صفحة جزء
[ خير ]

خير : الخير : ضد الشر ، وجمعه خيور ؛ قال النمر بن تولب :


ولاقيت الخيور وأخطأتني خطوب جمة وعلوت قرني



تقول منه : خرت يا رجل ، فأنت خائر ، وخار الله لك ؛ قال الشاعر :


فما كنانة في خير بخائرة     ولا كنانة في شر بأشرار



وهو خير منك وأخير . وقوله - عز وجل : تجدوه عند الله هو خيرا ؛ أي تجدوه خيرا لكم من متاع الدنيا . وفلانة الخيرة من المرأتين ، وهي الخيرة والخيرة والخورى والخيرى . وخاره على صاحبه خيرا وخيرة وخيره : فضله ؛ ورجل خير وخير ، مشدد ومخفف ، وامرأة خيرة وخيرة ، والجمع أخيار وخيار . وقال تعالى : وأولئك لهم الخيرات ؛ جمع خيرة ، وهي الفاضلة من كل شيء . وقال الله تعالى : فيهن خيرات حسان ؛ قال الأخفش : إنه لما وصف به ؛ وقيل : فلان خير ، أشبه الصفات فأدخلوا فيه الهاء للمؤنث ولم يريدوا به أفعل ؛ وأنشدأبو عبيدة لرجل من بني عدي تيم تميم ، جاهلي :


ولقد طعنت مجامع الربلات     ربلات هند خيرة الملكات



فإن أردت معنى التفضيل قلت : فلانة خير الناس ولم تقل خيرة ، وفلان خير الناس ولم تقل أخير ، لا يثنى ولا يجمع لأنه في معنى أفعل . وقال أبو إسحاق في قوله تعالى : فيهن خيرات حسان ؛ قال : المعنى أنهن خيرات الأخلاق حسان الخلق ، قال : وقرئ بتشديد الياء . قال الليث : رجل خير وامرأة خيرة فاضلة في صلاحها ، وامرأة خيرة في جمالها وميسمها ، ففرق بين الخيرة والخيرة واحتج بالآية ؛ قال أبو منصور : ولا فرق بين الخيرة والخيرة عند أهل اللغة ، وقال : يقال هي خيرة النساء وشرة النساء ؛ واستشهد بما أنشده أبو عبيدة :


ربلات هند خيرة الربلات



وقال خالد بن جنبة : الخيرة من النساء الكريمة النسب الشريفة الحسب الحسنة الوجه الحسنة الخلق الكثيرة المال التي إذا ولدت أنجبت . وقوله في الحديث : خير الناس خيرهم لنفسه ؛ معناه إذا جامل الناس جاملوه وإذا أحسن إليهم كافأوه بمثله ، وفي حديث آخر : خيركم خيركم لأهله ؛ هو إشارة إلى صلة الرحم والحث عليها . ابن سيده : وقد يكون الخيار للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث . والخيار : خلاف الأشرار . والخيار : الاسم من الاختيار . وخايره فخاره خيرا : كان خيرا منه ، وما أخيره وما خيره ؛ الأخيرة نادرة . ويقال : ما أخيره وخيره وأشره وشره ، وهذا خير منه وأخير منه . ابن بزرج : قالوا هم الأشرون والأخيرون من الشرارة والخيارة ، وهو أخير منك وأشر منك في الخيارة والشرارة ، بإثبات الألف . وقالوا في الخير والشر : هو خير منك وشر منك ، وشرير منك وخيير منك ، وهو شرير أهله وخيير أهله . وخار خيرا : صار ذا خير ؛ وإنك ما وخيرا أي إنك مع خير ؛ معناه : ستصيب خيرا ، وهو مثل . وقوله - عز وجل : فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ؛ معناه إن علمتم أنهم يكسبون ما يؤدونه . وقوله تعالى : إن ترك خيرا ؛ أي مالا . وقالوا : لعمر أبيك الخير أي الأفضل أو ذي الخير . وروى ابن الأعرابي : لعمر أبيك الخير برفع الخير على الصفة ل ( لعمر ) ، قال : والوجه الجر ، وكذلك جاء في الشر . وخار الشيء واختاره : انتقاه ؛ قال أبو زيد الطائي :


إن الكرام على ما كان من خلق     رهط امرئ خاره للدين مختار



وقال : خاره مختار لأن خار في قوة اختار ؛ وقال الفرزدق :


ومنا الذي اختير الرجال سماحة     وجودا إذا هب الرياح الزعازع



أراد : من الرجال لأن اختار مما يتعدى إلى مفعولين بحذف حرف الجر ، تقول : اخترته من الرجال واخترته الرجال . وفي التنزيل العزيز : واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا ؛ وليس هذا بمطرد . قال الفراء : التفسير أنه اختار منهم سبعين رجلا ، وإنما استجازوا وقوع الفعل عليهم إذا طرحت من لأنه مأخوذ من قولك هؤلاء خير القوم وخير من القوم ، فلما جازت الإضافة مكان من ولم يتغير المعنى [ ص: 187 ] استجازوا أن يقولوا : اخترتكم رجلا واخترت منكم رجلا ؛ وأنشد :


تحت التي اختار له الله الشجر



يريد : اختار له الله من الشجر ؛ وقال أبو العباس : إنما جاز هذا لأن الاختيار يدل على التبعيض ولذلك حذفت من . قال أعرابي : قلت لخلف الأحمر : ما خير اللبن للمريض ! بمحضر من أبي زيد ، فقال له خلف : ما أحسنها من كلمة لو لم تدنسها بإسماعها للناس ، وكان ضنينا ، فرجع أبو زيد إلى أصحابه فقال لهم : إذا أقبل خلف الأحمر فقولوا بأجمعكم : ما خير اللبن للمريض ؟ ففعلوا ذلك عند إقباله فعلم أنه من فعل أبي زيد . وفي الحديث : رأيت الجنة والنار فلم أر مثل الخير والشر ؛ قال شمر : معناه ، والله أعلم ، لم أر مثل الخير والشر ، لا يميز بينهما فيبالغ في طلب الجنة والهرب من النار . الأصمعي : يقال في مثل للقادم من سفر : خير ما رد في أهل ومال ! قال : أي جعل الله ما جئت خير ما رجع به الغائب . قال أبو عبيد : ومن دعائهم في النكاح : على يدي الخير واليمن ! قال : وقد روينا هذا الكلام في حديث عن عبيد بن عمير الليثي في حديث أبي ذر أن أخاه أنيسا نافر رجلا عن صرمة له وعن مثلها فخير أنيس فأخذ الصرمة ؛ معنى خير أي نفر ؛ قال ابن الأثير : أي فضل وغلب . يقال : نافرته فنفرته أي غلبته ، وخايرته فخرته أي غلبته ، وفاخرته ففخرته بمعنى واحد ، وناجبته فنجبته ؛ قال الأعشى :


واعترف المنفور للنافر



وقوله - عز وجل : وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ؛ قال الزجاج : المعنى ربك يخلق ما يشاء وربك يختار وليس لهم الخيرة وما كانت لهم الخيرة أي ليس لهم أن يختاروا على الله ؛ قال : ويجوز أن يكون ما في معنى الذي فيكون المعنى ويختار الذي كان لهم فيه الخيرة ، وهو ما تعبدهم به ، أي ويختار فيما يدعوهم إليه من عبادته ما لهم فيه الخيرة . واخترت فلانا على فلان : عدي بعلى لأنه في معنى فضلت ؛ وقول قيس بن ذريح :


لعمري لمن أمسى وأنت ضجيعه     من الناس ما اختيرت عليه المضاجع



معناه : ما اختيرت على مضجعه المضاجع ، وقيل : ما اختيرت دونه ، وتصغير مختار مخير ، حذفت منه التاء لأنها زائدة ، فأبدلت من الياء لأنها أبدلت منها في حال التكبير . وخيرته بين الشيئين أي فوضت إليه الخيار . وفي الحديث : تخيروا لنطفكم ، أي اطلبوا ما هو خير المناكح وأزكاها وأبعد من الخبث والفجور . وفي حديث عامر بن الطفيل : أنه خير في ثلاث ، أي جعل له أن يختار منها واحدة ، قال : وهو بفتح الخاء . وفي حديث بريرة : أنها خيرت في زوجها ، بالضم . فأما قوله : خير بين دور الأنصار ، فيريد فضل بعضها على بعض . وتخير الشيء : اختاره ، والاسم الخيرة والخيرة كالعنبة ، والأخيرة أعرف ، وهي الاسم من قولك : اختاره الله تعالى . وفي الحديث : محمد خيرة الله من خلقه وخيرة الله من خلقه ؛ والخيرة : الاسم من ذلك . ويقال : هذا وهذه وهؤلاء خيرتي ، وهو ما يختاره عليه . وقال الليث : الخيرة ، خفيفة ، مصدر اختار خيرة مثل ارتاب ريبة ، قال : وكل مصدر يكون لأفعل فاسم مصدره فعال مثل أفاق يفيق فواقا ، وأصاب يصيب صوابا ، وأجاب يجيب جوابا ، أقيم الاسم مكان المصدر ، وكذلك عذب عذابا . قال أبو منصور : وقرأ القراء : أن تكون لهم الخيرة ، بفتح الياء ، ومثله سبي طيبة ؛ قال الزجاج : الخيرة التخيير . وتقول : إياك والطيرة ، وسبي طيبة . وقال الفراء في قوله تعالى : وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ؛ أي ليس لهم أن يختاروا على الله . يقال : الخيرة والخيرة كل ذلك لما تختاره من رجل أو بهيمة يصلح إحدى هؤلاء الثلاثة .

والاختيار : الاصطفاء وكذلك التخير . ولك خيرة هذه الإبل والغنم وخيارها ، الواحد والجمع في ذلك سواء ، وقيل : الخيار من الناس والمال وغير ذلك النضار . وجمل خيار وناقة خيار : كريمة فارهة ؛ وجاء في الحديث المرفوع : أعطوه جملا رباعيا خيارا ؛ جمل خيار وناقة خيار أي مختار ومختارة . ابن الأعرابي : نحر خيرة إبله وخورة إبله ، وأنت بالخيار وبالمختار سواء ، أي اختر ما شئت . والاستخارة : طلب الخيرة في الشيء ، وهو استفعال منه . وفي الحديث : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في كل شيء . وخار الله لك أي أعطاك ما هو خير لك ، والخيرة ، بسكون الياء : الاسم من ذلك ؛ ومنه دعاء الاستخارة : اللهم خر لي أي اختر لي أصلح الأمرين واجعل لي الخيرة فيه . واستخار الله : طلب منه الخيرة . وخار لك في ذلك : جعل لك فيه الخيرة ؛ والخيرة الاسم من قولك : خار الله لك في هذا الأمر . والاختيار : الاصطفاء ، وكذلك التخير . ويقال : استخر الله يخر لك ، والله يخير للعبد إذا استخاره . والخير ، بالكسر الكرم . والخير : الشرف ؛ عن ابن الأعرابي . والخير : الهيئة . والخير : الأصل ؛ عن اللحياني . وفلان خيري من الناس أي صفيي . واستخار المنزل : استنظفه ؛ قال الكميت :


ولن يستخير رسوم الديار     بعولته ذو الصبا المعول



واستخار الرجل : استعطفه ودعاه إليه ؛ قال خالد بن زهير الهذلي :


لعلك إما أم عمرو     تبدلت سواك خليلا شاتمي تستخيرها



قال السكري : أي تستعطفها بشتمك إياي . الأزهري : استخرت فلانا أي استعطفته فما خار لي أي ما عطف ؛ والأصل في هذا أن الصائد يأتي الموضع الذي يظن فيه ولد الظبية أو البقرة فيخور خوار الغزال فتسمع الأم ، فإن كان لها ولد ظنت أن الصوت صوت ولدها فتتبع الصوت فيعلم الصائد حينئذ أن لها ولدا فتطلب موضعه ، فيقال : استخارها أي خار لتخور ، ثم قيل لكل من استعطف : استخار ، وقد تقدم في " خور " لأن ابن سيده قال : إن عينه واو . وفي الحديث : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ؛ الخيار : الاسم من الاختيار ، وهو طلب خير الأمرين : إما إمضاء البيع أو فسخه ، وهو على ثلاثة أضرب : خيار المجلس وخيار الشرط وخيار النقيصة ، أما خيار المجلس فالأصل فيه قوله : البيعان [ ص: 188 ] بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار ، أي إلا بيعا شرط فيه الخيار فلم يلزم بالتفرق ، وقيل : معناه إلا بيعا شرط فيه نفي خيار المجلس فلزم بنفسه عند قوم ، وأما خيار الشرط فلا تزيد مدته على ثلاثة أيام عند الشافعي أولها من حال العقد أو من حال التفرق ، وأما خيار النقيصة فأن يظهر بالمبيع عيب يوجب الرد أو يلتزم البائع فيه شرطا لم يكن فيه ونحو ذلك . واستخار الضبع واليربوع : جعل خشبة في موضع النافقاء فخرج من القاصعاء . قال أبو منصور : وجعل الليث الاستخارة للضبع واليربوع وهو باطل . والخيار : نبات يشبه القثاء ، وقيل : هو القثاء ، وليس بعربي . وخيار شنبر : ضرب من الخروب شجرة مثل كبار شجر الخوخ . وبنو الخيار : قبيلة ؛ وأما قول الشاعر :


ألا بكر الناعي بخيري بني أسد     بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد



فإنما ثناه لأنه أراد خيري فخففه ، مثل ميت وميت وهين وهين ؛ قال ابن بري : هذا الشعر لسبرة بن عمرو الأسدي يرثي عمرو بن مسعود وخالد بن نضلة وكان النعمان قتلهما ، ويروى بخير بني أسد على الإفراد ، قال : وهو أجود ؛ قال : ومثل هذا البيت في التثنية قول الفرزدق :


وقد مات خيراهم فلم يخز رهطه     عشية بانا رهط كعب وحاتم



والخيري معرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية