صفحة جزء
[ دلا ]

دلا : الدلو : معروفة ، واحدة الدلاء التي يستقى بها تذكر وتؤنث ; قال رؤبة :


تمشي بدلو مكرب العراقي



والتأنيث أعلى وأكثر ، والجمع أدل في أقل العدد ، وهو أفعل ، قلبت الواو ياء لوقوعها طرفا بعد ضمة ، والكثير دلاء ودلي ، على فعول ، وهي الدلاة والدلا ، بالفتح والقصر ، الواحدة دلاة ; قال الجميح :


طامي الجمام لم تمخجه الدلا



وأنشد ابن بري هذا البيت ونسبه للشماخ ; وأنشد لآخر :


إن لنا قليذما هموما     يزيدها مخج الدلا جموما



وأنشد لآخر في المفرد :


دلوك إني رافع دلاتي



وأنشد لآخر :


أي دلاة نهل دلاتي



وقوله في حديث عثمان - رضي الله عنه : تطأطأت لكم تطأطؤ الدلاة ; قال ابن الأثير : هو جمع دال كقاض وقضاة ، وهو النازع في الدلو المستقي بها الماء من البئر . يقال : أدليت الدلو ودليتها إذا أرسلتها في البئر ، ودلوتها أدلوها فأنا دال إذا أخرجتها ، ومعنى الحديث تواضعت لكم وتطامنت كما يفعل المستقي بالدلو . ومنه حديث ابن الزبير : أن حبشيا وقع في بئر زمزم فأمرهم أن يدلو ماءها أي يستقوه ، وقيل : الدلا جمع دلاة كفلا جمع فلاة . والدلاة أيضا : الدلو الصغيرة ; وقول الشاعر :


آليت لا أعطي غلاما أبدا     دلاته ، إني أحب الأسودا



يريد بدلاته سجله ، ونصيبه من الود ، والأسود اسم ابنه . ودلوتها وأدليتها إذا أرسلتها في البئر لتستقي بها أدليها إدلاء ، وقيل : أدلاها ألقاها ليستقي بها ، ودلاها جبذها ليخرجها ، تقول دلوتها أدلوها دلوا إذا أخرجتها وجذبتها من البئر ملأى ; قال الراجز العجاج :


ينزع من جماتها دلو الدال



أي نزع النازع . ودلوت الدلو : نزعتها . قال الجوهري : وقد جاء في الشعر الدالي بمعنى المدلي ; وهو قول العجاج :


يكشف ، عن جماته ، دلو الدال     عباءة غبراء من أجن طال



يعني المدلي ; قال ابن بري : ومثله لرؤبة :


يخرجن من أجواز ليل غاضي



أي مغض ، قال : وقال علي بن حمزة قد غلط جماعة من الرواة في تفسير بيت العجاج آخرهم ثعلب ، قال : يعني كونهم قدروا الدالي بمعنى المدلي ; قال ابن حمزة : وإنما المعنى فيه أنه لما كان المدلي إذا أدلى دلوه عاد فدلاها أي أخرجها ملأى قال دلو الدال كما قال النابغة :


مثل الإماء الغوادي تحمل الحزما



وإنما تحملها عند الرواح ، فلما كن إذا غدون رحن قال : مثل الإماء الغوادي . ويقال : دلوتها وأنا أدلوها وأدلوتها . وفي قصة يوسف : فأدلى دلوه قال يابشرى . ودلوت بفلان إليك أي استشفعت به إليك . قال عمر لما استسقى بالعباس - رضي الله عنهما : اللهم إنا نتقرب إليك بعم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقفية آبائه وكبر رجاله دلونا به إليك مستشفعين قال الهروي : معناه متتنا وتوسلنا ; قال ابن سيده : وأرى معناه أنهم توسلوا بالعباس إلى رحمة الله وغياثه كما يتوسل [ ص: 295 ] بالدلو إلى الماء ; قال ابن الأثير : هو من الدلو لأنه يتوصل به إلى الماء ، وقيل : أراد به أقبلنا وسقنا ، من الدلو وهو السير الرفيق . وهو يدلي برحمه أي يمت بها . والدلو : سمة للإبل . وقولهم : جاء فلان بالدلو أي بالداهية ; قال الراجز :


يحملن عنقاء وعنقفيرا     والدلو والديلم والزفيرا



والدلو : برج من بروج السماء معروف ، سمي به تشبيها بالدلو . والدالية شيء يتخذ من خوص وخشب يستقى به بحبال تشد في رأس جذع طويل ; قال مسكين الدارمي :


بأيديهم مغارف من حديد     يشبهها مقيرة الدوالي



والدالية : المنجنون ، وقيل : المنجنون تديرها البقرة ، والناعورة يديرها الماء . ابن سيده : والدالية الأرض تسقى بالدلو والمنجنون . والدوالي : عنب أسود غير حالك وعناقيده أعظم العناقيد كلها تراها كأنها تيوس معلقة ، وعنبه جاف يتكسر في الفم مدحرج ويزبب ; حكاه ابن سيده عن أبي حنيفة . وأدلى الفرس وغيره : أخرج جردانه ليبول أو يضرب ، وكذلك أدلى العير ودلى ; قيل لابنة الخس : ما مائة من الحمر ؟ قالت : عازبة الليل وخزي المجلس ، لا لبن فتحلب ولا صوف فتجز ، إن ربط عيرها دلى وإن أرسلته ولى . والإنسان يدلي شيئا في مهواة ويتدلى هو نفسه . ودلى الشيء في المهواة : أرسله فيها ; قال :


من شاء دلى النفس في هوة     ضنك ، ولكن من له بالمضيق



أي بالخروج من المضيق ، وتدليت فيها وعليها ; قال لبيد يصف فرسا :


فتدليت عليها قافلا     وعلى الأرض غيايات الطفل



أراد أنه نزل من مربائه وهو على فرسه راكب . ولا يكون التدلي إلا من علو إلى استفال ، تدلى من الشجرة . ويقال : تدلى فلان علينا من أرض كذا وكذا أي أتانا . يقال : من أين تدليت علينا ؟ قال أسامة الهذلي :


تدلى عليه وهو زرق حمامة     له طحلب ، في منتهى القيض ، هامد



وقوله تعالى : فدلاهما بغرور . قال أبو إسحاق : دلاهما في المعصية بأن غرهما ، وقال غيره : فدلاهما فأطعمهما ; ومنه قول أبي جندب الهذلي :


أحص فلا أجير ، ومن أجره     فليس كمن يدلى بالغرور



أحص : أمنع ، وقيل : أحص أقطع ذلك ، وقوله : كمن يدلى أي يطمع ; قال أبو منصور : وأصله الرجل العطشان يدلى في البئر ليروى من مائها فلا يجد فيها ماء فيكون مدليا فيها بالغرور ، فوضعت التدلية موضع الإطماع فيما لا يجدي نفعا ; وفيه قول ثالث : فدلاهما بغرور ، أي جرأهما إبليس على أكل الشجرة بغرره ، والأصل فيه دللهما ، والدال والدالة : الجرأة . الجوهري : ودلاه بغرور أي أوقعه فيما أراد من تغريره وهو من إدلاء الدلو . وأما قوله - عز وجل : ثم دنا فتدلى ; قال الفراء : ثم دنا جبريل من محمد فتدلى كأن المعنى ثم تدلى فدنا ، قال : وهذا جائز إذا كان المعنى في الفعلين واحدا . وقال الزجاج : معنى دنا فتدلى واحد لأن المعنى أنه قرب فتدلى أي زاد في القرب ، كما تقول قد دنا فلان مني وقرب . قال الجوهري : ثم دنا فتدلى ، أي تدلل كقوله : ثم ذهب إلى أهله يتمطى ; أي يتمطط . وفي حديث الإسراء : فتدلى فكان قاب قوسين ; التدلي : النزول من العلو ; قال ابن الأثير : والضمير لجبريل - عليه الصلاة والسلام . وأدلى بحجته : أحضرها واحتج بها . وأدلى إليه بماله : دفعه . التهذيب : وأدلى بمال فلان إلى الحاكم إذا دفعه إليه ; ومنه قوله تعالى : وتدلوا بها إلى الحكام ; يعني الرشوة . قال أبو إسحاق : معنى تدلوا في الأصل من أدليت الدلو إذا أرسلتها لتملأها ، قال : ومعنى أدلى فلان بحجته أي أرسلها وأتى بها على صحة ، قال : فمعنى قوله وتدلوا بها إلى الحكام ، أي تعملون على ما يوجبه الإدلاء بالحجة وتخونون في الأمانة لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم ، كأنه قال تعملون على ما يوجبه ظاهر الحكم وتتركون ما قد علمتم أنه الحق ; وقال الفراء : معناه لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ولا تدلوا بها إلى الحكام ، وإن شئت جعلت نصب وتدلوا بها إذا ألقيت منها لا على الظرف ، والمعنى لا تصانعوا بأموالكم الحكام ليقتطعوا لكم حقا لغيركم وأنتم تعلمون أنه لا يحل لكم ; قال أبو منصور : وهذا عندي أصح القولين لأن الهاء في قوله وتدلوا بها للأموال وهي ، على قول الزجاج ، للحجة ولا ذكر لها في أول الكلام ولا في آخره . وأدليت فيه : قلت قولا قبيحا ; قال :


ولو شئت أدلى فيكما غير واحد     علانية ، أو قال عندي في السر



ودلوت الناقة والإبل دلوا : سقتها سوقا رفيقا رويدا ; قال :


لا تقلواها وادلواها دلوا     إن مع اليوم أخاه غدوا



وقال الشاعر :


لا تعجلا بالسير وادلواها     لبئسما بطء ولا نرعاها



وادلولى أي أسرع ، وهي افعوعل . ودلوت الرجل وداليته إذا رفقت به وداريته . قال ابن بري : المدالاة المصانعة مثل المداجاة ; قال كثير :


ألا يا لقومي ، للنوى وانفتالها !     وللصرم من أسماء ما لم ندالها



وقول الشاعر :


كأن راكبها غصن بمروحة     إذا تدلت به ، أو شارب ثمل



[ ص: 296 ] يجوز أن يكون تفعلت من الدلو الذي هو السوق الرفيق كأنه دلاها فتدلت ، قال : ويجوز أن يكون أراد تدللت من الإدلال ، فكره التضعيف فحول إحدى اللامين ياء كما قالوا تظنيت في تظننت . ابن الأعرابي : دلي إذا ساق ودلي إذا تحير ، وقال : تدلى إذا قرب بعد علو ، وتدلى تواضع . وداليته أي داريته .

التالي السابق


الخدمات العلمية