صفحة جزء
[ حبا ]

حبا : حبا الشيء : دنا ؛ أنشد ابن الأعرابي :


وأحوى ، كأيم الضال أطرق بعدما حبا تحت فينان ، من الظل ، وارف

وحبوت للخمسين : دنوت لها . قال ابن سيده : دنوت منها . قال ابن الأعرابي : حباها وحبا لها أي دنا لها . ويقال : إنه لحابي الشراسيف أي مشرف الجنبين . وحبت الشراسيف حبوا : طالت وتدانت . وحبت الأضلاع إلى الصلب : اتصلت ودنت . وحبا المسيل : دنا بعضه إلى بعض . الأزهري : يقال حبت الأضلاع وهو اتصالها ؛ قال العجاج :


حابي الحيود فارض الحنجور



يعني اتصال رءوس الأضلاع بعضها ببعض ؛ وقال أيضا :


حابي حيود الزور دوسري



ويقال للمسايل إذا اتصل بعضها إلى بعض : حبا بعضها إلى بعض ؛ وأنشد :


تحبو إلى أصلابه أمعاؤه



[ ص: 26 ] قال أبو الدقيش : تحبو هاهنا تتصل ، قال : والمعى كل مذنب بقرار الحضيض ؛ وأنشد :


كأن ، بني المرط والشفوف     رملا حبا من عقد العزيف



والعزيف : من رمال بني سعد . وحبا الرمل يحبو حبوا ، أي : أشرف معترضا فهو حاب . والحبو : اتساع الرمل . ورجل حابي المنكبين : مرتفعهما إلى العنق ، وكذلك البعير . وقد احتبى بثوبه احتباء ، والاحتباء بالثوب : الاشتمال ، والاسم الحبوة والحبوة والحبية ؛ وقول ساعدة بن جؤية :


أري الجوارس في ذؤابة مشرف     فيه النسور كما تحبى الموكب



يقول : استدارت النسور فيه كأنهم ركب محتبون . والحبوة والحبوة : الثوب الذي يحتبى به ، وجمعها حبى ، مكسور الأول ؛ عن يعقوب ؛ قال ابن بري : وحبى أيضا عن يعقوب ذكرهما معا في إصلاحه قال : ويروى بيت الفرزدق وهو :


وما حل من جهل حبى حلمائنا     ولا قائل المعروف فينا يعنف



بالوجهين جميعا ، فمن كسر كان مثل سدرة وسدر ومن ضم فمثل غرفة وغرف . وفي الحديث : ( أنه نهى عن الاحتباء في ثوب واحد ) ابن الأثير : هو أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشده عليها ، قال : وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب وإنما نهى عنه لأنه إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد ربما تحرك أو زال الثوب فتبدو عورته ؛ ومنه الحديث : ( الاحتباء حيطان العرب ) أي ليس في البراري حيطان ، فإذا أرادوا أن يستندوا احتبوا لأن الاحتباء يمنعهم من السقوط ويصير لهم كالجدار . وفي الحديث : ( نهي عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب ) لأن الاحتباء يجلب النوم ولا يسمع الخطبة ويعرض طهارته للانتقاض . وفي حديث سعد ( نبطي في حبوته ) قال ابن الأثير : هكذا جاء في رواية والمشهور بالجيم وقد تقدم . والعرب تقول : الحبا حيطان العرب ، وهو ما تقدم ، وقد احتبى بيده احتباء . الجوهري : احتبى الرجل إذا جمع ظهره وساقيه بعمامته ، وقد يحتبي بيديه . يقال : حل حبوته وحبوته . وفي حديث الأحنف : وقيل له في الحرب أين الحلم ؟ فقال : عند الحبى ؛ أراد أن الحلم يحسن في السلم لا في الحرب . والحابية : رملة مرتفعة مشرفة منبتة . والحابي : نبت سمي به لحبوه وعلوه . وحبا حبوا : مشى على يديه وبطنه . وحبا الصبي حبوا : مشى على استه وأشرف بصدره ، وقال الجوهري : هو إذا زحف ؛ قال عمرو بن شقيق :


لولا السفار وبعده من مهمه     لتركتها تحبو على العرقوب



قال ابن بري : رواه ابن القطاع : وبعد خرق مهمه ، وبعده من مهمه . الليث : الصبي يحبو قبل أن يقوم ، والبعير المعقول يحبو فيزحف حبوا . وفي الحديث : لو يعلمون ما في العتمة والفجر لأتوهما ولو حبوا ؛ الحبو : أن يمشي على يديه وركبتيه أو استه . وحبا البعير إذا برك وزحف من الإعياء . والحبي : السحاب الذي يشرف من الأفق على الأرض ، فعيل ؛ وقيل : هو السحاب الذي بعضه فوق بعض ؛ قال :


يضيء حبيا في شمارخ بيض



قيل له حبي من حبا كما يقال له سحاب من سحب أهدابه ، وقد جاء بكليهما شعر العرب ، قالت امرأة :


وأقبل يزحف زحف الكبير     سياق الرعاء البطاء العشارا



وقال أوس :


دان مسف فويق الأرض هيدبه     يكاد يدفعه من قام بالراح



وقالت صبية منهم لأبيها فتجاوزت ذلك :


أناخ بذي بقر بركه     كأن على عضديه كتافا



قال الجوهري : والحبي من السحاب الذي يعترض اعتراض الجبل قبل أن يطبق السماء ؛ قال امرؤ القيس :


أصاح ، ترى برقا أريك وميضه     كلمع اليدين في حبي مكلل



قال : والحبا مثل العصا مثله ، ويقال : سمي لدنوه من الأرض . قال ابن بري : يعني مثل الحبي ؛ ومنه قول الشاعر يصف جعبة السهام :


هي ابنة حوب أم تسعين آزرت     أخا ثقة يمري حباها ذوائبه



والحبي : سحاب فوق سحاب . والحبو : امتلاء السحاب بالماء . وكل دان فهو حاب . وفي الحديث حديث وهب : ( كأنه الجبل الحابي ، يعني الثقيل المشرف ) . والحبي من السحاب : المتراكم . وحبا البعير حبوا : كلف تسنم صعب الرمل فأشرف بصدره ثم زحف ؛ قال رؤبة :


أوديت إن لم تحب حبو المعتنك



وما جاء إلا حبوا أي زحفا . ويقال ما نجا فلان إلا حبوا . والحابي من السهام : الذي يزحف إلى الهدف إذا رمي به . الجوهري : حبا السهم إذا زلج على الأرض ثم أصاب الهدف . ويقال : رمى فأحبى أي وقع سهمه دون الغرض ثم تقافز حتى يصيب الغرض . وفي حديث عبد الرحمن : ( إن حابيا خير من زاهق ) . قال القتيبي : الحابي من السهام هو الذي يقع دون الهدف ثم يزحف إليه على الأرض ، يقال : حبا يحبو ، وإن أصاب الرقعة فهو خازق وخاسق ، فإن جاوز الهدف ووقع خلفه فهو زاهق ؛ أراد أن الحابي ، وإن كان ضعيفا وقد أصاب الهدف ، خير من الزاهق الذي جازه بشدة مره وقوته ولم يصب الهدف ؛ ضرب السهمين مثلا لواليين أحدهما ينال الحق أو بعضه وهو ضعيف ، والآخر يجوز الحق ويبعد عنه وهو قوي . وحبا المال حبوا : رزم فلم يتحرك هزالا . وحبت السفينة : جرت . وحبا له الشيء فهو حاب وحبي : اعترض ؛ قال العجاج يصف قرقورا :


فهو إذا حبا له حبي



[ ص: 27 ] فمعنى إذا حبا له حبي : اعترض له موج . والحباء : ما يحبو به الرجل صاحبه ويكرمه به . والحباء : من الاحتباء ؛ ويقال فيه الحباء ، بضم الحاء ، حكاهما الكسائي ، جاء بهما في باب الممدود . وحبا الرجل حبوة أي أعطاه . ابن سيده : وحبا الرجل حبوا أعطاه ، والاسم الحبوة والحبوة والحباء ، وجعل اللحياني جميع ذلك مصادر ؛ وقيل : الحباء العطاء بلا من ولا جزاء ، وقيل : حباه أعطاه ومنعه ؛ عن ابن الأعرابي لم يحكه غيره . وتقول : حبوته أحبوه حباء ، ومنه اشتقت المحاباة ، وحابيته في البيع محاباة ، والحباء : العطاء ؛ قال الفرزدق :


خالي الذي اغتصب الملوك نفوسهم     وإليه كان حباء جفنة ينقل



وفي حديث صلاة التسبيح : ( ألا أمنحك ألا أحبوك ؟ ) حباه كذا إذا أعطاه . ابن سيده : حبا ما حوله يحبوه حماه ومنعه ؛ قال ابن أحمر :


وراحت الشول ولم يحبها     فحل ولم يعتس فيها مدر



وقال أبو حنيفة : لم يحبها لم يلتفت إليها أي أنه شغل بنفسه ، ولولا شغله بنفسه لحازها ولم يفارقها ؛ قال الجوهري : وكذلك حبى ما حوله تحبية . وحابى الرجل حباء : نصره واختصه ومال إليه ؛ قال :


اصبر يزيد ، فقد فارقت ذا ثقة     واشكر حباء الذي بالملك حاباكا



وجعل المهلهل مهر المرأة حباء ؛ فقال :


أنكحها فقدها الأراقم في     جنب وكان الحباء من أدم



أراد أنهم لم يكونوا أرباب نعم فيمهروها الإبل وجعلهم دباغين للأدم . ورجل أحبى : ضبس شرير ؛ عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


والدهر أحبى لا يزال ألمه     تدق أركان الجبال ثلمه



وحبا جعيران : نبات . وحبي والحبيا : موضعان ؛ قال الراعي :


جعلنا حبيا باليمين ، ونكبت     كبيسا لورد من ضئيدة باكر



وقال القطامي


من عن يمين الحبيا نظرة قبل



وكذلك حبيات ؛ قال عمر بن أبي ربيعة :


ألم تسل الأطلال والمتربعا     ببطن حبيات دوارس بلقعا



الأزهري : قال أبو العباس فلان يحبو قصاهم ويحوط قصاهم بمعنى ؛ وأنشد :


أفرغ لجوف وردها أفراد     عباهل عبهلها الوراد
يحبو قصاها مخدر سناد     أحمر من ضئضئها مياد



سناد : مشرف ، ومياد : يجيء ويذهب .

التالي السابق


الخدمات العلمية