صفحة جزء
[ حنذ ]

حنذ : حنذ الجدي وغيره يحنذه حنذا : شواه فقط ، وقيل : سمطه . ولحم حنذ : مشوي ، على هذه الصفة وصف بالمصدر ، وكذلك محنوذ وحنيذ . وفي التنزيل العزيز : جاء بعجل حنيذ . قال : محنوذ مشوي . وروى في قوله عز وجل : جاء بعجل حنيذ قال : هو الذي يقطر ماؤه وقد شوي . قال : وهذا أحسن ما قيل فيه . الفراء : الحنيذ ما حفرت له في الأرض ثم غممته ، قال : وهو من فعل أهل البادية معروف ، وهو محنوذ في الأصل وقد حنذ ، فهو محنوذ ، كما قيل : طبيخ ومطبوخ . وقال شمر : الحنيذ الماء السخن . وأنشد لابن ميادة :


إذا باكرته بالحنيذ غواسله



وقال أبو زيد : الحنيذ من الشواء النضيج ، وهو أن تدسه في النار . وقال ابن عرفة : بعجل حنيذ أي : مشوي بالرضاف حتى يقطر عرقا . وحنذته الشمس والنار إذا شوتاه . والشواء المحنوذ : الذي قد ألقيت فوقه الحجارة المرضوفة بالنار حتى ينشوي انشواء شديدا فيتهرى تحتها . شمر : الحنيذ من الشواء الحار الذي يقطر ماؤه وقد شوي . وقيل : الحنيذ من اللحم الذي يؤخذ فيقطع أعضاء وينصب له صفيح الحجارة فيقابل ، يكون ارتفاعه ذراعا وعرضه أكثر من ذراعين في مثلهما ، ويجعل له بابان ثم يوقد في الصفائح بالحطب واشتد حرها وذهب كل دخان فيها ولهب أدخل فيه اللحم ، وأغلق البابان بصفحتين قد كانتا قدرتا للبابين ثم ضربتا بالطين وبفرث الشاة وأدفئتا إدفاء شديدا بالتراب في النار ساعة ، ثم يخرج كأنه البسر قد تبرأ اللحم من العظم من شدة نضجه ; وقيل : الحنيذ أن يشوي اللحم على الحجارة المحماة ، وهو محنذ ; وقيل : الحنيذ أن يأخذ الشاة فيقطعها ثم يجعلها في كرشها ويلقي مع كل قطعة من اللحم في الكرش رضفة ، وربما جعل في الكرش قدحا من لبن حامض أو ماء ليكون أسلم للكرش أن ينقد ، ثم يخللها بخلال وقد حفر لها بؤرة وأحماها فيلقي الكرش في البؤرة ويغطيها ساعة ، ثم يخرجها وقد أخذت من النضج حاجتها ; وقيل : الحنيذ المشوي عامة ، وقيل : الحنيذ الشواء الذي لم يبالغ في نضجه ، والفعل كالفعل ، ويقال : هو الشواء المغموم الذي يحنذ أي : يغير ، وهي أقلها . التهذيب : الحنذ اشتواء اللحم بالحجارة المسخنة ، تقول : حنذته حنذا وحنذه يحنذه حنذا . وأحنذ اللحم أي : أنضجه . وحنذت الشاة أحنذها حنذا أي : شويتها وجعلت فوقها حجارة محماة لتنضجها ، وهي حنيذ ; والشمس تحنذ أي : تحرق . والحنذ : شدة الحر وإحراقه ; قال العجاج يصف حمارا وأتانا :


حتى إذا ما الصيف كان أمجا     ورهبا من حنذه أن يهرجا



ويقال : حنذته الشمس أي : أحرقته . وحناذ محنذ على المبالغة أي : حر محرق ; قال بخدج يهجو أبا نخيلة :


لاقى النخيلات حناذا محنذا     مني ، وشلا للأعادي مشقذا



أي : حرا ينضجه ويحرقه . وحنذ الفرس يحنذه حنذا وحناذا ، فهو محنوذ وحنيذ : أجراه أو ألقى عليه الجلال ليعرق . والخيل تحنذ إذا ألقيت عليها الجلال بعضها على بعض لتعرق . الفراء : ويقال : إذا سقيت فاحنذ يعني : أخفس ، يقول : أقل الماء وأكثر النبيذ ، وقيل : إذا سقيت فاحنذ أي : عرق شرابك أي : صب فيه قليل ماء . وفي التهذيب : أحنذ ، بقطع الألف ، قال : وأعرق في معنى : أخفس ; وذكر المنذري : أن أبا الهيثم أنكر ما قاله الفراء في الإحناذ أنه بمعنى : أخفس وأعرق وعرف الإخفاس والإعراق . ابن الأعرابي : شراب محنذ ومخفس وممذى وممهى إذا أكثر مزاجه بالماء ، قال : وهذا ضد ما قاله الفراء . وقال أبو الهيثم : أصل الحناذ من حناذ الخيل إذا ضمرت ، قال : وحناذها أن يظاهر عليها جل فوق جل حتى تجلل بأجلال خمسة أو ستة لتعرق الفرس تحت تلك الجلال ويخرج العرق شحمها ، كي لا يتنفس تنفسا شديدا إذا جرى . وفي بعض الحديث : ( أنه أتى بضب محنوذ ) أي : مشوي ; أبو الهيثم : أصله من حناذ الخيل ، وهو ما [ ص: 246 ] ذكرناه . وفي حديث الحسن : ( عجلت قبل حنيذها بشوائها ) أي : عجلت القرى ولم تنتظر المشوي . وحنذ الكرم : فرغ من بعضه ، وحنذ له يحنذ : أقل الماء وأكثر الشراب كأخفس . وحنذت الفرس أحنذه حنذا ، وهو أن يحضره شوطا أو شوطين ثم يظاهر عليه الجلال في الشمس ليعرق تحتها ، فهو محنوذ وحنيذ ، وإن لم يعرق قيل : كبا . وحنذ : موضع قريب من مكة ، بفتح الحاء والنون والذال المعجمة ; قال الأزهري : وقد رأيت بوادي الستارين من ديار بني سعد عين ماء عليه نخل زين عامر وقصور من قصور مياه الأعراب يقال لذلك الماء : حنيذ ، وكان نشيله حارا فإذا حقن في السقاء وعلق في الهواء حتى تضربه الريح عذب وطاب . وفي أعراض مدينة سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قرية قريبة من المدينة النبوية فيها نخل كثير يقال لها حنذ ; وأنشد ابن السكيت لبعض الرجاز يصف النخل وأنه بحذاء حنذ ويتأبر منه دون أن يؤبر ، فقال :


تأبري يا خيرة الفسيل     تأبري من حنذ فشولي
إذ ضن أهل النخل بالفحول



ومعنى تأبري أي تلقحي ، وإن لم تؤبري برائحة حرق فحاحيل حنذ ، وذلك أن النخل إذا كان بحذاء حائط فيه فحال مما يلي الجنوب فإنها تؤبر بروائحها وإن لم تؤبر ; وقوله فشولي شبهها بالناقة التي تلقح فتشول ذنبها أي ترفعه ; قال ابن بري : الرجز لأحيحة بن الجلاح ، قال : والمعنى تأبري من روائح هذا النخل إذ ضن أهل النخل بالفحول التي يؤبر بها ، ومعنى شولي ارفعي من قولهم شالت الناقة بذنبها إذا رفعته للقاح . وحناذ : اسم .

التالي السابق


الخدمات العلمية