صفحة جزء
[ حرج ]

حرج : الحرج والحرج : الإثم . والحارج : الآثم ; قال ابن سيده : أراه على النسب ؛ لأنه لا فعل له . والحرج والحرج والمتحرج : الكاف عن الإثم . وقولهم : رجل متحرج ؛ كقولهم : رجل متأثم ومتحوب ومتحنث ، يلقي الحرج والحنث والحوب والإثم عن نفسه . ورجل متلوم إذا تربص بالأمر يريد إلقاء الملامة عن نفسه ; قال الأزهري : وهذه حروف جاءت معانيها مخالفة لألفاظها ; وقال : قال ذلك أحمد بن يحيى . وأحرجه أي آثمه . وتحرج : تأثم . والتحريج : التضييق ; وفي الحديث : ( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) . قال ابن الأثير : الحرج في الأصل الضيق ، ويقع على الإثم والحرام ; وقيل : الحرج أضيق الضيق ; فمعناه أي لا بأس ولا إثم عليكم أن تحدثوا عنهم ما سمعتم ، وإن استحال أن يكون في هذه الأمة مثل ما روي أن ثيابهم كانت تطول ، وأن النار كانت تنزل من السماء فتأكل القربان وغير ذلك ، لا أن نتحدث عنهم بالكذب . ويشهد لهذا التأويل ما جاء في بعض رواياته فإن فيهم العجائب ; وقيل : معناه أن الحديث عنهم إذا أديته على ما سمعته ، حقا كان أو باطلا ، لم يكن عليك إثم لطول العهد ووقوع الفترة ، بخلاف الحديث عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه إنما يكون بعد العلم بصحة روايته وعدالة رواته ; وقيل : معناه أن الحديث عنهم ليس على الوجوب لأن قوله ، عليه السلام ، في أول الحديث : ( بلغوا عني ) على الوجوب ، ثم أتبعه بقوله : ( وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج عليكم إن لم تحدثوا عنهم ) . قال : ومن أحاديث الحرج قوله ، عليه السلام ، في قتل الحيات : ( فليحرج عليها ) هو أن يقول لها : أنت في حرج أي في ضيق ، إن عدت إلينا فلا تلومينا أن نضيق عليك بالتتبع والطرد والقتل . قال : ومنها حديث اليتامى : ( تحرجوا أن يأكلوا معهم ) أي ضيقوا على أنفسهم . وتحرج فلان إذا فعل فعلا يتحرج به ، من الحرج ، الإثم والضيق ; ومنه الحديث : ( اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة ) أي أضيقه وأحرمه على من ظلمهما ; وفي حديث ابن عباس في صلاة الجمعة : كره أن يحرجهم أي يوقعهم في الحرج . قال ابن الأثير : وورد الحرج في أحاديث كثيرة وكلها راجعة إلى هذا المعنى . ورجل حرج وحرج : ضيق الصدر ; وأنشد :


لا حرج الصدر ولا عنيف



والحرج : الضيق . وحرج صدره يحرج حرجا : ضاق فلم ينشرح لخير ، فهو حرج وحرج ، فمن قال حرج ؛ ثنى وجمع ، ومن قال حرج أفرد ، لأنه مصدر . وقوله تعالى : يجعل صدره ضيقا حرجا وحرجا ; قال الفراء : قرأها ابن عباس وعمر ، رضي الله عنهما ، حرجا ، وقرأها الناس حرجا . قال : والحرج فيما فسر ابن عباس هو الموضع الكثير الشجر الذي لا يصل إليه الراعية ; قال : وكذلك صدر الكافر لا يصل إليه الحكمة ; قال : وهو في كسره ونصبه بمنزلة الوحد والوحد ، والفرد والفرد ، والدنف والدنف . وقال الزجاج : الحرج في اللغة أضيق الضيق ، ومعناه أنه ضيق جدا . قال : ومن قال رجل حرج الصدر فمعناه ذو حرج في صدره ، ومن قال حرج جعله فاعلا ; وكذلك رجل دنف ذو دنف ، ودنف نعت ; الجوهري : ومكان حرج وحرج أي مكان ضيق كثير الشجر . والحرج : الذي لا يكاد يبرح القتال ; قال :


منا الزوين الحرج المقاتل



والحرج : الذي لا ينهزم كأنه يضيق عليه العذر في الانهزام . والحرج : [ ص: 75 ] الذي يهاب أن يتقدم على الأمر ، وهذا ضيق أيضا . وحرج إليه : لجأ عن ضيق . وأحرجه إليه : ألجأه وضيق عليه . وحرج فلان على فلان إذا ضيق عليه ، وأحرجت فلانا : صيرته إلى الحرج ، وهو الضيق ; وأحرجته : ألجأته إلى مضيق ، وكذلك أحجرته وأحردته ، بمعنى واحد ; ويقال : أحرجني إلى كذا وكذا فحرجت إليه أي انضممت . وأحرج الكلب والسبع : ألجأه إلى مضيق فحمل عليه . وحرج الغبار ، فهو حرج : ثار في موضع ضيق ، فانضم إلى حائط أو سند ; قال :


وغارة يحرج القتام لها     يهلك فيها المناجد البطل



قال الأزهري : قال الليث : يقال للغبار الساطع المنضم إلى حائط أو سند قد حرج إليه ; وقال لبيد :


حرجا إلى أعلامهن قتامها



ومكان حرج وحريج ; قال :


وما أبهمت فهو حج حريج



وحرجت عينه تحرج حرجا أي حارت ; قال ذو الرمة :


تزداد للعين إبهاجا إذا سفرت     وتحرج العين فيها حين تنتقب



وقيل : معناه أنها لا تنصرف ولا تطرف من شدة النظر . الأزهري : الحرج أن ينظر الرجل فلا يستطيع أن يتحرك من مكانه فرقا وغيظا . وحرج عليه السحور إذا أصبح قبل أن يتسحر ، فحرم عليه لضيق وقته . وحرجت الصلاة على المرأة حرجا : حرمت ، وهو من الضيق لأن الشيء إذا حرم فقد ضاق . وحرج علي ظلمك حرجا أي حرم . ويقال : أحرج امرأته بطلقة أي حرمها ; ويقال : أكسعها بالمحرجات ؟ يريد بثلاث تطليقات . الأزهري : وقرأ ابن عباس ، رضي الله عنهما : وحرث حرج أي حرام ; وقرأ الناس : وحرث حجر . الجوهري : والحرج لغة في الحرج ، وهو الإثم ; قال : حكاه يونس . والحرجة : الغيضة لضيقها ; وقيل : الشجر الملتف ، وهي أيضا الشجرة تكون بين الأشجار لا تصل إليها الآكلة ، وهي ما رعى من المال . والجمع من كل ذلك : حرج وأحراج وحرجات ; قال الشاعر :


أيا حرجات الحي حين تحملوا     بذي سلم لا جادكن ربيع !



وحراج ; قال رؤبة :


عاذا بكم من سنة مسحاج     شهباء تلقي ورق الحراج



وهي المحاريج . وقيل : الحرجة تكون من السمر والطلح والعوسج والسلم والسدر ; وقيل : هو ما اجتمع من السدر والزيتون وسائر الشجر ; وقيل : هي موضع من الغيضة تلتف فيه شجرات قدر رمية حجر ; قال أبو زيد : سميت بذلك لالتفافها وضيق المسلك فيها . وقال الجوهري : الحرجة مجتمع شجر . قال الأزهري : قال أبو الهيثم : الحراج غياض من شجر السلم ملتفة ، لا يقدر أحد أن ينفذ فيها ; قال العجاج :


عاين حيا كالحراج نعمه     يكون أقصى شله محرنجمه



وفي حديث حنين : حتى تركوه في حرجة ; الحرجة بالفتح والتحريك : مجتمع شجر ملتف كالغيضة . وفي حديث معاذ بن عمرو : نظرت إلى أبي جهل في مثل الحرجة . والحديث الآخر : إن موضع البيت كان في حرجة وعضاه . وحراج الظلماء : ما كثف والتف ; قال ابن ميادة :


ألا طرقتنا أم أوس ودونها     حراج من الظلماء يعشى غرابها ؟



خص الغراب لحدة البصر ، يقول : فإذا لم يبصر فيها الغراب مع حدة بصره فما ظنك بغيره ؟ والحرجة : الجماعة من الإبل ، قال ابن سيده : والحرجة مائة من الإبل . وركب الحرجة أي الطريق ; وقيل : معظمه ، وقد حكيت بجيمين . والحرج : سرير يحمل عليه المريض أو الميت ; وقيل : هو خشب يشد بعضه إلى بعض قال امرؤ القيس :


فإما تريني في رحالة جابر     على حرج كالقر تخفق أكفاني



ابن بري : أراد بالرحالة الخشب الذي يحمل عليه في مرضه ، وأراد بالأكفان ثيابه التي عليه لأنه قدر أنها ثيابه التي يدفن فيها . وخفقها ضرب الريح لها . وأراد بجابر جابر بن حني التغلبي ، وكان معه في بلاد الروم ، فلما اشتدت علته صنع له من الخشب شيئا كالقر يحمل فيه ; والقر : مركب من مراكب الرجال بين الرحل والسرج . قال : كذا ذكره أبو عبيد ، وقال غيره : هو الهودج . الجوهري : الحرج خشب يشد بعضه إلى بعض تحمل فيه الموتى ، وربما وضع فوق نعش النساء . قال الأزهري : وحرج النعش شجار من خشب جعل فوق نعش الميت ، وهو سريره . قال الأزهري : وأما قول عنترة يصف ظليما وقلصه :


يتبعن قلة رأسه وكأنه     حرج على نعش لهن مخيم



هذا يصف نعامة يتبعها رئالها ، وهو يبسط جناحيه ويجعلها تحته . قال ابن سيده : والحرج مركب للنساء والرجال ليس له رأس . والحرج والحرج : الشخص . والحرج من الإبل : التي لا تركب ولا يضربها الفحل ليكون أسمن لها إنما هي معدة ; قال لبيد :


حرج في مرفقيها كالفتل



قال الأزهري : هذا قول الليث ، وهو مدخول . والحرج والحرجوج : الناقة الجسيمة الطويلة على وجه الأرض ; وقيل : الشديدة ، وقيل : هي الضامرة وجمعها حراجيج . وأجاز بعضهم : ناقة حرجج ، بمعنى الحرجوج ، وأصل الحرجوج حرجج ، وأصل الحرجج حرج ، بالضم . وفي الحديث : قدم وفد مذحج على حراجيج ، جمع حرجوج وحرجيج ، وهي الناقة الطويلة ; وقيل : الضامرة ، وقيل : الحرجوج الوقادة الحادة القلب ; قال :


أذاك ولم ترحل إلى أهل مسجد [ ص: 76 ]     برحلي حرجوج عليها النمارق



والحرجوج : الريح الباردة الشديدة ; قال ذو الرمة :


أنقاء سارية حلت عزاليها     من آخر الليل ، ريح غير حرجوج



وحرج الرجل أنيابه يحرجها حرجا : حك بعضها إلى بعض من الحرد ; قال الشاعر :


ويوم تحرج الأضراس فيه     لأبطال الكماة ، به أوام



والحرج ، بكسر الحاء : القطعة من اللحم ، وقيل : هي نصيب الكلب من الصيد وهو ما أشبه الأطراف من الرأس والكراع والبطن ، والكلاب تطمع فيها . قال الأزهري : الحرج ما يلقى للكلب من صيده ، والجمع أحراج ; قال جحدر يصف الأسد :


وتقدمي لليث أمشي نحوه     حتى أكابره على الأحراج



وقال الطرماح :


يبتدرن الأحراج كالثول ، والحر     ج لرب الكلاب يصطفده



يصطفده أي يدخره ويجعله صفدا لنفسه ويختاره ; شبه الكلاب في سرعتها بالزنابير ، وهي الثول . وقال الأصمعي : أحرج لكلبك من صيده فإنه أدعى إلى الصيد . وقال المفضل : الحرج حبال تنصب للسبع ; قال الشاعر :


وشر الندامى من تبيت ثيابه     مجففة كأنها حرج حابل



والحرج : الودعة ، والجمع أحراج وحراج ; وقول الهذلي :


ألم تقتلوا الحرجين ، إذ أعرضا لكم     يمران بالأيدي اللحاء المضفرا ؟



إنما عنى بالحرجين رجلين أبيضين كالودعة ؛ فإما أن يكون البياض لونهما ، وإما أن يكون كنى بذلك عن شرفهما ، وكان هذان الرجلان قد قشرا لحاء شجر الكعبة ليتخفرا بذلك . والمضفر : المفتول كالضفيرة . والحرج : قلادة الكلب ، والجمع أحراج وحرجة ; قال :


بنواشط غضف يقلدها الأ     حراج ، فوق متونها لمع



الأزهري : ويقال ثلاثة أحرجة ، وكلب محرج ، وكلاب محرجة أي مقلدة ; وأنشد في ترجمة عضرس :


محرجة حص كأن عيونها     إذا أيه القناص بالصيد ، عضرس



محرجة : مقلدة بالأحراج ، جمع حرج للودعة . وحص : قد انحص شعرها ، وقال الأصمعي في قوله :


طاوي الحشا قصرت عنه محرجة



قال : محرجة : في أعناقها حرج ، وهو الودع . والودع : خرز يعلق في أعناقها . الأزهري : والحرج القلادة لكل حيوان . قال : والحرج : الثياب التي تبسط على حبل لتجف ، وجمعها حراج في جمعها . والحرج : جماعة الغنم ، عن كراع ، وجمعه أحراج . والحرج : موضع معروف .

التالي السابق


الخدمات العلمية