صفحة جزء
[ حلق ]

حلق : الحلق : مساغ الطعام والشراب في المريء ، والجمع القليل أحلاق ; قال :


إن الذين يسوغ في أحلاقهم زاد يمن عليهم ، للئام



وأنشده المبرد : في أعناقهم ، فرد ذلك عليه علي بن حمزة ، والكثير [ ص: 198 ] حلوق وحلق ; الأخيرة عزيزة ; أنشد الفارسي :


حتى إذا ابتلت حلاقيم الحلق



الأزهري : مخرج النفس من الحلقوم وموضع الذبح هو أيضا من الحلق . وقال أبو زيد : الحلق موضع الغلصمة والمذبح . وحلقه يحلقه حلقا : ضربه فأصاب حلقه . وحلق حلقا : شكا حلقه ، يطرد عليهما باب . ابن الأعرابي : حلق إذا أوجع ، وحلق إذا وجع . والحلاق : وجع في الحلق والحلقوم كالحلق ، فعلوم عن الخليل ، وفعلول عند غيره ، وسيأتي . وحلوق الأرض : مجاريها وأوديتها على التشبيه بالحلوق التي هي مساوغ الطعام والشراب وكذلك حلوق الآنية والحياض . وحلق الإناء من الشراب : امتلأ إلا قليلا كأن ما فيه من الماء انتهى إلى حلقه ، ووفى حلقة حوضه : وذلك إذا قارب أن يملأه إلى حلقه . أبو زيد : يقال وفيت حلقة الحوض توفية والإناء كذلك . وحلقة الإناء : ما بقي بعد أن تجعل فيه من الشراب أو الطعام إلى نصفه ، فما كان فوق النصف إلى أعلاه فهو الحلقة ; وأنشد :


قام يوفي حلقة الحوض فلج



قال أبو مالك : حلقة الحوض امتلاؤه ، وحلقته أيضا دون الامتلاء ; وأنشد :


فواف كيلها ومحلق



والمحلق : دون الملء ; وقال الفرزدق :


أخاف بأن أدعى وحوضي محلق     إذا كان يوم الحتف يوم حمامي



وحلق ماء الحوض إذا قل وذهب . وحلق الحوض : ذهب ماؤه ; قال الزفيان :


ودون مسراها فلاة خيفق     نائي المياه ، ناضب محلق



وحلق المكوك إذا بلغ ما يجعل فيه حلقة . والحلق : الأهوية بين السماء والأرض ، واحدها حالق . وجبل حالق : لا نبات فيه كأنه حلق ، وهو فاعل بمعنى مفعول ; كقول بشر بن أبي خازم :


ذكرت بها سلمى ، فبت كأنني     ذكرت حبيبا فاقدا تحت مرمس



أراد مفقودا ، وقيل : الحالق من الجبال المنيف المشرف ، ولا يكون إلا مع عدم نبات . ويقال : جاء من حالق أي من مكان مشرف . وفي حديث المبعث : فهممت أن أطرح بنفسي من حالق أي جبل عال . وفي حديث أبي هريرة : لما نزل تحريم الخمر كنا نعمد إلى الحلقانة فنقطع ما ذنب منها ; يقال للبسر إذا بدا الإرطاب فيه من قبل ذنبه التذنوبة ، فإذا بلغ نصفه فهو مجزع ، فإذا بلغ ثلثيه فهو حلقان ومحلقن ; يريد أنه كان يقطع ما أرطب منها ويرميه عند الانتباذ لئلا يكون قد جمع فيه بين البسر والرطب ; ومنه حديث بكار : مر بقوم ينالون من الثعد والحلقان . قال ابن سيده : بسرة حلقانة بلغ الإرطاب حلقها ، وقيل : هي التي بلغ الإرطاب قريبا من الثفروق من أسفلها ، والجمع حلقان ومحلقنة ، والجمع محلقن . وقال أبو حنيفة : يقال حلق البسر وهي الحواليق ، بثبات الياء ; قال ابن سيده : وهذا البناء عندي على النسب إذ لو كان على الفعل لقال : محاليق ، وأيضا فإني لا أدري ما وجه ثبات الياء في حواليق . وحلق التمرة والبسرة : منتهى ثلثيها كأن ذلك موضع الحلق منها . والحلق : حلق الشعر . والحلق : مصدر قولك حلق رأسه . وحلقوا رءوسهم : شدد للكثرة . والاحتلاق : الحلق . يقال : حلق معزه ، ويقال : جزه إلا في الضأن ، وعنز محلوقة ، وحلاقة المعزى ، بالضم : ما حلق من شعره . ويقال : إن رأسه لجيد الحلاق . قال ابن سيده : الحلق في الشعر من الناس والمعز كالجز في الصوف ، حلقه يحلقه حلقا فهو حالق وحلاق وحلقه واحتلقه ; أنشد ابن الأعرابي :


لاهم ، إن كان بنو عميره     أهل التلب هؤلا مقصوره
فابعث عليهم سنة قاشوره     تحتلق المال احتلاق النوره



ويقال : حلق معزاه ، إذا أخذ شعرها ، وجز ضأنه وهي معزى محلوقة وحليقة ، وشعر محلوق . ويقال : لحية حليق ، ولا يقال حليقة . قال ابن سيده : ورأس حليق محلوق ; قالت الخنساء :


ولكني رأيت الصبر خيرا     من النعلين والرأس الحليق



والحلاقة : ما حلق منه يكون ذلك في الناس والمعز والحليق : الشعر المحلوق ، والجمع حلاق . واحتلق بالموسى . وفي التنزيل : محلقين رءوسكم ومقصرين . وفي الحديث : " ( ليس منا من صلق أو حلق ) " أي ليس من أهل سنتنا من حلق شعره عند المصيبة إذا حلت به . ومنه الحديث : لعن من النساء الحالقة والسالقة والخارقة . وقيل : أراد به التي تحلق وجهها للزينة ، وفي حديث : ( ليس منا من سلق أو حلق أو خرق ) أي ليس من سنتنا رفع الصوت في المصائب ولا حلق الشعر ولا خرق الثياب . وفي حديث الحج : ( اللهم اغفر للمحلقين ! قالها ثلاثا ) المحلقون الذين حلقوا شعورهم في الحج أو العمرة وخصهم بالدعاء دون المقصرين ، وهم الذين أخذوا من شعورهم ولم يحلقوا لأن أكثر من أحرم مع النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لم يكن معهم هدي ، وكان ، عليه السلام ، قد ساق الهدي ، ومن معه هدي لا يحلق حتى ينحر هديه ، فلما أمر من ليس معه هدي أن يحلق ويحل ، وجدوا في أنفسهم من ذلك وأحبوا أن يأذن لهم في المقام على إحرامهم حتى يكملوا الحج ، وكانت طاعة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أولى بهم ، فلما لم يكن لهم بد من الإحلال كان التقصير في نفوسهم أخف من الحلق ، فمال أكثرهم إليه ، وكان فيهم من بادر إلى الطاعة وحلق ولم يراجع ، فلذلك قدم المحلقين وأخر المقصرين . والمحلق ، بكسر الميم : الكساء الذي يحلق الشعر من خشونته ; قال عمارة بن طارق يصف إبلا ترد الماء فتشرب :


ينفضن بالمشافر الهدالق     نفضك بالمحاشئ المحالق



والمحاشئ : أكسية خشنة تحلق الجسد ، واحدها محشأ ، بالهمز ، [ ص: 199 ] ويقال : محشاة ، بغير همز ، والهدالق : جمع هدلق وهي المسترخية . والحلقة : الضروع المرتفعة . وضرع حالق : ضخم يحلق شعر الفخذين من ضخمه . وقالوا : بينهم احلقي وقومي أي بينهم بلاء وشدة وهو من حلق الشعر كان النساء يئمن فيحلقن شعورهن ; قال :


يوم أديم بقة الشريم أفضل     من يوم احلقي وقومي

!

ابن الأعرابي : الحلق الشؤم . ومما يدعى به على المرأة : عقرى حلقى ، وعقرا حلقا ! فأما عقرى وعقرا فسنذكره في حرف العين ، وأما حلقى وحلقا فمعناه أنه دعي عليها أن تئيم من بعلها فتحلق شعرها ، وقيل : معناه أوجع الله حلقها ، وليس بقوي ; قال ابن سيده : وقيل معناه أنها مشئومة ، ولا أحقها . وقال الأزهري : حلقى عقرى مشئومة مؤذية . وفي الحديث : " أنه ، صلى الله عليه وسلم ، قال لصفية بنت حيي حين قيل له يوم النفر إنها نفست أو حاضت فقال : ( عقرى حلقى ما أراها إلا حابستنا ) " معناه عقر الله جسدها وحلقها أي أصابها بوجع في حلقها كما يقال : رأسه وعضده وصدره إذا أصاب رأسه وعضده وصدره . قال الأزهري : وأصله عقرا حلقا وأصحاب الحديث يقولون عقرى حلقى بوزن غضبى ، حيث هو جار على المؤنث ، والمعروف في اللغة التنوين على أنه مصدر فعل متروك اللفظ ، تقديره عقرها الله عقرا وحلقها الله حلقا . ويقال للأمر تعجب منه : عقرا حلقا ، ويقال أيضا للمرأة إذا كانت مؤذية مشئومة ; ومن مواضع التعجب قول أم الصبي الذي تكلم : عقرى أو كان هذا منه ! قال الأصمعي : يقال عند الأمر تعجب منه : خمشى وعقرى وحلقى كأنه من العقر والحلق والخمش ; وأنشد :


ألا قومي أولو عقرى وحلقى     لما لاقت سلامان بن غنم



ومعناه قومي أولو نساء قد عقرن وجوههن فخدشنها وحلقن شعورهن متسلبات على من قتل من رجالها ; قال ابن بري : هذا البيت رواه ابن القطاع :


ألا قومي أولو عقرى وحلقى



يريدون ألا قومي ذوو نساء قد عقرن وجوههن وحلقن رءوسهن ، قال : وكذلك رواه الهروي في الغريبين ، قال : والذي رواه ابن السكيت :


ألا قومي إلى عقرى وحلقى



قال : وفسره عثمان بن جني فقال : قولهم عقرى حلقى ، الأصل فيه أن المرأة كانت إذا أصيب لها كريم حلقت رأسها وأخذت نعلين تضرب بهما رأسها وتعقره ; وعلى ذلك قول الخنساء :


فلا وأبيك ، ما سليت نفسي     بفاحشة أتيت ، ولا عقوق
ولكني رأيت الصبر خيرا     من النعلين والرأس الحليق



يريد إن قومي هؤلاء قد بلغ بهم من البلاء ما يبلغ بالمرأة المعقورة المحلوقة ، ومعناه أنهم صاروا إلى حال النساء المعقورات المحلوقات . قال شمر : روى أبو عبيد عقرا حلقا ، فقلت له : لم أسمع هذا إلا عقرى حلقى ، فقال : لكني لم أسمع فعلى على الدعاء ، قال شمر : فقلت له : قال ابن شميل : إن صبيان البادية يلعبون ويقولون مطيرى ، على فعيلى ، وهو أثقل من حلقى ، قال : فصيره في كتابه على وجهين : منونا وغير منون . ويقال : لا تفعل ذلك أمك حالق أي أثكل الله أمك بك حتى تحلق شعرها ، والمرأة إذا حلقت شعرها عند المصيبة حالقة وحلقى . ومثل للعرب : لأمك الحلق ولعينك العبر . والحلقة : كل شيء استدار كحلقة الحديد والفضة والذهب ، وكذلك هو في الناس ، والجمع حلاق على الغالب ، وحلق على النادر كهضبة وهضب ، والحلق عند سيبويه : اسم للجمع وليس بجمع ، لأن فعلة ليست مما يكسر على فعل ، ونظير هذا ما حكاه من قولهم فلكة وفلك ، وقد حكى سيبويه في الحلقة فتح اللام وأنكرها ابن السكيت وغيره ، فعلى هذه الحكاية حلق جمع حلقة وليس حينئذ اسم جمع كما كان ذلك في حلق الذي هو اسم جمع لحلقة ، ولم يحمل سيبويه حلقا إلا على أنه جمع حلقة ، وإن كان قد حكى حلقة بفتحها . وقال اللحياني : حلقة الباب وحلقته ، بإسكان اللام وفتحها ، وقال كراع : حلقة القوم وحلقتهم ، وحكى الأموي : حلقة القوم ، بالكسر ، قال : وهي لغة بني الحارث بن كعب ، وجمع الحلقة حلق وحلق وحلاق ، فأما حلق فهو بابه ، وأما حلق فإنه اسم لجمع حلقة كما كان اسما لجمع حلقة ، وأما حلاق فنادر لأن فعالا ليس مما يغلب على جمع فعلة . الأزهري : قال الليث الحلقة ، بالتخفيف ، من القوم ، ومنهم من يقول حلقة ، وقال الأصمعي : حلقة من الناس ومن حديد ، والجمع حلق مثل بدرة وبدر وقصعة وقصع ; وقال أبو عبيد : أختار في حلقة الحديد فتح اللام ويجوز الجزم ، وأختار في حلقة القوم الجزم ويجوز التثقيل ; وقال أبو العباس : أختار في حلقة الحديد وحلقة الناس التخفيف ، ويجوز فيهما التثقيل ، والجمع عنده حلق ; وقال ابن السكيت . وهي حلقة الباب وحلقة القوم ، والجمع حلق وحلاق . وحكى يونس عن أبي عمرو بن العلاء حلقة في الواحد ، بالتحريك ، والجمع حلق وحلقات ; وقال ثعلب : كلهم يجيزه على ضعفه ; وأنشد :


مهلا بني رومان ، بعض وعيدكم !     وإياكم والهلب مني عضارطا
أرطوا ، فقد أقلقتم حلقاتكم     عسى أن تفوزوا أن تكونوا رطائطا

!

قال ابن بري : يقول قد اضطرب أمركم من باب الجد والعقل فتحامقوا عسى أن تفوزوا ; والهلب : جمع أهلب ، وهو الكثير شعر الأنثيين ، والعضرط : العجان ، ويقال : إن الأهلب العضرط لا يطاق ; وقد استعمل الفرزدق حلقة في حلقة القوم قال :


يا أيها الجالس ، وسط الحلقه     أفي زنا قطعت أم في سرقه

؟

[ ص: 200 ] وقال الراجز :


أقسم بالله نسلم الحلقه     ولا حريقا ، وأخته الحرقه



وقال آخر :


حلفت بالملح والرماد وبالن     ار وبالله نسلم الحلقه
حتى يظل الجواد منعفرا     ويخضب القيل عروة الدرقه



ابن الأعرابي : هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أيها طرفها ; يضرب مثلا للقوم إذا كانوا مجتمعين مؤتلفين كلمتهم وأيديهم واحدة يطمع عدوهم فيهم ولا ينال منهم . وفي الحديث : " أنه نهى عن الحلق قبل الصلاة ، " وفي رواية : " عن التحلق " ; أراد قبل صلاة الجمعة ; الحلق ، بكسر الحاء وفتح اللام : جمع الحلقة مثل قصعة وقصع ، وهي الجماعة من الناس مستديرون كحلقة الباب وغيرها . والتحلق ، تفعل منها : وهو أن يتعمدوا ذلك . وتحلق القوم : جلسوا حلقة حلقة . وفي الحديث : " لا تصلوا خلف النيام ولا المتحلقين " أي الجلوس حلقا حلقا . وفي الحديث : " الجالس وسط الحلقة ملعون " ، لأنه إذا جلس في وسطها استدبر بعضهم بظهره فيؤذيهم بذلك فيسبونه ويلعنونه ; ومنه الحديث : " ( لا حمى إلا في ثلاث ) " وذكر حلقة القوم أي لهم أن يحموها حتى لا يتخطاهم أحد ولا يجلس في وسطها . وفي الحديث : " نهى عن حلق الذهب " ; هي جمع حلقة وهي الخاتم بلا فص ; ومنه الحديث : " ( من أحب أن يحلق جبينه حلقة من نار فليحلقه حلقة من ذهب ) " ومنه حديث يأجوج ومأجوج : " ( فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها وعقد عشرا ) " أي جعل إصبعيه كالحلقة ، وعقد العشرة : من مواضعات الحساب ، وهو أن يجعل رأس إصبعه السبابة في وسط إصبعه الإبهام ويعملهما كالحلقة . الجوهري : قال أبو يوسف سمعت أبا عمرو الشيباني يقول : ليس في الكلام حلقة ، بالتحريك ، إلا في قولهم هؤلاء قوم حلقة للذين يحلقون الشعر ، وفي التهذيب : للذين يحلقون المعزى ، جمع حالق . وأما قول العرب : التقت حلقتا البطان ، بغير حذف ألف حلقتا لسكونها وسكون اللام ، فإنهم جمعوا فيها بين ساكنين في الوصل غير مدغم أحدهما في الآخر ، وعلى هذا قراءة نافع : محياي ومماتي ، بسكون ياء محياي ، ولكنها ملفوظ بها ممدودة وهذا مع كون الأول منهما حرف مد ، ومما جاء فيه بغير حرف لين ، وهو شاذ لا يقاس عليه ، قوله :


رخين أذيال الحقي وارتعن     مشي حميات كأن لم يفزعن
إن يمنع اليوم نساء تمنعن



قال الأخفش : أخبرني بعض من أثق به أنه سمع :


أنا جرير كنيتي أبو عمر     أجبنا وغيرة خلف الستر



قال : وسمعت من العرب :


أنا ابن ماوية إذ جد النقر



قال ابن سيده : قال ابن جني لهذا ضرب من القياس ، وذلك أن الساكن الأول وإن لم يكن مدا فإنه قد ضارع لسكونه المدة ، كما أن حرف اللين إذا تحرك جرى مجرى الصحيح ، فصح في نحو عوض وحول ، ألا تراهما لم تقلب الحركة فيهما كما قلبت في ريح وديمة لسكونها ؟ وكذلك ما أعل للكسرة قبله نحو ميعاد وميقات ، والضمة قبله نحو موسر وموقن إذا تحرك صح فقالوا مواعيد ومواقيت ومياسير ومياقين ، فكما جرى المد مجرى الصحيح بحركته كذلك يجري الحرف الصحيح مجرى حرف اللين لسكونه ، أولا ترى ما يعرض للصحيح إذا سكن من الإدغام والقلب نحو من رأيت ومن لقيت وعنبر وامرأة شنباء ؟ فإذا تحرك صح فقالوا : الشنب والعنبر وأنا رأيت وأنا لقيت ، فكذلك أيضا تجري العين من ارتعن ، والميم من أبي عمرو ، والقاف من النقر لسكونها مجرى حرف المد فيجوز اجتماعها مع الساكن بعدها . وفي الرحم حلقتان : إحداهما التي على فم الفرج عند طرفه ، والأخرى التي تنضم على الماء وتنفتح للحيض ، وقيل : إنما الأخرى التي يبال منها . وحلق القمر وتحلق : صار حوله دارة . وضربوا بيوتهم حلاقا أي صفا واحدا حتى كأنها حلقة . وحلق الطائر إذا ارتفع في الهواء واستدار ، وهو من ذلك ; قال النابغة :


إذا ما التقى الجمعان ، حلق فوقهم     عصائب طير تهتدي بعصائب



وقال غيره :


ولولا سليمان الأمير لحلقت به     من عتاق الطير ، عنقاء مغرب



وإنما يريد حلقت في الهواء فذهبت به ; وكذلك قوله أنشده ثعلب :


فحيت فحياها ، فهبت فحلقت     مع النجم رؤيا ، في المنام ، كذوب



وفي الحديث : " نهى عن بيع المحلقات أي بيع الطير في الهواء " . وروى أنس بن مالك قال : " كان النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يصلي العصر والشمس بيضاء محلقة فأرجع إلى أهلي فأقول صلوا " ; قال شمر : محلقة أي مرتفعة ; قال : تحليق الشمس من أول النهار ارتفاعها من المشرق ومن آخر النهار انحدارها . وقال شمر : لا أدري التحليق إلا الارتفاع في الهواء . يقال : حلق النجم إذا ارتفع ، وتحليق الطائر ارتفاعه في طيرانه ، ومنه حلق الطائر في كبد السماء إذا ارتفع واستدار ; قال ابن الزبير الأسدي في النجم :


رب منهل طاو وردت ، وقد خوى     نجم ، وحلق في السماء نجوم



خوى : غاب ; وقال ذو الرمة في الطائر :


وردت اعتسافا والثريا كأنها     على قمة الرأس ، ابن ماء محلق



وفي حديث : " فحلق ببصره إلى السماء كما يحلق الطائر إذا ارتفع في الهواء أي رفعه " ; ومنه الحالق : الجبل المنيف المشرف .

[ ص: 201 ] والمحلق : موضع حلق الرأس بمنى ; وأنشد :


كلا ورب البيت والمحلق



والمحلق ، بكسر اللام : اسم رجل من ولد بكر بن كلاب من بني عامر ممدوح الأعشى ; قال ابن سيده : المحلق اسم رجل سمي بذلك لأن فرسه عضته في وجهه فتركت به أثرا على شكل الحلقة ; وإياه عنى الأعشى بقوله :


تشب لمقرورين يصطليانها     وبات على النار الندى والمحلق



وقال أيضا :


تروح على آل المحلق جفنة     كجابية الشيخ العراقي تفهق



وأما قول النابغة الجعدي :


وذكرت من لبن المحلق شربة     والخيل تعدو بالصعيد بداد



فقد زعم بعض أهل اللغة أنه عنى ناقة سمتها على شكل الحلقة وذكر على إرادة الشخص أو الضرع ; هذا قول ابن سيده وأورد الجوهري هذا البيت وقال : قال عوف بن الخرع يخاطب لقيط بن زرارة ، وأيده ابن بري فقال : قاله يعيره بأخيه معبد حين أسره بنو عامر في يوم رحرحان وفر عنه ; وقبل البيت :


هلا كررت على ابن أمك معبد     والعامري يقوده بصفاد



والمحلق من الإبل : الموسوم بحلقة في فخذه أو في أصل أذنه ، ويقال :


قد خرب الأنضاد تنشاد الحلق     من كل بال وجهه بلي الخرق



يقول : خربوا أنضاد بيوتنا من أمتعتنا بطلب الضوال . الجوهري : إبل محلقة وسمها الحلق ; ومنه قول أبي وجزة السعدي :


وذو حلق تقضي العواذير بينها     تروح بأخطار عظام اللقائح



ابن بري : العواذير جمع عاذور وهو وسم كالخط ، وواحد الأخطار خطر وهي الإبل الكثيرة . وسكين حالق وحاذق أي حديد . والدروع تسمى حلقة ; ابن سيده : الحلقة اسم لجملة السلاح والدروع وما أشبهها وإنما ذلك لمكان الدروع ، وغلبوا هذا النوع من السلاح ، أعني الدروع ، لشدة غنائه ، ويدلك على أن المراعاة في هذا إنما هي للدروع أن النعمان قد سمى دروعه حلقة . وفي صلح خيبر : ولرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، الصفراء والبيضاء والحلقة ; الحلقة ، بسكون اللام : السلاح عاما وقيل : هي الدروع خاصة ; ومنه الحديث : " وإن لنا أغفال الأرض والحلقة " . ابن سيده : الحلق الخاتم من الفضة بغير فص والحلق ، بالكسر ، خاتم الملك . ابن الأعرابي : أعطي فلان الحلق أي خاتم الملك يكون في يده قال :


وأعطي منا الحلق أبيض ماجد     رديف ملوك ، ما تغب نوافله



وأنشد الجوهري لجرير :


ففاز ، بحلق المنذر بن محرق     فتى منهم رخو النجاد كريم



والحلق : المال الكثير . يقال : جاء فلان بالحلق والإحراف . وناقة حالق : حافل ، والجمع حوالق وحلق . والحالق : الضرع الممتلئ لذلك كأن اللبن فيه إلى حلقه . وقال أبو عبيد : الحالق الضرع ، ولم يحله ، وعندي أنه الممتلئ ، والجمع كالجمع ; قال الحطيئة يصف الإبل بالغزارة :


وإن لم يكن إلا الأماليس أصبحت     لها حلق ضراتها ، شكرات



حلق : جمع حالق ، أبدل ضراتها من حلق وجعل شكرات خبر أصبحت ، وشكرات : ممتلئة من اللبن ; ورواه غيره :


إذا لم يكن إلا الأماليس روحت     محلقة ، ضراتها شكرات



وقال : محلقة حفلا كثيرة اللبن ، وكذلك حلق ممتلئة . وقال النضر : الحالق من الإبل الشديدة الحفل العظيمة الضرة ، وقد حلقت تحلق حلقا . قال الأزهري : الحالق من نعت الضروع جاء بمعنيين متضادين ، والحالق : المرتفع المنضم إلى البطن لقلة لبنه ; ومنه قول لبيد :


حتى إذا يبست وأسحق حالق     لم يبله إرضاعها وفطامها



فالحالق هنا : الضرع المرتفع الذي قل لبنه ، وإسحاقه دليل على هذا المعنى . والحالق أيضا : الضرع الممتلئ وشاهده ما تقدم من بيت الحطيئة لأن قوله في آخر البيت شكرات يدل على كثرة اللبن . وقال الأصمعي : أصبحت ضرة الناقة حالقا إذا قاربت الملء ولم تفعل . قال ابن سيده : حلق اللبن ذهب ، والحالق التي ذهب لبنها ; كلاهما عن كراع . وحلق الضرع : ذهب لبنه يحلق حلوقا ، فهو حالق ، وحلوقه ارتفاعه إلى البطن وانضمامه ، وهو في قول آخر كثرة لبنه . والحالق : الضامر . والحالق : السريع الخفيف . وحلق قضيب الفرس والحمار يحلق حلقا : احمر وتقشر ; قال أبو عبيد : قال ثور النمري : يكون ذلك من داء ليس له دواء إلا أن يخصى فربما سلم وربما مات ; قال :


خصيتك يا ابن حمزة بالقوافي     كما يخصى من الحلق الحمار



قال الأصمعي : يكون ذلك من كثرة السفاد . وحلق الفرس والحمار ، بالكسر ، إذا سفد فأصابه فساد في قضيبه من تقشر أو احمرار فيداوى بالخصاء . قال ابن بري : الشعراء يجعلون الهجاء والغلبة خصاء كأنه خرج من الفحول ; ومنه قول جرير :


خصي الفرزدق ، والخصاء مذلة     يرجو مخاطرة القروم البزل



قال ابن سيده : الحلاق صفة سوء وهو منه كأن متاع الإنسان يفسد [ ص: 202 ] فتعود حرارته إلى هنالك . والحلاق في الأتان : أن لا تشبع من السفاد ولا تعلق مع ذلك ، وهو منه ، قال شمر : يقال أتان حلقية إذا تداولتها الحمر فأصابها داء في رحمها . وحلق الشيء يحلقه حلقا : قشره وحلقت عين البعير إذا غارت . وفي الحديث : " ( من فك حلقة فك الله عنه حلقة يوم القيامة ) " حكى ثعلب عن ابن الأعرابي : أنه من أعتق مملوكا كقوله تعالى : فك رقبة . والحالق : المشئوم على قومه كأنه يحلقهم أي يقشرهم . وفي الحديث روي : " دب إليكم داء الأمم قبلكم البغضاء ، وهي الحالقة أي التي من شأنها أن تحلق أي تهلك وتستأصل الدين كما تستأصل الموسى الشعر . " وقال خالد بن جنبة : الحالقة قطيعة الرحم والتظالم والقول السيء . ويقال : وقعت فيهم حالقة لا تدع شيئا إلا أهلكته . والحالقة : السنة التي تحلق كل شيء . والقوم يحلق بعضهم بعضا إذا قتل بعضهم بعضا . والحالقة : المنية ، وتسمى حلاق . قال ابن سيده : وحلاق مثل قطام المنية ، معدولة عن الحالقة ، لأنها تحلق أي تقشر ; قال مهلهل :


ما أرجي بالعيش بعد ندامى     قد أراهم سقوا بكأس حلاق



وبنيت على الكسر لأنه حصل فيها العدل والتأنيث والصفة الغالبة ; وأنشد الجوهري :


لحقت حلاق بهم على أكسائهم     ضرب الرقاب ، ولا يهم المغنم



قال ابن بري : البيت للأخزم بن قارب الطائي ، وقيل : هو للمقعد بن عمرو ; وأكساؤهم : مآخرهم ، الواحد كسء وكسء ، بالضم أيضا . وحلاق : السنة المجدبة كأنها تقشر النبات . والحالوق : الموت ، لذلك . وفي حديث عائشة : " فبعثت إليهم بقميص رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فانتحب الناس فحلق به أبو بكر إلي وقال : تزودي منه واطويه ، أي رماه إلي . " والحلق : نبات لورقه حموضة يخلط بالوسمة للخضاب ، الواحدة حلقة . والحالق من الكرم والشري ونحوه : ما التوى منه وتعلق بالقضبان . والمحالق والمحاليق : ما تعلق بالقضبان من تعاريش الكرم ; قال الأزهري : كل ذلك مأخوذ من استدارته كالحلقة . والحلق : شجر ينبت نبات الكرم يرتقي في الشجر وله ورق شبيه بورق العنب حامض يطبخ به اللحم وله عناقيد صغار كعناقيد العنب البري الذي يخضر ثم يسود فيكون مرا ، ويؤخذ ورقه ويطبخ ويجعل ماؤه في العصفر فيكون أجود له من حب الرمان ، واحدته حلقة ; هذه عن أبي حنيفة . ويوم تحلاق اللمم : يوم لتغلب على بكر بن وائل لأن الحلق كان شعارهم يومئذ . والحولق والحيلق : من أسماء الداهية . والحلائق : موضع ; قال أبو الزبير التغلبي :


أحب تراب الأرض أن تنزلي به     وذا عوسج والجزع جزع الحلائق



ويقال : قد أكثرت من الحولقة إذا أكثر من قول : لا حول ولا قوة إلا بالله ; قال ابن بري : أنشد ابن الأنباري شاهدا عليه :


فداك من الأقوام كل مبخل     يحولق ، إما ساله العرف سائل



وفي الحديث ذكر الحولقة ، وهي لفظة مبنية من لا حول ولا قوة إلا بالله ، كالبسملة من بسم الله ، والحمدلة من الحمد لله ; قال ابن الأثير : هكذا ذكرها الجوهري بتقديم اللام على القاف ، وغيره يقول الحوقلة ، بتقديم القاف على اللام ، والمراد بهذه الكلمات إظهار الفقر إلى الله بطلب المعونة منه على ما يحاول من الأمور وهي حقيقة العبودية ; وروي عن ابن مسعود أنه قال : معناه لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ، ولا قوة على طاعة الله إلا بمعونته .

التالي السابق


الخدمات العلمية