صفحة جزء
[ حشا ]

حشا : الحشى : ما دون الحجاب مما في البطن كله من الكبد والطحال والكرش ، وما تبع ذلك حشى كله . والحشى : ظاهر البطن وهو الحضن ; وأنشد في صفة امرأة :


هضيم الحشى ما الشمس في يوم دجنها



ويقال : هو لطيف الحشى إذا كان أهيف ضامر الخصر . وتقول : حشوته سهما إذا أصبت حشاه ، وقيل : الحشى ما بين ضلع الخلف التي في آخر الجنب إلى الورك . ابن السكيت : الحشى ما بين آخر الأضلاع إلى رأس الورك . قال الأزهري : والشافعي سمى ذلك كله حشوة ، قال : ونحو ذلك حفظته عن العرب ، تقول لجميع ما في البطن حشوة ، ما عدا الشحم فإنه ليس من الحشوة ، وإذا ثنيت قلت حشيان . وقال الجوهري : الحشى ما اضطمت عليه الضلوع ; وقول المعطل الهذلي :


يقول الذي أمسى إلى الحزن أهله :     بأي الحشى أمسى الخليط المباين

؟

يعني الناحية . التهذيب : إذا اشتكى الرجل حشاه ونساه فهو حش ونس ، والجمع أحشاء . الجوهري : حشوة البطن وحشوته ، بالكسر والضم ، أمعاؤه . وفي حديث المبعث : ( ثم شقا بطني وأخرجا حشوتي ) الحشوة ، بالضم والكسر : الأمعاء . وفي مقتل عبد الله بن جبير : إن حشوته خرجت . الأصمعي : الحشوة موضع الطعام وفيه الأحشاء والأقصاب . وقال الأصمعي : أسفل مواضع الطعام الذي يؤدي إلى المذهب ، المحشاة ، بنصب الميم ، والجمع المحاشي ، وهي المبعر من الدواب ، وقال : ( إياكم وإتيان النساء في محاشيهن فإن كل محشاة حرام ) . وفي الحديث : محاشي النساء حرام . قال ابن الأثير : هكذا جاء في رواية ، وهي جمع محشاة لأسفل مواضع الطعام من الأمعاء فكنى به عن الأدبار ; قال : ويجوز أن تكون المحاشي جمع المحشى ، بالكسر ، وهي العظامة التي تعظم بها المرأة عجيزتها فكنى بها عن الأدبار . والكليتان في أسفل البطن بينهما المثانة ، ومكان البول في المثانة ، والمربض تحت السرة ، وفيه الصفاق ، والصفاق جلدة [ ص: 134 ] البطن الباطنة كلها ، والجلد الأسفل الذي إذا انخرق كان رقيقا ، والمأنة ما غلظ تحت السرة . والحشى : الربو ; قال الشماخ :


تلاعبني ، إذا ما شئت خود     على الأنماط ، ذات حشى قطيع



ويروى : خود ، على أن يجعل من نعت بهكنة في قوله :


ولو أني أشاء كننت نفسي     إلى بيضاء بهكنة شموع



أي ذات نفس منقطع من سمنها ، و ( قطيع ) نعت لحشى . وفي حديث عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، خرج من بيتها ومضى إلى البقيع فتبعته تظن أنه دخل بعض حجر نسائه ، فلما أحس بسوادها قصد قصده فعدت ، فعدا على أثرها ، فلم يدركها إلا وهي في جوف حجرتها ، فدنا منها وقد وقع عليها البهر والربو ، فقال لها : ما لي أراك حشيا رابية ; أي ما لك قد وقع عليك الحشى ، وهو الربو والبهر والنهيج الذي يعرض للمسرع في مشيته والمحتد في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره ، وقيل : أصله من إصابة الربو حشاه . ابن سيده : ورجل حش وحشيان من الربو ، وقد حشي ، بالكسر ; قال أبو جندب الهذلي :


فنهنهت أولى القوم عنهم بضربة     تنفس منها كل حشيان مجحر
والأنثى حشية وحشيا

، على فعلى ، وقد حشيا حشى . وأرنب محشية الكلاب أي تعدو الكلاب خلفها حتى تنبهر . والمحشى : العظامة تعظم بها المرأة عجيزتها ; وقال :


جما غنيات عن المحاشي



والحشية : مرفقة أو مصدغة أو نحوها تعظم بها المرأة بدنها أو عجيزتها لتظن مبدنة أو عجزاء ، وهو من ذلك ; أنشد ثعلب :


إذا ما الزل ضاعفن الحشايا     كفاها أن يلاث بها الإزار



ابن سيده : واحتشت المرأة الحشية واحتشت بها كلاهما لبستها ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


لا تحتشي إلا الصميم الصادقا



يعني أنها لا تلبس الحشايا لأن عظم عجيزتها يغنيها عن ذلك ; وأنشد في التعدي بالباء :


كانت إذا الزل احتشين بالنقب     تلقي الحشايا ما لها فيها أرب



الأزهري : الحشية رفاعة المرأة ، وهو ما تضعه على عجيزتها تعظمها به . يقال : تحشت المرأة تحشيا ، فهي متحشية . والاحتشاء : الامتلاء ، تقول : ما احتشيت في معنى امتلأت . واحتشت المستحاضة : حشت نفسها بالمفارم ونحوها ، وكذلك الرجل ذو الإبردة . التهذيب : والاحتشاء احتشاء الرجل ذي الإبردة ، والمستحاضة تحتشي بالكرسف . قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لامرأة : ( احتشي كرسفا ) وهو القطن تحشو به فرجها . وفي الصحاح : والحائض تحتشي بالكرسف لتحبس الدم . وفي حديث المستحاضة : أمرها أن تغتسل فإن رأت شيئا احتشت ; أي استدخلت شيئا يمنع الدم من القطن ; قال الأزهري : وبه سمي القطن الحشو لأنه تحشى به الفرش وغيرها . ابن سيده : وحشا الوسادة والفراش وغيرهما يحشوها حشوا ملأها ، واسم ذلك الشيء الحشو ، على لفظ المصدر . والحشية : الفراش المحشو . وفي حديث علي : من يعذرني من هؤلاء الضياطرة ، يتخلف أحدهم يتقلب على حشاياه أي على فرشه ، واحدتها حشية ، بالتشديد . ومنه حديث عمرو بن العاص : ليس أخو الحرب من يضع خور الحشايا عن يمينه وشماله . وحشو الرجل : نفسه على المثل ، وقد حشي بها وحشيها ; وقال يزيد بن الحكم الثقفي :


وما برحت نفس لجوج حشيتها     تذيبك حتى قيل : هل أنت مكتوي ؟



وحشي الرجل غيظا وكبرا كلاهما على المثل ; قال المرار :


وحشوت الغيظ في أضلاعه     فهو يمشي حظلانا كالنقر



وأنشد ثعلب :


ولا تأنفا أن تسألا وتسلما     فما حشي الإنسان شرا من الكبر



ابن سيده : وحشوة الشاة وحشوتها جوفها ، وقيل : حشوة البطن وحشوته ما فيه من كبد وطحال وغير ذلك . والمحشى : موضع الطعام . والحشا : ما في البطن ، وتثنيته حشوان ، وهو من ذوات الواو والياء ؛ لأنه مما يثنى بالياء والواو ، والجمع أحشاء . وحشوته : أصبت حشاه . وحشو البيت من الشعر : أجزاؤه غير عروضه وضربه ، وهو من ذلك . والحشو من الكلام : الفضل الذي لا يعتمد عليه ، وكذلك هو من الناس . وحشوة الناس : رذالتهم . وحكى اللحياني : ما أكثر حشوة أرضكم وحشوتها ; أي حشوها وما فيها من الدغل . وفلان من حشوة بني فلان ، بالكسر ، أي من رذالهم ; وحشو الإبل وحاشيتها : صغارها ، وكذلك حواشيها ، واحدتها حاشية ، وقيل : صغارها التي لا كبار فيها ، وكذلك من الناس . والحاشيتان : ابن المخاض وابن اللبون . يقال : أرسل بنو فلان رائدا فانتهى إلى أرض قد شبعت حاشيتاها . وفي حديث الزكاة : خذ من حواشي أموالهم ; قال ابن الأثير : هي صغار الإبل كابن المخاض وابن اللبون ، واحدتها حاشية . وحاشية كل شيء : جانبه وطرفه ، وهو كالحديث الآخر : اتق كرائم أموالهم . وحشي السقاء حشى : صار له من اللبن شبه الجلد من باطن فلصق بالجلد ، فلا يعدم أن ينتن فيروح . وأرض حشاة : سوداء لا خير فيها . وقال في موضع آخر : وأرض حشاة قليلة الخير سوداء . والحشي من النبت : ما فسد أصله وعفن ; عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


كأن صوت شخبها إذا هما     صوت أفاع في حشي أعشما



[ ص: 135 ] ويروى : في خشي ; قال ابن بري : ومثله قول الآخر :


وإن عندي ، إن ركبت مسحلي     سم ذراريح رطاب وحشي



أراد : وحشي فخفف المشدد . وتحشى في بني فلان إذا اضطموا عليه وآووه . وجاء في حاشيته ; أي في قومه الذين في حشاه . وهؤلاء حاشيته أي أهله وخاصته . وهؤلاء حاشيته ، بالنصب ، أي في ناحيته وظله . وأتيته فما أجلني ولا أحشاني أي فما أعطاني جليلة ولا حاشية . وحاشيتا الثوب : جانباه اللذان لا هدب فيهما ، وفي التهذيب : حاشيتا الثوب جنبتاه الطويلتان في طرفيهما الهدب . وحاشية السراب : كل ناحية منه . وفي الحديث : أنه كان يصلي في حاشية المقام أي جانبه وطرفه ، تشبيها بحاشية الثوب ; ومنه حديث معاوية : لو كنت من أهل البادية لنزلت من الكلإ الحاشية . وعيش رقيق الحواشي أي ناعم في دعة . والمحاشي : أكسية خشنة تحلق الجسد ، واحدتها محشاة ; وقول النابغة الذبياني :


اجمع محاشك يا يزيد ، فإنني     أعددت يربوعا لكم وتميما



قال الجوهري : هو من الحشو ; قال ابن بري : قوله في المحاش إنه من الحشو غلط قبيح ، وإنما هو من المحش وهو الحرق ، وقد فسر هذه اللفظة في فصل " محش " فقال : المحاش قوم اجتمعوا من قبائل وتحالفوا عند النار . قال الأزهري : المحاش كأنه مفعل من الحوش ، وهم قوم لفيف أشابة . وأنشد بيت النابغة :

جمع محاشك يا يزيد

. قال أبو منصور : غلط الليث في هذا من وجهين : أحدهما فتحه الميم وجعله إياه مفعلا من الحوش ، والوجه الثاني ما قال في تفسيره والصواب المحاش ، بكسر الميم ، قال أبو عبيدة فيما رواه عنه أبو عبيد ، وابن الأعرابي : إنما هو جمع محاشك ، بكسر الميم ، جعلوه من محشته ; أي أحرقته لا من الحوش ، وقد فسر في موضعه الصحيح أنهم يتحالفون عند النار ، وأما المحاش ، بفتح الميم ، فهو أثاث البيت وأصله من الحوش ، وهو جمع الشيء وضمه ; قال : ولا يقال للفيف الناس محاش . والحشي ، على فعيل : اليابس ; وأنشد العجاج :


والهدب الناعم والحشي



يروى بالحاء والخاء جميعا وحاشى : من حروف الاستثناء تجر ما بعدها كما تجر حتى ما بعدها . وحاشيت من القوم فلانا : استثنيت . وحكى اللحياني : شتمتهم وما حاشيت منهم أحدا وما تحشيت وما حاشيت ; أي ما قلت حاشى لفلان وما استثنيت منهم أحدا . وحاشى لله وحاش لله أي : براءة لله ومعاذا لله ; قال الفارسي : حذفت منه اللام كما قالوا : ولو تر ما أهل مكة ، وذلك لكثرة الاستعمال . الأزهري : حاش لله كان في الأصل حاشى لله فكثر في الكلام وحذفت الياء ، وجعل اسما وإن كان في الأصل فعلا ، وهو حرف من حروف الاستثناء مثل عدا وخلا ، ولذلك خفضوا بحاشى كما خفض بهما ؛ لأنهما جعلا حرفين وإن كانا في الأصل فعلين . وقال الفراء في قوله تعالى : قلن حاش لله هو من حاشيت أحاشي . قال ابن الأنباري : معنى حاشى في كلام العرب أعزل فلانا من وصف القوم بالحشى وأعزله بناحية ولا أدخله في جملتهم ، ومعنى الحشى الناحية ; وأنشد أبو بكر في الحشى الناحية بيت المعطل الهذلي :


بأي الحشى أمسى الحبيب المباين



وقال آخر :


حاشى أبي مروان إن به     ضنا عن الملحاة والشتم



وقال آخر :


ولا أحاشي من الأقوام من أحد



ويقال : حاشى لفلان وحاشى فلانا وحاشى فلان وحشى فلان ; وقال عمر بن أبي ربيعة :


من رامها حاشى النبي وأهله     في الفخر ، غطمطه هناك المزبد



وأنشد الفراء :


حشا رهط النبي فإن منهم     بحورا لا تكدرها الدلاء



فمن قال حاشى لفلان خفضه باللام الزائدة ، ومن قال حاشى فلانا أضمر في حاشى مرفوعا ونصب فلانا بحاشى ، والتقدير حاشى فعلهم فلانا ، ومن قال حاشى فلان خفض بإضمار اللام لطول صحبتها حاشى ، ويجوز أن يخفضه بحاشى لأن حاشى لما خلت من الصاحب أشبهت الاسم فأضيفت إلى ما بعدها ، ومن العرب من يقول حاش لفلان فيسقط الألف ، وقد قرئ في القرآن بالوجهين . وقال أبو إسحاق في قوله ، تعالى : قلن حاش لله اشتق من قولك كنت في حشا فلان أي في ناحية فلان ، والمعنى في حاش لله براءة لله من هذا ، وإذا قلت : حاشى لزيد هذا من التنحي ، والمعنى قد تنحى زيد من هذا وتباعد عنه كما تقول تنحى من الناحية ، كذلك تحاشى من حاشية الشيء ، وهو ناحيته . وقال أبو بكر بن الأنباري في قولهم حاشى فلانا : معناه قد استثنيته وأخرجته فلم أدخله في جملة المذكورين ; قال أبو منصور : جعله من حشى الشيء وهو ناحيته ; وأنشد الباهلي في المعاني :


ولا يتحشى الفحل إن أعرضت به     ولا يمنع المرباع منها فصيلها



قال : لا يتحشى لا يبالي من حاشى . الجوهري : يقال حاشاك وحاشى لك والمعنى واحد . وحاشى : كلمة يستثنى بها ، وقد تكون حرفا ، وقد تكون فعلا ، فإن جعلتها فعلا نصبت بها فقلت : ضربتهم حاشى زيدا ، وإن جعلتها حرفا خفضت بها ، وقال سيبويه : لا تكون إلا حرف جر ؛ لأنها لو كانت فعلا لجاز أن تكون صلة لما ، كما يجوز ذلك في خلا ، فلما امتنع أن يقال جاءني القوم ما حاشى زيدا دلت أنها ليست بفعل . وقال المبرد : حاشى قد تكون فعلا ; واستدل بقول النابغة :


ولا أرى فاعلا في الناس يشبهه     وما أحاشي من الأقوام من أحد



[ ص: 136 ] فتصرفه يدل على أنه فعل ؛ ولأنه يقال حاشى لزيد ، فحرف الجر لا يجوز أن يدخل على حرف الجر ، ولأن الحذف يدخلها كقولهم حاش لزيد ، والحذف إنما يقع في الأسماء والأفعال دون الحروف ; قال ابن بري عند قول الجوهري قال سيبويه حاشى لا تكون إلا حرف جر ، قال : شاهده قول سبرة بن عمرو الأسدي :


حاشى أبي ثوبان إن به     ضنا عن الملحاة والشتم



قال : وهو منسوب في المفضليات للجميح الأسدي ، واسمه منقذ بن الطماح ; وقال الأقيشر :


في فتية جعلوا الصليب إلههم     حاشاي إني مسلم معذور



المعذور : المختون ، وحاشى في البيت حرف جر ; قال : ولو كانت فعلا لقلت حاشاني . ابن الأعرابي : تحشيت من فلان أي تدممت ; وقال الأخطل :


لولا التحشي من رياح رميتها     بكالمة الأنياب ، باق وسومها



التهذيب : وتقول : انحشى صوت في صوت وانحشى حرف في حرف . والحشى : موضع ; قال :


إن بأجزاع البريراء فالحشى     فوكد إلى النقعين من وبعان



التالي السابق


الخدمات العلمية