صفحة جزء
[ ذبح ]

ذبح : الذبح : قطع الحلقوم من باطن عند النصيل ، وهو موضع الذبح من الحلق . والذبح : مصدر ذبحت الشاة ؛ يقال : ذبحه يذبحه ذبحا ، فهو مذبوح وذبيح من قوم ذبحى وذباحى ، وكذلك التيس والكبش من كباش ذبحى وذباحى . والذبيحة : الشاة المذبوحة . وشاة ذبيحة ، وذبيح من نعاج ذبحى وذباحى وذبائح ، وكذلك الناقة ، وإنما جاءت ذبيحة بالهاء لغلبة الاسم عليها ؛ قال الأزهري : الذبيحة اسم لما يذبح من الحيوان ، وأنث ؛ لأنه ذهب به مذهب الأسماء لا مذهب النعت ، فإن قلت : شاة ذبيح أو كبش ذبيح أو نعجة ذبيح لم تدخل فيه الهاء ؛ لأن فعيلا إذا كان نعتا في معنى مفعول يذكر ، يقال : امرأة قتيل وكف خضيب ؛ وقال الأزهري : الذبيح المذبوح ، والأنثى ذبيحة وإنما جاءت بالهاء لغلبة الاسم عليها . وفي حديث القضاء : من ولي قاضيا فكأنما ذبح بغير سكين . معناه التحذير من طلب القضاء والحرص عليه ، أي : من تصدى للقضاء وتولاه فقد تعرض للذبح فليحذره ، والذبح هاهنا مجاز عن الهلاك فإنه من أسرع أسبابه ، وقوله : بغير سكين يحتمل وجهين : أحدهما : أن الذبح في العرف إنما يكون بالسكين ، فعدل عنه ليعلم أن الذي أراد به ما يخاف عليه من هلاك دينه دون هلاك بدنه ، والثاني : أن الذبح الذي يقع به راحة الذبيحة وخلاصها من الألم إنما يكون بالسكين ، فإذا ذبح بغير السكين كان ذبحه تعذيبا له ، فضرب به المثل ليكون أبلغ في الحذر وأشد في التوقي منه . وذبحه : كذبحه ، وقيل : إنما ذلك للدلالة على الكثرة ؛ وفي التنزيل : يذبحون أبناءكم ، وقد قرئ : " يذبحون أبناءكم " ؛ قال أبو إسحاق : القراءة المجتمع عليها بالتشديد ، والتخفيف [ ص: 18 ] شاذ ، والقراءة المجتمع عليها بالتشديد أبلغ ؛ لأن يذبحون للتكثير ، ويذبحون يصلح أن يكون للقليل والكثير ، ومعنى التكثير أبلغ . والذبح : اسم ما ذبح ؛ وفي التنزيل : وفديناه بذبح عظيم يعني كبش إبراهيم ، عليه السلام . الأزهري : معناه أي : بكبش يذبح ، وهو الكبش الذي فدي به إسماعيل بن خليل الله ، صلى الله عليه وسلم . الأزهري : الذبح ما أعد للذبح ، وهو بمنزلة الذبيح والمذبوح . والذبح : المذبوح ، هو بمنزلة الطحن بمعنى المطحون ، والقطف بمعنى المقطوف ؛ وفي حديث الضحية : فدعا بذبح فذبحه ، الذبح بالكسر : ما يذبح من الأضاحي وغيرها من الحيوان ، وبالفتح الفعل منه . واذبح القوم : اتخذوا ذبيحة ، كقولك : اطبخوا إذا اتخذوا طبيخا . وفي حديث أم زرع : فأعطاني من كل ذابحة زوجا ؛ هكذا في رواية ، أي : أعطاني من كل ما يجوز ذبحه من الإبل والبقر والغنم وغيرها ، وهي فاعلة بمعنى مفعولة ، والرواية المشهورة بالراء والياء من الرواح . وذبائح الجن : أن يشتري الرجل الدار أو يستخرج ماء العين وما أشبهه ، فيذبح لها ذبيحة للطيرة ؛ وفي الحديث : أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذبائح الجن ؛ كانوا إذا اشتروا دارا أو استخرجوا عينا أو بنوا بنيانا ذبحوا ذبيحة ، مخافة أن تصيبهم الجن ، فأضيفت الذبائح إليهم لذلك ؛ معنى الحديث أنهم يتطيرون إلى هذا الفعل ، مخافة أنهم إن لم يذبحوا أو يطعموا أن يصيبهم فيها شيء من الجن يؤذيهم ، فأبطل النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا ونهى عنه .

وفي الحديث : كل شيء في البحر مذبوح ، أي : ذكي لا يحتاج إلى الذبح . وفي حديث أبي الدرداء : ذبح الخمر الملح والشمس والنينان ؛ النينان : جمع نون ، وهي السمكة ؛ قال ابن الأثير : هذه صفة مري يعمل في الشام ، يؤخذ الخمر فيجعل فيه الملح والسمك ويوضع في الشمس ، فتتغير الخمر إلى طعم المري ، فتستحيل عن هيئتها كما تستحيل إلى الخلية ؛ يقول : كما أن الميتة حرام والمذبوحة حلال ، فكذلك هذه الأشياء ذبحت الخمر فحلت واستعار الذبح للإحلال . والذبح في الأصل : الشق . والمذبح السكين ؛ الأزهري : المذبح ما يذبح به الذبيحة من شفرة وغيرها . والمذبح : موضع الذبح من الحلقوم . والذابح : شعر ينبت بين النصيل والمذبح .

والذباح والذبحة والذبحة : وجع الحلق كأنه يذبح ، ولم يعرف الذبحة بالتسكين الذي عليه العامة . الأزهري : الذبحة - بفتح الباء - داء يأخذ في الحلق وربما قتل ؛ يقال : أخذته الذبحة والذبحة . الأصمعي : الذبحة ، بتسكين الباء : وجع في الحلق ؛ وأما الذبح ، فهو نبت أحمر .

وفي الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كوى أسعد بن زرارة في حلقه من الذبحة ؛ وقال : لا أدع في نفسي حرجا من أسعد ، وكان أبو زيد يقول : الذبحة والذبحة لهذا الداء ، ولم يعرفه بإسكان الباء ؛ ويقال : كان ذلك مثل الذبحة على النحر ؛ مثل يضرب للذي تخاله صديقا فإذا هو عدو ظاهر العداوة ؛ وقال ابن شميل : الذبحة قرحة تخرج في حلق الإنسان مثل الذئبة التي تأخذ الحمار ؛ وفي الحديث : أنه عاد البراء بن معرور وأخذته الذبحة فأمر من لعطه بالنار ؛ الذبحة : وجع يأخذ في الحلق من الدم ، وقيل : هي قرحة تظهر فيه فينسد معها وينقطع النفس فتقتل . والذباح : القتل أيا كان . والذبح : القتيل . والذبح : الشق ، وكل ما شق فقد ذبح ؛ قال منظور بن مرثد الأسدي :


يا حبذا جارية من عك تعقد المرط على مدك     شبه كثيب الرمل غير رك
كأن بين فكها والفك     فأرة مسك ذبحت في سك



أي فتقت ، وقوله : غير رك ؛ لأنه خال من الكثيب . وربما قالوا : ذبحت الدن ، أي بزلته ؛ وأما قول أبي ذؤيب في صفة خمر :


إذا فضت خواتمها وبجت     يقال لها دم الودج الذبيح



فإنه أراد المذبوح عنه ، أي : المشقوق من أجله ، هذا قول الفارسي ؛ وقول أبي ذؤيب أيضا :


وسرب تطلى بالعبير كأنه     دماء ظباء بالنحور ذبيح



ذبيح : وصف للدماء ، وفيه شيئان : أحدهما وصف الدم بأنه ذبيح ، وإنما الذبيح صاحب الدم لا الدم ، والآخر أنه وصف الجماعة بالواحد ؛ فأما وصفه الدم بالذبيح فإنه على حذف المضاف ، أي : كأنه دماء ظباء بالنحور ذبيح ظباؤه ، ثم حذف المضاف وهو الظباء فارتفع الضمير الذي كان مجرورا لوقوعه موقع المرفوع المحذوف لما استتر في ذبيح ، وأما وصفه الدماء وهي جماعة بالواحد فلأن فعيلا يوصف به المذكر والمؤنث والواحد وما فوقه ؛ على صورة واحدة ؛ قال رؤبة :


دعها فما النحوي من صديقها

وقال تعالى : إن رحمة الله قريب من المحسنين . والذبيح : الذي يصلح أن يذبح للنسك ؛ قال ابن أحمر :


تهدى إليه ذراع البكر تكرمة     إما ذبيحا وإما كان حلاما



ويروى حلانا . والحلان : الجدي الذي يؤخذ من بطن أمه حيا فيذبح ، ويقال : هو الصغير من أولاد المعز ؛ ابن بري : عرض ابن أحمر في هذا البيت برجل كان يشتمه ويعيبه يقال له سفيان ، وقد ذكره في أول المقطوع فقال :


نبئت سفيان يلحانا ويشتمنا     والله يدفع عنا شر سفيانا



وتذابح القوم ، أي ذبح بعضهم بعضا . يقال : التمادح التذابح . والمذبح : شق في الأرض مقدار الشبر ونحوه . يقال : غادر السيل في الأرض أخاديد ومذابح . والذبائح : شقوق في أصول أصابع الرجل مما يلي الصدر ، واسم ذلك الداء الذباح ، وقيل : الذباح ، بالضم والتشديد . والذباح : تحزز وتشقق بين أصابع الصبيان من التراب ؛ ومنه قولهم : ما دونه شوكة ولا ذباح ، الأزهري عن ابن بزرج : الذباح حز في باطن أصابع الرجل عرضا ، وذلك أنه ذبح الأصابع [ ص: 19 ] وقطعها عرضا ، وجمعه ذبابيح ؛ وأنشد :


حر هجف متجاف مصرعه     به ذبابيح ونكب يظلعه



وكان أبو الهيثم يقول : ذباح ، بالتخفيف ، وينكر التشديد ؛ قال الأزهري : والتشديد في كلام العرب أكثر ، وذهب أبو الهيثم إلى أنه من الأدواء التي جاءت على فعال . والمذابح : من المسايل ، واحدها مذبح ، وهو مسيل يسيل في سند أو على قرار الأرض ، إنما هو جري السيل بعضه على أثر بعض ، وعرض المذبح فتر أو شبر ، وقد تكون المذابح خلقة في الأرض المستوية لها كهيئة النهر يسيل فيه ماؤها فذلك المذبح . والمذابح تكون في جميع الأرض في الأودية وغير الأودية وفيما تواطأ من الأرض ؛ والمذبح من الأنهار : ضرب كأنه شق أو انشق . والمذابح : المحاريب سميت بذلك للقرابين . والمذبح : المحراب والمقصورة ونحوهما ؛ ومنه الحديث : لما كان زمن المهلب أتي مروان برجل ارتد عن الإسلام وكعب شاهد ، فقال كعب : أدخلوه المذبح وضعوا التوراة وحلفوه بالله ؛ حكاه الهروي في الغريبين ؛ وقيل : المذابح المقاصير ، ويقال : هي المحاريب ونحوها . ومذابح النصارى : بيوت كتبهم ، وهو المذبح لبيت كتبهم .

ويقال : ذبحت فأرة المسك إذا فتقتها وأخرجت ما فيها من المسك ؛ وأنشد شعر منظور بن مرثد الأسدي :


فأرة مسك ذبحت في سك

أي : فتقت في الطيب الذي يقال له سك المسك . وتسمى المقاصير في الكنائس : مذابح ومذبحا ؛ لأنهم كانوا يذبحون فيها القربان ؛ ويقال : ذبحت فلانا لحيته إذا سالت تحت ذقنه وبدا مقدم حنكه ، فهو مذبوح بها ؛ قال الراعي :


من كل أشمط مذبوح بلحيته     بادي الأداة على مركوه الطحل



يصف قيم الماء منعه الورد . ويقال : ذبحته العبرة ، أي خنقته . والمذبح : ما بين أصل الفوق وبين الريش . والذبح : نبات له أصل يقشر عنه قشر أسود فيخرج أبيض ، كأنه خرزة بيضاء ، حلو طيب يؤكل ، واحدته ذبحة وذبحة ؛ حكاه أبو حنيفة عن الفراء ، وقال أبو حنيفة أيضا : قال أبو عمرو : الذبحة شجرة تنبت على ساق نبتا كالكراث ، ثم يكون لها زهرة صفراء ، وأصلها مثل الجزرة ، وهي حلوة ولونها أحمر . والذبح : الجزر البري وله لون أحمر ؛ قال الأعشى في صفة خمر :


وشمول تحسب العين إذا     صفقت في دنها نور الذبح



ويروى : بردتها لون الذبح . وبردتها : لونها وأعلامها ، وقيل : هو نبات يأكله النعام . ثعلب : الذبحة والذبح هو الذي يشبه الكمأة ؛ قال : ويقال له : الذبحة والذبح ، والضم أكثر ، وهو ضرب من الكمأة بيض ؛ ابن الأثير : وفي شعر كعب بن مرة :


إني لأحسب قوله وفعاله     يوما وإن طال الزمان ذباحا



قال : هكذا جاء في رواية . والذباح : القتل ، وهو أيضا نبت يقتل آكله ، والمشهور في الرواية رياحا . والذبح والذباح : نبات من السم ؛ وأنشد :


ولرب مطعمة تكون ذباحا

وقال رؤبة :


يسقيهم من خلل الصفاح     كأسا من الذيفان والذباح



وقال الأعشى :


ولكن ماء علقمة بسلع     يخاض عليه من علق الذباح



وقال آخر :


إنما قولك سم وذبح

ويقال : أصابه موت زؤام وذواف وذباح ؛ وأنشد لبيد :


كأسا من الذيفان والذباح

وقال : الذباح الذبح ؛ يقال : أخذهم بنو فلان بالذباح ، أي : ذبحوهم . والذبح أيضا : نور أحمر . وحيا الله هذه الذبحة ! أي : هذه الطلعة . وسعد الذابح : منزل من منازل القمر ، أحد السعود ، وهما كوكبان نيران بينهما مقدار ذراع في نحر واحد ، منهما نجم صغير قريب منه كأنه يذبحه ، فسمي لذلك ذابحا ؛ والعرب تقول : إذا طلع الذابح انحجر النابح . وأصل الذبح الشق ؛ ومنه قوله :


كأن عيني فيها الصاب مذبوح

أي : مشقوق معصور . وذبح الرجل : طأطأ رأسه للركوع كدبح ، حكاه الهروي في الغريبين ، والمعروف الدال .

وفي الحديث : أنه نهى عن التذبيح في الصلاة ، هكذا جاء في رواية ، والمشهور بالدال المهملة ؛ وحكى الأزهري عن الليث ، قال : جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن أن يذبح الرجل في صلاته كما يذبح الحمار ، قال : وقوله أن يذبح ، وهو أن يطأطئ رأسه في الركوع حتى يكون أخفض من ظهره ؛ قال الأزهري : صحف الليث الحرف ، والصحيح في الحديث : أن يدبح الرجل في الصلاة ؛ بالدال غير معجمة كما رواه أصحاب أبي عبيد عنه في غريب الحديث ، والذال خطأ لا شك فيه . والذابح : ميسم على الحلق في عرض العنق . ويقال للسمة : ذابح .

التالي السابق


الخدمات العلمية