صفحة جزء
[ درأ ]

درأ : الدرء : الدفع . درأه يدرؤه درءا ودرأة : دفعه .

وتدارأ القوم : تدافعوا في الخصومة ونحوها واختلفوا .

ودارأت ، بالهمز : دافعت .

وكل من دفعته عنك فقد درأته . قال أبو زبيد :


كان عني يرد درؤك بعد [ ص: 234 ] الله شغب المستصعب المريد

يعني كان دفعك .

وفي التنزيل العزيز : فادارأتم فيها .

وتقول : تدارأتم ، أي اختلفتم وتدافعتم .

وكذلك ادارأتم ، وأصله تدارأتم ، فأدغمت التاء في الدال واجتلبت الألف ليصح الابتداء بها ; وفي الحديث : إذا تدارأتم في الطريق ; أي تدافعتم واختلفتم .

والمدارأة : المخالفة والمدافعة . يقال : فلان لا يدارئ ولا يماري ; وفي الحديث : كان لا يداري ولا يماري ; أي لا يشاغب ولا يخالف ، وهو مهموز ، وروي في الحديث غير مهموز ليزاوج يماري .

وأما المدارأة في حسن الخلق والمعاشرة فإن ابن الأحمر يقول فيه : إنه يهمز ولا يهمز . يقال : دارأته مدارأة وداريته إذا اتقيته ولاينته . قال أبو منصور : من همز ، فمعناه الاتقاء لشره ، ومن لم يهمز جعله من دريت بمعنى ختلت ; وفي حديث قيس بن السائب قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - شريكي ، فكان خير شريك لا يدارئ ولا يماري . قال أبو عبيد : المدارأة هاهنا مهموز من دارأت ، وهي المشاغبة والمخالفة على صاحبك .

ومنه قوله تعالى : فادارأتم فيها ; يعني اختلافهم في القتيل ، وقال الزجاج : معنى فادارأتم : فتدارأتم ، أي تدافعتم ، أي ألقى بعضكم إلى بعض ، يقال : دارأت فلانا أي دافعته .

ومن ذلك حديث الشعبي في المختلعة إذا كان الدرء من قبلها ، فلا بأس أن يأخذ منها ; يعني بالدرء النشوز والاعوجاج والاختلاف .

وقال بعض الحكماء : لا تتعلموا العلم لثلاث ولا تتركوه لثلاث : لا تتعلموه للتداري ولا للتماري ولا للتباهي ، ولا تدعوه رغبة عنه ، ولا رضا بالجهل ، ولا استحياء من الفعل له .

ودارأت الرجل : إذا دافعته ، بالهمز .

والأصل في التداري التدارؤ ، فترك الهمز ونقل الحرف إلى التشبيه بالتقاضي والتداعي .

وإنه لذو تدرإ أي حفاظ ومنعة وقوة على أعدائه ومدافعة ، يكون ذلك في الحرب والخصومة ، وهو اسم موضوع للدفع ، تاؤه زائدة ، لأنه من درأت ، ولأنه ليس في الكلام مثل جعفر .

ودرأت عنه الحد وغيره ، أدرؤه درءا إذا أخرته عنه .

ودرأته عني أدرؤه درءا : دفعته .

وتقول : اللهم إني أدرأ بك في نحر عدوي لتكفيني شره .

وفي الحديث : ادرءوا الحدود بالشبهات ; أي ادفعوا ، وفي الحديث : اللهم إني أدرأ بك في نحورهم ; أي أدفع بك لتكفيني أمرهم ، وإنما خص النحور لأنه أسرع وأقوى في الدفع والتمكن من المدفوع .

وفي الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي فجاءت بهمة تمر بين يديه فما زال يدارئها ; أي يدافعها ، وروي بغير همز من المداراة ; قال الخطابي : وليس منها .

وقولهم : السلطان ذو تدرإ ، بضم التاء ، أي ذو عدة وقوة على دفع أعدائه عن نفسه ، وهو اسم موضوع للدفع ، والتاء زائدة كما زيدت في ترتب وتنضب وتتفل ; قال ابن الأثير : ذو تدرإ أي ذو هجوم لا يتوقى ولا يهاب ، ففيه قوة على دفع أعدائه ; ومنه حديث العباس بن مرداس - رضي الله عنه :


وقد كنت في القوم ذا تدرإ     فلم أعط شيئا ولم أمنع

واندرأت عليه اندراء ، والعامة تقول اندريت .

ويقال : درأ علينا فلان دروءا إذا خرج مفاجأة .

وجاء السيل درءا : ظهرا .

ودرأ فلان علينا ، وطرأ إذا طلع من حيث لا ندري . غيره : واندرأ علينا بشر وتدرأ : اندفع .

ودرأ السيل واندرأ : اندفع .

وجاء السيل درءا ودرءا إذا اندرأ من مكان لا يعلم به فيه ; وقيل : جاء الوادي درءا ، بالضم ، إذا سال بمطر واد آخر ; وقيل : جاء درءا أي من بلد بعيد ، فإن سال بمطر نفسه قيل : سال ظهرا ، حكاه ابن الأعرابي ; واستعار بعض الرجاز الدرء لسيلان الماء من أفواه الإبل في أجوافها لأن الماء إنما يسيل هنالك غريبا أيضا إذ أجواف الإبل ليست من منابع الماء ، ولا من مناقعه ، فقال :


جاب لها لقمان في قلاتها     ماء نقوعا لصدى هاماتها
تلهمه لهما بجحفلاتها     يسيل درءا بين جانحاتها

فاستعار للإبل جحافل ، وإنما هي لذوات الحوافر ، وسنذكره في موضعه .

ودرأ الوادي بالسيل : دفع ; وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه :


صادف درء السيل درءا يدفعه

يقال للسيل إذا أتاك من حيث لا تحتسبه : سيل درء أي يدفع هذا ذاك وذاك هذا .

وقول العلاء بن منهال الغنوي في شريك بن عبد الله النخعي :


ليت أبا شريك كان حيا     فيقصر حين يبصره شريك
ويترك من تدريه علينا     إذا قلنا له هذا أبوك

قال ابن سيده : إنما أراد من تدرئه ، فأبدل الهمزة إبدالا صحيحا حتى جعلها كأن موضوعها الياء وكسر الراء لمجاورة هذه الياء المبدلة كما كان يكسرها لو أنها في موضوعها حرف علة كقولك تقضيها وتخليها ، ولو قال من تدرئه لكان صحيحا ، لأن قوله تدرئه مفاعلتن ; قال : ولا أدري لم فعل العلاء هذا مع تمام الوزن وخلوص تدرئه من هذا البدل الذي لا يجوز مثله إلا في الشعر ، اللهم إلا أن يكون العلاء هذا لغته البدل .

ودرأ الرجل يدرأ درءا ودروءا : مثل طرأ .

وهم الدراء والدرآء .

ودرأ عليهم درءا ودروءا : خرج ، وقيل : خرج فجأة ، وأنشد ابن الأعرابي :


أحس ليربوع وأحمي ذمارها     وأدفع عنها من دروء القبائل

أي من خروجها وحملها .

وكذلك اندرأ وتدرأ . ابن الأعرابي : الدارئ : العدو المبادئ ; والدارئ : الغريب . يقال : نحن فقراء درآء .

والدرء : الميل .

واندرأ الحريق : انتشر .

وكوكب دريء على فعيل : مندفع في مضيه من المشرق إلى المغرب من ذلك ، والجمع دراريء على وزن دراريع .

وقد درأ الكوكب دروءا . قال أبو عمرو بن العلاء : سألت رجلا من سعد بن بكر من أهل ذات عرق فقلت : هذا الكوكب الضخم ما تسمونه ؟ قال : الدريء ، وكان من أفصح [ ص: 235 ] الناس .

قال أبو عبيد : إن ضممت الدال ، فقلت دري ، يكون منسوبا إلى الدر ، على فعلي ، ولم تهمزه ، لأنه ليس في كلام العرب فعيل . قال الشيخ أبو محمد بن بري : في هذا المكان قد حكى سيبويه أنه يدخل في الكلام فعيل ، وهو قولهم للعصفر : مريق ، وكوكب دريء .

ومن همزه من القراء ، فإنما أراد فعولا مثل سبوح ، فاستثقل الضم ، فرد بعضه إلى الكسر .

وحكى الأخفش عن بعضهم : دريء ، من درأته ، وهمزها وجعلها على فعيل مفتوحة الأول ; قال : وذلك من تلألئه . قال الفراء : والعرب تسمي الكواكب العظام التي لا تعرف أسماؤها : الدراري .

التهذيب : وقوله تعالى : كأنها كوكب دري ، روي عن عاصم أنه قرأها دري ، فضم الدال ، وأنكره النحويون أجمعون ، وقالوا : دريء ، بالكسر والهمز ، جيد ، على بناء فعيل ، يكون من النجوم الدرارئ التي تدرأ أي تنحط وتسير ; قال الفراء : الدريء من الكواكب : الناصعة ; وهو من قولك : درأ الكوكب كأنه رجم به الشيطان فدفعه . قال ابن الأعرابي : درأ فلان علينا أي هجم . قال : والدريء : الكوكب المنقض يدرأ على الشيطان ، وأنشد لأوس بن حجر يصف ثورا وحشيا :


فانقض كالدريء يتبعه     نقع يثوب تخاله طنبا

قوله : تخاله طنبا : يريد تخاله فسطاطا مضروبا .

وقال شمر : يقال درأت النار إذا أضاءت .

وروى المنذري عن خالد بن يزيد قال : يقال درأ علينا فلان وطرأ إذا طلع فجأة .

ودرأ الكوكب دروءا ، من ذلك . قال : وقال نصر الرازي : دروء الكوكب : طلوعه . يقال : درأ علينا .

وفي حديث عمر - رضي الله تعالى عنه - أنه صلى المغرب ، فلما انصرف درأ جمعة من حصى المسجد ، وألقى عليها رداءه ، واستلقى ; أي سواها بيده وبسطها ; ومنه قولهم : يا جارية ادرئي إلي الوسادة أي ابسطي .

وتقول : تدرأ علينا فلان أي تطاول . قال عوف بن الأحوص :


لقينا من تدرئكم علينا     وقتل سراتنا ذات العراقي

أراد بقوله ذات العراقي أي : ذات الدواهي ، مأخوذ من عراقي الإكام ، وهي التي لا ترتقى إلا بمشقة .

والدريئة : الحلقة التي يتعلم الرامي الطعن والرمي عليها . قال عمرو بن معد يكرب :


ظللت كأني للرماح دريئة     أقاتل عن أبناء جرم وفرت

قال الأصمعي : هو مهموز .

وفي حديث دريد بن الصمة في غزوة حنين : دريئة أمام الخيل . الدريئة : حلقة يتعلم عليها الطعن ; وقال أبو زيد : الدريئة ، مهموز : البعير أو غيره الذي يستتر به الصائد من الوحش ، يختل حتى إذا أمكن رميه رمى ; وأنشد بيت عمرو أيضا ، وأنشد غيره في همزه أيضا :


إذا ادرؤوا منهم بقرد رميته     بموهية توهي عظام الحواجب

غيره : الدريئة : كل ما استتر به من الصيد ليختل من بعير أو غيره هو مهموز لأنها تدرأ نحو الصيد أي تدفع ، والجمع الدرايا والدرائئ ، بهمزتين ، كلاهما نادر .

ودرأ الدريئة للصيد يدرؤها درءا : ساقها واستتر بها ، فإذا أمكنه الصيد رمى .

وتدرأ القوم : استتروا عن الشيء ليختلوه .

وادرأت للصيد ، على افتعلت : إذا اتخذت له دريئة . قال ابن الأثير : الدرية ، بغير همز : حيوان يستتر به الصائد ، فيتركه يرعى مع الوحش ، حتى إذا أنست به وأمكنت من طالبها ، رماها .

وقيل : على العكس منهما في الهمز وتركه .

الأصمعي : إذا كان مع الغدة ، وهي طاعون الإبل ، ورم في ضرعها فهو دارئ . ابن الأعرابي : إذا درأ البعير من غدته رجوا أن يسلم ; قال : ودرأ إذا ورم نحره .

ودرأ البعير يدرأ دروءا فهو دارئ : أغد وورم ظهره ، فهو دارئ ، وكذلك الأنثى دارئ ، بغير هاء . قال ابن السكيت : ناقة دارئ إذا أخذتها الغدة من مراقها ، واستبان حجمها .

قال : ويسمى الحجم درءا ، بالفتح ، وحجمها نتوؤها ، والمراق ، بتخفيف القاف : مجرى الماء من حلقها ، واستعاره رؤبة للمنتفخ المتغضب ، فقال :


يا أيها الدارئ كالمنكوف     والمتشكي مغلة المحجوف

جعل حقده الذي نفخه بمنزلة الورم الذي في ظهر البعير ، والمنكوف : الذي يشتكي نكفته ، وهي أصل اللهزمة .

وأدرأت الناقة بضرعها ، وهي مدرئ إذا استرخى ضرعها ; وقيل : هو إذا أنزلت اللبن عند النتاج .

والدرء ، بالفتح : العوج في القناة والعصا ونحوها مما تصلب وتصعب إقامته ، والجمع : دروء . قال الشاعر :


إن قناتي من صليبات القنا     على العداة أن يقيموا درأنا

وفي الصحاح : الدرء ، بالفتح : العوج ، فأطلق . يقال : أقمت درء فلان أي اعوجاجه وشعبه ; قال المتلمس :


وكنا إذا الجبار صعر خده     أقمنا له من درئه فتقوما

ومن الناس من يظن هذا البيت للفرزدق وليس له ، وبيت الفرزدق هو :


وكنا إذا الجبار صعر خده     ضربناه تحت الأنثيين على الكرد

وكنى بالأنثيين عن الأذنين .

ومنه قولهم : بئر ذات درء ، وهو الحيد .

ودروء الطريق : كسوره وأخافيقه ، وطريق ذو دروء ، على فعول : أي ذو كسور وحدب وجرفة .

والدرء : نادر . يندر من الجبل ، وجمعه دروء .

ودرأ الشيء بالشيء : جعله له ردءا .

وأردأه : أعانه .

ويقال : درأت له وسادة إذا بسطتها .

ودرأت وضين البعير إذا بسطته على الأرض ثم أبركته عليه لتشده به ، وقد درأت فلانا الوضين على البعير وداريته ، ومنه قول المثقب العبدي :


تقول إذا درأت لها وضيني     أهذا دينه أبدا وديني ؟

قال شمر : درأت عن البعير الحقب : دفعته أي أخرته عنه ; قال أبو [ ص: 236 ] منصور : والصواب فيه ما ذكرناه من بسطته على الأرض وأنختها عليه .

وتدرأ القوم : تعاونوا .

ودرأ الحائط ببناء : ألزقه به .

ودرأه بحجر : رماه ، كردأه ; وقول الهذلي : [ أسامة بن الحارث بن حبيب ]


وبالبزل قد دمها نيها     وذات المدارأة العائط

المدمومة : المطلية ، كأنها طليت بشحم .

وذات المدارأة : هي الشديدة النفس ، فهي تدرأ .

ويروى :

وذات المداراة والعائط

قال : وهذا يدل على أن الهمز وترك الهمز جائز .

التالي السابق


الخدمات العلمية