صفحة جزء
[ خلف ]

خلف : الليث : الخلف ضد قدام . قال ابن سيده : خلف نقيض قدام مؤنثة وهي تكون اسما وظرفا ، فإذا كانت اسما جرت بوجوه الإعراب ، وإذا كانت ظرفا لم تزل نصبا على حالها . وقوله تعالى : يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ؛ قال الزجاج : خلفهم ما قد وقع من أعمالهم وما بين أيديهم من أمر القيامة وجميع ما يكون . وقوله تعالى : وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم ؛ ما بين أيديكم ما أسلفتم من ذنوبكم ، وما خلفكم ما تستعملونه فيما تستقبلون ، وقيل : ما بين أيديكم ما نزل بالأمم قبلكم من العذاب ، وما خلفكم عذاب الآخرة . وخلفه يخلفه : صار خلفه . واختلفه : أخذه من خلفه . واختلفه وخلفه وأخلفه . جعله خلفه ؛ قال النابغة :


حتى إذا عزل التوائم مقصرا ذات العشاء وأخلف الأركاحا



وجلست خلف فلان أي بعده . والخلف : الظهر . وفي حديث عبد الله بن عتبة قال : جئت في الهاجرة فوجدت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يصلي فقمت عن يساره فأخلفني ، فجعلني عن يمينه فجاء يرفأ ، فتأخرت فصليت خلفه ؛ قال أبو منصور : قوله فأخلفني أي ردني إلى خلفه فجعلني عن يمينه بعد ذلك أو جعلني خلفه بحذاء يمينه . يقال : أخلف الرجل يده أي ردها إلى خلفه . ابن السكيت : ألححت على فلان في الاتباع حتى اختلفته أي جعلته خلفي ؛ قال [ ص: 132 ] اللحياني : هو يختلفني النصيحة أي يخلفني . وفي حديث سعد : أتخلف عن هجرتي ؛ يريد خوف الموت بمكة لأنها دار تركوها لله تعالى ، وهاجروا إلى المدينة فلم يحبوا أن يكون موتهم بها ، وكان يومئذ مريضا . والتخلف : التأخر . وفي حديث سعد : فخلفنا فكنا آخر الأربع ؛ أي أخرنا ولم يقدمنا ، والحديث الآخر : حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم ؛ أي يتقدم عليهم ويتركهم وراءه ؛ ومنه الحديث : سووا صفوفكم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ؛ أي إذا تقدم بعضهم على بعض في الصفوف تأثرت قلوبهم ونشأ بينهم الخلف . وفي الحديث : لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ؛ يريد أن كلا منهم يصرف وجهه عن الآخر ويوقع بينهم التباغض ، فإن إقبال الوجه على الوجه من أثر المودة والألفة ، وقيل : أراد بها تحويلها إلى الأدبار ، وقيل : تغيير صورها إلى صور أخرى . وفي حديث الصلاة : ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم ؛ أي آتيهم من خلفهم ، أو أخالف ما أظهرت من إقامة الصلاة وأرجع إليهم فآخذهم على غفلة ، ويكون بمعنى أتخلف عن الصلاة بمعاقبتهم . وفي حديث السقيفة : وخالف عنا علي والزبير ؛ أي تخلفا . والخلف : المربد يكون خلف البيت ؛ يقال : وراء بيتك خلف جيد ، وهو المربد وهو محبس الإبل ؛ قال الشاعر :


وجيئا من الباب المجاف تواترا     ولا تقعدا بالخلف فالخلف واسع



وأخلف يده إلى السيف إذا كان معلقا خلفه فهوى إليه . وجاء خلافه أي بعده . وقرئ : ( وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا ) وخلافك ، والخلفة : ما علق خلف الراكب ؛ وقال :


كما علقت خلفة المحمل



وأخلف الرجل : أهوى بيده إلى خلفه ليأخذ من رحله سيفا أو غيره ، وأخلف بيده وأخلف يده كذلك . والإخلاف : أن يضرب الرجل يده إلى قراب سيفه ليأخذ سيفه إذا رأى عدوا . الجوهري : أخلف الرجل إذا أهوى بيده إلى سيفه ليسله . وفي حديث عبد الرحمن بن عوف : أن رجلا أخلف السيف يوم بدر . يقال : أخلف يده إذا أراد سيفه وأخلف يده إلى الكنانة . ويقال : خلف له بالسيف إذا جاء من ورائه فضربه . وفي الحديث : فأخلف بيده وأخذ يدفع الفضل . واستخلف فلانا من فلان : جعله مكانه . وخلف فلان فلانا إذا كان خليفته . يقال : خلفه في قومه خلافة . وفي التنزيل العزيز : وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي . وخلفته أيضا إذا جئت بعده . ويقال : خلفت فلانا أخلفه تخليفا واستخلفته أنا جعلته خليفتي . واستخلفه : جعله خليفة . والخليفة : الذي يستخلف ممن قبله ، والجمع خلائف ، جاءوا به على الأصل مثل كريمة وكرائم ، وهو الخليف والجمع خلفاء ، وأما سيبويه فقال خليفة وخلفاء ، كسروه تكسير فعيل ؛ لأنه لا يكون إلا للمذكر ؛ هذا نقل ابن سيده . وقال غيره : فعيلة بالهاء لا تجمع على فعلاء ، قال ابن سيده : وأما خلائف فعلى لفظ خليفة ولم يعرف خليفا ، وقد حكاه أبو حاتم ؛ وأنشد لأوس بن حجر :


إن من الحي موجودا خليفته     وما خليف أبي وهب بموجود



والخلافة : الإمارة وهي الخليفى . وإنه لخليفة بين الخلافة والخليفى . وفي حديث عمر - رضي الله عنه : لولا الخليفى لأذنت ، وفي رواية : لو أطقت الأذان مع الخليفى ، بالكسر والتشديد والقصر الخلافة ، وهو وأمثاله من الأبنية كالرميا والدليلى مصدر يدل على معنى الكثرة ، يريد به كثرة اجتهاده في ضبط أمور الخلافة وتصريف أعنتها . ابن سيده : قال الزجاج جاز أن يقال للأئمة خلفاء الله في أرضه بقوله - عز وجل : ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض . وقال غيره : الخليفة السلطان الأعظم ، وقد يؤنث ؛ وأنشد الفراء :


أبوك خليفة ولدته أخرى     وأنت خليفة ذاك الكمال



قال : ولدته أخرى لتأنيث اسم الخليفة والوجه أن يكون ولده آخر ، وقال الفراء في قوله تعالى : وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ، قال : جعل أمة محمد خلائف كل الأمم ، قال : وقيل : خلائف في الأرض يخلف بعضكم بعضا ؛ ابن السكيت : فإنه وقع للرجال خاصة ، والأجود أن يحمل على معناه فإنه ربما يقع للرجال ، وإن كانت فيه الهاء ، ألا ترى أنهم قد جمعوه خلفاء ؟ قالوا : ثلاثة خلفاء لا غير ، وقد جمع خلائف ، فمن قال خلائف قال ثلاث خلائف وثلاثة خلائف ، فمرة يذهب به إلى المعنى ومرة يذهب به إلى اللفظ ، قال : وقالوا خلفاء من أجل أنه لا يقع إلا على مذكر وفيه الهاء ، جمعوه على إسقاط الهاء فصار مثل ظريف وظرفاء ، لأن فعيلة بالهاء لا تجمع على فعلاء . ومخلاف البلد : سلطانه . ابن سيده : والمخلاف الكورة يقدم عليها الإنسان ، وهو عند أهل اليمن واحد المخاليف ، وهي كورها ، ولكل مخلاف منها اسم يعرف به ، وهي كالرستاق ؛ قال ابن بري : المخاليف لأهل اليمن كالأجناد لأهل الشام ، والكور لأهل العراق ، والرساتيق لأهل الجبال ، والطساسيج لأهل الأهواز . والخلف : ما استخلفته من شيء . تقول : أعطاك الله خلفا مما ذهب لك ، ولا يقال خلفا ؛ وأنت خلف سوء من أبيك . وخلفه يخلفه خلفا : صار مكانه . والخلف : الولد الصالح يبقى بعد الإنسان ، والخلف والخالفة : الطالح ؛ وقال الزجاج : وقد يسمى خلفا ، بفتح اللام في الطلاح ، وخلفا ، بإسكانها ، في الصلاح ، والأول أعرف . يقال : إنه لخالف بين الخلافة ؛ قال ابن سيده : وأرى اللحياني حكى الكسر . وفي هؤلاء القوم خلف ممن مضى أي يقومون مقامهم . وفي فلان خلف من فلان إذا كان صالحا أو طالحا فهو خلف . ويقال : بئس الخلف هم أي بئس البدل . والخلف : القرن يأتي بعد القرن ، وقد خلفوا بعدهم يخلفون . وفي التنزيل العزيز : فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة ، بدلا من ذلك لأنهم إذا أضاعوا الصلاة فهم خلف سوء لا محالة ، ولا يكون الخلف إلا من الأخيار ، قرنا كان أو ولدا ، ولا يكون الخلف إلا من الأشرار . وقال الفراء : فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب [ ص: 133 ] ) ، قال : قرن . ابن شميل : الخلف يكون في الخير والشر ، وكذلك الخلف ، وقيل : الخلف الأردياء الأخساء . يقال : هؤلاء خلف سوء لناس لاحقين بناس أكثر منهم ، وهذا خلف سوء ؛ قال لبيد :


ذهب الذين يعاش في أكنافهم     وبقيت في خلف كجلد الأجرب



قال ابن سيده : وهذا يحتمل أن يكون منهما جميعا ، والجمع فيهما أخلاف وخلوف . وقال اللحياني : بقينا في خلف سوء أي بقية سوء . وبذلك فسر قوله تعالى : فخلف من بعدهم خلف ، أي بقية . أبو الدقيش : يقال مضى خلف من الناس ، وجاء خلف من الناس ، وجاء خلف لا خير فيه ، وخلف صالح ، خففهما جميعا . ابن السكيت : قال هذا خلف ، بإسكان اللام ، للرديء ، والخلف الرديء من القول ؛ يقال : هذا خلف من القول أي رديء . ويقال في مثل : سكت ألفا ونطق خلفا ، للرجل يطيل الصمت ، فإذا تكلم تكلم بالخطأ ، أي سكت عن ألف كلمة ثم تكلم بخطأ . وحكي عن يعقوب قال : إن أعرابيا ضرط فتشور فأشار بإبهامه نحو استه فقال : إنها خلف نطقت خلفا ؛ عنى بالنطق هاهنا الضرط . والخلف ، مثقل ، إذا كان خلفا من شيء . وفي حديث مرفوع : يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين . قال القعنبي : سمعت رجلا يحدث مالك بن أنس بهذا الحديث فأعجبه . قال ابن الأثير : الخلف ، بالتحريك والسكون ، كل من يجيء بعد من مضى ، إلا أنه بالتحريك في الخير ، وبالتسكين في الشر . يقال : خلف صدق وخلف سوء ، ومعناهما جميعا القرن من الناس ، قال : والمراد في هذا الحديث المفتوح ، ومن السكون - الحديث : سيكون بعد ستين سنة خلف أضاعوا الصلاة . وفي حديث ابن مسعود : ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف . هي جمع خلف . وفي الحديث : فلينفض فراشه فإنه لا يدري ما خلفه عليه ؛ أي لعل هامة دبت فصارت فيه بعده ، وخلاف الشيء بعده . وفي الحديث : فدخل ابن الزبير خلافه . وحديث الدجال : قد خلفهم في ذراريهم . وحديث أبي اليسر : أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا ؟ يقال : خلفت الرجل في أهله إذا أقمت بعده فيهم وقمت عنه بما كان يفعله ، والهمزة فيه للاستفهام . وفي حديث ماعز : كلما نفرنا في سبيل الله خلف أحدهم له نبيب كنبيب التيس وفي حديث الأعشى الحرمازي :


فخلفتني بنزاع وحرب



أي بقيت بعدي ؛ قال ابن الأثير : ولو روي بالتشديد لكان بمعنى تركتني خلفها ، والحرب : الغضب . وأخلف فلان خلف صدق في قومه أي ترك فيهم عقبا . وأعطه هذا خلفا من هذا أي بدلا . والخالفة : الأمة الباقية بعد الأمة السالفة لأنها بدل ممن قبلها ؛ وأنشد :


كذلك تلقاه القرون الخوالف



وخلف فلان مكان أبيه يخلف خلافة إذا كان في مكانه ولم يصر فيه غيره . وخلفه ربه في أهله وولده : أحسن الخلافة ، وخلفه في أهله وولده ومكانه يخلفه خلافة حسنة : كان خليفة عليهم منه ، يكون في الخير والشر ، ولذلك قيل : أوصى له بالخلافة . وقد خلف فلان فلانا يخلفه تخليفا ، وخلف بعده يخلف خلوفا ، وقد خالفه إليهم واختلفه . وهي الخلفة ؛ وأخلف النبات : أخرج الخلفة . وأخلفت الأرض إذا أصابها برد آخر الصيف فيخضر بعض شجرها . والخلفة : زراعة الحبوب لأنها تستخلف من البر والشعير . والخلفة : نبت ينبت بعد النبات الذي يتهشم . والخلفة : ما أنبت الصيف من العشب بعدما يبس العشب الريفي ، وقد استخلفت الأرض ، وكذلك ما زرع من الحبوب بعد إدراك الأولى خلفة لأنها تستخلف . وفي حديث جرير : خير المرعى الأراك والسلم إذا أخلف كان لجينا ؛ أي إذا أخرج الخلفة ، وهو الورق الذي يخرج بعد الورق الأول في الصيف . وفي حديث خزيمة السلمي : حتى آل السلامى وأخلف الخزامى ؛ أي طلعت خلفته من أصوله بالمطر . والخلفة : الريحة وهي ما ينفطر عنه الشجر في أول البرد ، وهو من الصفرية . والخلفة : نبات ورق دون ورق . والخلفة : شيء يحمله الكرم بعدما يسود العنب فيقطف العنب وهو غض أخضر ثم يدرك ، وكذلك هو من سائر الثمر . والخلفة أيضا : أن يأتي الكرم بحصرم جديد ؛ حكاه أبو حنيفة . وخلفة الثمر : الشيء بعد الشيء . والإخلاف : أن يكون في الشجر ثمر فيذهب فالذي يعود فيه خلفة . ويقال : قد أخلف الشجر فهو يخلف إخلافا إذا أخرج ورقا بعد ورق قد تناثر . وخلفة الشجر : ثمر يخرج بعد الثمر الكثير . وأخلف الشجر : خرجت له ثمرة بعد ثمرة . وأخلف الطائر : خرج له ريش بعد ريش . وخلفت الفاكهة بعضها بعضا خلفا وخلفة إذا صارت خلفا من الأولى . ورجلان خلفة : يخلف أحدهما الآخر . والخلفة : اختلاف الليل والنهار . وفي التنزيل العزيز : وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة ؛ أي هذا خلف من هذا ، يذهب هذا ويجيء هذا ؛ وأنشد لزهير :


بها العين والآرام يمشين خلفة     وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم



وقيل : معنى قول زهير يمشين خلفة مختلفات في أنها ضربان في ألوانها وهيئتها ، وتكون خلفة في مشيتها ، تذهب كذا وتجيء كذا . وقال الفراء : يكون قوله تعالى خلفة أي من فاته عمل الليل استدركه في النهار فجعل هذا خلفا من هذا . ويقال : علينا خلفة من نهار أي بقية ، وبقي في الحوض خلفة من ماء ؛ وكل شيء يجيء بعد شيء ، فهو خلفة . ابن الأعرابي : الخلفة وقت بعد وقت . والخوالف : الذين لا يغزون ، واحدهم خالفة كأنهم يخلفون من غزا . والخوالف أيضا : الصبيان المتخلفون . وقعد خلاف أصحابه : لم يخرج معهم ، وخلف عن أصحابه كذلك . والخلاف : المخالفة ؛ وقال اللحياني : سررت بمقعدي خلاف أصحابي أي مخالفهم ، وخلف أصحابي أي بعدهم ، وقيل : معناه سررت بمقامي بعدهم وبعد ذهابهم . ابن الأعرابي : الخالفة القاعدة من النساء في الدار . [ ص: 134 ] وقوله تعالى : وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا ، ويقرأ : خلفك ، ومعناهما بعدك . وفي التنزيل العزيز : فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله ، ويقرأ : خلف رسول الله ، أي مخالفة رسول الله ؛ قال ابن بري : خلاف في الآية بمعنى بعد ؛ وأنشد للحارث بن خالد المخزومي :


عقب الربيع خلافهم فكأنما     نشط الشواطب بينهن حصيرا



قال : ومثله لمزاحم العقيلي :


وقد يفرط الجهل الفتى ثم يرعوي     خلاف الصبا للجاهلين حلوم



قال : ومثله للبريق الهذلي :


وما كنت أخشى أن أعيش خلافهم     بستة أبيات كما نبت العتر



وأنشد لأبي ذؤيب :


فأصبحت أمشي في ديار كأنها     خلاف ديار الكاهلية عور



وأنشد لآخر :


فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى     تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد



وأنشد لأوس :


لقحت به لحيا خلاف حيال



أي بعد حيال ؛ وأنشد لمتمم :


وفقد بني آم تداعوا فلم أكن     خلافهم أن أستكين وأضرعا



وتقول : خلفت فلانا ورائي فتخلف عني أي تأخر ، والخلوف : الحضر والغيب ضد . ويقال : الحي خلوف أي غيب ، والخلوف الحضور المتخلفون ؛ قال أبو زبيد الطائي :


أصبح البيت بيت آل بيان     مقشعرا والحي حي خلوف



أي لم يبق منهم أحد ؛ قال ابن بري : صواب إنشاده :


أصبح البيت بيت آل إياس



لأن أبا زبيد رثى في هذه القصيدة فروة بن إياس بن قبيصة ، وكان منزله بالحيرة . والخليف : المتخلف عن الميعاد ؛ قال أبو ذؤيب :


تواعدنا الربيق لننزلنه     ولم تشعر إذا أني خليف



والخلف والخلفة : الاستقاء وهو اسم من الإخلاف . والإخلاف : الاستقاء . والخالف : المستقي . والمستخلف : المستسقي ؛ قال ذو الرمة :


ومستخلفات من بلاد تنوفة     لمصفرة الأشداق حمر الحواصل



وقال الحطيئة :


لزغب كأولاد القطا راث خلفها     على عاجزات النهض حمر حواصله



يعني راث مخلفها فوضع المصدر موضعه ، وقوله حواصله قال الكسائي : أراد حواصل ما ذكرنا ، وقال الفراء : الهاء ترجع إلى الزغب دون العاجزات التي فيه علامة الجمع ، لأن كل جمع بني على صورة الواحد ساغ فيه توهم الواحد كقول الشاعر :


مثل الفراخ نتفت حواصله



لأن الفراخ ليس فيه علامة الجمع وهو على صورة الواحد كالكتاب والحجاب ، ويقال : الهاء ترجع إلى النهض وهو موضع في كتف البعير فاستعاره للقطا ، وروى أبو عبيد هذا الحرف بكسر الخاء وقال : الخلف الاستقاء ؛ قال أبو منصور : والصواب عندي ما قال أبو عمرو إنه الخلف ، بفتح الخاء ، قال : ولم يعز أبو عبيد ما قال في الخلف إلى أحد . واستخلف المستسقي ، والخلف الاسم منه . يقال : أخلف واستخلف . والخلف : الحي الذين ذهبوا يستقون وخلفوا أثقالهم . وفي التهذيب : الخلف القوم الذي ذهبوا من الحي يستقون وخلفوا أثقالهم . واستخلف الرجل : استعذب الماء . واستخلف واختلف وأخلف : سقاه ؛ قال الحطيئة :


سقاها فرواها من الماء مخلف



ويقال : من أين خلفتكم ؟ أي من أين تستقون . وأخلف واستخلف : استقى . وقال ابن الأعرابي : أخلفت القوم حملت إليهم الماء العذب ، وهم في ربيع ، ليس معهم ماء عذب أو يكونون على ماء ملح ، ولا يكون الإخلاف إلا في الربيع ، وهو في غيره مستعار منه . قال أبو عبيد : الخلف والخلفة من ذلك الاسم ، والخلف المصدر ؛ لم يحك ذلك غير أبي عبيد ؛ قال ابن سيده : وأراه منه غلطا . وقال اللحياني : ذهب المستخلفون يستقون أي المتقدمون . والخلف : العوض والبدل مما أخذ أو ذهب . وأخلف فلان لنفسه إذا كان قد ذهب له شيء فجعل مكانه آخر ؛ قال ابن مقبل :


فأخلف وأتلف إنما المال عارة     وكله مع الدهر الذي هو آكله



يقال : استفد خلف ما أتلفت . ويقال لمن هلك له من لا يعتاض منه كالأب والأم والعم : خلف الله عليك أي كان الله عليك خليفة ، وخلف عليك خيرا وبخير وأخلف الله عليك خيرا وأخلف لك خيرا ، ولمن هلك له ما يعتاض منه أو ذهب من ولد أو مال : أخلف الله لك وخلف لك . الجوهري : يقال لمن ذهب له مال أو ولد أو شيء يستعاض : أخلف الله عليك ؛ أي رد عليك مثل ما ذهب ، فإن كان قد هلك له والد أو عم أو أخ قلت : خلف الله عليك ، بغير ألف ، أي كان الله خليفة والدك أو من فقدته عليك . ويقال : خلف الله لك خلفا بخير ، وأخلف عليك خيرا أي أبدلك بما ذهب منك وعوضك عنه ؛ وقيل : يقال خلف الله عليك إذا مات لك ميت أي كان الله خليفته عليك ، وأخلف الله عليك أي أبدلك . ومنه الحديث : تكفل الله للغازي أن يخلف نفقته . وفي حديث أبي الدرداء في الدعاء للميت : اخلفه في عقبه أي كن لهم بعده ، وحديث أم سلمة : اللهم اخلف لي خيرا منه . اليزيدي : خلف الله عليك بخير خلافة . [ ص: 135 ] الأصمعي : خلف الله عليك بخير ، إذا أدخلت الباء ألقيت الألف . وأخلف الله عليك أي أبدل لك ما ذهب . وخلف الله عليك أي كان الله خليفة والدك عليك . والإخلاف : أن يهلك الرجل شيئا لنفسه أو لغيره ثم يحدث مثله . والخلف : النسل . والخلف والخلف : ما جاء من بعد . يقال : هو خلف سوء من أبيه وخلف صدق من أبيه ، بالتحريك ، إذا قام مقامه ؛ وقال الأخفش : هما سواء ، منهم من يحرك ، ومنهم من يسكن فيهما جميعا إذا أضاف ، ومن حرك في خلف صدق وسكن في الآخر فإنما أراد الفرق بينهما ؛ قال الراجز :


إنا وجدنا خلفا بئس الخلف     عبدا إذا ما ناء بالحمل خضف



قال ابن بري : أنشدهما الرياشي لأعرابي يذم رجلا اتخذ وليمة ، قال : والصحيح في هذا وهو المختار أن الخلف خلف الإنسان الذي يخلفه من بعده ، يأتي بمعنى البدل فيكون خلفا منه أي بدلا ؛ ومنه قولهم : هذا خلف مما أخذ لك أي بدل منه ، ولهذا جاء مفتوح الأوسط ليكون على مثال البدل وعلى مثال ضده أيضا ، وهو العدم والتلف ؛ ومنه الحديث : اللهم أعط لمنفق خلفا ولممسك تلفا ؛ أي عوضا ، يقال في الفعل منه خلفه في قومه وفي أهله يخلفه خلفا وخلافة . وخلفني فكان نعم الخلف أو بئس الخلف ؛ ومنه خلف الله عليك بخير خلفا وخلافة ، والفاعل منه خليف وخليفة ، والجمع خلفاء وخلائف ، فالخلف في قولهم نعم الخلف وبئس الخلف ، وخلف صدق وخلف سوء ، وخلف صالح وخلف طالح ، هو في الأصل مصدر سمي به من يكون خليفة ، والجمع أخلاف كما تقول بدل وأبدال لأنه بمعناه . قال : وحكى أبو زيد هم أخلاف سوء جمع خلف ؛ قال : وشاهد الضم في مستقبل فعله قول الشماخ :


تصيبهم وتخطينا المنايا     وأخلف في ربوع عن ربوع



قال : وأما الخلف ، ساكن الأوسط ، فهو الذي يجيء بعد . يقال : خلف قوم بعد قوم وسلطان بعد سلطان يخلفون خلفا ، فهم خالفون . تقول : أنا خالفه وخالفته أي جئت بعده . وفي حديث ابن عباس : أن أعرابيا سأل أبا بكر - رضي الله عنه - فقال له : أنت خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : لا ، قال : فما أنت ؟ قال : أنا الخالفة بعده . قال ابن الأثير : الخليفة من يقوم مقام الذاهب ويسد مسده ، والهاء فيه للمبالغة ، وجمعه الخلفاء على معنى التذكير لا على اللفظ مثل ظريف وظرفاء ، ويجمع على اللفظ خلائف كظريفة وظرائف ، فأما الخالفة ، فهو الذي لا غناء عنده ولا خير فيه ، وكذلك الخالف ، وقيل : هو الكثير الخلاف وهو بين الخلافة ، بالفتح ، وإنما قال ذلك تواضعا وهضما من نفسه حين قال له : أنت خليفة رسول الله . وسمع الأزهري بعض العرب ، وهو صادر عن ماء وقد سأله إنسان عن رفيق له فقال : هو خالفتي ؛ أي وارد بعدي . قال : وقد يكون الخالف المتخلف عن القوم في الغزو وغيره كقوله تعالى : رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ، قال : فعلى هذا الخلف الذي يجيء بعد الأول بمنزلة القرن بعد القرن ، والخلف المتخلف عن الأول ، هالكا كان أو حيا . والخلف : الباقي بعد الهالك والتابع له ، هو في الأصل أيضا من خلف يخلف خلفا ، سمي به المتخلف والخالف لا على جهة البدل ، وجمعه خلوف كقرن وقرون ؛ قال : ويكون محمودا ومذموما ، فشاهد المحمود قول حسان بن ثابت الأنصاري :


لنا القدم الأولى إليك وخلفنا     لأولنا في طاعة الله تابع



فالخلف هاهنا هو التابع لمن مضى وليس من معنى الخلف الذي هو البدل ، قال : وقيل الخلف هنا المتخلفون عن الأولين أي الباقون ؛ وعليه قوله - عز وجل : فخلف من بعدهم خلف ، فسمي بالمصدر فهذا قول ثعلب ، قال : وهو الصحيح . وحكى أبو الحسن الأخفش في خلف صدق وخلف سوء التحريك والإسكان ، قال : والصحيح قول ثعلب إن الخلف يجيء بمعنى البدل والخلافة ، والخلف يجيء بمعنى التخلف عمن تقدم ؛ قال : وشاهد المذموم قول لبيد :


وبقيت في خلف كجلد الأجرب



قال : ويستعار الخلف لما لا خير فيه ، وكلاهما سمي بالمصدر أعني المحمود والمذموم ، فقد صار على هذا للفعل معنيان : خلفته خلفا كنت بعده خلفا منه وبدلا ، وخلفته خلفا جئت بعده ، واسم الفاعل من الأول خليفة وخليف ، ومن الثاني خالفة وخالف ؛ ومنه قوله تعالى : فاقعدوا مع الخالفين . قال : وقد صح الفرق بينهما على ما بيناه . وهو من أبيه خلف أي بدل ، والبدل من كل شيء خلف منه . والخلاف : المضادة ، وقد خالفه مخالفة وخلافا . وفي المثل : إنما أنت خلاف الضبع الراكب ؛ أي تخالف خلاف الضبع لأن الضبع إذا رأت الراكب هربت منه ؛ حكاه ابن الأعرابي وفسره بذلك . وقولهم : هو يخالف إلى امرأة فلان أي يأتيها إذا غاب عنها . وخلف فلان بعقب فلان إذا خالفه إلى أهله . ويقال : خلف فلان بعقبي إذا فارقه على أمر فصنع شيئا آخر ؛ قال أبو منصور : وهذا أصح من قولهم إنه يخالفه إلى أهله . ويقال : إن امرأة فلان تخلف زوجها بالنزاع إلى غيره إذا غاب عنها ؛ وقدم أعشى مازن على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنشده هذا الرجز :


إليك أشكو ذربة من الذرب     خرجت أبغيها الطعام في رجب
فخلفتني بنزاع وحرب     أخلفت العهد ولطت بالذنب

وأخلف الغلام فهو مخلف إذا راهق الحلم ؛ ذكره الأزهري ؛ وقيل قول أبي ذؤيب :


إذا لسعته النحل لم يرج لسعها     وخالفها في بيت نوب عواسل



معناه دخل عليها وأخذ عسلها وهي ترعى ، فكأنه خالف هواها بذلك ، ومن رواه وحالفها فمعناه لزمها . والأخلف : الأعسر ؛ ومنه قول أبي كبير الهذلي :


زقب يظل الذئب يتبع ظله [ ص: 136 ]     من ضيق مورده استنان الأخلف



قال السكري : الأخلف المخالف العسر الذي كأنه يمشي على أحد شقيه ، وقيل : الأخلف الأحول . وخالفه إلى الشيء : عصاه إليه أو قصده بعدما نهاه عنه ، وهو من ذلك . وفي التنزيل العزيز : وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه . الأصمعي : خلف فلان بعقبي وذلك إذا ما فارقه على أمر ثم جاء من ورائه فجعل شيئا آخر بعد فراقه ، وخلف له بالسيف إذا جاءه من خلفه فضرب عنقه . والخلاف : الخلف ؛ وسمع غير واحد من العرب يقول إذا سئل وهو مقبل على ماء أو بلد : أحست فلانا ؟ فيجيبه : خالفتي ؛ يريد أنه ورد الماء وأنا صادر عنه . الليث : رجل خالف وخالفة أي يخالف كثير الخلاف . ويقال : بعير أخلف بين الخلف إذا كان مائلا على شق . الأصمعي : الخلف في البعير أن يكون مائلا في شق . ابن سيده : وفي خلقه خالف وخالفة وخلفة وخلفة . وخلفنة وخلفناة ؛ أي خلاف . ورجل خلفناة : مخالف . وقال اللحياني : هذا رجل خلفناة وامرأة خلفناة ، قال : وكذلك الاثنان والجمع ؛ وقال بعضهم : الجمع خلفنيات في الذكور والإناث . ويقال : في خلق فلان خلفنة مثل درفسة أي الخلاف ، والنون زائدة ، وذلك إذا كان مخالفا . وتخالف الأمران واختلفا : لم يتفقا . وكل ما لم يتساو ، فقد تخالف واختلف . وقوله - عز وجل : والنخل والزرع مختلفا أكله ؛ أي في حال اختلاف أكله إن قال قائل : كيف يكون أنشأه في حال اختلاف أكله وهو قد نشأ من قبل وقوع أكله ؟ فالجواب في ذلك أنه قد ذكر إنشاء بقوله خالق كل شيء ، فأعلم جل ثناؤه أن المنشئ له في حال اختلاف أكله هو ، ويجوز أن يكون أنشأه ولا أكل فيه مختلفا أكله لأن المعنى مقدرا ذلك فيه كما تقول : لتدخلن منزل زيد آكلا شاربا أي مقدرا ذلك ، كما حكى سيبويه في قوله مررت برجل معه صقر صائدا به غدا أي مقدرا به الصيد ، والاسم الخلفة . ويقال : القوم خلفة أي مختلفون ، وهما خلفان أي مختلفان ، وكذلك الأنثى ؛ قال :


دلواي خلفان وساقياهما



أي إحداهما مصعدة ملأى والأخرى منحدرة فارغة ، أو إحداهما جديدة والأخرى خلق . قال اللحياني : يقال لكل شيئين اختلفا هما خلفان ، قال : وقال الكسائي هما خلفتان ، وحكي : لها ولدان خلفان وخلفتان ، وله عبدان خلفان إذا كان أحدهما طويلا والآخر قصيرا ، أو كان أحدهما أبيض والآخر أسود ، وله أمتان خلفان ، والجمع من كل ذلك أخلاف وخلفة . ونتاج فلان خلفة أي عاما ذكرا وعاما أنثى . وولدت الناقة خلفين أي عاما ذكرا وعاما أنثى . ويقال : بنو فلان خلفة أي شطرة نصف ذكور ونصف إناث . والتخاليف : الألوان المختلفة . والخلفة : الهيضة . يقال : أخذته خلفة إذا اختلف إلى المتوضأ . ويقال : به خلفة أي بطن وهو الاختلاف ، وقد اختلف الرجل وأخلفه الدواء . والمخلوف : الذي أصابته خلفة ورقة بطن . وأصبح خالفا أي ضعيفا لا يشتهي الطعام . وخلف عن الطعام يخلف خلوفا ، ولا يكون إلا عن مرض . الليث : يقال اختلفت إليه اختلافة واحدة . والخلف والخالف والخالفة : الفاسد من الناس ، الهاء للمبالغة . والخوالف : النساء المتخلفات في البيوت . ابن الأعرابي : الخلوف الحي إذا خرج الرجال وبقي النساء ، والخلوف إذا كان الرجال والنساء مجتمعين في الحي ، وهو من الأضداد . وقوله - عز وجل : رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ؛ قيل : مع النساء ، وقيل : مع الفاسد من الناس ، وجمع على فواعل كفوارس ؛ هذا عن الزجاج . وقال : عبد خالف وصاحب خالف إذا كان مخالفا . ورجل خالف وامرأة خالفة إذا كانت فاسدة ومتخلفة في منزلها . وقال بعض النحويين : لم يجئ فاعل مجموعا على فواعل إلا قولهم إنه لخالف من الخوالف ، وهالك من الهوالك ، وفارس من الفوارس . ويقال : خلف فلان عن أصحابه إذا لم يخرج معهم . وفي الحديث : أن اليهود قالت لقد علمنا أن محمدا لم يترك أهله خلوفا ؛ أي لم يتركهن سدى لا راعي لهن ولا حامي . يقال : حي خلوف إذا غاب الرجال وأقام النساء ويطلق على المقيمين والظاعنين ؛ ومنه حديث المرأة والمزادتين : ونفرنا خلوف أي رجالنا غيب . وفي حديث الخدري : فأتينا القوم خلوفا . والخلف : حد الفأس . ابن سيده : الخلف الفأس العظيمة ، وقيل : هي الفأس برأس واحد ، وقيل : هو رأس الفأس والموسى ، والجمع خلوف . وفأس ذات خلفين أي لها رأسان ، وفأس ذات خلف . والخلف : المنقار الذي ينقر به الخشب . والخليفان : القصريان . والخلف : القصيرى من الأضلاع ، بكسر الخاء . وضلع الخلف : أقصى الأضلاع وأرقها . والخلف ، بالكسر : واحد أخلاف الضرع وهو طرفه . الجوهري : الخلف أقصر أضلاع الجنب ، والجمع خلوف ؛ ومنه قول طرفة بن العبد :


وطي محال كالحني خلوفه     وأجرنة لزت بدأي منضد



والخلف : الطبي المؤخر ، وقيل : هو الضرع نفسه ، وخص بعضهم به ضرع الناقة وقال : الخلف ، بالكسر ، حلمة ضرع الناقة القادمان والآخران . وقال اللحياني : الخلف في الخف والظلف ، والطبي في الحافر والظفر ، وجمع الخلف أخلاف وخلوف ؛ قال :


وأحتمل الأوق الثقيل وأمتري     خلوف المنايا حين فر المغامس



وتقول : خلف بناقته تخليفا ؛ أي صر خلفا واحدا من أخلافها ؛ عن يعقوب ؛ وأنشد لطرفة :


وطي محال كالحني خلوفه



قال الليث : الخلوف جمع الخلف هو الضرع نفسه ؛ وقال الراجز :


كأن خلفيها إذا ما درا



يريد : طبيي ضرعها . وفي الحديث : دع داعي اللبن . قال : فتركت أخلافها قائمة ؛ الأخلاف جمع خلف ، بالكسر ، وهو الضرع لكل ذات خف وظلف ، وقيل : هو مقبض يد الحالب من الضرع . أبو عبيد : الخليف من الجسد ما تحت الإبط ، والخليفان من الإبل كالإبطين من الإنسان ، وخليفا الناقة إبطاها ، قال كثير :

[ ص: 137 ]

كأن خليفي زورها ورحاهما     بنى مكوين ثلما بعد صيدن



المكا جحر الثعلب والأرنب ونحوه ، والرحى الكركرة ، وبنى جمع بنية ، والصيدن هنا الثعلب ؛ وقيل : دويبة تعمل لها بيتا في الأرض وتخفيه . وحلب الناقة خليف لبئها ، يعني الحلبة التي بعد ذهاب اللبأ . وخلف اللبن وغيره وخلف يخلف خلوفا فيهما : تغير طعمه وريحه . وخلف اللبن يخلف خلوفا إذا أطيل إنقاعه حتى يفسد . وخلف النبيذ إذا فسد ، وبعضهم يقول : أخلف إذا حمض ، وإنه لطيب الخلفة أي طيب آخر الطعم . الليث : الخالف اللحم الذي تجد منه رويحة ولا بأس بمضغه . وخلف فوه يخلف خلوفا وخلوفة وأخلف : تغير ، لغة في خلف ؛ ومنه : ونوم الضحى مخلفة للفم ؛ أي يغيره . وقال اللحياني : خلف الطعام والفم وما أشبههما يخلف خلوفا إذا تغير . وأكل طعاما فبقيت في فيه خلفة فتغير فوه ، وهو الذي يبقى بين الأسنان . وخلف فم الصائم خلوفا أي تغيرت رائحته . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم : ولخلوف فم الصائم ، وفي رواية : خلفة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ؛ الخلفة بالكسر : تغير ريح الفم ، قال : وأصلها في النبات أن ينبت الشيء بعد الشيء لأنها رائحة حديثة بعد الرائحة الأولى . وخلف فمه يخلف خلفة وخلوفا ؛ قال أبو عبيد : الخلوف تغير طعم الفم لتأخر الطعام ، ومنه حديث علي - عليه السلام - حين سئل عن القبلة للصائم فقال : وما أربك إلى خلوف فيها . ويقال : خلفت نفسه عن الطعام فهي تخلف خلوفا إذا أضربت عن الطعام من مرض . ويقال : خلف الرجل عن خلق أبيه يخلف خلوفا إذا تغير عنه . ويقال : أبيعك هذا العبد وأبرأ إليك من خلفته أي فساده ، ورجل ذو خلفة ، وقال ابن بزرج : خلفة العبد أن يكون أحمق معتوها . اللحياني : هذا رجل خلف إذا اعتزل أهله . وعبد خالف : قد اعتزل أهل بيته . وفلان خالف أهل بيته وخالفتهم ؛ أي أحمقهم أو لا خير فيه ، وقد خلف يخلف خلافة وخلوفا . والخالفة : الأحمق القليل العقل . ورجل أخلف وخلفف مخرج قعدد . وامرأة خالفة وخلفاء وخلففة وخلفف ، بغير هاء : وهي الحمقاء . وخلف فلان أي فسد . وخلف فلان عن كل خير ؛ أي لم يفلح ، فهو خالف وهي خالفة . وقال اللحياني : الخالفة العمود الذي يكون قدام البيت . وخلف بيته يخلفه خلفا : جعل له خالفة ، وقيل : الخالفة عمود من أعمدة الخباء . والخوالف : العمد التي في مؤخر البيت واحدتها خالفة وخالف ، وهي الخليف . اللحياني : تكون الخالفة آخر البيت . يقال : بيت ذو خالفتين . والخوالف : زوايا البيت ، وهو من ذلك ، واحدتها خالفة . أبو زيد : خالفة البيت تحت الأطناب في الكسر ، وهي الخصاصة أيضا وهي الفرجة ، وجمع الخالفة خوالف وهي الزوايا ؛ وأنشد :


فأخفت حتى هتكوا الخوالفا



وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - في بناء الكعبة : قال لها لولا حدثان قومك بالكفر بنيتها على أساس إبراهيم وجعلت لها خلفين ، فإن قريشا استقصرت من بنائها ؛ الخلف : الظهر ، كأنه أراد أن يجعل لها بابين ، والجهة التي تقابل الباب من البيت ظهره ، فإذا كان لها بابان فقد صار لها ظهران ، ويروى بكسر الخاء ، أي زيادتين كالثديين ، والأول الوجه . أبو مالك : الخالفة الشقة المؤخرة التي تكون تحت الكفاء تحتها طرفها مما يلي الأرض من كلا الشقين . والإخلاف : أن يحول الحقب فيجعل مما يلي خصيي البعير لئلا يصيب ثيله فيحتبس بوله ، وقد أخلفه وأخلف عنه . وقال اللحياني : إنما يقال أخلف الحقب ؛ أي نحه عن الثيل وحاذ به الحقب ؛ لأنه يقال حقب بول الجمل أي احتبس ، يعني أن الحقب وقع على مباله ، ولا يقال ذلك في الناقة لأن بولها من حيائها ، ولا يبلغ الحقب الحياء . وبعير مخلوف : قد شق عن ثيله من خلفه إذا حقب . والإخلاف : أن يصير الحقب وراء الثيل لئلا يقطعه . يقال : أخلف عن بعيرك فيصير الحقب وراء الثيل . والأخلف من الإبل : المشقوق الثيل الذي لا يستقر وجعا . الأصمعي : أخلفت عن البعير إذا أصاب حقبه ثيله فيحقب أي يحتبس بوله فتحول الحقب فتجعله مما يلي خصيي البعير . والخلف والخلف : نقيض الوفاء بالوعد ، وقيل : أصله التثقيل ثم يخفف . والخلف ، بالضم : الاسم من الإخلاف ، وهو في المستقبل كالكذب في الماضي . ويقال : أخلفه ما وعده وهو أن يقول شيئا ولا يفعله على الاستقبال . والخلوف كالخلف ؛ قال شبرمة بن الطفيل :


أقيموا صدور الخيل إن نفوسكم     لميقات يوم ما لهن خلوف



وقد أخلفه ووعده فأخلفه : وجده قد أخلفه ، وأخلفه : وجد موعده خلفا ؛ قال الأعشى :


أثوى وقصر ليلة ليزودا     فمضت وأخلف من قتيلة موعدا



أي مضت الليلة . قال ابن بري : ويروى فمضى ، قال : وقوله فمضى الضمير يعود على العاشق ، وقال اللحياني : الإخلاف أن لا يفي بالعهد وأن يعد الرجل الرجل العدة فلا ينجزها . ورجل مخلف أي كثير الإخلاف لوعده . والإخلاف : أن يطلب الرجل الحاجة أو الماء فلا يجد ما طلب . اللحياني : رجي فلان فأخلف . والخلف : اسم وضع موضع الإخلاف . ويقال للذي لا يكاد يفي إذا وعد : إنه لمخلاف . وفي الحديث : إذا وعد أخلف ؛ أي لم يف بعهده ولم يصدق ، والاسم منه الخلف ، بالضم . ورجل مخالف : لا يكاد يوفي . والخلاف : المضادة . وفي الحديث : لما أسلم سعيد بن زيد قال له بعض أهله : إني لأحسبك خالفة بني عدي أي الكثير الخلاف لهم ؛ وقال الزمخشري : إن الخطاب أبا عمر ، قاله لزيد بن عمرو أبي سعيد بن زيد لما خالف دين قومه ، ويجوز أن يريد به الذي لا خير عنده ؛ ومنه الحديث : أيما مسلم خلف غازيا في خالفته ؛ أي فيمن أقام بعده من أهله وتخلف عنه . وأخلفت النجوم : أمحلت ولم تمطر ولم يكن لنوئها مطر ، وأخلفت عن أنوائها كذلك ؛ قال الأسود بن يعفر :


بيض مساميح في الشتاء وإن [ ص: 138 ]     أخلف نجم عن نوئه وبلوا



والخالفة : اللجوج من الرجال ، والإخلاف في النخلة إذا لم تحمل سنة . والخلفة : الناقة الحامل ، وجمعها خلف ، بكسر اللام ، وقيل : جمعها مخاض على غير قياس كما قالوا لواحدة النساء امرأة ؛ قال ابن بري : شاهده قول الراجز :


ما لك ترغين ولا ترغو الخلف



وقيل : هي التي استكملت سنة بعد النتاج ثم حمل عليها فلقحت ؛ قال ابن الأعرابي : إذا استبان حملها فهي خلفة حتى تعشر . وخلفت العام الناقة إذا ردها إلى خلفة . وخلفت الناقة تخلف خلفا : حملت ؛ هذه عن اللحياني . والإخلاف : أن تعيد عليها فلا تحمل ، وهي المخلفة من النوق ، وهي الراجع التي توهموا أن بها حملا ثم لم تلقح ، وفي الصحاح : التي ظهر لهم أنها لقحت ثم لم تكن كذلك . والإخلاف : أن يحمل على الدابة فلا تلقح . والإخلاف : أن يأتي على البعير البازل سنة بعد بزوله ؛ يقال : بعير مخلف . والمخلف من الإبل : الذي جاز البازل ؛ وفي المحكم : بعد البازل وليس بعده سن ، ولكن يقال مخلف عام أو عامين ، وكذلك ما زاد ، والأنثى بالهاء ، وقيل : الذكر والأنثى فيه سواء ؛ قال الجعدي :


أيد الكاهل جلد بازل     أخلف البازل عاما أو بزل



وكان أبو زيد يقول : لا تكون الناقة بازلا ولكن إذا أتى عليها حول بعد البزول فهي بزول إلى أن تنيب فتدعى نابا ، وقيل : الإخلاف آخر الأسنان من جميع الدواب . وفي حديث الدية : كذا وكذا خلفة ؛ الخلفة ، بفتح الخاء وكسر اللام : الحامل من النوق ، وتجمع على خلفات وخلائف ، وقد خلفت إذا حملت ، وأخلفت إذا حالت . وفي الحديث : ثلاث آيات يقرؤهن أحدكم خير له من ثلاث خلفات سمان عظام . وفي حديث هدم الكعبة : لما هدموها ظهر فيها مثل خلائف الإبل ، أراد بها صخورا عظاما في أساسها بقدر النوق الحوامل . والخليف من السهام : الحديد كالطرير ؛ عن أبي حنيفة ؛ وأنشد لساعدة بن جؤية :


ولحفته منها خليفا نصله     حد كحد الرمح ليس بمنزع



والخليف : مدفع الماء ، وقيل : الوادي بين الجبلين ؛ قال :

خليف بين قنة أبرق

والخليف : فرج بين قنتين متدان قليل العرض والطول . والخليف : تدافع الأودية وإنما ينتهي المدفع إلى خليف ليفضي إلى سعة . والخليف : الطريق بين الجبلين ؛ قال صخر الغي :


فلما جزمت بها قربتي     تيممت أطرقة أو خليفا



جزمت : ملأت ، وأطرقة : جمع طريق ، مثل رغيف وأرغفة ، ومنه قولهم ذيخ الخليف كما يقال ذئب غضا ؛ قال كثير :


وذفرى ككاهل ذيخ الخليف     أصاب فريقة ليل فعاثا



قال ابن بري : صواب إنشاده بذفرى ، وقيل : هو الطريق في أصل الجبل ، وقيل : هو الطريق وراء الجبل ، وقيل : وراء الوادي ، وقيل : الخليف الطريق في الجبل أيا كان ، وقيل : الطريق فقط ، والجمع من كل ذلك خلف ؛ أنشد ثعلب :


في خلف تشبع من رمرامها



والمخلفة : الطريق كالخليف ؛ قال أبو ذؤيب :


تؤمل أن تلاقي أم وهب     بمخلفة إذا اجتمعت ثقيف



ويقال : عليك المخلفة الوسطى أي الطريق الوسطى . وفي الحديث ذكر خليفة ، بفتح الخاء وكسر اللام ، قال ابن الأثير : جبل بمكة يشرف على أجياد ؛ وقول الهذلي :


وإنا نحن أقدم منك عزا     إذا بنيت لمخلفة البيوت



مخلفة منى : حيث ينزل الناس ، ومخلفة بني فلان : منزلهم . والمخلف بمنى أيضا : طرقهم حيث يمرون . وفي حديث معاذ : من تخلف من مخلاف إلى مخلاف فعشره وصدقته إلى مخلاف عشيرته الأول إذا حال عليه الحول ؛ أراد أنه يؤدي صدقته إلى عشيرته التي كان يؤدي إليها . وقال أبو عمرو : يقال استعمل فلان على مخاليف الطائف وهي الأطراف والنواحي . وقال خالد بن جنبة : في كل بلد مخلاف بمكة والمدينة والبصرة والكوفة . وقال : كنا نلقى بني نمير ونحن في مخلاف المدينة وهم في مخلاف اليمامة . وقال أبو معاذ : المخلاف البنكرد ، وهو أن يكون لكل قوم صدقة على حدة ، فذلك بنكرده يؤدي إلى عشيرته التي كان يؤدي إليها . وقال الليث : يقال فلان من مخلاف كذا وكذا وهو عند اليمن كالرستاق ، والجمع مخاليف . اليزيدي : يقال إنما أنتم في خوالف من الأرض ؛ أي في أرضين لا تنبت إلا في آخر الأرضين نباتا . وفي حديث ذي المشعار : من مخلاف خارف ويام ؛ هما قبيلتان من اليمن . ابن الأعرابي : امرأة خليف إذا كان عهدها بعد الولادة بيوم أو يومين . ويقال للناقة العائذ أيضا خليف . ابن الأعرابي : والخلاف كم القميص . يقال : اجعله في متن خلافك ؛ أي في وسط كمك . والمخلوف : الثوب الملفوق . وخلف الثوب يخلفه خلفا ، وهو خليف ؛ المصدر عن كراع : وذلك أن يبلى وسطه فيخرج البالي منه ثم يلفقه ؛ وقوله :


يروي النديم إذا انتشى أصحابه     أم الصبي وثوبه مخلوف



قال : يجوز أن يكون المخلوف هنا الملفق ، وهو الصحيح ، ويجوز أن يكون المرهون ، وقيل : يريد إذا تناشى صحبه أم ولده من العسر فإنه يروي نديمه وثوبه مخلوف من سوء حاله . وأخلفت الثوب : لغة في خلفته إذا أصلحته ؛ قال الكميت يصف صائدا :


يمشي بهن خفي الصوت مختتل     كالنصل أخلف أهداما بأطمار



[ ص: 139 ] أي أخلف موضع الخلقان خلقانا . وما أدري أي الخوالف هو ، أي : أي الناس هو . وحكى كراع في هذا المعنى : ما أدري أي خالفة ، هو غير مصروف ، أي أي الناس هو ، وهو غير مصروف للتأنيث والتعريف ، ألا ترى أنك فسرته بالناس ؟ وقال اللحياني : الخالفة الناس ، فأدخل عليه الألف واللام . غيره : ويقال ما أدري أي خالفة وأي خافية هو ، فلم يجرهما ، وقال : ترك صرفه لأن أريد به المعرفة لأنه وإن كان واحدا فهو في موضع جماع ، يريد أي الناس هو كما يقال أي تميم هو وأي أسد هو . وخلفة الورد : أن تورد إبلك بالعشي بعدما يذهب الناس . والخلفة : الدواب التي تختلف . ويقال : هن يمشين خلفة ، أي تذهب هذه وتجيء هذه ؛ ومنه قول زهير :


بها العين والآرام يمشين خلفة     وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم



وخلف فلان على فلانة خلافة تزوجها بعد زوج ؛ وقوله أنشده ابن الأعرابي :


فإن تسلي عنا إذا الشول أصبحت     مخاليف حدبا لا يدر لبونها



مخاليف : إبل رعت البقل ولم ترع اليبيس فلم يغن عنها رعيها البقل شيئا . وفرس ذو شكال من خلاف إذا كان في يده اليمنى ورجله اليسرى بياض . قال : وبعضهم يقول له خدمتان من خلاف أي إذا كان بيده اليمنى بياض وبيده اليسرى غيره . والخلاف : الصفصاف ، وهو بأرض العرب كثير ، ويسمى السوجر وهو شجر عظام ، وأصنافه كثيرة وكلها خوار خفيف ؛ ولذلك قال الأسود :


كأنك صقب من خلاف يرى له     رواء وتأتيه الخئورة من عل



الصقب : عمود من عمد البيت ، والواحد خلافة ، وزعموا أنه سمي خلافا لأن الماء جاء ببزره سبيا فنبت مخالفا لأصله فسمي خلافا ، وهذا ليس بقوي . الصحاح : شجر الخلاف معروف وموضعه المخلفة ؛ وأما قول الراجز :


يحمل في سحق من الخفاف     تواديا سوين من خلاف



فإنما يريد أنها من شجر مختلف ، وليس يعني الشجرة التي يقال لها الخلاف لأن ذلك لا يكاد يكون بالبادية . وخلف وخليفة وخليف : أسماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية