحباط أن تذهب ماء الركية فلا يعود كما كان .

التالي السابق


الخدمات العلمية