صفحة جزء
[ درك ]

درك : الدرك : اللحاق ، وقد أدركه .

ورجل دراك : مدرك كثير الإدراك ، وقلما يجيء فعال من أفعل يفعل إلا أنهم قد قالوا حساس دراك ، لغة أو ازدواج ، ولم يجئ فعال من أفعل إلا دراك من أدرك ، وجبار من أجبره على الحكم أكرهه ، وسأآر من قوله أسأر في الكأس إذا أبقى فيها سؤرا من الشراب وهي البقية ، وحكى اللحياني : رجل مدركة ، بالهاء ، سريع الإدراك ، ومدركة : اسم رجل مشتق من ذلك .

وتدارك القوم : تلاحقوا أي لحق آخرهم أولهم .

وفي التنزيل : حتى إذا اداركوا فيها جميعا ; وأصله تداركوا فأدغمت التاء في الدال واجتلبت الألف ليسلم السكون .

وتدارك الثريان أي أدرك ثرى المطر ثرى الأرض . الليث : الدرك إدراك الحاجة ومطلبه . يقال : بكر ففيه درك .

والدرك : اللحق من التبعة ، ومنه ضمان الدرك في عهدة البيع .

والدرك : اسم من الإدراك مثل اللحق .

وفي الحديث : أعوذ بك من درك الشقاء ; الدرك : اللحاق والوصول إلى الشيء ، أدركته إدراكا ودركا .

وفي الحديث : لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا له في حاجته .

والدرك : التبعة ، يسكن ويحرك . يقال : ما لحقك من درك فعلي خلاصه .

والإدراك : اللحوق . يقال : مشيت حتى أدركته وعشت حتى أدركت زمانه .

وأدركته ببصري أي رأيته .

وأدرك الغلام وأدرك الثمر أي بلغ ، وربما قالوا أدرك الدقيق بمعنى فني .

واستدركت ما فات وتداركته بمعنى .

وقولهم : دراك أي أدرك ، وهو اسم لفعل الأمر ، وكسرت الكاف لاجتماع الساكنين لأن حقها السكون للأمر ; قال ابن بري : جاء دراك ودراك وفعال وفعال إنما هو من فعل ثلاثي ولم يستعمل منه فعل ثلاثي ، وإن كان قد استعمل منه الدرك ; قال جحدر بن مالك الحنظلي يخاطب الأسد :


ليث وليث في مجال ضنك كلاهما ذو أنف ومحك     وبطشة وصولة وفتك
إن يكشف الله قناع الشك     بظفر من حاجتي ودرك
فذا أحق منزل بترك

قال أبو سعيد : وزادني هفان في هذا الشعر :


الذئب يعوي والغراب يبكي

قال الأصمعي : هذا كقول ابن مفرغ :


الريح تبكي شجوها     والبرق يضحك في الغمامة

قال : ثم قال جحدر أيضا في ذلك :


يا جمل إنك لو شهدت كريهتي     في يوم هيج مسدف وعجاج
وتقدمي لليث أرسف نحوه     كيما أكابره على الأحراج

قال : وقال قيس بن رفاعة في دراك :


وصاحب الوتر ليس الدهر مدركه     عندي وإني لدراك بأوتار

والدراك : لحاق الفرس الوحش وغيرها .

وفرس درك الطريدة يدركها كما قالوا فرس قيد الأوابد أي أنه يقيدها .

والدريكة : الطريدة .

والدراك : اتباع الشيء بعضه على بعض في الأشياء كلها ، وقد تدارك ، والدراك : المداركة . يقال : دارك الرجل صوته أي تابعه .

وقال اللحياني : المتداركة غير المتواترة .

والمتواتر : الشيء الذي يكون هنية ثم يجيء الآخر ، فإذا تتابعت فليست متواترة ، هي متداركة متواترة .

الليث : المتدارك من القوافي والحروف المتحركة ما اتفق متحركان بعدهما ساكن مثل فعو وأشباه ذلك .

قال ابن سيده : والمتدارك من الشعر كل قافية توالى فيها حرفان متحركان بين ساكنين ، وهي متفاعلن ومستفعلن ومفاعلن ، وفعل إذا اعتمد على حرف ساكن نحو فعولن فعل ، فاللام من فعل ساكنة ، وفل إذا اعتمد على حرف متحرك نحو فعول فل ، اللام من فل ساكنة والواو من فعول ساكنة ، سمي بذلك لتوالي حركتين فيها ، وذلك أن الحركات كما قدمنا من آلات الوصل وأماراته ، فكأن بعض الحركات أدرك بعضا ولم يعقه عنه اعتراض الساكن بين المتحركين .

وطعنه طعنا دراكا وشرب شربا دراكا ، وضرب دراك : متتابع .

والتدريك من المطر : أن يدارك القطر كأنه يدرك بعضه بعضا ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد أعرابي يخاطب ابنه :


وابأبي أرواح نشر فيكا     كأنه وهن لمن يدريكا
إذا الكرى سناته يغشيكا     ريح خزامى ولي الركيكا
أقلع لما بلغ التدريكا

واستدرك الشيء بالشيء : حاول إدراكه به ، واستعمل هذا الأخفش في أجزاء العروض فقال : لأنه لم ينقص من الجزء شيء فيستدركه .

وأدرك الشيء : بلغ وقته وانتهى .

وأدرك أيضا : فني .

وقوله تعالى : بل ادارك علمهم في الآخرة ; روي عن الحسن أنه قال : جهلوا علم الآخرة أي لا علم عندهم في أمر الآخرة .

التهذيب : وقوله تعالى : قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون بل ادارك علمهم في الآخرة ; قرأ شيبة ونافع بل ادراك ، وقرأ أبو عمرو بل أدرك ، وهي في قراءة مجاهد وأبي جعفر المدني ، وروي عن ابن عباس أنه قرأ : بلى آأدرك علمهم ، يستفهم ولا يشدد ، فأما من قرأ ( بل ادارك ) فإن الفراء قال : معناه لغة تدارك أي تتابع علمهم في الآخرة ، يريد بعلم الآخرة تكون أو لا تكون ، ولذلك قال : بل هم في شك منها بل هم منها عمون ، قال : وهي في قراءة أبي أم تدارك ، [ ص: 249 ] والعرب تجعل بل مكان أم وأم مكان بل إذا كان في أول الكلمة استفهام مثل قول الشاعر :


فوالله ما أدري أسلمى تغولت     أم البوم أم كل إلي حبيب

معنى أم : بل وقال أبو معاذ النحوي : ومن قرأ بل أدرك ومن قرأ بل ادارك فمعناهما واحد ، يقول : هم علماء في الآخرة كقول الله تعالى : أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا ، ونحو ذلك .

قال السدي في تفسيره ، قال : اجتمع علمهم في الآخرة ومعناها عنده أي علموا في الآخرة أن الذي كانوا يوعدون به حق ; وأنشد للأخطل :


وأدرك علمي في سواءة أنها تقيم     على الأوتار والمشرب الكدر

أي أحاط علمي بها أنها كذلك .

قال الأزهري : والقول في تفسير أدرك وادارك ، ومعنى الآية ما قال السدي وذهب إليه أبو معاذ وأبو سعيد ، والذي قاله الفراء في معنى تدارك أي تتابع علمهم في الآخرة أنها تكون أو لا تكون ليس بالبين ، إنما المعنى أنه تتابع علمهم في الآخرة وتواطأ حين حقت القيامة وخسروا وبان لهم صدق ما وعدوا ، حين لا ينفعهم ذلك العلم ، ثم قال سبحانه : بل هم ، اليوم في شك من علم الآخرة بل هم منها عمون ، أي جاهلون ، والشك في أمر الآخرة كفر .

وقال شمر في قوله تعالى : بل ادارك علمهم في الآخرة ; هذه الكلمة فيها أشياء ، وذلك أنا وجدنا الفعل اللازم والمتعدي فيها في أفعل وتفاعل وافتعل واحدا ، وذلك أنك تقول أدرك الشيء وأدركته وتدارك القوم واداركوا وادركوا إذ أدرك بعضهم بعضا .

ويقال : تداركته واداركته وادركته ; وأنشد :


تداركتما عبسا وذبيان بعدما     تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم

وقال ذو الرمة :


مج الندى المتدارك

فهذا لازم ; وقال الطرماح :


فلما ادركناهن أبدين للهوى

وهذا متعد .

وقال الله تعالى في اللازم : بل ادارك علمهم . قال شمر : وسمعت عبد الصمد يحدث عن الثوري في قوله : بل ادارك علمهم في الآخرة ، قال مجاهد : أم تواطأ علمهم في الآخرة ; قال الأزهري : وهذا يوافق قول السدي لأن معنى تواطأ تحقق واتفق حين لا ينفعهم ، لا على أنه تواطأ بالحدس كما ظنه الفراء .

قال شمر : وروي لنا حرف عن ابن المظفر قال ولم أسمعه لغيره ذكر أنه قال : أدرك الشيء إذا فني ، فإن صح فهو في التأويل فني علمهم في معرفة الآخرة ، قال أبو منصور : وهذا غير صحيح في لغة العرب ، قال : وما علمت أحدا قال أدرك الشيء إذا فني فلا يعرج على هذا القول ، ولكن يقال أدركت الثمار إذا بلغت إناها وانتهى نضجها ; وأما ما روي عن ابن عباس أنه قرأ بلى آأدرك علمهم في الآخرة ، فإنه إن صح استفهام فيه رد وتهكم ، ومعناه لم يدرك علمهم في الآخرة ، ونحو ذلك روى شعبة عن أبي حمزة عن ابن عباس في تفسيره ; ومثله قول الله - عز وجل : أم له البنات ولكم البنون ; معنى أم ألف الاستفهام كأنه قال أله البنات ولكم البنون ، اللفظ لفظ الاستفهام ومعناه الرد والتكذيب لهم ، وقول الله سبحانه وتعالى : لا تخاف دركا ولا تخشى ; أي لا تخاف أن يدركك فرعون ولا تخشاه ، ومن قرأ لا تخف فمعناه لا تخف أن يدركك ولا تخش الغرق .

والدرك والدرك : أقصى قعر الشيء ، زاد التهذيب : كالبحر ونحوه . شمر : الدرك أسفل كل شيء ذي عمق كالركية ونحوها .

وقال أبو عدنان : يقال أدركوا ماء الركية إدراكا ، ودرك الركية قعرها الذي أدرك فيه الماء ، والدرك الأسفل في جهنم - نعوذ بالله منها : أقصى قعرها ، والجمع أدراك .

ودركات النار : منازل أهلها ، والنار دركات والجنة درجات ، والقعر الآخر درك ودرك ، والدرك إلى أسفل والدرج إلى فوق ، وفي الحديث ذكر الدرك الأسفل من النار ، بالتحريك والتسكين ، وهو واحد الأدراك وهي منازل في النار ، نعوذ بالله منها .

التهذيب : والدرك واحد من أدراك جهنم من السبع ، والدرك لغة في الدرك . الفراء في قوله تعالى : إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ، يقال : أسفل درج النار . ابن الأعرابي : الدرك الطبق من أطباق جهنم ، وروي عن ابن مسعود أنه قال : الدرك الأسفل توابيت من حديد تصفد عليهم في أسفل النار ; قال أبو عبيدة : جهنم دركات أي منازل وأطباق ، وقال غيره : الدركات بعضها تحت بعض .

قال الأزهري : والدرجات منازل ومراق بعضها فوق بعض ، فالدركات ضد الدرجات .

وفي حديث العباس : أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم : أما كان ينفع عمك ما كان يصنع بك ؟ كان يحفظك ويحدب عليك ، فقال : لقد أخرج بسببي من أسفل درك من النار فهو في ضحضاح من نار ، ما يظن أن أحدا أشد عذابا منه ، وما في النار أهون عذابا منه ; وفي هذا الحديث ما دل على أن أسفل الدرك أشد العذاب لجعله - صلى الله عليه وسلم - إياه ضدا للضحضاح أو كالضد له ، والضحضاح أريد به القليل من العذاب مثل الماء الضحضاح الذي هو ضد الغمر ; وقيل لأعرابي : إن فلانا يدعي الفضل عليك ، فقال : لو كان أطول من مسيرة شهر ما بلغ فضلي ولو وقع في ضحضاح لغرق .

أي لو وقع في القليل من مياه شرفي وفضلي لغرق فيه .

قال الأزهري : وسمعت بعض العرب يقول للحبل الذي يعلق في حلقة التصدير فيشد به القتب الدرك والتبلغة ، ويقال للحبل الذي يشد به العراقي ثم يشد الرشاء فيه وهو مثني الدرك .

الجوهري : والدرك ، بالتحريك ، قطعة حبل يشد في طرف الرشاء إلى عرقوة الدلو ليكون هو الذي يلي الماء فلا يعفن الرشاء .

ابن سيده : والدرك حبل يوثق في طرف الحبل الكبير ليكون هو الذي يلي الماء فلا يعفن الرشاء عند الاستقاء .

والدركة : حلقة الوتر التي تقع في الفرضة وهي أيضا سير يوصل بوتر القوس العربية ; قال اللحياني : الدركة القطعة التي توصل في الحبل إذا قصر أو الحزام .

ويقال : لا بارك الله فيه ولا دارك ولا تارك ، إتباع كله بمعنى .

ويوم الدرك : يوم معروف من أيامهم .

ومدرك ومدركة : اسمان .

ومدركة : لقب عمرو بن إلياس بن مضر ، [ ص: 250 ] لقبه بها أبوه لما أدرك الإبل .

ومدرك بن الجازي : فرس لكلثوم بن الحارث .

ودراك : اسم كلب ; قال الكميت يصف الثور والكلاب :


فاختل حضني دراك وانثنى حرجا     لزارع طعنة في شدقها نجل

أي في جانب الطعنة سعة .

وزارع أيضا : اسم كلب .

التالي السابق


الخدمات العلمية