صفحة جزء
[ حير ]

حير : حار بصره يحار حيرة وحيرا وحيرانا وتحير إذا نظر إلى الشيء فعشي بصره . وتحير واستحار وحار : لم يهتد لسبيله . وحار يحار حيرة وحيرا أي : تحير في أمره ؛ وحيرته أنا فتحير . ورجل حائر بائر إذ لم يتجه لشيء . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : الرجال ثلاثة ، فرجل حائر بائر أي : متحير في أمره لا يدري كيف يهتدي فيه . وهو حائر وحيران : تائه من قوم حيارى ، والأنثى حيرى . وحكى اللحياني : لا تفعل ذلك أمك حيرى أي : متحيرة ، كقولك أمك ثكلى وكذلك الجمع ؛ يقال : لا تفعلوا ذلك أمهاتكم حيرى ؛ وقول الطرماح :


يطوي البعيد كطي الثوب هزته كما تردد بالديمومة الحار



أراد الحائر كما قال أبو ذؤيب : وهي أدماء سارها ؛ يريد سائرها . وقد حيره الأمر . والحير : التحير ؛ قال :


حيران لا يبرئه من الحير



وحار الماء ، فهو حائر . وتحير : تردد ؛ أنشد ثعلب :


فهن يروين بظمء قاصر     في ربب الطين بماء حائر



وتحير الماء : اجتمع ودار . والحائر : مجتمع الماء ؛ وأنشد :


مما تربب حائر البحر



قال : والحاجر نحو منه ، وجمعه حجران . والحائر : حوض يسيب إليه مسيل الماء من الأمطار ، يسمى هذا الاسم بالماء . وتحير الرجل إذا ضل فلم يهتد لسبيله وتحير في أمره . وبالبصرة حائر الحجاج معروف : يابس لا ماء فيه ، وأكثر الناس يسميه الحير كما يقولون لعائشة عيشة ، يستحسنون التخفيف وطرح الألف ؛ وقيل : الحائر المكان المطمئن يجتمع فيه الماء فيتحير لا يخرج منه ؛ قال :


صعدة نابتة في حائر     أينما الريح تميلها تمل



وقال أبو حنيفة : من مطمئنات الأرض الحائر ، وهو المكان المطمئن الوسط المرتفع الحروف ، وجمعه حيران وحوران ، ولا يقال حير إلا أن أبا عبيد قال في تفسير قول رؤبة :


حتى إذا ما هاج حيران الدرق



الحيران جمع حير لم يقلها أحد غيره ولا قالها هو إلا في تفسير هذا البيت . قال ابن سيده : وليس كذلك أيضا في كل نسخة ؛ واستعمل حسان بن ثابت الحائر في البحر فقال :


ولأنت أحسن إذ برزت لنا     يوم الخروج ، بساحة العقر
من درة أغلى بها ملك     مما تربب حائر البحر



والجمع حيران وحوران ، وقالوا : لهذه الدار حائر واسع ، والعامة تقول : حير ، وهو خطأ . والحائر : كربلاء ، سميت بأحد هذه الأشياء . واستحار المكان بالماء وتحير : تملأ . وتحير فيه الماء : اجتمع . وتحير الماء في الغيم : اجتمع ، وإنما سمي مجتمع الماء حائرا لأنه يتحير الماء فيه يرجع أقصاه إلى أدناه ؛ وقال العجاج :


سقاه ريا حائر روي



وتحيرت الأرض بالماء إذا امتلأت . وتحيرت الأرض بالماء لكثرته ؛ قال لبيد :


حتى تحيرت الدبار كأنها     زلف ، وألقي قتبها المحزوم



يقول : امتلأت ماء . والدبار : المشارات . والزلف : المصانع . واستحار شباب المرأة وتحير : امتلأ وبلغ الغاية . ؛ قال أبو ذؤيب :


وقد طفت من أحوالها وأردتها     لوصل ، فأخشى بعلها وأهابها
ثلاثة أعوام ، فلما تجرمت     تقضى شبابي ، واستحار شبابها



قال ابن بري : تجرمت تكلمت السنون . واستحار شبابها : جرى فيها ماء الشباب ؛ قال الأصمعي : استحار شبابها اجتمع وتردد فيها كما يتحير الماء ؛ وقال النابغة الذبياني وذكر فرج المرأة :


وإذا لمست ، لمست أجثم جاثما     متحيرا بمكانه ، ملء اليد



والحير : الغيم ينشأ مع المطر فيتحير في السماء . وتحير السحاب : لم يتجه جهة . الأزهري : قال شمر والعرب تقول لكل شيء ثابت دائم لا يكاد ينقطع : مستحير ومتحير ؛ وقال جرير :


يا ربما قذف العدو بعارض     فخم الكتائب ، مستحير الكوكب



قال ابن الأعرابي : المستحير الدائم الذي لا ينقطع . قال : وكوكب الحديد بريقه . والمتحير من السحاب : الدائم الذي لا يبرح مكانه يصب الماء صبا ولا تسوقه الريح ؛ وأنشد :


كأنهم غيث تحير وابله



وقال الطرماح :


في مستحير ردى المنو     ن ، وملتقى الأسل النواهل



قال أبو عمرو : يريد يتحير الردى فلا يبرح . والحائر : الودك . ومرقة متحيرة : كثيرة الإهالة والدسم . وتحيرت الجفنة : امتلأت طعاما ودسما ؛ فأما ما أنشد الفارسي لبعض الهذليين :


إما صرمت جديد الحبا     ل مني ، وغيرك الأشيب
فيا رب حيرى جمادية [ ص: 286 ]     تحدر فيها الندى الساكب



فإنه عنى روضة متحيرة بالماء . والمحارة : الصدفة ، وجمعها محار ؛ قال ذو الرمة :


فألأم مرضع نشغ المحارا



أراد : ما في المحار . وفي حديث ابن سيرين في غسل الميت : يؤخذ شيء من سدر فيجعل في محارة أو سكرجة ؛ قال ابن الأثير : المحارة والحائر الذي يجتمع فيه الماء ، وأصل المحارة الصدفة ، والميم زائدة . ومحارة الأذن : صدفتها ، وقيل : هي ما أحاط بسموم الأذن من قعر صحنيها ، وقيل : محارة الأذن جوفها الظاهر المتقعر ؛ والمحارة أيضا : ما تحت الإطار ، وقيل : المحارة جوف الأذن ، وهو ما حول الصماخ المتسع . والمحارة : الحنك وما خلف الفراشة من أعلى الفم . والمحارة : منفد النفس إلى الخياشم . والمحارة : النقرة التي في كعبرة الكتف . والمحارة : نقرة الورك . والمحاراتان : رأسا الورك المستديران اللذان يدور فيها رءوس الفخذين . والمحار ، بغير هاء ، من الإنسان : الحنك ، ومن الدابة حيث يحنك البيطار . ابن الأعرابي : محارة الفرس أعلى فمه من باطن . وطريق مستحير : يأخذ في عرض مسافة لا يدرى أين منفذه ؛ قال :


ضاحي الأخاديد ومستحيره     في لاحب يركبن ضيفي نيره



واستحار الرجل بمكان كذا ومكان كذا : نزله أياما . والحير والحير : الكثير من المال والأهل ؛ قال :


أعوذ بالرحمن من مال حير     يصليني الله به حر سقر !



وقوله أنشده ابن الأعرابي :


يا من رأى النعمان كان حيرا



قال ثعلب : أي : كان ذا مال كثير وخول وأهل ؛ قال أبو عمرو بن العلاء : سمعت امرأة من حمير ترقص ابنها وتقول :


يا ربنا ! من سره أن يكبرا     فهب له أهلا ومالا حيرا !



وفي رواية : فسق إليه رب مالا حيرا . والحير : الكثير من أهل ومال ؛ وحكى ابن خالويه عن ابن الأعرابي وحده : مال حير ، بكسر الحاء ؛ وأنشد أبو عمرو عن ثعلب تصديقا لقول ابن الأعرابي :


حتى إذا ما ربا صغيرهم     وأصبح المال فيهم حيرا
صد جوين فما يكلمنا     كأن في خده لنا صعرا


ويقال : هذه أنعام حيرات أي : متحيرة كثيرة ، وكذلك الناس إذا كثروا . والحارة : كل محلة دنت منازلهم فهم أهل حارة . والحيرة ، بالكسر : بلد بجنب الكوفة ينزلها نصارى العباد ، والنسبة إليها حيري وحاري ، على غير قياس ؛ قال ابن سيده : وهو من نادر معدول النسب قلبت الياء فيه ألفا ، وهو قلب شاذ غير مقيس عليه غيره ؛ وفي التهذيب : النسبة إليها حاري كما نسبوا إلى التمر تمري فأراد أن يقول حيري ، فسكن الياء فصارت ألفا ساكنة ، وتكرر ذكرها في الحديث ؛ قال ابن الأثير : هي البلد القديم بظهر الكوفة ومحلة معروفة بنيسابور . والسيوف الحارية : المعمولة بالحيرة ؛ قال :


فلما دخلناه أضفنا ظهورنا     إلى كل حاري قشيب مشطب



يقول : إنهم احتبوا بالسيوف ، وكذلك الرحال الحاريات قال الشماخ :


يسري إذا نام بنو السريات     ينام بين شعب الحاريات



والحاري : أنماط نطوع تعمل بالحيرة تزين بها الرحال ؛ أنشد يعقوب :


عقما ورقما وحاريا نضاعفه     على قلائص أمثال الهجانيع



والمستحيرة : موضع ؛ قال مالك بن خالد الخناعي :


ويممت قاع المستحيرة ، إنني     بأن يتلاحوا آخر اليوم ، آرب



ولا أفعل ذلك حيري دهر وحيري دهر أي : أمد الدهر . وحيري دهر : مخففة من حيري ، كما قال الفرزدق :


تأملت نسرا والسماكين أيهما     علي من الغيث ، استهلت مواطره



وقد يجوز أن يكون وزنه فعلي ؛ فإن قيل : كيف ذلك والهاء لازمة لهذا البناء فيما زعم سيبويه ؟ فإن كان هذا فيكون نادرا من باب إنقحل . وحكى ابن الأعرابي : لا آتيك حيري الدهر أي : طول الدهر ، وحير الدهر ؛ قال : وهو جمع حيري ؛ قال ابن سيده : ولا أدري كيف هذا ؛ قال الأزهري : وروى شمر بإسناده عن الربيع بن قريع قال : سمعت ابن عمر يقول : أسلفوا ذاكم الذي يوجب الله أجره ويرد إليه ماله ، ولم يعط الرجل شيئا أفضل من الطرق ، الرجل يطرق على الفحل أو على الفرس فيذهب حيري الدهر ، فقال له رجل : ما حيري الدهر ؟ قال : لا يحسب ، فقال الرجل : ابن وابصة ولا في سبيل الله ، فقال : أو ليس في سبيل الله ؟ هكذا رواه حيري الدهر ، بفتح الحاء وتشديد الياء الثانية وفتحها ؛ قال ابن الأثير : ويروى حيري دهر ، بياء ساكنة ، وحيري دهر ، بياء مخففة ، والكل من تحير الدهر وبقائه ، ومعناه مدة الدهر ودوامه أي : ما أقام الدهر . قال : وقد جاء في تمام الحديث : فقال له رجل : ما حيري الدهر ؟ فقال : لا يحسب ؛ أي : لا يعرف حسابه لكثرته ؛ يريد أن أجر ذلك دائم أبدا لموضع دوام النسل ؛ قال : وقال سيبويه : العرب تقول : لا أفعل ذلك حيري دهر أي : أبدا . وزعموا أن بعضهم ينصب الياء في حيري دهر ؛ وقال أبو الحسن : سمعت من يقول لا أفعل ذلك حيري دهر ، مثقلة ؛ قال : والحيري الدهر كله ؛ وقال شمر : قوله حيري دهر يريد أبدا ؛ قال ابن شميل : يقال ذهب ذاك حاري الدهر وحيري الدهر أي : أبدا . ويبقى [ ص: 287 ] حاري دهر أي : أبدا . ويبقى حاري الدهر وحيري الدهر أي : أبدا ؛ قال : وسمعت ابن الأعرابي يقول : حيري الدهر ، بكسر الحاء ، مثل قول سيبويه والأخفش ؛ قال شمر : والذي فسره ابن عمر ليس بمخالف لهذا إنما أراد لا يحسب أي : لا يمكن أن يعرف قدره وحسابه لكثرته ودوامه على وجه الدهر ؛ وروى الأزهري عن ابن الأعرابي قال : لا آتيه حيري دهر وحيري دهر وحير الدهر ؛ يريد : ما تحير من الدهر . وحير الدهر : جماعة حيري ؛ وأنشد ابن بري للأغلب العجلي شاهدا على مآل حير ، بفتح الحاء ، أي : كثير :


يا من رأى النعمان كان حيرا     من كل شيء طالح قد أكثرا



واستحير الشراب : أسيغ ؛ قال العجاج :


تسمع للجرع ، إذا استحيرا     للماء في أجوافها خريرا



والمستحير : سحاب ثقيل متردد ليس له ريح تسوقه ؛ قال الشاعر يمدح رجلا :


كأن أصحابه بالقفر يمطرهم     من مستحير ، غزير صوبه ديم



ابن شميل : يقول الرجل لصاحبه : والله ما تحور ولا تحول أي ما تزداد خيرا . ثعلب عن ابن الأعرابي : والله ما تحور ولا تحول أي ما تزداد خيرا . ابن الأعرابي : يقال لجلد الفيل الحوران ولباطن جلده الحرصيان . أبو زيد : الحير الغيم ينشأ مع المطر فيتحير في السماء . والحير ، بالفتح : شبه الحظيرة أو الحمى ، ومنه الحير بكربلاء . والحياران : موضع ؛ قال الحارث بن حلزة :


وهو الرب والشهيد على يو     م الحيارين ، والبلاء بلاء



التالي السابق


الخدمات العلمية