صفحة جزء
[ خطف ]

خطف : الخطف : الاستلاب ، وقيل : الخطف الأخذ في سرعة واستلاب . خطفه ، بالكسر ، يخطفه خطفا ، بالفتح ، وهي اللغة الجيدة ، وفيه لغة أخرى حكاها الأخفش : خطف ، بالفتح ، يخطف ، بالكسر ، وهي قليلة رديئة لا تكاد تعرف : اجتذبه بسرعة ، وقرأ بها يونس في قوله تعالى : يخطف أبصارهم ، وأكثر القراء قرءوا : ( يخطف ) ، من خطف يخطف ، قال الأزهري : وهي القراءة الجيدة . وروي عن الحسن أنه قرأ : ( يخطف أبصارهم ) ، بكسر الخاء وتشديد الطاء مع الكسر ، وقرأها يخطف ، بفتح الخاء وكسر الطاء وتشديدها ، فمن قرأ يخطف فالأصل يختطف فأدغمت التاء في الطاء وألقيت فتحة التاء على الخاء ، ومن قرأ يخطف كسر الخاء لسكونها وسكون الطاء ; قال : وهذا قول البصريين . وقال الفراء : الكسر لالتقاء الساكنين ههنا خطأ وإنه يلزم من قال هذا أن يقول في يعض يعض وفي يمد يمد ، وقال الزجاج : هذه العلة غير لازمة ؛ لأنه لو كسر يعض ويمد لالتبس ما أصله يفعل ويفعل بما أصله يفعل ، قال : ويختطف ليس أصله غيرها ولا يكون مرة على يفتعل ومرة على يفتعل ، فكسر لالتقاء الساكنين في موضع غير ملتبس . التهذيب قال : خطف يخطف وخطف يخطف لغتان . شمر : الخطف سرعة أخذ الشيء . ومر يخطف خطفا منكرا أي : مر مرا سريعا . واختطفه وتخطفه بمعنى . وفي التنزيل العزيز : فتخطفه الطير ، وفيه : ويتخطف الناس من حولهم . وفي التنزيل العزيز : إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ; وأما قراءة من قرأ إلا من خطف الخطفة ، بالتشديد ، وهي قراءة الحسن فإن أصله اختطف فأدغمت التاء في الطاء وألقيت حركتها على الخاء فسقطت الألف ، وقرئ خطف ، بكسر الخاء والطاء على إتباع كسرة الخاء كسرة الطاء ، وهو ضعيف جدا ، قال سيبويه : خطفه واختطفه كما قالوا نزعه وانتزعه . ورجل خيطف : خاطف ، وباز مخطف : يخطف الصيد . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المجثمة والخطفة ; وهي ما اختطف الذئب من أعضاء الشاة وهي حية من يد ورجل ، أو اختطفه الكلب من أعضاء حيوان الصيد من لحم أو غيره والصيد حي ؛ لأن كل ما أبين من حي فهو ميت ، والمراد ما يقطع من أعضاء الشاة ; قال : وكل ما أبين من الحيوان وهو حي من لحم أو شحم ، فهو ميت لا يحل أكله ، وذلك أنه لما قدم المدينة رأى الناس يجبون أسنمة الإبل وأليات الغنم ويأكلونها . والخطفة : المرة الواحدة فسمي بها العضو المختطف . وفي حديث الرضاعة : لا تحرم الخطفة والخطفتان أي : الرضعة القليلة يأخذها الصبي من الثدي بسرعة . وسيف مخطف : يخطف البصر بلمعه ; قال :


وناط بالدف حساما مخطفا



والخاطف : الذئب . وذئب خاطف : يختطف الفريسة ، وبرق خاطف لنور الأبصار . وخطف البرق البصر وخطفه يخطفه : ذهب به . وفي التنزيل العزيز : يكاد البرق يخطف أبصارهم ، وقد قرئ بالكسر ، وكذلك الشعاع والسيف وكل جرم صقيل ; قال :


والهندوانيات يخطفن البصر



روى المخزومي عن سفيان عن عمرو قال : لم أسمع أحدا ذهب ببصره البرق لقول الله - عز وجل : يكاد البرق يخطف أبصارهم ، ولم يقل يذهب ، قال : والصواعق تحرق لقوله - عز وجل : فيصيب بها من يشاء . وفي الحديث : ( لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لتخطفن أبصارهم ) ; هو من الخطف استلاب الشيء وأخذه بسرعة . ومنه حديث أحد : ( إن رأيتمونا تختطفنا الطير فلا تبرحوا ) ، أي : تستلبنا وتطير بنا ، وهو مبالغة في الهلاك . وخطف الشيطان السمع واختطفه : استرقه . وفي التنزيل العزيز : إلا من خطف الخطفة . والخطاف ، بالفتح ، الذي في الحديث هو الشيطان ، يخطف السمع : يسترقه ، وهو ما ورد في حديث علي : نفقتك رياء وسمعة للخطاف ; هو ، بالفتح والتشديد ، الشيطان ؛ لأنه يخطف السمع ، وقيل : هو بضم الخاء على أنه جمع خاطف أو تشبيها بالخطاف ، وهو الحديدة المعوجة كالكلوب يختطف بها الشيء ويجمع على خطاطيف . وفي حديث الجن : يختطفون السمع أي : يسترقونه ويستلبونه . والخيطف والخيطفى : سرعة انجذاب السير كأنه يختطف في مشيه عنقه أي : يجتذبه . وجمل خيطف أي : سريع المر . ويقال : عنق خيطف وخطفى ; قال جد جرير :


وعنقا بعد الرسيم خيطفا



والخطفى : سيرته ، ويروى خطفى ، وبهذا سمي الخطفى ، وهو لقب عوف جد جرير بن عطية بن عوف الشاعر ; وحكى ابن بري عن أبي عبيدة قال : الخطفى جد جرير واسمه حذيفة بن بدر ولقب بذلك لقوله :


يرفعن بالليل ، إذا ما أسدفا     أعناق جنان وهاما رجفا
وعنقا بعد الكلال خيطفا



والجنان : جنس من الحيات إذا مشت رفعت رءوسها ; قال ابن بري : ومن مليح شعر الخطفى :


عجبت لإزراء العيي بنفسه     وصمت الذي قد كان بالقول أعلما
وفي الصمت ستر للعيي ، وإنما     صفيحة لب المرء أن يتكلما



وقيل : هو مأخوذ من الخطف وهو الخلس . وجمل خيطف : سيره كذلك أي : سريع المر ، وقد خطف وخطف يخطف ويخطف خطفا . والخاطوف : شبيه بالمنجل يشد في حبالة الصائد يختطف الظبي . والخطاف : حديدة تكون في الرحل تعلق منها الأداة والعجلة . والخطاف : حديدة حجناء تعقل بها البكرة من جانبيها فيها المحور ; قال النابغة :

[ ص: 104 ]

خطاطيف حجن ذي حبال متينة     تمد بها أيد إليك نوازع



وكل حديدة حجناء خطاف . الأصمعي : الخطاف هو الذي يجري في البكرة إذا كان من حديد ؛ فإذا كان من خشب فهو القعو ، وإنما قيل لخطاف البكرة خطاف لحجنه فيها ، ومخاليب السباع خطاطيفها . وفي حديث القيامة : فيه خطاطيف وكلاليب . وخطاطيف الأسد : براثنه شبهت بالحديدة لحجنتها ; قال أبو زبيد الطائي يصف الأسد :


إذا علقت قرنا خطاطيف كفه     رأى الموت رأي العين أسود أحمرا



إنما قال : رأي العين أو بالعينين توكيدا ، لأن الموت لا يرى بالعين ، لما قال : أسود أحمرا وكان السواد والحمرة لونين ، وكان اللون مما يحس بالعين جعل الموت كأنه مرثي بالعين ، فتفهمه . والخطاف : سمة على شكل خطاف البكرة ، قال : يقال لسمة يوسم بها البعير ؛ كأنها خطاف البكرة : خطاف أيضا . وبعير مخطوف إذا كان به هذه السمة . والخطاف : طائر . ابن سيده : والخطاف العصفور الأسود ، وهو الذي تدعوه العامة عصفور الجنة ، وجمعه خطاطيف . وفي حديث ابن مسعود : لأن أكون نفضت يدي من قبور بني أحب إلي من أن يقع من بيض الخطاف فينكسر ; قال ابن الأثير : الخطاف الطائر المعروف ، قال ذلك شفقة ورحمة . والخطاف : الرجل اللص الفاسق ; قال أبو النجم :


واستصحبوا كل عم أمي     من كل خطاف وأعرابي



وأما قول تلك المرأة لجرير : يا ابن خطاف ; فإنما قالته له هازئة به ، وهي الخطاطيف . والخطف والخطف : الضمر وخفة لحم الجنب . وإخطاف الحشى : انطواؤه . وفرس مخطف الحشى ، بضم الميم وفتح الطاء ، إذا كان لاحق ما خلف المحزم من بطنه ، ورجل مخطف ومخطوف . وأخطف الرجل : مرض يسيرا ثم برأ سريعا . أبو صفوان : يقال أخطفته الحمى أي : أقلعت عنه ، وما من مرض إلا وله خطف أي : يبرأ منه ; قال :


وما الدهر إلا صرف يوم وليلة     فمخطفة تنمي ومقعصة تصمي



والعرب تقول للذئب خاطف ، وهي الخواطف . وخطاف وكساب : من أسماء كلاب الصيد . ويقال للص الذي يدغر نفسه على الشيء فيختلسه : خطاف . أبو الخطاب : خطفت السفينة وخطفت أي : سارت ; يقال : خطفت اليوم من عمان أي : سارت . ويقال : أخطف لي من حديثه شيئا ثم سكت ، وهو الرجل يأخذ في الحديث ثم يبدو له فيقطع حديثه ، وهو الإخطاف . والخياطف : المهاوي ، واحدها خيطف ; قال الفرزدق :


وقد رمت أمرا ، يا معاوي ، دونه     خياطف علوز ، صعاب مراتبه



والخطف والخطف جميعا : مثل الجنون ; قال أسامة الهذلي :


فجاء ، وقد أوجت من الموت نفسه     به خطف قد حذرته المقاعد



ويروى خطف ؛ فإما أن يكون جمعا كضرب ، وإما أن يكون واحدا . والإخطاف : أن ترمي الرمية فتخطئ قريبا ، يقال منه : رمى الرمية فأخطفها أي : أخطأها ; وأنشد أيضا :


فمخطفة تنمي ومقعصة تصمي



وقال العماني :


فانقض قد فات العيون الطرفا     إذا أصاب صيده أو أخطفا



ابن بزرج : خطفت الشيء أخذته ، وأخطفته أخطأته ; وأنشد الهذلي :


تناول أطراف القران ، وعينها     كعين الحبارى أخطفتها الأجادل



والإخطاف في الخيل : ضد الانتفاخ ، وهو عيب في الخيل . وقال أبو الهيثم : الإخطاف سر الخيل ، وهو صغر الجوف ; وأنشد :


لا دنن فيه ولا إخطاف



والدنن : قصر العنق وتطامن المقدم ; وقوله :


تعرضن مرمى الصيد ، ثم رميننا     من النبل ، لا بالطائشات الخواطف



إنما هو على إرادة المخطفات ولكنه على حذف الزائد . والخطيفة : دقيق يذر على لبن ثم يطبخ فيلعق ; قال ابن الأعرابي : هو الجبولاء . وفي حديث علي : فإذا به بين يديه صحفة فيها خطيفة وملبنة ; الخطيفة : لبن يطبخ بدقيق ويختطف بالملاعق بسرعة . وفي حديث أنس : أنه كان عند أم سليم شعير فجشته وعملت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خطيفة فأرسلتني أدعوه ; قال أبو منصور : الخطيفة عند العرب أن تؤخذ لبينة فتسخن ثم يذر عليها دقيقة ثم تطبخ فيلعقها الناس ويختطفوها في سرعة . ودخل قوم على علي بن أبي طالب - عليه السلام - يوم عيد وعنده الكبولاء ، فقالوا : يا أمير المؤمنين أيوم عيد وخطيفة ؟ فقال : كلوا ما حضر واشكروا الرزاق . وخاطف ظله : طائر ; قال الكميت بن زيد :


وريطة فتيان كخاطف ظله     جعلت لهم منها خباء ممددا



قال ابن سلمة : هو طائر يقال له الرفراف إذا رأى ظله في الماء أقبل إليه ليخطفه يحسبه صيدا ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية