صفحة جزء
[ دري ]

دري : درى الشيء دريا ودريا ; عن اللحياني ، ودرية ودريانا ودراية : علمه . قال سيبويه : الدرية كالدرية لا يذهب به إلى المرة الواحدة ولكنه على معنى الحال .

ويقال : أتى هذا الأمر من غير درية أي من غير علم . ويقال : دريت الشيء أدريه عرفته ، وأدريته غيري : إذا أعلمته .

الجوهري : دريته ودريت به دريا ودرية ودرية ودراية أي علمت به ; وأنشد :


لا هم لا أدري ، وأنت الداري كل امرئ منك على مقدار

.

وأدراه به : أعلمه .

وفي التنزيل العزيز : ولا أدراكم به ، فأما من قرأ : ( أدرأكم به ) مهموز ، فلحن . قال الجوهري : وقرئ ولا أدرأكم به ; قال : والوجه فيه ترك الهمز ; قال ابن بري : يريد أن أدريته وأدراه ، بغير همز ، هو الصحيح ; قال : وإنما ذكر ذلك لقوله فيما بعد : مداراة الناس ، يهمز ولا يهمز .

ابن سيده : قال سيبويه : وقالوا : لا أدر ، فحذفوا الياء لكثرة استعمالهم له كقولهم : لم أبل ولم يك ، قال : ونظيره ما حكاه اللحياني عن الكسائي : أقبل يضربه لا يأل ، مضموم اللام بلا واو ; قال الأزهري : والعرب ربما حذفوا الياء من قولهم لا أدر في موضع لا أدري ، يكتفون بالكسرة منها كقوله تعالى : والليل إذا يسر ; والأصل يسري .

قال الجوهري : وإنما قالوا : لا أدر بحذف الياء لكثرة الاستعمال كما قالوا لم أبل ولم يك .

وقوله تعالى : وما أدراك ما الحطمة ; تأويله : أي شيء أعلمك ما الحطمة . قال : وقولهم يصيب وما يدري ويخطئ وما يدري أي إصابته أي هو جاهل ، إن أخطأ لم يعرف وإن أصاب لم يعرف أي ما اختل ، من قولك دريت الظباء : إذا ختلتها .

وحكى ابن الأعرابي : ما تدري ما دريتها أي ما [ ص: 254 ] تعلم ما علمها .

ودرى الصيد دريا وادراه وتدراه : ختله ; قال :


فإن كنت لا أدري الظباء ، فإنني     أدس لها ، تحت التراب ، الدواهيا

.

وقال :


كيف تراني أذري وأدري     غرات جمل ، وتدرى غرري ؟

.

فالأول إنما هو بالذال معجمة ، وهو أفتعل من ذريت تراب المعدن ، والثاني بدال غير معجمة ، وهو أفتعل من ادراه أي ختله ، والثالث تتفعل من تدراه أي ختله فأسقط إحدى التاءين ، يقول : كيف تراني أذري التراب وأختل مع ذلك هذه المرأة بالنظر إليها إذا اغترت أي غفلت .

قال ابن بري : يقول أذري التراب وأنا قاعد أتشاغل بذلك لئلا ترتاب بي .

وأنا في ذلك أنظر إليها وأختلها ، وهي أيضا تفعل كما أفعل أي أغترها بالنظر إذا غفلت فتراني وتغترني إذا غفلت فتختلني وأختلها . ابن السكيت : دريت فلانا أدريه دريا : إذا ختلته ; وأنشد للأخطل :


فإن كنت قد أقصدتني ، إذ رميتني     بسهمك ، فالرامي يصيد ولا يدري

.

أي ولا يختل ولا يستتر .

وقد داريته : إذا خاتلته .

والدرية : الناقة والبقرة يستتر بها من الصيد فيختل ، وقال أبو زيد : هي مهموزة لأنها تدرأ للصيد أي تدفع ، فإن كان هذا فليس من هذا الباب .

وقد ادريت درية وتدريت .

والدرية : الوحش من الصيد خاصة .

التهذيب : الأصمعي الدرية ، غير مهموز ، دابة يستتر بها الصائد الذي يرمي الصيد ليصيده ، فإذا أمكنه رمى ، قال : ويقال من الدرية : ادريت ودريت . ابن السكيت : اندرأت عليه اندراء ، قال : والعامة تقول : اندريت .

الجوهري : وتدراه وادراه بمعنى ختله ، تفعل وافتعل بمعنى ; قال سحيم :


وماذا يدري الشعراء مني     وقد جاوزت رأس الأربعين ؟

.

قال يعقوب : كسر نون الجمع لأن القوافي مخفوضة ، ألا ترى إلى قوله :

أخو خمسين مجتمع أشدي ، ونجذني مداورة الشئون .

وادروا مكانا : اعتمدوه بالغارة والغزو .

التهذيب : بنو فلان ادروا فلانا كأنهم اعتمدوه بالغارة والغزو ; وقال سحيم بن وثيل الرياحي :


أتتنا عامر من أرض رام     معلقة الكنائن تدرينا

.

والمداراة في حسن الخلق والمعاشرة مع الناس يكون مهموزا وغير مهموز ، فمن همزه كان معناه الاتقاء لشره ، ومن لم يهمزه جعله من دريت الظبي أي احتلت له وختلته حتى أصيده .

وداريته من دريت أي ختلت .

الجوهري : ومداراة الناس المداجاة والملاينة ; ومنه الحديث : رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس أي ملاينتهم وحسن صحبتهم واحتمالهم لئلا ينفروا عنك .

وداريت الرجل : لاينته ورفقت به ، وأصله من دريت الظبي أي احتلت له وختلته حتى أصيده .

وداريته ودارأته : أبقيته ، وقد ذكرناه في الهمز أيضا .

ودارأت الرجل : إذا دافعته ، بالهمز ، والأصل في التداري التدارؤ ، فترك الهمز ونقل الحرف إلى التشبيه بالتقاضي والتداعي .

والدروان : ولد الضبعان من الذئبة .

عن كراع : والمدرى والمدراة والمدرية : القرن ، والجمع مدار ومدارى ، الألف بدل من الياء .

ودرى رأسه بالمدرى : مشطه . ابن الأثير : المدرى والمدراة شيء يعمل من حديد أو خشب على شكل سن من أسنان المشط وأطول منه ، يسرح به الشعر المتلبد ويستعمله من لم يكن له مشط ; ومنه حديث أبي : أن جارية له كانت تدري رأسه بمدراها ; أي تسرحه . يقال : ادرت المرأة تدري ادراء : إذا سرحت شعرها به ، وأصلها تدتري ، تفتعل من استعمال المدرى ، فأدغمت التاء في الدال .

وقال الليث : المدراة حديدة يحك بها الرأس يقال لها سرخاره ، ويقال مدرى ، بغير هاء ، ويشبه قرن الثور به ; ومنه قول النابغة :


شك الفريصة بالمدرى فأنفذها     شك المبيطر إذ يشفي من العضد

.

وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم : أنه كان في يده مدرى يحك بها رأسه فنظر إليه رجل من شق بابه قال : لو علمت أنك تنظر لطعنت به في عينك .

فقال : وربما قالوا للمدراة مدرية ، وهي التي حددت حتى صارت مدراة ; وحدث المنذري أن الحربي أنشده :


ولا صوار مدراة مناسجها     مثل الفريد الذي يجري من النظم

.

قال : وقوله مدراة كأنها هيئت بالمدرى من طول شعرها ، قال : والفريد جمع الفريدة ، وهي شذرة من فضة كاللؤلؤ ، شبه بياض أجسادها كأنها الفضة .

الجوهري في المدراة قال : وربما تصلح بها الماشطة قرون النساء ، وهي شيء كالمسلة يكون معها ; قال الشاعر :


تهلك المدراة في أكنافه     وإذا ما أرسلته يعتفر

.

ويقال : تدرت المرأة أي سرحت شعرها .

وقولهم : جأب المدرى أي غليظ القرن ، يدل بذلك على صغر سن الغزال لأن قرنه في أول ما يطلع يغلظ ثم يدق بعد ذلك ; وقول الهذلي

[ أسامة بن الحارث بن حبيب : ]


وبالبزل قد دمها نيها     وذات المدارأة العائط

.

المدمومة : المطلية كأنها طليت بشحم .

وذات المدارأة : هي الشديدة النفس فهي تدرأ ; قال ويروى :


وذات المداراة والغائط

قال : وهذا يدل على أن الهمز فيه وترك الهمز جائز .

التالي السابق


الخدمات العلمية