صفحة جزء
[ ذرع ]

ذرع : الذراع : ما بين طرف المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى ، أنثى وقد تذكر . وقال سيبويه : سألت الخليل عن ذراع ، فقال : ذراع كثير في تسميتهم به المذكر ، ويمكن في المذكر فصار من أسمائه خاصة عندهم ، ومع هذا فإنهم يصفون به المذكر فتقول : هذا ثوب ذراع ، فقد يمكن هذا الاسم في المذكر ، ولهذا إذا سمي الرجل بذراع صرف في المعرفة والنكرة ؛ لأنه مذكر سمي به مذكر ، ولم يعرف الأصمعي التذكير في الذراع ، والجمع أذرع ؛ وقال يصف قوسا عربية :


أرمي عليها وهي فرع أجمع وهي ثلاث أذرع وإصبع



قال سيبويه : كسروه على هذا البناء حين كان مؤنثا يعني أن فعالا وفعالا وفعيلا من المؤنث حكمه أن يكسر على أفعل ولم يكسروا ذراعا على غير أفعل كما فعلوا ذلك في الأكف ؛ قال ابن بري : الذراع عند سيبويه مؤنثة لا غير ؛ وأنشد لمرداس بن حصين :


قصرت له القبيلة إذ تجهنا     وما دانت بشدتها ذراعي



وفي حديث عائشة وزينب : قالت زينب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : حسبك إذ قلبت لك ابنة أبي قحافة ذريعتيها ؛ الذريعة تصغير الذراع ، ولحوق الهاء فيها لكونها مؤنثة ، ثم ثنتها مصغرة وأرادت به ساعديها . وقولهم : الثوب سبع في ثمانية ، إنما قالوا سبع ؛ لأن الذراع مؤنثة ، وجمعها أذرع لا غير ، وتقول : هذه ذراع ، وإنما قالوا ثمانية ؛ لأن الأشبار مذكرة . والذراع من يدي البعير : فوق الوظيف ، وكذلك من الخيل والبغال والحمير . والذراع من أيدي البقر والغنم فوق الكراع .

قال الليث : الذراع اسم جامع في كل ما يسمى يدا من الروحانيين ذوي الأبدان ، والذراع والساعد واحد . وذرع الرجل : رفع ذراعيه منذرا أو مبشرا ؛ قال :


تؤمل أنفال الخميس وقد رأت     سوابق خيل لم يذرع بشيرها



يقال للبشير إذا أومأ بيده : قد ذرع البشير .

وأذرع في الكلام وتذرع : أكثر وأفرط . والإذراع : كثرة الكلام والإفراط فيه ، وكذلك التذرع .

قال ابن سيده : وأرى أصله من مد الذراع ؛ لأن المكثر قد يفعل ذلك . وثور مذرع : في أكارعه لمع سود . وحمار مذرع : لمكان الرقمة في ذراعه . والمذرع : الذي أمه عربية وأبوه غير عربي ؛ قال :


إذا باهلي عنده حنظلية     لها ولد منه فذاك المذرع



وقيل : المذرع من الناس - بفتح الراء - الذي أمه أشرف من أبيه ، والهجين الذي أبوه عربي وأمه أمة ؛ قالابن قيس العدوي :


إن المذرع لا تغني خئولته     كالبغل يعجز عن شوط المحاضير



وقال آخر يهجو قوما :


قوم توارث بيت اللؤم أولهم     كما توارث رقم الأذرع الحمر



وإنما سمي مذرعا تشبيها بالبغل ؛ لأن في ذراعيه رقمتين كرقمتي ذراع الحمار نزع بهما إلى الحمار في الشبه ، وأم البغل أكرم من أبيه .

والمذرعة : الضبع لتخطيط ذراعيها ، صفة غالبة ، قال ساعدة بن جؤية :


وغودر ثاويا وتأوبته     مذرعة أميم لها فليل



والضبع مذرعة بسواد في أذرعها ، وأسد مذرع : على ذراعيه دم فرائسه ؛ أنشد ابن الأعرابي :


قد يهلك الأرقم والفاعوس     والأسد المذرع المنهوس



والتذريع : فضل حبل القيد يوثق بالذراع ، اسم كالتنبيت ، لا مصدر كالتصويت . وذرع البعير وذرع له : قيد في ذراعيه جميعا . يقال : ذرع فلان لبعيره إذا قيده بفضل خطامه في ذراعه ، والعرب تسميه تذريعا . وثوب موشى الذراع أي الكم ، وموشى المذارع كذلك ، جمع على غير واحده كملامح ومحاسن .

والذراع : ما يذرع به .

[ ص: 27 ] ذرع الثوب وغيره يذرعه ذرعا : قدره بالذراع ، فهو ذارع ، وهو مذروع ، وذرع كل شيء : قدره من ذلك . والتذرع أيضا : تقدير الشيء بذراع اليد ؛ قال قيس بن الخطيم :


ترى قصد المران تلقى كأنها     تذرع خرصان بأيدي الشواطب



وقال الأصمعي : تذرع فلان الجريد إذا وضعه في ذراعه فشطبه ؛ ومنه قول قيس بن الخطيم هذا البيت ، قال : والخرصان أصلها القضبان من الجريد ، والشواطب جمع الشاطبة ، وهي المرأة التي تقشر العسيب ثم تلقيه إلى المنقية ، فتأخذ كل ما عليه بسكينها حتى تتركه رقيقا ، ثم تلقيه المنقية إلى الشاطبة ثانية فتشطبه على ذراعها وتتذرعه ، وكل قضيب من شجرة خرص .

وقال أبو عبيدة : التذرع قدر ذراع ينكسر فيسقط ، والتذرع والقصد واحد عنده ، قال : والخرصان أطراف الرماح التي تلي الأسنة ، الواحد خرص وخرص وخرص . قال الأزهري : وقول الأصمعي أشبههما بالصواب .

وتذرعت المرأة : شقت الخوص لتعمل منه حصيرا . ابن الأعرابي : انذرع وانذرأ ورعف واسترعف إذا تقدم . والذرع : الطويل اللسان بالشر وهو السيار الليل والنهار . وذرع البعير يذرعه ذرعا : وطئه على ذراعه ليركب صاحبه . وذرع الرجل في سباحته تذريعا : اتسع ومد ذراعيه .

والتذريع في المشي : تحريك الذراعين . وذرع بيديه تذريعا : حركهما في السعي واستعان بهما عليه .

وقيل في صفته - صلى الله عليه وسلم - : إنه كان ذريع المشي ، أي : سريع المشي واسع الخطوة ، ومنه الحديث : فأكل أكلا ذريعا ، أي سريعا كثيرا . وذرع البعير يده إذا مدها في السير .

وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذرع ذراعيه من أسفل الجبة إذراعا ؛ أذرع ذراعيه ، أي أخرجهما من تحت الجبة ومدهما ، ومنه الحديث الآخر : وعليه جمازة فأذرع منها يده ، أي أخرجها وتذرعت الإبل الماء : خاضته بأذرعها . ومذاريع الدابة ومذارعها : قوائمها ؛ قال الأخطل :


وبالهدايا إذا احمرت مذارعها     في يوم ذبح وتشريق وتنحار



وقوائم ذرعات ، أي : سريعات . وذرعات الدابة : قوائمها ، ومنه قول ابن حذاق العبدي :


فأمست كنيس الرمل يغدو إذا غدت     على ذرعات يعتلين خنوسا



أي على قوائم يعتلين من جاراهن ، وهن يخنسن بعض جريهن ، أي : يبقين منه ؛ يقول : لم يبذلن جميع ما عندهن من السير . ومذراع الدابة : قائمتها تذرع بها الأرض ، ومذرعها : ما بين ركبتها إلى إبطها ، وثور موشى المذارع . وفرس ذروع وذريع : سريع بعيد الخطى بين الذراعة . وفرس مذرع إذا كان سابقا ، وأصله الفرس يلحق الوحشي وفارسه عليه يطعنه طعنة تفور بالدم فيلطخ ذراعي الفرس بذلك الدم فيكون علامة لسبقه ؛ ومنه قول تميم :


خلال بيوت الحي منها مذرع



ويقال : هذه ناقة تذارع بعد الطريق ، أي تمد باعها وذراعها لتقطعه ، وهي تذارع الفلاة وتذرعها إذا أسرعت فيها كأنها تقيسها ؛ قال الشاعر يصف الإبل :


وهن يذرعن الرقاق السملقا     ذرع النواطي السحل المرققا



والنواطي : النواسج ، الواحدة ناطية ، وبعير ذروع . وذارع صاحبه فذرعه : غلبه في الخطو . وذرعه القيء إذا غلبه وسبق إلى فيه . وقد أذرعه الرجل إذا أخرجه .

وفي الحديث : من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ، أي سبقه وغلبه في الخروج . والذرع : البدن ، وأبطرني ذرعي : أبلى بدني وقطع معاشي . وأبطرت فلانا ذرعه ، أي : كلفته أكثر من طوقه . ورجل واسع الذرع والذراع أي الخلق ؛ على المثل . والذرع : الطاقة . وضاق بالأمر ذرعه وذراعه ، أي ضعفت طاقته ولم يجد من المكروه فيه مخلصا ولم يطقه ولم يقو عليه ، وأصل الذرع إنما هو بسط اليد فكأنك تريد مددت يدي إليه فلم تنله ؛ قال حميد بن ثور يصف ذئبا :


وإن بات وحشا ليلة لم يضق بها     ذراعا ولم يصبح لها وهو خاشع



وضاق به ذرعا : مثل ضاق به ذراعا ، ونصب ذرعا ؛ لأنه خرج مفسرا محولا ؛ لأنه كان في الأصل ضاق ذرعي به ، فلما حول الفعل خرج قوله ذرعا مفسرا ، ومثله طبت به نفسا وقررت به عينا ، والذرع يوضع موضع الطاقة ، والأصل فيه أن يذرع البعير بيديه في سيره ذرعا على قدر سعة خطوه ، فإذا حملته على أكثر من طاقته قلت : قد أبطرت بعيرك ذرعه ، أي : حملته من السير على أكثر من طاقته حتى يبطر ويمد عنقه ضعفا عما حمل عليه .

ويقال : ما لي به ذرع ولا ذراع ، أي : ما لي به طاقة .

وفي حديث ابن عوف : قلدوا أمركم رحب الذراع ، أي : واسع القوة والقدرة والبطش . والذرع : الوسع والطاقة ؛ ومنه الحديث : فكبر في ذرعي ، أي : عظم وقعه وجل عندي ، والحديث الآخر : فكسر ذلك من ذرعي ، أي ثبطني عما أردته ؛ ومنه حديث إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - : أوحى الله إليه أن ابن لي بيتا ، فضاق بذلك ذرعا ، وجه التمثيل أن القصير الذراع لا ينال ما يناله الطويل الذراع ولا يطيق طاقته ، فضرب مثلا للذي سقطت قوته دون بلوغ الأمر والاقتدار عليه .

وذراع القناة : صدرها لتقدمه كتقدم الذراع . ويقال لصدر القناة : ذراع العامل . ومن أمثال العرب السائرة : هو لك على حبل الذراع ، أي أعجله لك نقدا ، وقيل : هو معد حاضر ، والحبل عرق في الذراع . ورجل ذرع : حسن العشرة والمخالطة ؛ ومنه قول الخنساء :


جلد جميل مخيل بارع ذرع     وفي الحروب إذا لاقيت مسعار



ويقال : ذارعته مذارعة إذا خالطته . والذراع : نجم من نجوم الجوزاء على شكل الذراع ؛ قال غيلان الربعي :


غيرها بعدي مر الأنواء     نوء الذراع أو ذراع الجوزاء



وقيل : الذراع ذراع الأسد ، وهما كوكبان نيران ينزلهما القمر . [ ص: 28 ] والذراع : سمة في موضع الذراع وهي لبني ثعلبة من أهل اليمن وناس من بني مالك بن سعد من أهل الرمال .

وذرع الرجل تذريعا وذرع له : جعل عنقه بين ذراعه وعنقه وعضده فخنقه ثم استعمل في غير ذلك مما يخنق به . وذرعه : قتله . وأمر ذريع : واسع . وذرع بالشيء : أقر به وبه سمي المذرع أحد بني خفاجة بن عقيل ، وكان قتل رجلا من بني عجلان ثم أقر به فأقيد به فسمي المذرع . والذرع : ولد البقرة الوحشية ، وقيل : إنما يكون ذرعا إذا قوي على المشي عن ابن الأعرابي وجمعه ذرعان ، تقول : أذرعت البقرة ، فهي مذرع ذات ذرع .

وقال الليث : هن المذرعات ، أي : ذوات ذرعان . والمذارع : النخل القريبة من البيوت . والمذارع : ما دانى المصر من القرى الصغار . والمذارع : المزالف ، وهي البلاد التي بين الريف والبر كالقادسية والأنبار ، الواحد مذراع .

وفي حديث الحسن : كانوا بمذراع اليمن ، قال : هي القريبة من الأمصار . ومذراع الأرض : نواحيها . ومذارع الوادي : أضواجه ونواحيه . والذريعة : الوسيلة . وقد تذرع فلان بذريعة ، أي توسل ، والجمع الذرائع . والذريعة ، مثل الدريئة : جمل يختل به الصيد يمشي الصياد إلى جنبه فيستتر به ويرمي الصيد إذا أمكنه ، وذلك الجمل يسيب أولا مع الوحش حتى تألفه . والذريعة : السبب إلى الشيء وأصله من ذلك الجمل .

يقال : فلان ذريعتي إليك ، أي سببي ووصلتي الذي أتسبب به إليك ، وقال أبو وجزة يصف امرأة :


طافت بها ذات ألوان مشبهة     ذريعة الجن لا تعطي ولا تدع



أراد كأنها جنية لا يطمع فيها ولا يعلمها في نفسها .

قال ابن الأعرابي : سمي هذا البعير الدريئة والذريعة ثم جعلت الذريعة مثلا لكل شيء أدنى من شيء وقرب منه ، وأنشد :


وللمنية أسباب تقربها     كما تقرب للوحشية الذرع



وفي نوادر الأعراب : أنت ذرعت بيننا هذا وأنت سجلته ؛ يريد سببته . والذريعة : حلقة يتعلم عليها الرمي . والذريع : السريع . وموت ذريع : سريع فاش لا يكاد الناس يتدافنون ، وقيل : ذريع ، أي سريع . ويقال : قتلوهم أذرع قتل . ورجل ذريع بالكتابة ، أي سريع . والذراع والذراع ؛ بالفتح : المرأة الخفيفة اليدين بالغزل ، وقيل : الكثيرة الغزل القوية عليه . وما أذرعها " وهو من باب أحنك الشاتين ، في أن التعجب من غير فعل .

وفي الحديث : خيركن أذرعكن للمغزل ، أي أخفكن به ، وقيل : أقدركن عليه . وزق ذارع : كثير الأخذ من الماء ونحوه ؛ قال ثعلبة بن صعير المازني :


باكرتهم بسباء جون ذارع     قبل الصباح وقبل لغو الطائر



وقال عبد بني الحسحاس :


سلافة دار لا سلافة ذارع     إذا صب منه في الزجاجة أزبدا



والذارع والمذرع : الزق الصغير يسلخ من قبل الذراع ، والجمع ذوارع ، وهي للشراب ؛ قال الأعشى :


والشاربون إذا الذوارع أغليت     صفو الفصال بطارف وتلاد



وابن ذارع : الكلب . وأذرع وأذرعات ، بكسر الراء : بلد ينسب إليه الخمر ؛ قال الشاعر :


تنورتها من أذرعات وأهلها     بيثرب أدنى دارها نظر عالي



ينشد بالكسر بغير تنوين من أذرعات ، وأما الفتح فخطأ ؛ لأن نصب تاء الجمع وفتحه - كسر ، قال : والذي أجاز الكسر بلا صرف فلأنه اسم لفظه لفظ جماعة لواحد ، والقول الجيد عند جميع النحويين الصرف ، وهو مثل عرفات ، والقراء كلهم في قوله تعالى : من عرفات على الكسر والتنوين ، وهو اسم لمكان واحد ، ولفظه لفظ جمع ، وقيل : أذرعات موضعان ينسب إليهما الخمر ؛ قال أبو ذؤيب :


فما إن رحيق سبتها التجا     ر من أذرعات فوادي جدر



وفي الصحاح : أذرعات - بكسر الراء - موضع بالشام تنسب إليه الخمر ، وهي معرفة مصروفة مثل عرفات ؛ قال سيبويه : ومن العرب من لا ينون أذرعات ، يقول : هذه أذرعات ورأيت أذرعات - برفع التاء وكسرها بغير تنوين - .

قال ابن سيده : والنسبة إلى أذرعات أذرعي ، وقال سيبويه : أذرعات بالصرف وغير الصرف ، شبهوا التاء بهاء التأنيث ، ولم يحفلوا بالحاجز ؛ لأنه ساكن ، والساكن ليس بحاجز حصين ، إن سأل سائل فقال : ما تقول فيمن قال : هذه أذرعات ومسلمات ، وشبه تاء الجماعة بهاء الواحدة فلم ينون للتعريف والتأنيث ، فكيف يقول إذا نكر أينون أم لا ؟ فالجواب أن التنوين مع التنكير واجب هنا لا محالة لزوال التعريف ، فأقصى أحوال أذرعات إذا نكرتها فيمن لم يصرف أن تكون كحمزة إذا نكرتها ، فكما تقول هذا حمزة وحمزة آخر ، فتصرف النكرة لا غير ، فكذلك تقول عندي مسلمات ونظرت إلى مسلمات أخرى فتنون مسلمات لا محالة . وقال يعقوب : أذرعات ويذرعات موضع بالشام ، حكاه في المبدل وأما قول الشاعر :


إلى مشرب بين الذراعين بارد

فهما هضبتان . وقولهم : اقصد بذرعك أي اربع على نفسك ولا يعد بك قدرك . والذرع - بالتحريك - : الطمع ؛ ومنه قول الراجز :


وقد يقود الذرع الوحشيا

والمذرع - بكسر الراء مشددة - : المطر الذي يرسخ في الأرض قدر ذراع .

التالي السابق


الخدمات العلمية