صفحة جزء
[ خضر ]

خضر : الخضرة من الألوان : لون الأخضر ، يكون ذلك في الحيوان والنبات وغيرهما مما يقبله ، وحكاه ابن الأعرابي في الماء أيضا ، وقد اخضر وهو أخضر وخضور وخضر وخضير ويخضير ويخضور ; واليخضور : الأخضر ; ومنه قول العجاج يصف كناس الوحش :


بالخشب دون الهدب اليخضور مثواة عطارين بالعطور



والخضر والمخضور : اسمان للرخص من الشجر إذا قطع وخضر . أبو عبيد : الأخضر من الخيل الديزج في كلام العجم ; قال : ومن الخضرة في ألوان الخيل أخضر أحم ، وهو أدنى الخضرة إلى الدهمة وأشد الخضرة سوادا غير أن أقرابه وبطنه وأذنيه مخضرة ; وأنشد :


خضراء حماء كلون العوهق



قال : وليس بين الأخضر الأحم وبين الأحوى إلا خضرة منخريه وشاكلته ؛ لأن الأحوى تحمر مناخره وتصفر شاكلته صفرة ؛ مشاكلة للحمرة ; قال : ومن الخيل أخضر أدغم وأخضر أطحل وأخضر أورق . والحمام الورق يقال لها : الخضر . واخضر الشيء اخضرارا واخضوضر وخضرته أنا ، وكل غض خضر ; وفي التنزيل : فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ; قال : خضرا ههنا بمعنى أخضر . يقال اخضر ، فهو أخضر وخضر ، مثل اعور فهو أعور وعور ; وقال الأخفش : يريد الأخضر ، كقول العرب : أرنيها نمرة أركها مطرة ; وقال الليث : الخضر ههنا الزرع الأخضر . وشجرة خضراء : خضرة غضة . وأرض خضرة ويخضور : كثيرة الخضرة . ابن الأعرابي : الخضيرة تصغير الخضرة ، وهي النعمة . وفي نوادر الأعراب : ليست لفلان بخضرة أي : ليست له بحشيشة رطبة يأكلها سريعا . وفي صفته - صلى الله عليه وسلم : أنه كان أخضر الشمط ، كانت الشعرات التي شابت منه قد اخضرت بالطيب والدهن المروح . وخضر الزرع خضرا : نعم ; وأخضره الري . وأرض مخضرة ، على مثال مبقلة : ذات خضرة ; وقرئ : فتصبح الأرض مخضرة . وفي حديث علي : أنه خطب بالكوفة في آخر عمره فقال : اللهم سلط عليهم فتى ثقيف الذيال الميال يلبس فروتها ويأكل خضرتها ، يعني غضها وناعمها وهنيئها . وفي حديث القبر : يملأ عليه خضرا ; أي : نعما غضة . واختضرت الكلأ إذا جززته وهو أخضر ; ومنه قيل للرجل إذا مات شابا غضا : قد اختضر ؛ لأنه يؤخذ في وقت الحسن والإشراق . وقوله تعالى : مدهامتان ; قالوا خضراوان ؛ لأنهما تضربان إلى السواد من شدة الري ، وسميت قرى العراق سوادا لكثرة شجرها ونخيلها وزرعها . وقولهم : أباد الله خضراءهم أي : سوادهم ومعظمهم ، وأنكره الأصمعي وقال : إنما يقال : أباد الله غضراءهم أي : خيرهم وغضارتهم . واختضر الشيء : أخذ طريا غضا . وشاب مختضر : مات فتيا . وفي بعض الأخبار : أن شابا من العرب أولع بشيخ فكان كلما رآه قال : أجززت يا أبا فلان ! [ ص: 88 ] فقال له الشيخ : أي بني ، وتختضرون ! أي : تتوفون شبابا ; ومعنى أجززت : أنى لك أن تجز فتموت ، وأصل ذلك في النبات الغض يرعى ويختضر ويجز فيؤكل قبل تناهي طوله . ويقال : اختضرت الفاكهة إذا أكلتها قبل أناها . واختضر البعير : أخذه من الإبل وهو صعب لم يذلل فخطمه وساقه . وماء أخضر : يضرب إلى الخضرة من صفائه . وخضارة ، بالضم : البحر سمي ، بذلك لخضرة مائه ، وهو معرفة لا يجرى ، تقول : هذا خضارة طاميا . ابن السكيت : خضار معرفة لا ينصرف ، اسم البحر . والخضرة والخضر والخضير : اسم للبقلة الخضراء ; وعلى هذا قول رؤبة :


إذا شكونا سنة حسوسا     نأكل بعد الخضرة اليبيسا



وقد قيل إنه وضع الاسم ههنا موضع الصفة لأن الخضرة لا تؤكل ، إنما يؤكل الجسم القابل لها . والبقول يقال لها : الخضارة والخضراء ، بالألف واللام ; وقد ذكر طرفة الخضر فقال :


كبنات المخر يمأدن     إذا أنبت الصيف عساليج الخضر



وفي فصل الصيف تنبت عساليج الخضر من الجنبة ، لها خضر في الخريف إذا برد الليل وتروحت الدابة ، وهي الريحة والخلفة ، والعرب تقول للخضر من البقول : الخضراء ; ومنه الحديث : ( تجنبوا من خضرائكم ذوات الريح ) ; يعني الثوم والبصل والكراث وما أشبهها . والخضرة أيضا : الخضراء من النبات ، والجمع خضر . والأخضار : جمع الخضر ; حكاه أبو حنيفة . ويقال للأسود أخضر . والخضر : قبيلة من العرب سموا بذلك لخضرة ألوانهم ; وإياهم عنى الشماخ بقوله :


وحلاها عن ذي الأراكة عامر     أخو الخضر يرمي حيث تكوى النواحز



والخضرة في ألوان الناس : السمرة ; قال اللهبي :


وأنا الأخضر ، من يعرفني ؟     أخضر الجلدة في بيت العرب



يقول : أنا خالص ؛ لأن ألوان العرب السمرة ; التهذيب : في هذا البيت قولان : أحدهما أنه أراد أسود الجلدة ; قال : قاله أبو طالب النحوي ، وقيل : أراد أنه من خالص العرب وصميمهم ؛ لأن الغالب على ألوان العرب الأدمة ; قال ابن بري : نسب الجوهري هذا البيت للهبي ، وهو الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب ، وأراد بالخضرة سمرة لونه ، وإنما يريد بذلك خلوص نسبه وأنه عربي محض ؛ لأن العرب تصف ألوانها بالسواد وتصف ألوان العجم بالحمرة . وفي الحديث : ( بعثت إلى الأحمر والأسود ) ; وهذا المعنى بعينه هو الذي أراده مسكين الدارمي في قوله :


أنا مسكين لمن يعرفني     لوني السمرة ألوان العرب



ومثله قول معبد بن أخضر ، وكان ينسب إلى أخضر ، ولم يكن أباه ، بل كان زوج أمه ؛ وإنما هو معبد بن علقمة المازني :


سأحمي حماء الأخضريين ، إنه     أبى الناس إلا أن يقولوا ابن أخضرا
وهل لي في الحمر الأعاجم نسبة     فآنف مما يزعمون وأنكرا ؟



وقد نحا هذا النحو أبو نواس في هجائه الرقاشي وكونه دعيا :


قلت يوما للرقاش     ي وقد سب الموالي :
ما الذي نحاك عن أص     لك من عم وخال ؟
قال لي : قد كنت مولى     زمنا ثم بدا لي
أنا بالبصرة مولى     عربي بالجبال
أنا حقا أدعيهم     بسوادي وهزالي



والخضيرة من النخل : التي ينتثر بسرها وهو أخضر ; ومنه حديث اشتراط المشتري على البائع : أنه ليس له مخضار ; المخضار : أن ينتثر البسر أخضر . والخضيرة من النساء : التي لا تكاد تتم حملا حتى تسقطه ; قال :


تزوجت مصلاخا رقوبا خضيرة     فخذها على ذا النعت ، إن شئت ، أو دع



والأخيضر : ذباب أخضر على قدر الذبان السود . والخضراء من الكتائب نحو الجأواء ، ويقال : كتيبة خضراء للتي يعلوها سواد الحديد . وفي حديث الفتح : مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتيبته الخضراء ; يقال : كتيبة خضراء إذا غلب عليها لبس الحديد ، شبه سواده بالخضرة ، والعرب تطلق الخضرة على السواد . وفي حديث الحارث بن الحكم : أنه تزوج امرأة فرآها خضراء فطلقها أي : سوداء . وفي حديث الفتح : أبيدت خضراء قريش ; أي : دهماؤهم وسوادهم ; ومنه الحديث الآخر : فأبيدت خضراؤهم . والخضراء : السماء لخضرتها ; صفة غلبت غلبة الأسماء . وفي الحديث : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر ; الخضراء : السماء ، والغبراء : الأرض . التهذيب : والعرب تجعل الحديد أخضر والسماء خضراء ; يقال : فلان أخضر القفا ، يعنون أنه ولدته سوداء . ويقولون للحائك : أخضر البطن ؛ لأن بطنه يلزق بخشبته فتسوده . ويقال للذي يأكل البصل والكراث : أخضر النواجذ . وخضر غسان وخضر محارب : يريدون سواد لونهم . وفي الحديث من خضر له في شيء فليلزمه ; أي : بورك له فيه ورزق منه ، وحقيقته أن تجعل حالته خضراء ; ومنه الحديث : إذا أراد الله بعبد شرا أخضر له في اللبن والطين حتى يبني . والخضراء من الحمام : الدواجن ، وإن اختلفت ألوانها ؛ لأن أكثر ألوانها الخضرة . التهذيب : والعرب تسمي [ ص: 89 ] الدواجن الخضر ، وإن اختلفت ألوانها ، خصوصا بهذا الاسم لغلبة الورقة عليها . التهذيب : ومن الحمام ما يكون أخضر مصمتا ، ومنه ما يكون أحمر مصمتا ، ومنه ما يكون أبيض مصمتا ، وضروب من ذلك كلها مصمت إلا أن الهداية للخضر والنمر ، وسودها دون الخضر في الهداية والمعرفة . وأصل الخضرة للريحان والبقول ، ثم قالوا : لليل أخضر ، وأما بيض الحمام فمثلها مثل الصقلابي الذي هو فطير خام لم تنضجه الأرحام ، والزنج جازت حد الإنضاج حتى فسدت عقولهم . وخضراء كل شيء : أصله . واختضر الشيء : قطعه من أصله . واختضر أذنه : قطعها من أصلها . وقال ابن الأعرابي : اختضر أذنه قطعها . ولم يقل من أصلها . الأصمعي : أباد الله خضراءهم أي : خيرهم وغضارتهم . وقال ابن سيده : أباد الله خضراءهم ، قال : وأنكرها الأصمعي وقال إنما هي غضراؤهم . الأصمعي : أباد الله خضراءهم ، بالخاء ، أي : خصبهم وسعتهم ; واحتج بقوله :


بخالصة الأردان خضر المناكب



أراد به سعة ما هم فيه من الخصب ; وقيل : معناه أذهب الله نعيمهم وخصبهم ; قال : ومنه قول عتبة بن أبي لهب :


وأنا الأخضر ، من يعرفني ؟     أخضر الجلدة في بيت العرب



قال : يريد باخضرار الجلدة الخصب والسعة . وقال ابن الأعرابي : أباد الله خضراءهم أي : سوادهم ومعظمهم . والخضرة عند العرب : سواد ; قال القطامي :


يا ناق خبي خببا زورا     وقلبي منسمك المغبرا
وعارضي الليل إذا ما اخضرا



أراد أنه إذا ما أظلم . الفراء : أباد الله خضراءهم أي : دنياهم ، يريد قطع عنهم الحياة . والخضارى : الرمث إذا طال نباته وإذا طال الثمام عن الحجن سمي خضر الثمام ثم يكون خضرا شهرا . والخضرة : بقيلة ، والجمع خضر ; قال ابن مقبل :


يعتادها فرج ملبونة خنف     ينفخن في برعم الحوذان والخضر



والخضرة : بقلة خضراء خشناء ورقها مثل ورق الدخن وكذلك ثمرتها ، وترتفع ذراعا ، وهي تملأ فم البعير . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم : ( إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي ما يخرج لكم من زهرة الدنيا ، وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر ؛ فإنها أكلت حتى إذا امتدت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت ، وإنما هذا المال خضر حلو ، ونعم صاحب المسلم هو أن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل ) ; وتفسيره مذكور في موضعه ، قال : والخضر في هذا الموضع ضرب من الجنبة ، واحدته خضرة ، والجنبة من الكلإ : ما له أصل غامض في الأرض مثل النصي والصليان ، وليس الخضر من أحرار البقول التي تهيج في الصيف ; قال ابن الأثير : هذا حديث يحتاج إلى شرح ألفاظه مجتمعة ؛ فإنه إذا فرق لا يكاد يفهم الغرض منه . الحبط ، بالتحريك : الهلاك ، يقال : حبط يحبط حبطا ، وقد تقدم في الحاء ; ويلم : يقرب ويدنو من الهلاك ، والخضر ، بكسر الضاد : نوع من البقول ليس من أحرارها وجيدها ; وثلط البعير يثلط إذا ألقى رجيعه سهلا رقيقا ; قال : ضرب في هذا الحديث مثلين : أحدهما للمفرط في جمع الدنيا والمنع من حقها ، والآخر للمقتصد في أخذها والنفع بها ؛ فقوله : إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم ؛ فإنه مثل للمفرط الذي يأخذ الدنيا بغير حقها ، وذلك لأن الربيع ينبت أحرار البقول فتستكثر الماشية منه لاستطابتها إياه حتى تنتفخ بطونها عند مجاوزتها حد الاحتمال ؛ فتنشق أمعاؤها من ذلك فتهلك أو تقارب الهلاك ، وكذلك الذي يجمع الدنيا من غير حلها ويمنعها مستحقها ، قد تعرض للهلاك في الآخرة بدخول النار ، وفي الدنيا بأذى الناس له وحسدهم إياه وغير ذلك من أنواع الأذى ; وأما قوله : إلا آكلة الخضر ؛ فإنه مثل للمقتصد وذلك أن الخضر ليس من أحرار البقول وجيدها التي ينبتها الربيع بتوالي أمطاره فتحسن وتنعم ، ولكنه من البقول التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول ويبسها حيث لا تجد سواها ، وتسميها العرب الجنبة فلا ترى الماشية تكثر من أكلها ولا تستمريها ، فضرب آكلة الخضر من المواشي مثلا لمن يقتصر في أخذ الدنيا وجمعها ، ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها ، فهو ينجو من وبالها كما نجت آكلة الخضر ، ألا تراه قال : أكلت حتى إذا امتدت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ؟ أراد أنها إذا شبعت منها بركت مستقبلة عين الشمس تستمري بذلك ما أكلت وتجتر وتثلط ، فإذا ثلطت فقد زال عنها الحبط ، وإنما تحبط الماشية ؛ لأنها تمتلئ بطونها ولا تثلط ولا تبول فتنتفخ أجوافها فيعرض لها المرض فتهلك ، وأراد بزهرة الدنيا حسنها وبهجتها ، وببركات الأرض نماءها وما تخرج من نباتها . والخضرة في شيات الخيل : غبرة تخالط دهمة ، وكذلك في الإبل ; يقال : فرس أخضر ، وهو الديزج . والخضاري : طير خضر يقال لها القارية ، زعم أبو عبيد أن العرب تحبها ، يشبهون الرجل السخي بها ; وحكى ابن سيده عن صاحب العين أنهم يتشاءمون بها . والخضار : طائر معروف ، والخضاري : طائر يسمى الأخيل يتشاءم به إذا سقط على ظهر بعير ، وهو أخضر ، في حنكه حمرة ، وهو أعظم من القطا . وواد خضار : كثير الشجر . وقول النبي - صلى الله عليه وسلم : ( إياكم وخضراء الدمن ، قيل : وما ذاك يا رسول الله ؟ فقال : المرأة الحسناء في منبت السوء ) ; شبهها بالشجرة الناضرة في دمنة البعر ، وأكلها داء ، وكل ما ينبت في الدمنة وإن كان ناضرا ، لا يكون ثامرا ; قال أبو عبيد : أراد فساد النسب إذا خيف أن تكون لغير رشدة ، وأصل الدمن ما تدمنه الإبل والغنم من أبعارها وأبوالها ؛ فربما نبت فيها النبات الحسن الناضر وأصله في دمنة قذرة ; يقول النبي - صلى الله عليه وسلم : ( فمنظرها حسن أنيق ومنبتها فاسد ) ; قال زفر بن الحارث :


وقد ينبت المرعى على دمن الثرى [ ص: 90 ]     وتبقى حزازات النفوس كما هيا



ضربه مثلا للذي تظهر مودته ، وقلبه نغل بالعداوة ، وضرب الشجرة التي تنبت في المزبلة فتجيء خضرة ناضرة ، ومنبتها خبيث قذر ، مثلا للمرأة الجميلة الوجه اللئيمة المنصب . والخضارى ، بتشديد الضاد : نبت ، كما يقولون شقارى لنبت وخبازى وكذلك الحوارى . الأصمعي : زبادى نبت ، فشدده الأزهري ، ويقال زباد أيضا . وبيع المخاضرة المنهي عنها : بيع الثمار وهي خضر لم يبد صلاحها ، سمي ذلك مخاضرة لأن المتبايعين تبايعا شيئا أخضر بينهما ، مأخوذ من الخضرة . والمخاضرة : بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ، وهي خضر بعد ، ونهى عنه ، ويدخل فيه بيع الرطاب والبقول وأشباهها ولهذا كره بعضهم بيع الرطاب أكثر من جزه وأخذه . ويقال للزرع : الخضارى ، بتشديد الضاد ، مثل الشقارى . والمخاضرة : أن يبيع الثمار خضرا قبل بدو صلاحها . والخضارة ، بالفتح : اللبن أكثر ماؤه ; أبو زيد : الخضار من اللبن مثل السمار الذي مذق بماء كثير حتى اخضر ، كما قال الراجز :


جاءوا بضيح ، هل رأيت الذئب قط ؟



أراد اللبن أنه أورق كلون الذئب لكثرة مائه حتى غلب بياض لون اللبن . ويقال : رمى الله في عين فلان بالأخضر ، وهو داء يأخذ العين . وذهب دمه خضرا مضرا ، وذهب دمه بطرا أي : ذهب دمه باطلا هدرا ، وهو لك خضرا مضرا أي : هنيئا مريئا ، وخضرا لك ومضرا أي : سقيا لك ورعيا ; وقيل : الخضر الغض والمضر إتباع . والدنيا خضرة مضرة أي : ناعمة غضة طرية طيبة ، وقيل : مونقة معجبة . وفي الحديث : إن الدنيا حلوة خضرة مضرة فمن أخذها بحقها بورك له فيها ; ومنه حديث ابن عمر : اغزوا والغزو حلو خضر أي : طري محبوب لما ينزل الله من النصر ويسهل من الغنائم . والخضار : اللبن الذي ثلثاه ماء وثلثه لبن ، يكون ذلك من جميع اللبن حقينه وحليبه ، ومن جميع المواشي ، سمي بذلك لأنه يضرب إلى الخضرة ، وقيل : الخضار جمع ، واحدته خضارة ، والخضار : البقل الأول ، وقد سمت أخضر وخضيرا . والخضر : نبي معمر محجوب عن الأبصار . ابن عباس : الخضر نبي من بني إسرائيل ، وهو صاحب موسى - صلوات الله على نبينا وعليه - الذي التقى معه بمجمع البحرين . ابن الأنباري : الخضر عبد صالح من عباد الله تعالى . أهل العربية : الخضر ، بفتح الخاء وكسر الضاد ; وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز خضراء ) ، وقيل : سمي بذلك لأنه كان إذا جلس في موضع قام وتحته روضة تهتز ; وعن مجاهد : كان إذا صلى في موضع اخضر ما حوله ، وقيل : ما تحته ، وقيل : سمي خضرا لحسنه وإشراق وجهه تشبيها بالنبات الأخضر الغض ; قال : ويجوز في العربية الخضر ، كما يقال كبد وكبد ، قال الجوهري : وهو أفصح . وقيل في الخبر : من خضر له في شيء فليلزمه ; معناه من بورك له في صناعة أو حرفة أو تجارة فليلزمها . ويقال للدلو إذا استقي بها زمانا طويلا حتى اخضرت : خضراء ; قال الراجز :


تمطى ملاطاه بخضراء فري     وإن تأباه تلقى الأصبحي



والعرب تقول : الأمر بيننا أخضر أي : جديد لم تخلق المودة بيننا ، وقال ذو الرمة :


قد أعسف النازح المجهول معسفه     في ظل أخضر يدعو هامه البوم



والخضرية نوع من التمر أخضر كأنه زجاجة يستظرف للونه ; حكاه أبو حنيفة . التهذيب : الخضرية نخلة طيبة التمر خضراء ; وأنشد :


إذا حملت خضرية فوق طابة     وللشهب قصل عندها والبهازر



قال الفراء : وسمعت العرب تقول لسعف النخل وجريده الأخضر : الخضر ; وأنشد :


تظل يوم وردها مزعفرا     وهي خناطيل تجوس الخضرا



ويقال : خضر الرجل خضر النخل بمخلبه يخضره خضرا واختضره يختضره إذا قطعه . ويقال : اختضر فلان الجارية وابتسرها وابتكرها وذلك إذا اقتضها قبل بلوغها . وقوله - صلى الله عليه وسلم : ( ليس في الخضراوات صدقة ) ; يعني به الفاكهة الرطبة والبقول ، وقياس ما كان على هذا الوزن من الصفات أن لا يجمع هذا الجمع ؛ وإنما يجمع به ما كان اسما لا صفة ، نحو صحراء وخنفساء ، وإنما جمعه هذا الجمع ؛ لأنه قد صار اسما لهذه البقول لا صفة ؛ تقول العرب لهذه البقول : الخضراء ، لا تريد لونها ; وقال ابن سيده : جمعه جمع الأسماء كورقاء وورقاوات وبطحاء وبطحاوات ؛ لأنها صفة غالبة غلبت غلبة الأسماء . وفي الحديث : أتي بقدر فيه خضرات ; بكسر الضاد ، أي : بقول ، واحدها خضر . والإخضير : مسجد من مساجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المدينة وتبوك . وأخضر ، بفتح الهمزة والضاد المعجمة : منزل قريب من تبوك نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند مسيره إليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية