صفحة جزء
[ رجز ]

رجز : الرجز : داء يصيب الإبل في أعجازها . والرجز : أن تضطرب رجل البعير أو فخذاه إذا أراد القيام أو ثار ساعة ثم تنبسط . والرجز : ارتعاد يصيب البعير والناقة في أفخاذهما ومؤخرهما عند القيام ، وقد رجز رجزا ، وهو أرجز ، والأنثى رجزاء ، وقيل : ناقة رجزاء ضعيفة العجز إذا نهضت من مبركها لم تستقل إلا بعد نهضتين ، أو ثلاث قال أوس بن حجر يهجو الحكم بن مروان بن زنباع :


هممت بخير ثم قصرت دونه كما ناءت الرجزاء شد عقالها     منعت قليلا نفعه وحرمتني
قليلا فهبها بيعة لا تقالها



ويروى : عثرة وكان وعده بشيء ثم أخلفه ، والذي في شعره : هممت بباع ، وهو فعل خير يعطيه . قال : ومنه الحديث : يلحقني منكن أطولكن باعا ، فلما ماتت زينب رضي الله عنها علمن أنها هي ، يقول : لم تتم ما وعدت ، كما أن الرجزاء أرادت النهوض فلم تكد تنهض إلا بعد ارتعاد شديد ، ومنه سمي الرجز من الشعر لتقارب أجزائه وقلة حروفه ، وقول الراعي يصف الأثافي :


ثلاث صلين النار شهرا وأرزمت     عليهن رجزاء القيام هدوج



يعني ريحا تهدج لها رزمة أي : صوت . ويقال : أراد برجزاء القيام قدرا كبيرة ثقيلة . هدوج : سريعة الغليان ، قال : وهذا هو الصواب ، وقال أبو النجم :


حتى تقوم تكلف الرجزاء



ويقال للريح إذا كانت دائمة : إنها لرجزاء ، وقد رجزت رجزا ، والرجز : مصدر رجز يرجز ، قال ابن سيده : والرجز شعر ابتداء أجزائه سببان ثم وتد ، وهو وزن يسهل في السمع ويقع في النفس ، ولذلك جاز أن يقع فيه المشطور وهو الذي ذهب شطره ، والمنهوك وهو الذي قد ذهب منه أربعة أجزائه وبقي جزآن نحو :


يا ليتني فيها جذع     أخب فيها وأضع



وقد اختلف فيه فزعم قوم أنه ليس بشعر وأن مجازه مجاز السجع ، وهو عند الخليل شعر صحيح ، ولو جاء منه شيء على جزء واحد لاحتمل الرجز ذلك لحسن بنائه . وفي التهذيب : وزعم الخليل أن الرجز ليس بشعر وإنما هو أنصاف أبيات وأثلاث ، ودليل الخليل في ذلك ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله :

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك من لم تزود بالأخبار

قال الخليل : لو كان نصف البيت شعرا ما جرى لسان النبي - صلى الله عليه وسلم :

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا

وجاء بالنصف الثاني على غير تأليف الشعر ; لأن نصف البيت لا يقال له شعر ، ولا بيت ، ولو جاز أن يقال لنصف البيت شعر لقيل لجزء منه شعر وقد جرى على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم : " أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب " قال بعضهم : إنما هو لا كذب بفتح الباء على الوصل ، قال الخليل : فلو كان شعرا لم يجر على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الله تعالى : وما علمناه الشعر وما ينبغي له أي : وما يتسهل له ; قال الأخفش : قول الخليل إن هذه الأشياء شعر ، قال : وأنا أقول إنها ليست بشعر ، وذكر أنه هو ألزم الخليل ما ذكرنا وأن الخليل اعتقده . قال الأزهري : قول الخليل الذي كان بنى عليه أن الرجز شعر ومعنى قول الله - عز وجل : وما علمناه الشعر وما ينبغي له أي : لم نعلمه الشعر فيقوله ويتدرب فيه حتى ينشئ منه كتبا ، وليس في إنشاده - صلى الله عليه وسلم - البيت والبيتين لغيره ما يبطل هذا ; لأن المعنى فيه إنا لم نجعله شاعرا قال الخليل : الرجز المشطور والمنهوك ليسا من الشعر ، قال : والمنهوك كقوله : أنا النبي لا كذب والمشطور : الأنصاف المسجعة . وفي حديث الوليد بن المغيرة حين قالت قريش للنبي : إنه شاعر ، فقال : لقد عرفت الشعر ورجزه وهزجه وقريضه فما هو به . والرجز : بحر من بحور الشعر معروف ونوع من أنواعه يكون كل مصراع منه مفردا ، وتسمى قصائده أراجيز ، واحدتها أرجوزة ، وهي كهيئة السجع إلا أنه في وزن الشعر ، ويسمى قائله راجزا ، كما يسمى قائل بحور الشعر شاعرا . قال الحربي : ولم يبلغني أنه جرى على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - من ضروب الرجز إلا ضربان : المنهوك والمشطور ، ولم يعدهما الخليل شعرا ، فالمنهوك كقوله في رواية البراء [ ص: 105 ] إنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - على بغلة بيضاء يقول : أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب والمشطور ، كقوله في رواية جندب : إنه صلى الله عليه وسلم دميت إصبعه فقال : " هل أنت إلا إصبع دميت ؟ وفي سبيل الله ما لقيت " ويروى أنالعجاج أنشد أبا هريرة :


ساقا بخنداة وكعبا أدرما



فقال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعجبه نحو هذا من الشعر . قال الحربي : فأما القصيدة فلم يبلغني أنه أنشد بيتا تاما على وزنه إنما كان ينشد الصدر أو العجز ، فإن أنشده تاما لم يقمه على وزنه ، إنما أنشد صدر بيت لبيد :


ألا كل شيء ما خلا الله باطل



وسكت عن عجزه وهو :

وكل نعيم لا محالة زائل



وأنشد عجز بيت طرفة :

ويأتيك من لم تزود بالأخبار

وصدره :

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا



وأنشد :

أتجعل نهبي ونهب العبي د بين الأقرع وعيينة ؟

فقال الناس : بين عيينة والأقرع ، فأعادها : بين الأقرع وعيينة ، فقام أبو بكر - رضي الله عنه - فقال : أشهد أنك رسول الله ! ثم قرأ : وما علمناه الشعر وما ينبغي له قال : والرجز ليس بشعر عند أكثرهم . وقوله : أنا ابن عبد المطلب ، لم يقله افتخارا به ; لأنه كان يكره الانتساب إلى الآباء الكفار ، ألا تراه لما قال له الأعرابي : يا ابن عبد المطلب ، قال : قد أجبتك ؟ ولم يتلفظ بالإجابة كراهة منه لما دعاه به ، حيث لم ينسبه إلى ما شرفه الله به من النبوة والرسالة ، ولكنه أشار بقوله : أنا ابن عبد المطلب ، إلى رؤيا كان رآها عبد المطلب كانت مشهورة عندهم رأى تصديقها فذكرهم إياها بهذا القول . وفي حديث ابن مسعود - رضي الله عنه : من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز ، إنما سماه راجزا ; لأن الرجز أخف على لسان المنشد واللسان به أسرع من القصيد . قال أبو إسحاق . إنما سمي الرجز رجزا ; لأنه تتوالى فيه في أوله حركة وسكون ثم حركة وسكون إلى أن تنتهي أجزاؤه ، يشبه بالرجز في رجل الناقة ورعدتها ، وهو أن تتحرك وتسكن ثم تتحرك وتسكن ، وقيل : سمي بذلك ; لاضطراب أجزائه وتقاربها ، وقيل : لأنه صدور بلا أعجاز ، وقال ابن جني : كل شعر تركب تركيب الرجز سمي رجزا ، وقال الأخفش مرة : الرجز عند العرب كل ما كان على ثلاثة أجزاء ، وهو الذي يترنمون به في عملهم وسوقهم ويحدون به ، قال ابن سيده : وقد روى بعض من أثق به نحو هذا عن الخليل ، قال ابن جني : لم يحتفل الأخفش هاهنا بما جاء من الرجز على جزأين نحو قوله : يا ليتني فيها جذع ، قال : وهو لعمري ، بالإضافة إلى ما جاء منه على ثلاثة أجزاء جزء لا قدر له لقلته فلذلك لم يذكره الأخفش في هذا الموضع ، فإن قلت : فإن الأخفش لا يرى ما كان على جزأين شعرا ، قيل : وكذلك لا يرى ما هو على ثلاثة أجزاء أيضا شعرا ومع ذلك فقد ذكره الآن وسماه رجزا ، ولم يذكر ما كان منه على جزأين وذلك لقلته لا غير ، وإذا كان إنما سمي رجزا ; لاضطرابه تشبيها بالرجز في الناقة ، وهو اضطرابها عند القيام فما كان على جزأين فالاضطراب فيه أبلغ وأوكد ، وهي الأرجوزة للواحدة والجمع الأراجيز . رجز الراجز يرجز رجزا وارتجز الرجاز ارتجازا : قال أرجوزة . وتراجزوا وارتجزوا : تعاطوا بينهم الرجز ، وهو رجاز ورجازة وراجز . والارتجاز : صوت الرعد المتدارك . وارتجز الرعد ارتجازا إذا سمعت له صوتا متتابعا . وترجز السحاب إذا تحرك تحركا بطيئا لكثرة مائه ، قال الراعي :


ورجافا تحن المزن فيه     ترجز من تهامة فاستطارا



وغيث مرتجز : ذو رعد ، وكذلك مترجز ، قال أبو صخر :

وما مترجز الآذي جون     له حبك يطم على الجبال ؟



والمرتجز : اسم فرس سيدنا رسول الله سمي بذلك ; لجهارة صهيله وحسنه وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشتراه من الأعرابي وشهد له خزيمة بن ثابت ، ورد ذكره في الحديث . وتراجز القوم : تنازعوا . والرجز : القذر مثل الرجس : والرجز : العذاب . والرجز والرجز : عبادة الأوثان ، وقيل : هو الشرك ما كان تأويله أن من عبد غير الله تعالى فهو على ريب من أمره واضطراب من اعتقاده ، كما قال سبحانه وتعالى : ومن الناس من يعبد الله على حرف أي : على شك وغير ثقة ولا مسكة ولا طمأنينة وقوله تعالى : والرجز فاهجر قال قوم : هو صنم وهو قول مجاهد ، والله أعلم قال أبو إسحاق : قرئ والرجز والرجز - بالكسر والضم - ومعناهما واحد ، وهو العمل الذي يؤدي إلى العذاب ، وقال عز من قائل : لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك أي : كشفت عنا العذاب . وقوله : رجزا من السماء هو العذاب وفي الحديث : أن معاذا - رضي الله عنه - أصابه الطاعون ، فقال عمرو بن العاص : لا أراه إلا رجزا وطوفانا ، فقال معاذ : ليس برجز ولا طوفان هو - بكسر الراء - العذاب والإثم والذنب ، ويقال في قوله : والرجز فاهجر أي : عبادة الأوثان . وأصل الرجز في اللغة : تتابع الحركات ، ومن ذلك قولهم : ناقة رجزاء إذا كانت قوائمها ترتعد عند قيامها ، ومن هذا رجز الشعر ; لأنه أقصر أبيات الشعر والانتقال من بيت إلى بيت سريع نحو قوله :


صبرا بني عبد الدار



وكقوله :


ما هاج أحزانا وشجوا قد شجا



قال أبو إسحاق : ومعنى الرجز في القرآن هو العذاب المقلقل لشدته ، وله قلقلة شديدة متتابعة . وقوله - عز وجل : ويذهب عنكم رجز الشيطان قال المفسرون : هو وساوسه وخطاياه وذلك أن المسلمين [ ص: 106 ] كانوا في رمل تسوخ فيه الأرجل ، وأصابت بعضهم الجنابة فوسوس إليهم الشيطان بأن عدوهم يقدرون على الماء وهم لا يقدرون عليه ، وخيل إليهم أن ذلك عون من الله تعالى لعدوهم ، فأمطر الله تعالى المكان الذي كانوا فيه حتى تطهروا من الماء ، واستوت الأرض التي كانوا عليها ، وذلك من آيات الله - عز وجل - . ووسواس الشيطان رجز . وترجز الرجل إذا تحرك تحركا بطيئا ثقيلا لكثرة مائه . والرجازة : ما عدل به ميل الحمل والهودج ، وهو كساء يجعل فيه حجارة ويعلق بأحد جانبي الهودج ليعدله إذا مال ، سمي بذلك ; لاضطرابه وفي التهذيب : هو شيء من وسادة وأدم إذا مال أحد الشقين وضع في الشق الآخر ليستوي ، سمي رجازة الميل . والرجازة : مركب للنساء دون الهودج . والرجازة : ما زين به الهودج من صوف وشعر أحمر ، قال الشماخ :


ولو ثقفاها ضرجت بدمائها     كما جللت نضو القرام الرجائز



قال الأصمعي : هذا خطأ إنما هي الجزائز ، الواحدة جزيرة ، وقد تقدم ذكرها . والرجائز : مراكب أصغر من الهوادج ، ويقال : هو كساء تجعل فيه أحجار تعلق بأحد جانبي الهودج إذا مال . والرجاز : واد معروف ، قال بدر بن عامر الهذلي :


أسد تفر الأسد من عروائه     بمدافع الرجاز أو بعيون



ويروى : بمدامع الرجاز ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية