صفحة جزء
[ حجا ]

حجا : الحجا مقصور : العقل والفطنة ؛ وأنشد الليث للأعشى :


إذ هي مثل الغصن ميالة تروق عيني ذي الحجا الزائر



والجمع أحجاء ؛ قال ذو الرمة :


ليوم من الأيام شبه طوله     ذوو الرأي والأحجاء منقلع الصخر



وكلمة محجية : مخالفة المعنى للفظ ، وهي الأحجية والأحجوة ، وقد حاجيته محاجاة وحجاء : فاطنته فحجوته . وبينهما أحجية يتحاجون بها ، وأدعية في معناها . وقال الأزهري : حاجيته فحجوته إذا ألقيت عليه كلمة محجية مخالفة المعنى للفظ ، والجواري يتحاجين . وتقول الجارية للأخرى : حجياك ما كان كذا وكذا . والأحجية : اسم المحاجاة ، وفي لغة أحجوة . قال الأزهري : والياء أحسن . والأحجية والحجيا : هي لعبة وأغلوطة يتعاطاها الناس بينهم ، وهي من نحو قولهم : أخرج ما في يدي ولك كذا . الأزهري : والحجوى أيضا اسم المحاجاة ؛ وقالت ابنة الخس :


قالت قالة أختي     وحجواها لها عقل :
ترى الفتيان كالنخل     وما يدريك ما الدخل ؟



وتقول : أنا حجياك في هذا أي من يحاجيك . واحتجى هو : أصاب ما حاجيته به ؛ قال :


فناصيتي وراحلتي ورحلي     ونسعا ناقتي لمن احتجاها



وهم يتحاجون بكذا . وهي الحجوى . والحجيا : تصغير الحجوى . وحجياك ما كذا أي أحاجيك . وفلان يأتينا بالأحاجي أي بالأغاليط . وفلان لا يحجو السر أي لا يحفظه . أبو زيد : حجا سره يحجوه إذا كتمه . وفي نوادر الأعراب : لا محاجاة عندي في كذا ولا مكافأة أي لا كتمان له ولا ستر عندي . ويقال للراعي إذا ضيع غنمه فتفرقت : ما يحجو فلان غنمه ولا إبله . وسقاء لا يحجو الماء : لا يمسكه . وراع لا يحجو إبله أي لا يحفظها ، والمصدر من ذلك كله الحجو ، واشتقاقه مما تقدم ؛ وقول الكميت :


هجوتكم فتحجوا ما أقول لكم     بالظن ، إنكم من جارة الجار



قال أبو الهيثم : قوله فتحجوا أي تفطنوا له وازكنوا ، وقوله من جارة الجار أراد : أن أمكم ولدتكم من دبرها لا من قبلها ؛ أراد : إن آباءكم يأتون النساء في محاشهن ، قال : هو من الحجى العقل والفطنة ، قال : والدبر مؤنثة والقبل مذكر ، فلذلك قال جارة الجار . وفي الحديث : ( من بات على ظهر بيت ليس عليه حجا فقد برئت منه الذمة ) هكذا رواه الخطابي في معالم السنن ، وقال : إنه يروى بكسر الحاء وفتحها ، ومعناه فيهما معنى الستر ، فمن قال بالكسر شبهه بالحجى العقل لأنه يمنع الإنسان من الفساد ويحفظه من التعرض للهلاك ، فشبه الستر الذي يكون على السطح المانع للإنسان من التردي والسقوط بالعقل المانع له من أفعال السوء المؤدية إلى التردي ، ومن رواه بالفتح فقد ذهب إلى الناحية والطرف . وأحجاء الشيء : نواحيه ، واحدها حجا . وفي حديث المسألة : ( حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى قد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة ) أي من ذوي العقل . والحجا : الناحية . وأحجاء البلاد : نواحيها وأطرافها ؛ قال ابن مقبل :


لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا     تبنى له في السماوات السلاليم



ويروى : أعناء . وحجا الشيء : حرفه ؛ قال :


وكأن نخلا في مطيطة ثاويا     والكمع بين قرارها وحجاها



ونسب ابن بري هذا البيت لابن الرقاع مستشهدا به على قوله : والحجا ما أشرف من الأرض . وحجا الوادي : منعرجه . والحجا : الملجأ ، وقيل : الجانب ، والجمع أحجاء . اللحياني : ما له ملجا ولا محجى بمعنى واحد . قال أبو زيد : إنه لحجي إلى بني فلان أي لاجئ إليهم . وتحجيت الشيء : تعمدته ؛ قال ذو الرمة :


فجاءت بأغباش تحجى شريعة     تلادا عليها رميها واحتبالها



قال : تحجى تقصد حجاه ، وهذا البيت أورده الجوهري : فجاء بأغباش ؛ قال ابن بري : وصوابه بالتاء لأنه يصف حمير وحش ، وتلادا أي قديمة ، عليها أي على هذه الشريعة ما بين رام ومحتبل ؛ وفي التهذيب للأخطل :


حجونا بني النعمان ، إذ عص ملكهم     وقبل بني النعمان حاربنا عمرو



قال : الذي فسره حجونا قصدنا واعتمدنا . وتحجيت الشيء : تعمدته . وحجوت بالمكان : أقمت به ، وكذلك تحجيت به . قال ابن سيده : وحجا بالمكان حجوا وتحجى أقام فثبت ؛ وأنشد الفارسي لعمارة بن أيمن الرياني :


حيث تحجى مطرق بالفالق



وكل ذلك من التمسك والاحتباس ؛ قال العجاج :


فهن يعكفن به ، إذا حجا     عكف النبيط يلعبون الفنزجا



التهذيب عن الفراء : حجئت بالشيء وتحجيت به ، يهمز ولا يهمز ، تمسكت ولزمت ؛ وأنشد بيت ابن أحمر :


أصم دعاء عاذلتي تحجى     بآخرنا ، وتنسى أولينا



أي تمسك به وتلزمه ، قال : وهو يحجو به ؛ وأنشد للعجاج :

فهن يعكفن به إذا حجا

[ ص: 50 ] أي إذا أقام به ، قال : ومنه قول عدي بن زيد :


أطف لأنفه الموسى قصير     وكان بأنفه حجئا ضنينا



قال شمر : تحجيت تمسكت جيدا . ابن الأعرابي : الحجو الوقوف ، حجا إذا وقف ؛ وقال : وحجا معدول من حجا ، إذا وقف . وحجيت بالشيء ، بالكسر ، أي أولعت به ولزمته ، يهمز ولا يهمز ، وكذلك تحجيت به ؛ وأنشد بيت ابن أحمر :


أصم دعاء عاذلتي تحجى



يقال : تحجيت بهذا المكان أي سبقتكم إليه ولزمته قبلكم . قال ابن بري : أصم دعاء عاذلتي أي جعلها الله لا تدعو إلا أصم . وقوله تحجى أي تسبق إليهم باللوم وتدع الأولين ، وحجا الفحل الشول يحجو : هدر فعرفت هديره فانصرفت إليه . وحجا به حجوا وتحجى ، كلاهما : ضن ، ومنه سمي الرجل حجوة . وحجا الرجل للقوم كذا وكذا أي حزاهم وظنهم كذلك . وإني أحجو به خيرا أي أظن . الأزهري : يقال : تحجى فلان بظنه إذا ظن شيئا فادعاه ظانا ولم يستيقنه ؛ قال الكميت :


تحجى أبوها من أبوهم فصادفوا     سواه ، ومن يجهل أباه فقد جهل



ويقال : حجوت فلانا بكذا إذا ظننته به ؛ قال الشاعر :


قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة     حتى ألمت بنا يوما ملمات



الكسائي : ما حجوت منه شيئا وما هجوت منه شيئا أي ما حفظت منه شيئا . وحجت الريح السفينة : ساقتها . وفي الحديث : " أقبلت سفينة فحجتها الريح إلى موضع كذا " أي ساقتها ورمت بها إليه . وفي التهذيب : تحجيتكم إلى هذا المكان أي سبقتكم إليه . ابن سيده : والحجوة الحدقة . الليث : الحجوة هي الجحمة يعني الحدقة . قال الأزهري : لا أدري هي الجحوة أو الحجوة للحدقة . ابن سيده : هو حج أن يفعل كذا ، وحجي وحجا أي خليق حري به ، فمن قال حج وحجي ثنى وجمع وأنث فقال حجيان وحجون وحجية وحجيتان وحجيات وكذلك حجي في كل ذلك ، ومن قال حجا لم يثن ولا جمع ولا أنث كما قلنا في قمن بل كل ذلك على لفظ الواحد ، وقال ابن الأعرابي : لا يقال حجى . وإنه لمحجاة أن يفعل أي مقمنة ؛ قال اللحياني : لا يثنى ولا يجمع بل كل ذلك على لفظ واحد . وفي التهذيب : هو حج وما أحجاه بذلك وأحراه ؛ قال العجاج :


كر بأحجى مانع أن يمنعا



وأحج به أي أحر به ، وأحج به أي ما أخلقه بذلك وأخلق به ، وهو من التعجب الذي لا فعل له ، وأنشد ابن بري لمخروع بن رقيع :


ونحن أحجى الناس أن نذبا     عن حرمة إذا الحديث عبا
والقائدون الخيل جردا قبا



وفي حديث ابن صياد : ما كان في أنفسنا أحجى أن يكون هو مذ مات ، يعني الدجال ، أحجى بمعنى أجدر وأولى وأحق ، من قولهم : حجا بالمكان إذا أقام به وثبت . وفي حديث ابن مسعود : إنكم ، معاشر همدان ، من أحجى حي بالكوفة أي أولى وأحق ، ويجوز أن يكون من أعقل حي بها . والحجاء ، ممدود : الزمزمة ، وهو من شعار المجوس ؛ قال :


زمزمة المجوس في حجائها



قال ابن الأعرابي في حديث رواه عن رجل قال : رأيت علجا يوم القادسية قد تكنى وتحجى فقتلته ؛ قال ثعلب : سألت ابن الأعرابي عن تحجى فقال معناه زمزم ، قال : وكأنهما لغتان إذا فتحت الحاء قصرت ، وإذا كسرتها مددت ، ومثله الصلا والصلاء والأيا والإياء للضوء ؛ قال : وتكنى لزم الكن ؛ وقال ابن الأثير في تفسير الحديث : قيل هو من الحجاة الستر . واحتجاه إذا كتمه . والحجاة : نفاخة الماء من قطر أو غيره ؛ قال :


أقلب طرفي في الفوارس لا أرى     حزاقا ، وعيني كالحجاة من القطر



وربما سموا الغدير نفسه حجاة ، والجمع من كل ذلك حجى ، مقصور ، وحجي . الأزهري : الحجاة فقاعة ترتفع فوق الماء كأنها قارورة ، والجمع الحجوات . وفي حديث عمرو : ( قال لمعاوية فإن أمرك كالجعدبة أو كالحجاة في الضعف ) الحجاة ، بالفتح : نفاخات الماء . واستحجى اللحم : تغير ريحه من عارض يصيب البعير أو الشاة أو اللحم منه . وفي الحديث : ( أن عمر طاف بناقة قد انكسرت فقال : والله ما هي بمغد فيستحجي لحمها ) ، هو من ذلك ؛ والمغد : الناقة التي أخذتها الغدة وهي الطاعون . قال ابن سيده : حملنا هذا على الياء لأنا لا نعرف من أي شيء انقلبت ألفه فجعلناه من الأغلب عليه وهو الياء ، وبذلك أوصانا أبو علي الفارسي ، رحمه الله . وأحجاء : اسم موضع ؛ قال الراعي :


قوالص أطراف المسوح كأنها     برجلة أحجاء ، نعام نوافر



التالي السابق


الخدمات العلمية