صفحة جزء
[ خوف ]

خوف : الخوف : الفزع ، خافه يخافه خوفا وخيفة ومخافة . قال الليث : خاف يخاف خوفا ، وإنما صارت الواو ألفا في يخاف لأنه على بناء عمل يعمل ، فاستثقلوا الواو فألقوها ، وفيها ثلاثة أشياء : الحرف والصرف والصوت ، وربما ألقوا الحرف بصرفها وأبقوا منها الصوت ، وقالوا يخاف ، وكان حده يخوف بالواو منصوبة ، فألقوا الواو واعتمد الصوت على صرف الواو ، وقالوا خاف ، وكان حده خوف بالواو مكسورة ، فألقوا الواو بصرفها وأبقوا الصوت ، واعتمد الصوت على فتحة الخاء فصار معها ألفا لينة ، ومنه التخويف والإخافة والتخوف ، والنعت خائف وهو الفزع ؛ وقوله :


أتهجر بيتا بالحجاز تلفعت به الخوف والأعداء أم أنت زائره



إنما أراد بالخوف المخافة فأنث لذلك . وقوم خوف على الأصل ، وخيف على اللفظ ، وخيف وخوف ؛ الأخيرة اسم للجمع ، كلهم خائفون ، والأمر منه خف ، بفتح الخاء . الكسائي : ما كان من ذوات الثلاثة من بنات الواو فإنه يجمع على فعل وفيه ثلاثة أوجه ، يقال : خائف وخيف وخيف وخوف . وتخوفت عليه الشيء أي خفت . [ ص: 180 ] وتخوفه : كخافه ، وأخافه إياه إخافة وإخافا ؛ عن اللحياني . وخوفه ؛ وقوله أنشده ثعلب :


وكان ابن أجمال إذا ما تشذرت     صدور السياط شرعهن المخوف



فسره فقال : يكفيهن أن يضرب غيرهن . وخوف الرجل إذا جعل فيه الخوف ، وخوفته إذا جعلته بحالة يخافه الناس . ابن سيده : وخوف الرجل جعل الناس يخافونه . وفي التنزيل العزيز : إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ، أي يجعلكم تخافون أولياءه ؛ وقال ثعلب : معناه يخوفكم بأوليائه ، قال : وأراه تسهيلا للمعنى الأول ، والعرب تضيف المخافة إلى المخوف فتقول أنا أخافك كخوف الأسد أي كما أخوف بالأسد ؛ حكاه ثعلب ؛ قال ومثله :


وقد خفت حتى ما تزيد مخافتي على     ‌وعل بذي المطارة عاقل



كأنه أراد : وقد خاف الناس مني حتى ما تزيد مخافتهم إياي على مخافة وعل . قال ابن سيده : والذي عندي في ذلك أن المصدر يضاف إلى المفعول كما يضاف إلى الفاعل . وفي التنزيل : لا يسأم الإنسان من دعاء الخير ، فأضاف الدعاء وهو مصدر إلى الخير وهو مفعول ، وعلى هذا قالوا : أعجبني ضرب زيد عمرو فأضافوا المصدر إلى المفعول الذي هو زيد ، والاسم من ذلك كله الخيفة ، والخيفة الخوف . وفي التنزيل العزيز : واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ، والجمع خيف وأصله الواو ؛ قال صخر الغي الهذلي :


فلا تقعدن على زخة     وتضمر في القلب وجدا وخيفا



وقال اللحياني : خافه خيفة وخيفا فجعلهما مصدرين ؛ وأنشد بيت صخر الغي هذا وفسره بأنه جمع خيفة . قال ابن سيده : ولا أدري كيف هذا لأن المصادر لا تجمع إلا قليلا ، قال : وعسى أن يكون هذا من المصادر التي قد جمعت فيصح قول اللحياني . ورجل خاف : خائف . قال سيبويه : سألت الخليل عن خاف فقال : يصلح أن يكون فاعلا ذهبت عينه ويصلح أن يكون فعلا ، قال : وعلى أي الوجهين وجهته فتحقيره بالواو . ورجل خاف أي شديد الخوف ، جاءوا به على فعل مثل فرق وفزع كما قالوا صات أي شديد الصوت . والمخاف والمخيف : موضع الخوف ؛ الأخيرة عن الزجاجي حكاها في الجمل . وفي حديث عمر - رضي الله عنه : نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه ؛ أراد أنه إنما يطيع الله حبا له لا خوف عقابه ، فلو لم يكن عقاب يخافه ما عصى الله ، ففي الكلام محذوف تقديره لو لم يخف الله لم يعصه فكيف وقد خافه . وفي الحديث : أخيفوا الهوام قبل أن تخيفكم أي احترسوا منها فإذا ظهر منها شيء فاقتلوه ، المعنى اجعلوها تخافكم واحملوها على الخوف منكم لأنها إذا أرادتكم ورأتكم تقتلونها فرت منكم . وخاوفني فخفته أخوفه : غلبته بما يخوف وكنت أشد خوفا منه . وطريق مخوف ومخيف : تخافه الناس . ووجع مخوف ومخيف : يخيف من رآه ، وخص يعقوب بالمخوف الطريق لأنه لا يخيف ، وإنما يخيف قاطع الطريق ، وخص بالمخيف الوجع أي يخيف من رآه . والإخافة : التخويف . وحائط مخوف إذا كان يخشى أن يقع هو ؛ عن اللحياني . وثغر متخوف ومخيف : يخاف منه ، وقيل : إذا كان الخوف يجيء من قبله ، وأخاف الثغر : أفزع ، ودخل القوم الخوف منه ؛ قال الزجاجي : وقول الطرماح :


أذا العرش إن حانت وفاتي فلا تكن     ‌على شرجع يعلى بخضر المطارف
ولكن أحن يومي سعيدا بعصمة ‌     يصابون في فج من الأرض خائف



هو فاعل في معنى مفعول . وحكى اللحياني : خوفنا أي رقق لنا القرآن والحديث حتى نخاف . والخوف : القتل . والخوف : القتال ، وبه فسر اللحياني قوله تعالى : ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ، وبذلك فسر قوله أيضا : وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به . والخوف : العلم وبه فسر اللحياني قوله تعالى : فمن خاف من موص جنفا أو إثما . وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا . والخوف : أديم أحمر يقد منه أمثال السيور ثم يجعل على تلك السيور شذر تلبسه الجارية ؛ الثلاثية عن كراع والحاء أولى . والخواف : طائر أسود ، قال ابن سيده : لا أدري لم سمي بذلك . والخافة : خريطة من أدم ؛ وأنشد في ترجمة " عنظب " :


غدا كالعملس في خافة     رءوس العناظب كالعنجد



والخافة : خريطة من أدم ضيقة الأعلى واسعة الأسفل يشتار فيها العسل . والخافة : جبة يلبسها العسال ، وقيل : هي فرو من أدم يلبسها الذي يدخل في بيت النحل لئلا يلسعه ؛ قال أبو ذؤيب :


تأبط خافة فيها مساب     فأصبح يقتري مسدا بشيق



قال ابن بري ، رحمه الله : عين خافة عند أبي علي ياء مأخوذة من قولهم الناس أخياف أي مختلفون لأن الخافة خريطة من أدم منقوشة بأنواع مختلفة من النقش ، فعلى هذا كان ينبغي أن تذكر الخافة في فصل " خيف " ، وقد ذكرناها هناك أيضا . والخافة : العيبة . وقوله في حديث أبي هريرة : مثل المؤمن كمثل خافة الزرع . الخافة وعاء الحب ، سميت بذلك لأنها وقاية لها ، والرواية بالميم ، وسيأتي ذكره في موضعه . والتخوف : التنقص . وفي التنزيل العزيز : أو يأخذهم على تخوف ؛ قال الفراء : جاء في التفسير بأنه التنقص . قال : والعرب تقول تخوفته أي تنقصته من حافاته ، قال : فهذا الذي سمعته ، قال : وقد أتى التفسير بالحاء ، قال الزجاج : ويجوز أن يكون معناه : أو يأخذهم بعد أن يخيفهم بأن يهلك قرية فتخاف التي تليها ؛ وقال ابن مقبل :


تخوف السير منها تامكا قردا     كما تخوف عود النبعة السفن



السفن : الحديدة التي تبرد بها القسي ، أي تنقص كما تأكل هذه [ ص: 181 ] الحديدة خشب القسي ، وكذلك التخويف . يقال : خوفه وخوف منه ؛ قال ابن السكيت : يقال هو يتحوف المال ويتخوفه أي يتنقصه ويأخذ من أطرافه . ابن الأعرابي : تحوفته وتحيفته وتخوفته وتخيفته إذا تنقصته ؛ وروى أبو عبيد بيت طرفة :


وجامل خوف من نيبه     زجر المعلى أصلا والسفيح



يعني أنه نقصها ما ينحر في الميسر منها ، وروى غيره : خوع من نيبه ، ورواه أبو إسحاق : من نبته . وخوف غنمه : أرسلها قطعة قطعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية