صفحة جزء
[ خفا ]

خفا : خفا البرق خفوا وخفوا : لمع . وخفا الشيء خفوا : ظهر . وخفى الشيء خفيا وخفيا : أظهره واستخرجه . يقال : خفى المطر الفئار إذا أخرجهن من أنفاقهن أي : من جحرتهن ; قال امرؤ القيس يصف فرسا :


خفاهن من أنفاقهن كأنما خفاهن ودق من سحاب مركب



قال ابن بري : والذي وقع في شعر امرئ القيس من عشي مجلب ; وقال امرؤ القيس بن عابس الكندي أنشده اللحياني :


فإن تكتموا السر لا نخفه     وإن تبعثوا الحرب لا نقعد



قوله : لا نخفه أي : لا نظهره . وقرئ قوله تعالى : إن الساعة آتية أكاد أخفيها ، أي : أظهرها ; حكاه اللحياني عن الكسائي عن محمد بن سهل عن سعيد بن جبير . وخفيت الشيء أخفيه : كتمته . وخفيته أيضا : أظهرته ، وهو من الأضداد . وأخفيت الشيء : سترته وكتمته . وشيء خفي : خاف ، ويجمع على خفايا . وخفي عليه الأمر يخفى خفاء ، ممدود . الليث : أخفيت الصوت وأنا أخفيه إخفاء وفعله اللازم اختفى . قال الأزهري : الأكثر استخفى لا اختفى ، واختفى لغة ليست بالعالية ، وقال في موضع آخر : أما اختفى بمعنى خفي فلغة وليست بالعالية ولا بالمنكرة . والخفية : الركية التي حفرت ثم تركت حتى اندفنت ثم انتثلت واحتفرت ونقيت ، سميت بذلك لأنها استخرجت وأظهرت واختفى الشيء : كخفاه ، افتعل منه ; قال :


فاعصوصبوا ثم جسوه بأعينهم     ثم اختفوه ، وقرن الشمس قد زالا



واختفيت الشيء : استخرجته . والمختفي : النباش لاستخراجه أكفان الموتى ، مدنية . قال ثعلب : وفي الحديث : ليس على المختفي قطع . وفي حديث علي بن رباح : السنة أن تقطع اليد المستخفية ولا تقطع اليد المستعلية ; يريد بالمستخفية يد السارق والنباش ، وبالمستعلية يد الغاصب والناهب ومن في معناهما . وفي الحديث : لعن المختفي والمختفية ; المختفي : النباش ، وهو من الاختفاء والاستتار ؛ لأنه يسرق في خفية . وفي الحديث : من اختفى ميتا فكأنما قتله . وخفي الشيء خفاء ، فهو خاف وخفي : لم يظهر . وخفاه هو وأخفاه : ستره وكتمه . وفي التنزيل : وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه . وفي التنزيل : إن الساعة آتية أكاد أخفيها ; أي : أسترها وأواريها ; قال اللحياني : وهي قراءة العامة . وفي حرف أبي : أكاد أخفيها من نفسي ; وقال ابن جني : أخفيها يكون أزيل خفاءها أي : غطاءها ; كما تقول : أشكيته إذا زلت له عما يشكوه ; قال الأخفش : وقرئت أكاد أخفيها أي : أظهرها ؛ لأنك تقول خفيت السر أي : أظهرته . وفي الحديث : ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تختفوا بقلا ، أي : تظهروه ، ويروى بالجيم والحاء ، وقال الفراء : أكاد أخفيها ، في التفسير من [ ص: 117 ] نفسي فكيف أطلعكم عليها . والخفاء ، ممدود : ما خفي عليك . والخفا ، مقصور : هو الشيء الخافي ; قال الشاعر :


وعالم السر وعالم الخفا     لقد مددنا أيديا بعد الرجا



وقال أمية :


تسبحه الطير الكوامن في الخفا     وإذ هي في جو السماء تصعد



قال ابن بري : قال أبو علي القالي : خفيت أظهرت لا غير ، وأما أخفيت فيكون للأمرين وغلط الأصمعي وأبا عبيد القاسم بن سلام . وفي الحديث : أنه كان يخفي صوته بآمين ; رواه بعضهم بفتح الياء من خفى يخفي إذا أظهر كقوله تعالى : إن الساعة آتية أكاد أخفيها ، على إحدى القراءتين . والخفاء والخافي والخافية : الشيء الخفي . قال الليث : الخفية من قولك أخفيت الشيء أي : سترته ، ولقيته خفيا أي : سرا . والخافية : نقيض العلانية . وفعله خفيا وخفية ، بكسر الخاء ، وخفوة على المعاقبة . وفي التنزيل : ادعوا ربكم تضرعا وخفية ; أي : خاضعين متعبدين ، وقيل : أي اعتقدوا عبادته في أنفسكم ؛ لأن الدعاء معناه العبادة ; هذا قول الزجاج ; وقال ثعلب : هو أن تذكره في نفسك ; وقال اللحياني : خفية في خفض وسكون ، وتضرعا تمسكنا . وحكي أيضا : خفيت له خفية وخفية أي اختفيت ; وأنشد ثعلب :


حفظت إزاري ، مذ نشأت ، ولم أضع     إزاري إلى مستخدمات الولائد
وأبناؤهن المسلمون ، إذا بدا     لك الموت واربدت وجوه الأساود
وهن الألى يأكلن زادك خفوة     وهمسا ، ويوطئن السرى كل خابط



أي : حفظت فرجي وهو موضع الإزار أي : لم أجعل نفسي إلى الإماء وقوله : يأكلن زادك خفوة ، يقول : يسرقن زادك فإذا رأينك تموت تركنك ، وقوله : ويوطئن السرى كل خابط ، يريد كل من يأتيهن بالليل يمكنه من أنفسهن . واستخفى منه : استتر وتوارى . وفي التنزيل : يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله ; وكذلك اختفى ، ولا تقل اختفيت . وقال ابن بري : الفراء حكى أنه قد جاء اختفيت بمعنى استخفيت ; وأنشد :


أصبح الثعلب يسمو للعلا     واختفى من شدة الخوف الأسد



فهو على هذا مطاوع أخفيته فاختفى كما تقول : أحرقته فاحترق ، وقال الأخفش في قوله تعالى : ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ، قال : المستخفي الظاهر ، والسارب المتواري ; وقال الفراء : مستخف بالليل أي : مستتر ، وسارب بالنهار ظاهر ، كأنه قال الظاهر والخفي عنده - جل وعز - واحد . قال أبو منصور : قول الأخفش المستخفي الظاهر خطأ والمستخفي بمعنى المستتر كما قال الفراء ، وأما الاختفاء فله معنيان : أحدهما بمعنى خفي ، والآخر بمعنى الاستخراج ; ومنه قيل للنباش المختفي ، وجاء خفيت بمعنيين وكذلك أخفيت ، وكلام العرب العالي أن تقول : خفيت الشيء أخفيه أي : أظهرته . واستخفيت من فلان أي : تواريت واستترت ولا يكون بمعنى الظهور . واختفى دمه : قتله من غير أن يعلم به ، وهو من ذلك ; ومنه قول الغنوي لأبي العالية : إن بني عامر أرادوا أن يختفوا دمي . والنون الخفية : الساكنة ، ويقال لها الخفيفة أيضا . والخفاء : رداء تلبسه العروس على ثوبها فتخفيه به . وكل ما ستر شيئا فهو له خفاء . وأخفية النور : أكمته . وأخفية الكرى : الأعين ; قال :


لقد علم الأيقاظ أخفية الكرى     تزججها من حالك ، واكتحالها



والأخفية : الأكسية ، والواحد خفاء ؛ لأنها تلقى على السقاء ; قال الكميت يذم قوما وأنهم لا يبرحون بيوتهم ولا يحضرون الحرب :


ففي تلك أحلاس البيوت لواصف     وأخفية ما هم تجر وتسحب



وفي حديث أبي ذر : سقطت كأني خفاء ; الخفاء : الكساء . وكل شيء غطيت به شيئا فهو خفاء . وفي الحديث : إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي ; هو المعتزل عن الناس الذي يخفى عليهم مكانه . وفي حديث الهجرة : أخف عنا ; أي استر الخبر لمن سألك عنا . وفي الحديث : خير الذكر الخفي ; أي : ما أخفاه الذاكر وستره عن الناس ; قال الحربي : الذي عندي أنه الشهرة وانتشار خبر الرجل ؛ لأن سعد بن أبي وقاص أجاب ابنه عمر على ما أراده عليه من الظهور وطلب الخلافة بهذا الحديث . والخافي : الجن ، وقيل الإنس ; ; قال أعشى باهلة :


يمشي ببيداء لا يمشي بها أحد     ولا يحس من الخافي بها أثر



وحكى اللحياني : أصابها ريح من الخافي أي : من الجن . وقال ابن مناذر : الخافية ما يخفى في البدن من الجن . يقال : به خفية أي : لمم ومس . والخافية والخافياء : كالخافي ، والجمع من كل ذلك خواف . حكى اللحياني عن العرب أيضا : أصابه ريح من الخوافي ; قال : هو جمع الخافي يعني الذي هو الجن ، وعندي أنهم إذا عنوا بالخافي الجن فهو من الاستتار ، وإذا عنوا به الإنس فهو من الظهور والانتشار . وأرض خافية : بها جن ; قال المرار الفقعسي :


إليك عسفت خافية وإنسا     وغيطانا ، بها للركب غول



وفي الحديث : إن الحزاة يشربها أكايس النساء للخافية والإقلات ; الخافية : الجن سموا بذلك لاستتارهم عن الأبصار . وفي الحديث : لا تحدثوا في القرع فإنه مصلى الخافين ; والقرع ، بالتحريك : قطع من الأرض بين الكلإ لا نبات بها . والخوافي : ريشات إذا ضم الطائر جناحيه خفيت ; وقال اللحياني : هي الريشات الأربع اللواتي بعد المناكب ، والقولان مقتربان ; وقال ابن جبلة : الخوافي سبع ريشات يكن في الجناح بعد السبع المقدمات ، هكذا وقع في الحكاية عنه ؛ وإنما حكى الناس أربع قوادم وأربع خواف ، واحدتها خافية . وقال الأصمعي : [ ص: 118 ] الخوافي ما دون الريشات العشر من مقدم الجناح . وفي الحديث : إن مدينة قوم لوط حملها جبريل - عليه السلام - على خوافي جناحه ; قال : هي الريش الصغار التي في جناح الطائر ضد القوادم ، واحدتها خافية . وفي حديث أبي سفيان : ومعي خنجر مثل خافية النسر ; يريد أنه صغير . والخوافي : السعفات اللواتي يلين القلبة ، نجدية ، وهي في لغة أهل الحجاز العواهن . وقال اللحياني : هي السعفات اللواتي دون القلبة ، والواحدة كالواحدة ، وكل ذلك من الستر . والخفية : غيضة ملتفة يتخذها الأسد عرينه وهي خفيته ; وأنشد :


أسود شرى لاقت أسود خفية     تساقين سما كلهن خوادر



وفي المحكم : هي غيضة ملتفة يتخذ فيها الأسد عرينا فيستتر هنالك ، وقيل : خفية وشرى اسمان لموضعين علمان ; قال :


ونحن قتلنا الأسد ، أسد خفية     فما شربوا ، بعدا على لذة خمرا



وقولهم : أسود خفية كما تقول أسود حلية ، وهما مأسدتان ; قال ابن بري : السماع أسود خفية والصواب خفية ، غير مصروف ، وإنما يصرف في الشعر كقول الأشعب بن رميلة :


أسود شرى لاقت أسود خفية     تساقوا ، على لوح دماء الأساود



والخفية : بئر كانت عادية فاندفنت ثم حفرت ، والجمع الخفايا والخفيات . والخفية : البئر القعيرة لخفاء مائها . وخفا البرق يخفو خفوا وخفا البرق وخفي خفيا فيهما ; الأخيرة عن كراع : برق برقا خفيا ضعيفا معترضا في نواحي الغيم ، فإن لمع قليلا ثم سكن وليس له اعتراض فهو الوميض ، وإن شق الغيم واستطال في الجو إلى السماء من غير أن يأخذ يمينا ولا شمالا فهو العقيقة ; قال ابن الأعرابي : الوميض أن يومض البرق إيماضة خفيفة ثم يخفى ثم يومض ، وليس في هذا يأس من المطر . قال أبو عبيد : الخفو اعتراض البرق في نواحي السماء . وفي الحديث : أنه سأل عن البرق فقال أخفوا أم وميضا . وخفا البرق إذا برق برقا ضعيفا . ورجل خفي البطن : ضامره خفيفه ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


فقام ، فأدنى من وسادي وساده     خفي البطن ممشوق القوائم شوذب



وقولهم : برح الخفاء أي : وضح الأمر . وذلك إذا ظهر . وصار في براح أي : في أمر منكشف ، وقيل : برح الخفاء أي : زال الخفاء ، قال : والأول أجود . قال بعضهم : الخفاء المتطأطئ من الأرض الخفي ، والبراح المرتفع الظاهر ، يقول : صار ذلك المتطأطئ مرتفعا . وقال بعضهم : الخفاء هنا السر فيقول ظهر السر ؛ لأنا قد قدمنا أن البراح الظاهر المرتفع ; قال يعقوب : وقال بعض العرب : إذا حسن من المرأة خفياها حسن سائرها ; يعني صوتها وأثر وطئها الأرض ؛ لأنها إذا كانت رخيمة الصوت دل ذلك على خفرها ، وإذا كانت مقاربة الخطى وتمكن أثر وطئها في الأرض دل ذلك على أن لها أردافا وأوراكا . الليث : والخفاء رداء تلبسه المرأة فوق ثيابها . وكل شيء غطيته بشيء من كساء أو نحوه فهو خفاؤه ، والجمع الأخفية ; ومنه قول ذي الرمة :


عليه زاد وأهدام وأخفية     قد كاد يجترها عن ظهره الحقب



التالي السابق


الخدمات العلمية