صفحة جزء
[ رثا ]

رثا : الرثو : الرثيئة من اللبن ، قال ابن سيده : وليس على لفظه في حكم التصريف لأن الرثيئة مهموزة ، بدليل قولهم رثأت اللبن خلطته ، فأما قولهم رجل مرثو أي : ضعيف العقل فمن الرثية . ورثوت الرجل : لغة في رثأته ، ورثت المرأة بعلها ترثيه وترثوه رثاية . قال ابن سيده : وحكى اللحياني رثيت عنه حديثا أي : حفظته ، والمعروف نثيت عنه خبرا أي : حملته . وقال في موضع آخر : وأرى اللحياني حكى رثوت عنه حديثا حفظته وإنما المعروف نثوت عنه خبرا ، وفي الصحاح : رثيت عنه حديثا أرثي رثاية إذا ذكرته عنه . وحكي عن العقيلي رثونا بيننا حديثا ورثيناه وتناثيناه مثله . والرثية - بالفتح : وجع في الركبتين والمفاصل . وقال ابن سيده : وجع المفاصل واليدين والرجلين ، وقيل : وجع وظلاع في القوائم ، وقيل : هو كل ما منعك من الانبعاث من وجع أو كبر ; قال رؤبة فشدد :

فإن تريني اليوم ذا رثيه

وقال أبو نخيلة يصف كبره :

وقد علتني ذرأة بادي بدي

ورثية تنهض بالتشدد

وصار للفحل لساني ويدي

ويروى : في تشدد ، قال : الرثية انحلال الركب والمفاصل ، وقد رثي رثيا ; عن ابن الأعرابي ; قال ابن سيده : والقياس رثى ، وقال ثعلب : والرثية والرثية الضعف . التهذيب : داء يعرض في المفاصل ولا همز فيها ، وجمعها رثيات : وأنشد شمر لجواس بن نعيم أحد بني الهجيم بن عمرو بن تميم قال السكري : ويعرف بابن أم نهار ، وأم نهار هي أم أبيه وبها يعرف :


وللكبير رثيات أربع : الركبتان والنسا والأخدع



[ ص: 100 ]

ولا يزال رأسه يصدع     وكل شيء بعد ذاك ييجع



والرثية : الحمق : وفي أمره رثية أي : فتور ; وقال أعرابي :


لهم رثية تعلو صريمة أهلهم     وللأمر يوما راحة فقضاء



ابن سيده : ورجل مرثوء من الرثية نادر أي : أنه مما همز ولا أصل له في الهمز . ورجل أرثى : لا يبرم أمرا ، ومرثو : في عقله ضعف ، وقياسه مرثي ، فأدخلوا الواو على الياء كما أدخلوا الياء على الواو في قولهم أرض مسنية وقوس مغرية . ورثى فلان فلانا يرثيه رثيا ومرثية إذا بكاه بعد موته . قال : فإن مدحه بعد موته قيل رثاه يرثيه ترثية . ورثيت الميت رثيا ورثاء ومرثاة ومرثية ورثيته : مدحته بعد الموت وبكيته . ورثوت الميت أيضا إذا بكيته وعددت محاسنه ، وكذلك إذا نظمت فيه شعرا . ورثت المرأة بعلها ترثيه ورثيته ترثاه رثاية فيهما الأخيرة عن اللحياني ، وترثت كرثت ; قال رؤبة :


بكاء ثكلى فقدت حميما     فهي ترثي بأبا وابنيما



ويروى : وابناما ، ولم يحتشم من الألف مع الياء لأنها حكاية ، والحكاية يجوز فيها ما لا يجوز في غيرها ، ألا ترى أنهم قالوا من زيدا في حكاية رأيت زيدا ، ومن زيد في حكاية مررت بزيد ؟ وكل ذلك مذكور في مواضعه . وامرأة رثاءة ورثاية : كثيرة الرثاء لبعلها أو لغيره ممن يكرم عندها تنوح نياحة ، وقد تقدم في الهمز ، فمن لم يهمز أخرجه على أصله ، ومن همزه فلأن الياء إذا وقعت بعد الألف الساكنة همزت ، وكذلك القول في سقاءة وسقاية وما أشبهها . قال ابن السكيت : قالت امرأة من العرب رثأت زوجي بأبيات ، وهمزت قال الفراء : ربما خرجت بهم فصاحتهم إلى أن يهمزوا ما ليس بمهموز ، قالوا : رثأت الميت ، ولبأت بالحج ، وحلأت السويق تحلئة ، إنما هو من الحلاوة . وفي الحديث : أنه نهى عن الترثي ، وهو أن يندب الميت فيقال وافلاناه . ورثيت له : رحمته . ويقال : ما يرثي فلان لي ، أي : ما يتوجع ولا يبالي . وإني لأرثي له مرثاة ورثيا . ورثى له ، أي : رق له ، وفي الحديث : أن أخت شداد بن أوس بعثت إليه عند فطره بقدح لبن وقالت : يا رسول الله إنما بعثت به إليك مرثية لك من طول النهار وشدة الحر ، أي : توجعا لك ، وإشفاقا من رثى له إذا رق ، وتوجع ، وهي من أبنية المصادر ، نحو المغفرة والمعذرة ، قال : وقيل الصواب أن يقال ، مرثاة لك ، من قولهم : رثيت للحي رثيا ، ومرثاة ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية