صفحة جزء
[ ذرر ]

ذرر : ذر الشيء يذره : أخذه بأطراف أصابعه ثم نثره على الشيء . وذر الشيء يذره إذا بدده وذر إذا بدد .

وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : ذري ، أحر لك ، أي ذري الدقيق في القدر لأعمل لك حريرة .

والذر : مصدر ذررت ، وهو أخذك الشيء بأطراف أصابعك تذره ذر الملح المسحوق على الطعام .

وذررت الحب والملح والدواء أذره ذرا : فرقته ؛ ومنه الذريرة والذرور - بالفتح - لغة في الذريرة ، وتجمع على أذرة ؛ وقد استعاره بعض الشعراء للعرض تشبيها له بالجوهر فقال :


شققت القلب ثم ذررت فيه هواك فليم فالتأم الفطور



ليم هنا إما أن يكون مغيرا من لئم ، وإما أن يكون فعل من اللوم لأن القلب إذا نهي كان حقيقا أن ينتهي . والذرور : ما ذررت . والذرارة : ما تناثر من الشيء المذرور . والذريرة : ما انتحت من قصب الطيب . والذريرة : فتات من قصب الطيب الذي يجاء به من بلد الهند يشبه قصب النشاب .

وفي حديث عائشة : طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه بذريرة . قال : هو نوع من الطيب مجموع من أخلاط .

وفي حديث النخعي : ينثر على قميص الميت الذريرة ؛ قيل : هي فتات قصب ما كان لنشاب وغيره ؛ قال ابن الأثير : هكذا جاء في كتاب أبي موسى .

والذرور ، بالفتح : ما يذر في العين وعلى القرح من دواء يابس .

وفي الحديث : تكتحل المحد بالذرور ؛ يقال : ذررت عينه إذا دوايتها به . وذر عينه بالذرور يذرها ذرا : كحلها . والذر : صغار النمل ، واحدته ذرة ؛ قال ثعلب : إن مائة منها وزن حبة من شعير فكأنها جزء من مائة ، وقيل : الذرة ليس لها وزن ، ويراد بها ما يرى في شعاع الشمس الداخل في النافذة ؛ ومنه سمي الرجل ذرا وكني بأبي ذر .

وفي حديث جبير بن مطعم : رأيت يوم حنين شيئا أسود ينزل من السماء فوقع إلى الأرض فدب مثل الذر وهزم الله المشركين . الذر : النمل الأحمر الصغير ، واحدتها ذرة .

وفي حديث ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل النحلة والنملة والصرد والهدهد . قال إبراهيم الحربي : إنما نهى عن قتلهن لأنهن لا يؤذين الناس ، وهي أقل الطيور والدواب ضررا على الناس مما يتأذى الناس به من الطيور كالغراب وغيره ؛ قيل له : فالنملة إذا عضت تقتل ؛ قال : النملة لا تعض إنما يعض الذر ؛ قيل له : إذا عضت الذرة تقتل ؛ قال : إذا آذتك فاقتلها .

قال : والنملة هي التي لها قوائم تكون في البراري والخربات ، وهذه التي يتأذى الناس بها هي الذر . وذر الله الخلق في الأرض : نشرهم ، والذرية فعلية منه ، وهي منسوبة إلى الذر الذي هو النمل الصغار ، وكان قياسه ذرية ، بفتح الذال ، لكنه نسب شاذ لم يجئ إلا مضموم الأول .

وقوله تعالى : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وذرية الرجل : ولده ، والجمع الذراري والذريات . وفي التنزيل العزيز : ذرية بعضها من بعض قال : أجمع القراء على ترك الهمز في الذرية ، وقال يونس : أهل مكة يخالفون غيرهم من العرب فيهمزون النبي والبرية والذرية من ذرأ الله الخلق ، أي خلقهم .

وقال أبو إسحاق النحوي : الذرية غير مهموز ، قال : ومعنى قوله عز وجل : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم أن الله أخرج الخلق من صلب آدم كالذر حين أشهدهم على أنفسهم : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى ، شهدوا بذلك ؛ وقال بعض النحويين : أصلها ذرورة ، هي فعلولة ، ولكن التضعيف لما كثر أبدل من الراء الأخيرة ياء فصارت ذروية ، ثم أدغمت الواو في الياء فصارت ذرية ، قال : وقول من قال إنه فعلية - أقيس وأجود عند النحويين . وقال الليث : ذرية فعلية ، كما قالوا سرية ، والأصل من السر وهو النكاح .

وفي الحديث : أنه رأى امرأة مقتولة فقال : ما كانت هذه تقاتل ، الحق خالدا فقل له : لا تقتل ذرية ولا عسيفا ؛ الذرية : اسم يجمع نسل الإنسان من ذكر وأنثى ، وأصلها الهمز لكنهم حذفوه فلم يستعملوها إلا غير مهموزة ، وقيل : أصلها من الذر بمعنى التفريق لأن الله تعالى ذرهم في الأرض ، والمراد بها في هذا الحديث النساء لأجل المرأة المقتولة .

ومنه حديث عمر : حجوا بالذرية لا تأكلوا أرزاقها وتذروا أرباقها في أعناقها ، أي : حجوا بالنساء ، وضرب الأرباق - وهي القلائد - مثلا لما قلدت أعناقها من وجوب الحج ، وقيل : كنى بها عن الأوزار .

وذري السيف : فرنده وماؤه يشبهان في الصفاء بمدب النمل والذر ؛ قال عبد الله بن سبرة :


كل ينوء بماضي الحد ذي شطب     جلى الصياقل عن ذريه الطبعا



ويروى :


جلا الصياقل عن ذريه الطبعا



يعني عن فرنده ، ويروى عن دريه الطبعا يعني تلألؤه ؛ وكذلك يروى بيت دريد على وجهين :


وتخرج منه ضرة اليوم مصدقا

وطول السرى ذري عضب مهند

إنما عنى ما ذكرناه من الفرند . ويروى : دري عضب ، أي تلألؤه وإشراقه كأنه منسوب إلى الدر أو إلى الكوكب الدري .

قال الأزهري : معنى البيت يقول إن أضر به شدة اليوم أخرج منه مصدقا وصبرا وتهلل وجهه كأنه ذري سيف . ويقال : ما أبين ذري سيفه ؛ نسب إلى الذر . وذرت الشمس تذر ذرورا ، بالضم : طلعت وظهرت ، وقيل : هو أول طلوعها وشروقها ، أول ما يسقط ضوءها على الأرض والشجر ، وكذلك البقل والنبت . وذر يذر إذا تخدد ؛ وذرت الأرض النبت ذرا ؛ ومنه قول الساجع في مطر : وثرد يذر بقله ؛ ولا يقرح أصله ؛ يعني بالثرد المطر الضعيف .

ابن الأعرابي : يقال أصابنا مطر ذر بقله يذر إذا طلع وظهر ، وذلك أنه يذر من أدنى مطر وإنما يذر البقل من مطر قدر وضح الكف ولا يقرح البقل إلا من [ ص: 26 ] قدر الذراع .

أبو زيد : ذر البقل إذا طلع من الأرض . ويقال : ذر الرجل يذر إذا شاب مقدم رأسه . والذرار : الغضب والإنكار ؛ عن ثعلب ، وأنشد لكثير :

وفيها على أن الفؤاد يحبها صدود إذا لاقيتها وذرار

الفراء : ذارت الناقة تذار مذارة وذرارا ، أي : ساء خلقها ، وهي مذار ، وهي في معنى العلوق والمذائر ؛ قال : ومنه قول الحطيئة :


وكنت كذات البعل ذارت بأنفها     فمن ذاك تبغي غيره وتهاجره



إلا أنه خففه للضرورة .

قال أبو زيد : في فلان ذرار ، أي إعراض غضبا كذرار الناقة .

قال ابن بري : بيت الحطيئة شاهد على ذارت الناقة بأنفها إذا عطفت على ولد غيرها ، وأصله ذارت فخففه ، وهو ذارت بأنفها ، والبيت :


وكنت كذات البو ذارت بأنفها     فمن ذاك تبغي بعده وتهاجره



قال ذلك يهجو به الزبرقان ويمدح آل شماس بن لاي ؛ ألا تراه يقول بعد هذا :


فدع عنك شماس بن لأي فإنهم     مواليك أو كاثر بهم من تكاثره



وقد قيل في ذارت - غير ما ذكره الجوهري ، وهو أن يكون أصله ذاءرت ، ومنه قيل لهذه المرأة مذائر ، وهي التي ترأم بأنفها ولا يصدق حبها فهي تنفر عنه . والبو : جلد الحوار يحشى ثماما ويقام حول الناقة لتدر عليه . والذرذرة : تفريقك الشيء وتبديدك إياه . وذرذار : لقب رجل من العرب . وذر : اسم .

‌‌‌

التالي السابق


الخدمات العلمية