صفحة جزء
[ خدع ] خدع : الخدع : إظهار خلاف ما تخفيه . أبو زيد : خدعه يخدعه خدعا ، بالكسر ، مثل سحره يسحره سحرا ; قال رؤبة :


وقد أداهي خدع من تخدعا



وأجاز غيره خدعا ، بالفتح ، وخديعة وخدعة أي أراد به المكروه وختله من حيث لا يعلم . وخادعه مخادعة وخداعا وخدعه واختدعه : خدعه . قال الله - عز وجل - : يخادعون الله ; جاز يفاعل لغير اثنين لأن هذا المثال يقع كثيرا في اللغة للواحد نحو عاقبت اللص وطارقت النعل . قال الفارسي : قرئ يخادعون الله ويخدعون الله ; قال : والعرب تقول خادعت فلانا إذا كنت تروم خدعه وعلى هذا يوجه قوله تعالى : يخادعون الله وهو خادعهم ; معناه أنهم يقدرون في أنفسهم أنهم يخدعون الله ، والله هو الخادع لهم أي المجازي لهم جزاء خداعهم ; قال شمر : روي بيت الراعي :


وخادع المجد أقوام لهم ورق     راح العضاه به والعرق مدخول



قال : خادع ترك ، ورواه أبو عمرو : خادع الحمد ، وفسره أي ترك الحمد أنهم ليسوا من أهله . وقيل في قوله : يخادعون الله : أي يخادعون أولياء الله . وخدعته : ظفرت به ; وقيل : يخادعون في الآية بمعنى يخدعون بدلالة ما أنشده أبو زيد :


وخادعت المنية عنك سرا



ألا ترى أن المنية لا يكون منها خداع ؟ وكذلك قوله : وما يخدعون إلا أنفسهم ، يكون على لفظ فاعل وإن لم يكن الفعل إلا من واحد كما كان الأول كذلك ، وإذا كانوا قد استجازوا لتشاكل الألفاظ أن يجروا على الثاني ما لا يصح في المعنى طلبا للتشاكل ، فأن يلزم ذلك ويحافظ عليه فيما يصح به المعنى أجدر نحو قوله :

ألا

لا يجهلن أحد علينا     فنجهل فوق جهل الجاهلينا



وفي التنزيل : فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ; والثاني قصاص ليس بعدوان . وقيل : الخدع والخديعة المصدر ، والخدع والخداع الاسم ، وقيل : الخديعة الاسم . ويقال : هو يتخادع أي يري ذلك من نفسه . وتخادع القوم : خدع بعضهم بعضا . وتخادع وانخدع : أرى أنه قد خدع ، وخدعته فانخدع . ويقال : رجل خداع وخدوع وخدعة إذا كان خبا . والخدعة : ما تخدع به . ورجل خدعة ، بالتسكين ، إذا كان يخدع كثيرا ، وخدعة : يخدع الناس كثيرا . ورجل خداع وخدع ; عن اللحياني ، وخيدع وخدوع : كثير الخداع ، وكذلك المرأة بغير هاء ; وقوله :


بجزع من الوادي قليل أنيسه     عفا وتخطته العيون الخوادع



يعني أنها تخدع بما تسترقه من النظر . وفي الحديث : ( الحرب خدعة وخدعة ) ، والفتح أفصح ، وخدعة مثل همزة . قال ثعلب : ورويت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خدعة ، فمن قال خدعة فمعناه من خدع فيها خدعة فزلت قدمه وعطب فليس لها إقالة ; قال ابن الأثير : وهو [ ص: 29 ] أفصح الروايات وأصحها ، ومن قال خدعة أراد هي تخدع كما يقال رجل لعنة يلعن كثيرا ، وإذا خدع أحد الفريقين صاحبه في الحرب فكأنما خدعت هي ; ومن قال خدعة أراد أنها تخدع أهلها كما قال عمرو بن معديكرب :


الحرب أول ما تكون فتية     تسعى ببزتها لكل جهول



ورجل مخدع : خدع في الحرب مرة بعد مرة حتى حذق وصار مجربا ، والمخدع أيضا : المجرب للأمور ; قال أبو ذؤيب :


فتنازلا وتواقفت خيلاهما     وكلاهما بطل اللقاء مخدع



ابن شميل : رجل مخدع أي مجرس صاحب دهاء ومكر ، وقد خدع ; وأنشد :


أبايع بيعا من أريب مخدع     وإنه لذو خدعة وذو خدعات



أي ذو تجريب للأمور . وبعير به خادع وخالع : وهو أن يزول عصبه في وظيف رجله إذا برك ، وبه خويدع وخويلع ، والخادع أقل من الخالع . والخيدع : الذي لا يوثق بمودته . والخيدع : السراب لذلك ، وغول خيدع منه ، وطريق خيدع وخادع : جائر مخالف للقصد لا يفطن له ; قال الطرماح :


خادعة المسلك أرصادها     تمسي وكونا فوق آرامها



وطريق خدوع : تبين مرة وتخفى أخرى ; قال الشاعر يصف الطريق :


ومستكره من دارس الدعس داثر     إذا غفلت عنه العيون خدوع



والخدوع من النوق : التي تدر مرة وترفع لبنها مرة . وماء خادع : لا يهتدى له . وخدعت الشيء وأخدعته : كتمته وأخفيته . والخدع : إخفاء الشيء ، وبه سمي المخدع ، وهو البيت الصغير الذي يكون داخل البيت الكبير ، وتضم ميمه وتفتح . والمخدع : الخزانة . والمخدع : ما تحت الجائز الذي يوضع على العرش ، والعرش : الحائط يبنى بين حائطي البيت لا يبلغ به أقصاه ، ثم يوضع الجائز من طرف العرش الداخل إلى أقصى البيت ويسقف به ; قال سيبويه : لم يأت مفعل اسما إلا المخدع وما سواه صفة . والمخدع والمخدع : لغة في المخدع ، قال : وأصله الضم إلا أنهم كسروه استثقالا ، وحكى الفتح أبو سليمان الغنوي واختلف في الفتح والكسر القناني وأبو شنبل ، ففتح أحدهما وكسر الآخر ; وبيت الأخطل :


صهباء قد كلفت من طول ما حبست     في مخدع بين جنات وأنهار



يروى بالوجوه الثلاثة . والخداع : المنع . والخداع : الحيلة . وخدع الضب يخدع خدعا وانخدع : استروح ريح الإنسان فدخل في جحره لئلا يحترش ، وقال أبو العميثل : خدع الضب إذا دخل في وجاره ملتويا ، وكذلك الظبي في كناسه ، وهو في الضب أكثر . قال الفارسي : قال أبو زيد وقالوا إنك لأخدع من ضب حرشته ، ومعنى الحرش أن يمسح الرجل على فم جحر الضب يتسمع الصوت فربما أقبل وهو يرى أن ذلك حية ، وربما أروح ريح الإنسان فخدع في جحره ولم يخرج ; وأنشد الفارسي :


ومحترش ضب العداوة منهم     بحلو الخلا حرش الضباب الخوادع



حلو الخلا : حلو الكلام . وضب خدع أي مراوغ . وفي المثل : أخدع من ضب حرشته وهو من قولك : خدع مني فلان إذا توارى ولم يظهر . وقال ابن الأعرابي : يقال أخدع من ضب إذا كان لا يقدر عليه ، من الخدع ; قال ومثله :


جعل المخادع للخداع يعدها     مما تطيف ببابه الطلاب



والعرب تقول : إنه لضب كلدة لا يدرك حفرا ولا يؤخذ مذنبا ; الكلدة : المكان الصلب الذي لا يعمل فيه المحفار ; يضرب للرجل الداهية الذي لا يدرك ما عنده . وخدع الثعلب إذا أخذ في الروغان . وخدع الشيء خدعا : فسد . وخدع الريق خدعا : نقص ، وإذا نقص خثر ، وإذا خثر أنتن ; قال سويد بن أبي كاهل يصف ثغر امرأة :


أبيض اللون لذيذ طعمه     طيب الريق إذا الريق خدع



لأنه يغلظ وقت السحر فييبس وينتن . ابن الأعرابي : خدع الريق أي فسد . والخادع : الفاسد من الطعام وغيره . قال أبو بكر : فتأويل قوله : يخادعون الله وهو خادعهم ، يفسدون ما يظهرون من الإيمان بما يضمرون من الكفر كما أفسد الله نعمهم بأن أصدرهم إلى عذاب النار . قال ابن الأعرابي : الخدع منع الحق ، والختم منع القلب من الإيمان . وخدع الرجل : أعطى ثم أمسك . يقال : كان فلان يعطي ثم خدع أي أمسك ومنع . وخدع الزمان خدعا : قل مطره . وفي الحديث : رفع رجل إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ما أهمه من قحط المطر فقال : قحط السحاب وخدعت الضباب وجاعت الأعراب ; خدعت أي استترت وتغيبت في جحرتها . قال الفارسي : وأما قوله في الحديث : ( إن قبل الدجال سنين خداعة ) ، فيرون أن معناه ناقصة الزكاة قليلة المطر ، وقيل : قليلة الزكاء والريع من قولهم خدع الزمان قل مطره ; وأنشد الفارسي :


وأصبح الدهر ذو العلات قد خدعا



وهذا التفسير أقرب إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( سنين خداعة ) ، يريد التي يقل فيها الغيث ويعم بها المحل . وقال ابن الأثير في قوله : ( يكون قبل الساعة سنون خداعة ) أي تكثر فيها الأمطار ويقل الريع ، فذلك خداعها لأنها تطمعهم في الخصب بالمطر ثم تخلف ، وقيل : الخداعة القليلة المطر من خدع الريق إذا جف . وقال شمر : السنون الخوادع القليلة الخير الفواسد . ودينار خادع أي ناقص . وخدع خير الرجل : قل . وخدع الرجل : قل ماله . وخدع الرجل خدعا : تخلق بغير خلقه . وخلق خادع أي متلون . وخلق فلان خادع إذا تخلق بغير خلقه . وفلان خادع الرأي إذا كان متلونا لا يثبت على رأي [ ص: 30 ] واحد . وخدع الدهر إذا تلون . وخدعت العين خدعا : لم تنم . وما خدعت بعينه نعسة تخدع أي ما مرت بها ; قال الممزق العبدي :


أرقت فلم تخدع بعيني نعسة     ومن يلق ما لاقيت لا بد يأرق



أي لم تدخل بعيني نعسة ، وأراد ومن يلق ما لاقيت يأرق لا بد أي لا بد له من الأرق . وخدعت عين الرجل : غارت ; هذه عن اللحياني . وخدعت السوق خدعا وانخدعت : كسدت ; الأخيرة عن اللحياني : وكل كاسد خادع . وخادعته : كاسدته . وخدعت السوق : قامت فكأنه ضده . ويقال : سوقهم خادعة أي مختلفة متلونة . قال أبو الدينار في حديثه : السوق خادعة أي كاسدة . قال : ويقال السوق خادعة إذا لم يقدر على الشيء إلا بغلاء . قال الفراء : بنو أسد يقولون إن السعر لمخادع ، وقد خدع إذا ارتفع وغلا . والخدع : حبس الماشية والدواب على غير مرعى ولا علف ; عن كراع . ورجل مخدع : خدع مرارا ; وقيل في قول الشاعر :


سمح اليمين إذا أردت يمينه     بسفارة السفراء غير مخدع



أراد غير مخدوع ، وقد روي جد مخدع أي أنه مجرب ، والأكثر في مثل هذا أن يكون بعد صفة من لفظ المضاف إليه كقولهم أنت عالم جد عالم . والأخدع : عرق في موضع المحجمتين وهما أخدعان . والأخدعان : عرقان خفيان في موضع الحجامة من العنق ، وربما وقعت الشرطة على أحدهما فينزف صاحبه لأن الأخدع شعبة من الوريد . وفي الحديث : ( أنه احتجم على الأخدعين والكاهل ) ; الأخدعان : عرقان في جانبي العنق قد خفيا وبطنا ، والأخادع الجمع ; وقال اللحياني : هما عرقان في الرقبة ، وقيل : الأخدعان الودجان . ورجل مخدوع : قطع أخدعه . ورجل شديد الأخدع أي شديد موضع الأخدع ، وقيل : شديد الأخدع ، وكذلك شديد الأبهر . وأما قولهم عن الفرس : إنه لشديد النسا فيراد بذلك النسا نفسه لأن النسا إذا كان قصيرا كان أشد للرجل ، وإذا كان طويلا استرخت الرجل . ورجل شديد الأخدع : ممتنع أبي ، ولين الأخدع : بخلاف ذلك . وخدعه يخدعه خدعا : قطع أخدعيه ، وهو مخدوع وخدع ثوبه خدعا وخدعا : ثناه ; هذه عن اللحياني . والخدعة : قبيلة من تميم . قال ابن الأعرابي : الخدعة ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم ; وأنشد غيره في هذه القبيلة من تميم :


أذود عن حوضه ويدفعني     يا قوم من عاذري من الخدعه



وخدعة : اسم رجل ، وقيل : اسم ناقة كان نسب بها ذلك الرجل ; عنه أيضا ; وأنشد :


أسير بشكوتي وأحل وحدي     وأرفع ذكر خدعة في السماع



قال : وإنما سمي الرجل خدعة بها ، وذلك لإكثاره من ذكرها وإشادته بها . قال ابن بري رحمه الله : أهمل الجوهري في هذا الفصل الخيدع ، وهو السنور .

التالي السابق


الخدمات العلمية