صفحة جزء
[ ص: 57 ] حرف الراء الراء من الحروف المجهورة ، وهي من الحروف الذلق ، وسميت ذلقا لأن الذلاقة في المنطق إنما هي بطرف أسلة اللسان ، والحروف الذلق ثلاثة : الراء واللام والنون ، وهن في حيز واحد ، وقد ذكرنا في أول حرف الباء دخول الحروف الستة الذلق والشفوية كثرة دخولها في أبنية الكلام .

[ رأب ]

رأب : رأب إذا أصلح . ورأب الصدع والإناء يرأبه رأبا ورأبة : شعبه . وأصلحه ، قال الشاعر :


يرأب الصدع والثأي برصين من سجايا آرائه ويغير



الثأى : الفساد ، أي : يصلحه ويغير : يمير ، وقال الفرزدق :


وإني من قوم بهم يتقى العدا     ورأب الثأى والجانب المتخوف



أراد : وبهم رأب الثأى ، فحذف الباء لتقدمها في قوله بهم تتقى العدا ، وإن كانت حالاهما مختلفتين ، ألا ترى أن الباء في قوله بهم يتقى العدا منصوبة الموضع ، لتعلقها بالفعل الظاهر الذي هو يتقى ، كقولك : بالسيف يضرب زيد ، والباء في قوله وبهم رأب الثأى مرفوعة الموضع عند قوم ، وعلى كل حال فهي متعلقة بمحذوف ورافعة الرأب . والمرأب : المشعب . ورجل مرأب ورأاب : إذا كان يشعب صدوع الأقداح ، ويصلح بين القوم ، وقوم مرائيب ، قال الطرماح يصف قوما :


نصر للذليل في ندوة الحي     مرائيب للثأى المنهاض



وفي حديث علي - كرم الله وجهه - يصف أبا بكر - رضي الله عنه - : كنت للدين رأابا . الرأب : الجمع والشد . ورأب الشيء إذا جمعه وشده برفق .

وفي حديث عائشة تصف أباها - رضي الله عنهما - : يرأب شعبها ، وفي حديثها الآخر : ورأب الثأى ، أي : أصلح الفاسد وجبر الوهي . وفي حديث أم سلمة لعائشة - رضي الله عنهما - : لا يرأب بهن إن صدع . قال ابن الأثير : قال القتيبي : الرواية صدع ، فإن كان محفوظا ، فإنه يقال : صدعت الزجاجة فصدعت ، كما يقال : جبرت العظم فجبر ، وإلا فإنه صدع ، أو انصدع . ورأب بين القوم يرأب رأبا : أصلح ما بينهم . وكل ما أصلحته فقد رأبته ، ومنه قولهم : اللهم ارأب بينهم ، أي : أصلح ، قال كعب بن زهير :


طعنا طعنة حمراء فيهم     حرام رأبها حتى الممات



وكل صدع لأمته ، فقد رأبته . والرؤبة : القطعة تدخل في الإناء ليرأب . والرؤبة : الرقعة التي يرقع بها الرحل إذا كسر . والرؤبة مهموزة : ما تسد به الثلمة ، قال طفيل الغنوي :


لعمري لقد خلى ابن جندع ثلمة     ومن أين إن لم يرأب الله ترأب



قال يعقوب : هو مثل لقد خلى ابن خيدع ثلمة . قال : وخيدع هي امرأة ، وهي أم يربوع ، يقول : من أين تسد تلك الثلمة ، إن لم يسدها الله ، ورؤبة : اسم رجل . والرؤبة : القطعة من الخشب يشعب بها الإناء ويسد بها ثلمة الجفنة ، والجمع رئاب . وبه سمي رؤبة بن العجاج بن رؤبة ، قال أمية يصف السماء :


سراة صلابة خلقاء صيغت     تزل الشمس ليس لها رئاب



أي : صدوع . وهذا رئاب قد جاء ، وهو مهموز : اسم رجل . التهذيب : الرؤبة الخشبة التي يرأب بها المشقر ، وهو القدح الكبير من الخشب . والرؤبة : القطعة من الحجر ترأب بها البرمة ، وتصلح بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية