صفحة جزء
[ حزن ]

حزن : الحزن والحزن : نقيض الفرح ، وهو خلاف السرور . قال الأخفش : والمثالان يعتقبان هذا الضرب باطراد ، والجمع أحزان ، لا يكسر على غير ذلك ، وقد حزن ، بالكسر ، حزنا وتحازن وتحزن . ورجل حزنان ومحزان : شديد الحزن . وحزنه الأمر يحزنه حزنا وأحزنه ، فهو محزون ومحزن وحزين وحزن ; الأخيرة على النسب ، من قوم حزان وحزناء . الجوهري : حزنه لغة قريش ، وأحزنه لغة تميم ، وقد قرئ بهما . وفي الحديث : أنه كان إذا حزنه أمر صلى ; أي أوقعه في الحزن ، ويروى بالباء ، وقد تقدم في موضعه ، واحتزن وتحزن بمعنى ; قال العجاج :


بكيت والمحتزن البكي وإنما يأتي الصبا الصبي



وفلان يقرأ بالتحزين إذا أرق صوته . وقال سيبويه : أحزنه جعله حزينا ، وحزنه جعل فيه حزنا ، كأفتنه جعله فاتنا ، وفتنه جعل فيه فتنة . وعام الحزن : العام الذي ماتت فيه خديجة ، رضي الله عنها ، و أبو طالب فسماه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عام الحزن ; حكى ذلك ثعلب عن ابن الأعرابي ، قال : وماتا قبل الهجرة بثلاث سنين . الليث : للعرب في الحزن لغتان ، إذا فتحوا ثقلوا ، وإذا ضموا خففوا ; يقال : أصابه حزن شديد وحزن شديد ; أبو عمرو : إذا جاء الحزن منصوبا فتحوه ، وإذا جاء مرفوعا أو مكسورا ضموا الحاء كقول الله عز وجل : وابيضت عيناه من الحزن أي أنه في موضع خفض ، وقال في موضع آخر : تفيض من الدمع حزنا أي أنه في موضع نصب . وقال : ( أشكوا بثي وحزني إلى الله ) ضموا الحاء هاهنا ; قال : وفي استعمال الفعل منه لغتان : تقول حزنني يحزنني حزنا فأنا محزون ويقولون أحزنني فأنا محزن ، وهو محزن ، ويقولون : صوت محزن وأمر محزن ، ولا يقولون صوت حازن . وقال غيره : اللغة العالية حزنه يحزنه ، وأكثر القراء قرءوا : ولا يحزنك قولهم وكذلك قوله : قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون وأما الفعل اللازم فإنه يقال فيه حزن يحزن حزنا لا غير . أبو زيد : لا يقولون قد حزنه الأمر ، ويقولون يحزنه ؛ فإذا قالوا أفعله الله فهو بالألف . وفي حديث ابن عمر حين ذكر الغزو وذكر من يغزو ولا نية له فقال : إن الشيطان يحزنه ; أي يوسوس إليه ويندمه ويقول له لم تركت أهلك ومالك ؟ فيقع في الحزن ويبطل [ ص: 110 ] أجره . وقوله تعالى : وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن قالوا فيه : الحزن هم الغداء والعشاء ، وقيل : هو كل ما يحزن من حزن معاش أو حزن عذاب أو حزن موت ، فقد أذهب الله عن أهل الجنة كل الأحزان . والحزانة بالضم والتخفيف : عيال الرجل الذين يتحزن بأمرهم ولهم . الليث : يقول الرجل لصاحبه كيف حشمك وحزانتك ; أي كيف من تتحزن بأمرهم . وفي قلبه عليك حزانة أي فتنة ; قال : وتسمى سفنجقانية العرب على العجم في أول قدومهم الذي استحقوا به من الدور والضياع ما استحقوا حزانة . قال ابن سيده : والحزانة قدمة العرب على العجم في أول قدومهم الذي استحقوا به ما استحقوا من الدور والضياع ; قال الأزهري : وهذا كله بتخفيف الزاي على فعالة . والسفنجقانية : شرط كان للعرب على العجم بخراسان إذا أخذوا بلدا صلحا أن يكونوا إذا مر بهم الجيوش أفذاذا أو جماعات أن ينزلوهم ويقروهم ، ثم يزودوهم إلى ناحية أخرى . والحزن : بلاد للعرب . قال ابن سيده : والحزن ما غلظ من الأرض ، والجمع حزون وفيها حزونة ; وقوله :


الحزن بابا والعقور كلبا



أجرى فيه الاسم مجرى الصفة ، لأن قوله الحزن بابا بمنزلة قوله الوعر بابا والممتنع بابا . وقد حزن المكان حزونة ، جاءوا به على بناء ضده وهو قولهم : مكان سهل وقد سهل سهولة . وفي حديث ابن المسيب : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أراد أن يغير اسم جده حزن ويسميه سهلا فأبى ، وقال : لا أغير اسما سماني به أبي ، قال : فما زالت فينا تلك الحزونة بعد . والحزن : المكان الغليظ ، وهو الخشن . والحزونة : الخشونة ومنه حديث المغيرة : محزون اللهزمة أي خشنها ، أو أن لهزمته تدلت من الكآبة . ومنه حديث الشعبي : أحزن بنا المنزل أي صار ذا حزونة كأخصب وأجدب ، ويجوز أن يكون من قولهم أحزن وأسهل إذا ركب الحزن والسهل ، كأن المنزل أركبهم الحزونة حيث نزلوا فيه . قال أبو حنيفة : الحزن حزن بني يربوع ، وهو قف غليظ مسير ثلاث ليال في مثلها ، وهي بعيدة من المياه فليس ترعاها الشاء ولا الحمر ، فليس فيها دمن ولا أرواث . وبعير حزني : يرعى الحزن من الأرض . والحزنة : لغة في الحزن ; وقول أبي ذؤيب يصف مطرا :


فحط ، من الحزن ، المغفرا     ت ، والطير تلثق حتى تصيحا



قال الأصمعي : الحزن الجبال الغلاظ الواحدة حزنة مثل صبرة وصبر ، والمغفرات : ذوات الأغفار ، والغفر : ولد الأروية ، والمغفرات مفعول بحط ، ومن رواه فأنزل من حزن المغفرات حذف التنوين لالتقاء الساكنين ، وتلثق حتى تصيحا أي مما بها من الماء ; ومثله قول المتنخل الهذلي :


وأكسو الحلة الشوكاء خدني     وبعض الخير في حزن وراط



والحزن من الدواب : ما خشن ، صفة ، والأنثى حزنة ; والحزن : قبيلة من غسان وهم الذين ذكرهم الأخطل في قوله :


تسأله الصبر من غسان ، إذ حضروا     والحزن : كيف قراك الغلمة الجشر ؟



وأورده الجوهري : كيف قراه الغلمة الجشر ; قال ابن بري : الصواب كيف قراك كما أورده غيره أي الصبر تسأل عمير بن الحباب ، وكان قد قتل ، فتقول له بعد موته : كيف قراك الغلمة الجشر ، وإنما قالوا له ذلك لأنه كان يقول لهم : إنما أنتم جشر ، والجشر : الذين يبيتون مع إبلهم في موضع رعيها ولا يرجعون إلى بيوتهم . والحزن : بلاد بني يربوع ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


وما لي ذنب ، إن جنوب تنفست     بنفحة حزني من النبت أخضرا



قال هذا رجل اتهم بسرق بعير فقال : ليس هو عندي إنما نزع إلى الحزن الذي هو هذا البلد ، يقول : جاءت الجنوب بريح البقل فنزع إليها ; والحزن في قول الأعشى :


ما روضة ، من رياض الحزن ، معشبة     خضراء جاد عليها مسبل هطل



موضع معروف كانت ترعى فيه إبل الملوك ، وهو من أرض بني أسد . قال الأزهري : في بلاد العرب حزنان : أحدهما حزن بني يربوع ، وهو مربع من مرابع العرب فيه رياض وقيعان ، وكانت العرب تقول من تربع الحزن وتشتى الصمان وتقيظ الشرف فقد أخصب ، والحزن الآخر ما بين زبالة فما فوق ذلك مصعدا في بلاد نجد ، وفيه غلظ وارتفاع ، وكان أبو عمرو يقول : الحزن والحزم الغليظ من الأرض ، وقال غيره : الحزم من الأرض ما احتزم من السيل من نجوات المتون ، والظهور والجمع الحزوم . والحزن : ما غلظ من الأرض في ارتفاع ، وقد ذكر الحزم في مكانه . قال ابن شميل : أول حزون الأرض قفافها وجبالها وقواقيها وخشنها ورضمها ، ولا تعد أرض طيبة ، وإن جلدت ، حزنا ، وجمعها حزون ، قال : ويقال حزنة وحزن . وأحزن الرجل إذا صار في الحزن . قال : ويقال للحزن حزن لغتان ; وأنشد قولابن مقبل :


    مرابعه الحمر من صاحة
ومصطافه في الوعول الحزن



الحزن : جمع حزن . وحزن : جبل ; وروي بيت أبي ذؤيب المتقدم :


فأنزل من حزن المغفرات



ورواه بعضهم من حزن ، بضم الحاء والزاي . والحزون : الشاة السيئة الخلق . والحزين : اسم شاعر ، وهو الحزين الكناني ، واسمه عمرو بن عبد وهيب ، وهو القائل في عبد الله بن عبد الملك ووفد إليه إلى مصر وهو واليها يمدحه في أبيات من جملتها :


لما وقفت عليهم في الجموع ضحى     وقد تعرضت الحجاب والخدم
حييته بسلام وهو مرتفق     وضجة القوم عند الباب تزدحم
في كفه حيزران ريحه عبق [ ص: 111 ]     في كف أروع في عرنينه شمم
يغضي حياء ويغضى من مهابته     فما يكلم إلا حين يبتسم



وهو القائل أيضا يهجو إنسانا بالبخل :


كأنما خلقت كفاه من حجر     فليس بين يديه والندى عمل
يرى التيمم في بر وفي بحر     مخافة أن يرى في كفه بلل



التالي السابق


الخدمات العلمية