صفحة جزء
[ دين ]

دين : الديان : من أسماء الله - عز وجل - معناه الحكم القاضي . وسئل بعض السلف عن علي بن أبي طالب - عليه السلام - فقال : كان ديان هذه الأمة بعد نبيها ; أي قاضيها وحاكمها . والديان : القهار ; ومنه قول ذي الإصبع العدواني :


لاه ابن عمك ، لا أفضلت في حسب فينا ، ولا أنت دياني فتخزوني !

أي لست بقاهر لي فتسوس أمري . والديان : الله - عز وجل . والديان : القهار ، وقيل : الحاكم والقاضي ، وهو فعال من دان الناس أي قهرهم على الطاعة . يقال : دنتهم فدانوا أي قهرتهم فأطاعوا ; ومنه شعر الأعشى الحرمازي يخاطب سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم :


يا سيد الناس وديان العرب

وفي حديث أبي طالب : قال له - عليه السلام : أريد من قريش كلمة تدين لهم بها العرب ; أي تطيعهم وتخضع لهم . والدين : واحد الديون ، معروف . وكل شيء غير حاضر دين ، والجمع أدين مثل أعين وديون ; قال ثعلبة بن عبيد يصف النخل :


تضمن حاجات العيال وضيفهم     ومهما تضمن من ديونهم تقضي

يعني بالديون ما ينال من جناها ، وإن لم يكن دينا على النخل ، كقول الأنصاري :


أدين ، وما ديني عليكم بمغرم     ولكن على الشم الجلاد القراوح

ابن الأعرابي : دنت وأنا أدين إذا أخذت دينا ; وأنشد أيضا قول الأنصاري :


أدين وما ديني عليكم بمغرم

قال ابن الأعرابي : القراوح من النخيل التي لا تبالي الزمان ، وكذلك من الإبل ، قال : وهي التي لا كرب لها من النخيل . ودنت الرجل : أقرضته فهو مدين ومديون . ابن سيده : دنت الرجل وأدنته أعطيته الدين إلى أجل ; قال أبو ذؤيب :


أدان ، وأنبأه الأولون     بأن المدان ملي وفي

الأولون : الناس الأولون والمشيخة ، وقيل : دنته أقرضته وأدنته استقرضته منه . ودان هو : أخذ الدين . ورجل دائن ومدين ومديون ، الأخيرة تميمية ، ومدان : عليه الدين ، وقيل : هو الذي عليه دين كثير . الجوهري : رجل مديون كثر ما عليه من الدين ; وقال :


وناهزوا البيع من ترعية رهق     مستأرب ، عضه السلطان ، مديون

ومديان إذا كان عادته أن يأخذ بالدين ويستقرض . وأدان فلان إدانة إذا باع من القوم إلى أجل فصار له عليهم دين ، تقول منه : أدني عشرة دراهم ; وأنشد بيت أبي ذؤيب :


بأن المدان ملي وفي

والمدين : الذي يبيع بدين : وادان واستدان وأدان : استقرض وأخذ بدين ، وهو افتعل ; ومنه قول عمر - رضي الله عنه : فادان معرضا ; أي استدان ، وهو الذي يعترض الناس ويستدين ممن أمكنه . وتداينوا : تبايعوا بالدين . واستدانوا : استقرضوا . الليث : أدان الرجل ، فهو مدين أي مستدين ; قال أبو منصور : وهذا خطأ عندي ، قال : وقد حكاه شمر لبعضهم وأظنه أخذه عنه . وأدان : معناه أنه باع بدين أو صار له على الناس دين . وفي حديث عمر - رضي الله عنه : إن فلانا يدين ولا مال له . يقال : دان واستدان وادان ، مشددا ، إذا أخذ الدين واقترض ، فإذا أعطى الدين قيل أدان مخففا . وفي حديثه الآخر عن أسيفع جهينة : فادان معرضا ; أي استدان معرضا عن الوفاء . واستدانه : طلب منه الدين . واستدانه : استقرض منه ; قال الشاعر :


فإن يك ، يا جناح ، علي دين     فعمران بن موسى يستدين

ودنته : أعطيته الدين . ودنته : استقرضت منه . ودان فلان يدين دينا : استقرض وصار عليه دين فهو دائن ; وأنشد الأحمر للعجير السلولي :


ندين ويقضي الله عنا ، وقد نرى     مصارع قوم ، لا يدينون ، ضيعا

قال ابن بري : صوابه ضيع ، بالخفض على الصفة لقوم ; وقبله :

[ ص: 339 ]

فعد صاحب اللحام سيفا تبيعه     وزد درهما فوق المغالين واخنع

وتداين القوم واداينوا : أخذوا بالدين ، والاسم الدينة . قال أبو زيد : جئت أطلب الدينة ، قال : هو اسم الدين . وما أكثر دينته أي دينه . الشيباني : أدان الرجل إذا صار له دين على الناس . ابن سيده : وأدان فلان الناس أعطاهم الدين وأقرضهم ; وبه فسر به بعضهم قول أبي ذؤيب :


أدان ، وأنبأه الأولون     بأن المدان ملي وفي

وقال شمر في قولهم يدين الرجل أمره : أي يملك ، وأنشد بيت أبي ذؤيب أيضا . وأدنت الرجل إذا أقرضته . وقد ادان إذا صار عليه دين . والقرض : أن يقترض الإنسان دراهم أو دنانير أو حبا أو تمرا أو زبيبا أو ما أشبه ذلك ، ولا يجوز لأجل لأن الأجل فيه باطل . وقال شمر : ادان الرجل إذا كثر عليه الدين ; وأنشد :


أندان أم نعتان ، أم ينبري لنا     فتى مثل نصل السيف هزت مضاربه ؟

نعتان أي نأخذ العينة . ورجل مديان : يقرض الناس ، وكذلك الأنثى بغير هاء ، وجمعهما جميعا مدايين . ابن بري : وحكى ابن خالويه أن بعض أهل اللغة يجعل المديان الذي يقرض الناس ، والفعل منه أدان بمعنى أقرض ، قال : وهذا غريب وداينت فلانا إذا أقرضته وأقرضك ; قال رؤبة :


داينت أروى ، والديون تقضى     فماطلت بعضا وأدت بعضا

وداينت فلانا إذا عاملته فأعطيت دينا وأخذت بدين ، وتداينا كما تقول قاتله وتقاتلنا . وبعته بدينة أي بتأخير ، والدينة جمعها دين ; قال رداء بن منظور :


فإن تمس قد عال عن شأنها     شئون ، فقد طال منها الدين

أي دين على دين . والمدان : الذي لا يزال عليه دين ، قال : والمديان إن شئت جعلته الذي يقرض كثيرا ، وإن شئت جعلته الذي يستقرض كثيرا . وفي الحديث : ثلاثة حق على الله عونهم ، منهم المديان الذي يريد الأداء ; المديان : الكثير الدين الذي عليه الديون ، وهو مفعال من الدين للمبالغة . قال : والدائن الذي يستدين ، والدائن الذي يجري الدين . وتدين الرجل إذا استدان ; وأنشد :


تعيرني بالدين قومي ، وإنما     تدينت في أشياء تكسبهم حمدا

ويقال : رأيت بفلان دينة إذا رأى به سبب الموت . ويقال : رماه الله بدينه أي بالموت ؛ لأنه دين على كل أحد . والدين : الجزاء والمكافأة . ودنته بفعله دينا : جزيته ، وقيل الدين المصدر ، والدين الاسم ; قال :


دين هذا القلب من نعم     بسقام ليس كالسقم

وداينه مداينة وديانا كذلك أيضا . ويوم الدين : يوم الجزاء . وفي المثل : كما تدين تدان ، أي كما تجازي تجازى أي تجازى بفعلك وبحسب ما عملت ، وقيل : كما تفعل يفعل بك ; قال خويلد بن نوفل الكلابي للحرث بن أبي شمر الغساني ، وكان اغتصبه ابنته :


يا أيها الملك المخوف ، أما ترى     ليلا وصبحا كيف يختلفان ؟
هل تستطيع الشمس أن تأتي بها ليلا     وهل لك بالمليك يدان ؟
يا حار ، أيقن أن ملكك زائل     واعلم بأن كما تدين تدان

أي تجزى بما تفعل . ودانه دينا أي جازاه . وقوله تعالى : أئنا لمدينون ; أي مجزيون محاسبون ; ومنه الديان في صفة الله - عز وجل . وفي حديث سلمان : إن الله ليدين للجماء من ذات القرن أي يقتص ويجزي . والدين : الجزاء . وفي حديث ابن عمرو : لا تسبوا السلطان فإن كان لا بد فقولوا اللهم دنهم كما يدينونا ; أي اجزهم بما يعاملونا به . والدين : الحساب ومنه قوله تعالى : مالك يوم الدين ; وقيل : معناه مالك يوم الجزاء . وقوله تعالى : ذلك الدين القيم ; أي ذلك الحساب الصحيح والعدد المستوي . والدين : الطاعة . وقد دنته ودنت له أي أطعته ; قال عمرو بن كلثوم :


وأياما لنا غرا كراما     عصينا الملك فيها أن ندينا

ويروى :


وأيام لنا ولهم طوال

والجمع الأديان . يقال : دان بكذا ديانة ، وتدين به فهو دين ومتدين . ودينت الرجل تديينا إذا وكلته إلى دينه . والدين : الإسلام ، وقد دنت به . وفي حديث علي - عليه السلام : محبة العلماء دين يدان به . والدين : العادة والشأن ، تقول العرب : ما زال ذلك ديني وديدني أي عادتي ; قال المثقب العبدي يذكر ناقته :


تقول إذا درأت لها وضيني :     أهذا دينه أبدا وديني ؟

وروي قوله :


دين هذا القلب من نعم

يريد يا دينه أي يا عادته ، والجمع أديان . والدينة : كالدين ; قال أبو ذؤيب :


ألا يا عناء القلب من أم عامر     ودينته من حب من لا يجاور

ودين : عود ، وقيل : لا فعل له . وفي الحديث : ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله ; قال أبو عبيد : قوله دان نفسه أي أذلها واستعبدها ، وقيل : حاسبها . يقال : دنت القوم أدينهم إذا فعلت ذلك بهم ; قال الأعشى يمدح رجلا :


هو دان الرباب ، إذ كرهوا الدي     ن ، دراكا بغزوة وصيال
ثم دانت بعد الرباب ، وكانت     كعذاب عقوبة الأقوال

[ ص: 340 ] قال : هو دان الرباب يعني أذلها ، ثم قال : ثم دانت بعد الرباب أي ذلت له وأطاعته ، والدين لله من هذا إنما هو طاعته والتعبد له ودانه دينا أي أذله واستعبده . يقال : دنته فدان . وقوم دين أي دائنون ; وقال :


وكان الناس ، إلا نحن ، دينا

وفي التنزيل العزيز : ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك ; قال قتادة : في قضاء الملك . ابن الأعرابي : دان الرجل إذا عز ، ودان إذا ذل ، ودان إذا أطاع ، ودان إذا عصى ، ودان إذا اعتاد خيرا أو شرا ، ودان إذا أصابه الدين ، وهو داء ; وأنشد :


يا دين قلبك من سلمى وقد دينا

قال : وقال المفضل معناه يا داء قلبك القديم . ودنت الرجل : خدمته وأحسنت إليه . والدين : الذل . والمدين : العبد . والمدينة : الأمة المملوكة كأنهما أذلهما العمل ; قال الأخطل :


ربت ، وربا في حجرها ابن مدينة     يظل على مسحاته يتركل

ويروى : في كرمها ابن مدينة ; قال أبو عبيدة : أي ابن أمة ; وقال ابن الأعرابي : معنى ابن مدينة عالم بها كقولهم هذا ابن بجدتها . وقوله تعالى : أئنا لمدينون ; أي مملوكون . وقوله تعالى : فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها ; قال الفراء : غير مدينين أي غير مملوكين ، قال : وسمعت غير مجزيين ، وقال أبو إسحق : معناه هلا ترجعون الروح إن كنتم غير مملوكين مدبرين . وقوله : إن كنتم صادقين أن لكم في الحياة والموت قدرة ; وهذا كقوله : قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين . ودنته أدينه دينا : سسته . ودنته : ملكته . ودينته أي ملكته . ودينته القوم : وليته سياستهم ; قال الحطيئة :


لقد دينت أمر بنيك ، حتى     تركتهم أدق من الطحين يعني ملكت

ويروى : سوست ، يخاطب أمه ، وناس يقولون : ومنه سمي المصر مدينة . والديان : السائس ; وأنشد بيت ذي الإصبع العدواني :


لاه ابن عمك ، لا أفضلت في حسب     يوما ، ولا أنت دياني فتخزوني !

قال ابن السكيت : أي ولا أنت مالك أمري فتسوسني . ودنت الرجل : حملته على ما يكره . ودينت الرجل تديينا إذا وكلته إلى دينه . والدين : الحال . قال النضر بن شميل : سألت أعرابيا عن شيء فقال : لو لقيتني على دين غير هذه لأخبرتك . والدين : ما يتدين به الرجل . والدين : السلطان . والدين : الورع . والدين : القهر . والدين : المعصية . والدين : الطاعة . وفي حديث الخوارج : يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ; يريد أن دخولهم في الإسلام ثم خروجهم منه لم يتمسكوا منه بشيء كالسهم الذي دخل في الرمية ثم نفذ فيها وخرج منها ولم يعلق به منها شيء ; قال الخطابي : قد أجمع علماء المسلمين على أن الخوارج على ضلالتهم فرقة من فرق المسلمين وأجازوا مناكحتهم وأكل ذبائحهم وقبول شهادتهم ، وسئل عنهم علي بن أبي طالب - عليه السلام - فقيل : أكفار هم ؟ قال : من الكفر فروا ، قيل : أفمنافقون هم ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا ، وهؤلاء يذكرون الله بكرة وأصيلا ، فقيل : ما هم ؟ قال : قوم أصابتهم فتنة فعموا وصموا . قال الخطابي : يعني قوله - صلى الله عليه وسلم : يمرقون من الدين ; أراد بالدين الطاعة أي أنهم يخرجون من طاعة الإمام المفترض الطاعة وينسلخون منها ، والله أعلم . ودين الرجل في القضاء وفيما بينه وبين الله : صدقه . ابن الأعرابي : دينت الحالف أي نويته فيما حلف ، وهو التديين . وقوله في الحديث : أنه - عليه السلام - كان على دين قومه ; قال ابن الأثير : ليس المراد به الشرك الذي كانوا عليه ، وإنما أراد أنه كان على ما بقي فيهم من إرث إبراهيم - عليه السلام - من الحج والنكاح والميراث وغير ذلك من أحكام الإيمان ، وقيل : هو من الدين العادة يريد به أخلاقهم من الكرم والشجاعة وغير ذلك . وفي حديث الحج : كانت قريش ومن دان بدينهم ; أي اتبعهم في دينهم ووافقهم عليه واتخذ دينهم له دينا وعبادة . وفي حديث دعاء السفر : أستودع الله دينك وأمانتك ، جعل دينه وأمانته من الودائع ؛ لأن السفر يصيب الإنسان فيه المشقة والخوف فيكون ذلك سببا لإهمال بعض أمور الدين فدعا له بالمعونة والتوفيق ، وأما الأمانة هاهنا فيريد بها أهل الرجل وماله ومن يخلفه عن سفره . والدين : الداء عن اللحياني ; وأنشد :


يا دين قلبك من سلمى وقد دينا

قال : يا دين قلبك يا عادة قلبك ، وقد دين أي حمل على ما يكره ، وقال الليث : معناه وقد عود . الليث : الدين من الأمطار ما تعاهد موضعا لا يزال يرب به ويصيبه ; وأنشد : معهود ودين ; قال أبو منصور : هذا خطأ ، والبيت للطرماح ، وهو :


عقائل رملة نازعن منها     دفوف أقاح معهود ودين

أراد : دفوف رمل أو كثب أقاح معهود أي ممطور أصابه عهد من المطر بعد مطر ، وقوله ودين أي مودون مبلول من ودنته أدنه ودنا إذا بللته ، والواو فاء الفعل ، وهي أصلية وليست بواو العطف ، ولا يعرف الدين في باب الأمطار ، وهذا تصحيف من الليث أو ممن زاده في كتابه . وفي حديث مكحول : الدين بين يدي الذهب والفضة ، والعشر بين يدي الدين في الزرع والإبل والبقر والغنم ; قال ابن الأثير : يعني أن الزكاة تقدم على الدين ، والدين يقدم على الميراث . والديان بن قطن الحارثي : من شرفائهم ; فأما قول مسهر بن عمرو الضبي :


ها إن ذا ظالم الديان متكئا     على أسرته ، يسقي الكوانينا

فإنه شبه ظالما هذا بالديان بن قطن بن زياد الحارثي ، وهو عبد المدان ، في نخوته ، وليس ظالم هو الديان بعينه . وبنو الديان : بطن ; قال ابن سيده : أراه نسبوا إلى هذا ; قال السموأل بن عاديا أو غيره :


فإن بني الديان قطب لقومهم     تدور رحاهم حولهم وتجول

التالي السابق


الخدمات العلمية