صفحة جزء
[ حتت ]

حتت : الحت : فركك الشيء اليابس عن الثوب ، ونحوه . حت الشيء عن الثوب وغيره يحته حتا : فركه وقشره ، فانحت وتحات ؛ واسم ما تحات منه : الحتات ، كالدقاق ، وهذا البناء من الغالب على مثل هذا وعامته الهاء . وكل ما قشر ، فقد حت . وفي الحديث : ( أنه قال لامرأة سألته عن الدم يصيب ثوبها ، فقال لها : حتيه ولو بضلع ) معناه : حكيه وأزيليه . والضلع : العود . والحت والحك والقشر سواء ؛ وقال الشاعر :


وما أخذ الديوان ؛ حتى تصعلكا زمانا ، وحت الأشهبان غناهما



حت : قشر وحك . وتصعلك : افتقر . وفي حديث عمر : أن أسلم كان يأتيه بالصاع من التمر ، فيقول : حت عنه قشره أي اقشره ؛ ومنه حديث كعب : ( يبعث من بقيع الغرقد سبعون ألفا ، هم خيار من ينحت عن خطمه المدر ) أي ينقشر ويسقط عن أنوفهم المدر ، وهو التراب . وحتات كل شيء : ما تحات منه ؛ وأنشد :


تحت بقرنيها برير أراكة     وتعطو بظلفيها ، إذا الغصن طالها



والحت دون النحت . قال شمر : تركتهم حتا فتا بتا إذا استأصلتهم . وفي الدعاء : تركه الله حتا فتا لا يملأ كفا ؛ أي محتوتا أو منحتا . والحت ، والانحتات ، والتحات ، والتحتحت : سقوط الورق عن الغصن وغيره . والحتوت من النخل : التي يتناثر بسرها ، وهي شجرة محتات منثار . وتحات الشيء أي تناثر . وفي الحديث : ( ذاكر الله في الغافلين مثل الشجرة الخضراء وسط الشجر الذي تحات ورقه من الضريب ) أي تساقط . والضريب : الصقيع . وفي الحديث : ( تحاتت عنه ذنوبه ) أي تساقطت . والحتت : داء يصيب الشجر ، تحات أوراقها منه . وانحت شعره عن رأسه ، وانحص إذا تساقط . والحتة : القشرة . وحت الله ماله حتا : أذهبه فأفقره ، على المثل . وأحت الأرطى : يبس . والحت : العجلة في كل شيء . وحته مائة سوط : ضربه وعجل ضربه . وحته دراهمه : عجل له النقد . وفرس حت : جواد سريع ، كثير العدو ؛ وقيل : سريع العرق ، والجمع أحتات ، لا يجاوز [ ص: 28 ] به هذا البناء . وبعير حت وحتحت : سريع السير خفيف ، وكذلك الظليم ؛ وقال الأعلم بن عبد الله الهذلي :


على حت البراية زمخري الس     واعد ، ظل في شري طوال



وإنما أراد حتا عند البراية أي سريع عندما يبريه من السفر ؛ وقيل : أراد حت البري ، فوضع الاسم موضع المصدر ؛ وخالف قوم من البصريين تفسير هذا البيت ، فقالوا : يعني بعيرا ؛ فقال الأصمعي : كيف يكون ذلك وهو يقول قبله :


كأن ملاءتي على هجف     يعن مع العشية للرئال ؟



قال ابن سيده : وعندي أنه إنما هو ظليم ، شبه به فرسه أو بعيره ، ألا تراه قال : " هجف " ، وهذا من صفة الظليم ، وقال : " ظل في شري طوال " ، والفرس أو البعير لا يأكلان الشري ، إنما يهتبده النعام ، وقوله : " حت البراية " ، ليس هو ما ذهب إليه من قوله : إنه سريع عندما يبريه من السفر ، إنما هو منحت الريش لما ينفض عنه عفاءه من الربيع ، ووضع المصدر الذي هو الحت موضع الصفة الذي هو المنحت ؟ والبراية : النحاتة . وزمخري السواعد : طويلها . والحت : السريع أي هو سريع عندما براه السير . والشري : شجر الحنظل ، واحدته شرية . وقال ابن جني : الشري شجر تتخذ منه القسي ؛ قال : وقوله " ظل في شري طوال " يريد أنهن إذا كن طوالا سترنه فزاد استيحاشه ، ولو كن قصارا لسرح بصره ، وطابت نفسه ، فخفض عدوه . قال ابن بري : قال الأصمعي : شبه فرسه في عدوه وهربه بالظليم ، واستدل بقوله :


كأن ملاءتي على هجف



قال : وفي أصل النسخة شبه نفسه في عدوه ، قال : والصواب شبه فرسه . والحتحتة : السرعة . والحت أيضا : الكريم العتيق . وحته عن الشيء يحته ، حتا : رده . وفي الحديث : أنه قال لسعد يوم أحد : " احتتهم يا سعد ، فداك أبي وأمي ، يعني ارددهم " . قال الأزهري : إن صحت هذه اللفظة ، فهي مأخوذة من حت الشيء ، وهو قشره شيئا بعد شيء وحكه . والحت : القشر . والحت : حتك الورق من الغصن ، والمني من الثوب ونحوه . وحت الجراد : ميته . وجاء بتمر حت : لا يلتزق بعضه ببعض . والحتات من أمراض الإبل : أن يأخذ البعير هلس ، فيتغير لحمه وطرقه ولونه ، ويتمعط شعره ؛ عن الهجري . والحت : قبيلة من كندة ، ينسبون إلى بلد ، ليس بأم ولا أب ؛ وأما قول الفرزدق :


فإنك واجد دوني صعودا     جراثيم الأقارع والحتات



فيعني به حتات بن زيد المجاشعي ؛ وأورد هذا الليث في ترجمة قرع . وقال : الحتات بشر بن عامر بن علقمة . وحت : زجر للطير . قال ابن سيده : وحتى حرف من حروف الجر كإلى ، ومعناه الغاية ، كقولك : سرت اليوم حتى الليل أي إلى الليل ، وتدخل على الأفعال الآتية : فتنصبها بإضمار أن ، وتكون عاطفة ؛ وقال الأزهري : قال النحويون : " حتى " تجيء لوقت منتظر ، وتجيء بمعنى إلى وأجمعوا أن الإمالة فيها غير مستقيمة ، وكذلك في على ؛ ولحتى في الأسماء والأفعال أعمال مختلفة ، ولم يفسرها في هذا المكان ؛ وقال بعضهم : حتى فعلى من الحت ، وهو الفراغ من الشيء ، مثل شتى من الشت ؛ قال الأزهري : وليس هذا القول مما يعرج عليه ؛ لأنها لو كانت فعلى من الحت ، كانت الإمالة جائزة ، ولكنها حرف أداة ، وليست باسم ، ولا فعل ؛ وقال الجوهري : حتى فعلى ، وهي حرف ، تكون جارة بمنزلة إلى في الانتهاء والغاية ، وتكون عاطفة بمنزلة الواو ، وقد تكون حرف ابتداء ، يستأنف بها الكلام بعدها كما قال جرير يهجو الأخطل ، ويذكر إيقاع الجحاف بقومه :


فما زالت القتلى تمج دماءها     بدجلة ، حتى ماء دجلة أشكل
لنا الفضل في الدنيا ، وأنفك راغم     ونحن لكم يوم القيامة ، أفضل



والشكل : حمرة في بياض ؛ فإن أدخلتها على الفعل المستقبل ، نصبته بإضمار أن ، تقول : سرت إلى الكوفة حتى أدخلها ، بمعنى إلى أن أدخلها ؛ فإن كنت في حال دخول رفعت . وقرئ : وزلزلوا حتى يقول الرسول ، ويقول فمن نصب جعله غاية ، ومن رفع جعله حالا ، بمعنى حتى الرسول هذه حاله ؛ وقولهم : حتام ، أصله حتى ما ، فحذفت ألف ما للاستفهام ؛ وكذلك كل حرف من حروف الجر يضاف في الاستفهام إلى ما ، فإن ألف ما تحذف فيه ، كقوله تعالى : فبم تبشروني و فيم كنتم و لم تؤذونني و عم يتساءلون وهذيل تقول : عتى في حتى .

التالي السابق


الخدمات العلمية