صفحة جزء
[ رجا ]

رجا : الرجاء من الأمل : نقيض اليأس ممدود . رجاه يرجوه ، رجوا ورجاء ورجاوة ومرجاة ورجاة ، وهمزته منقلبة عن واو بدليل ظهورها في رجاوة . وفي الحديث : إلا رجاة أن أكون من أهلها ، وأنشد ابن الأعرابي :


غدوت رجاة أن يجود مقاعس وصاحبه فاستقبلاني بالغدر



ويروى : بالعذر ، وقد تكرر في الحديث ذكر الرجاء بمعنى التوقع والأمل . ورجيه ورجاه وارتجاه وترجاه بمعنى ، قال بشر يخاطب بنته :


فرجي الخير وانتظري إيابي     إذا ما القارظ العنزي آبا



وما لي في فلان رجية أي : ما أرجو . ويقال : ما أتيتك إلا رجاوة الخير . التهذيب : من قال فعلت ذلك رجاة كذا فهو خطأ ، إنما يقال رجاء كذا ، قال : والرجو المبالاة ، يقال : ما أرجو أي : ما أبالي . قال الأزهري : رجي بمعنى رجا لم أسمعه لغير الليث ، ولكن رجي إذا دهش . وأرجت الناقة : دنا نتاجها ، يهمز ولا يهمز ، وقد يكون الرجو والرجاء بمعنى الخوف . ابن سيده : والرجاء الخوف . وفي التنزيل العزيز : ما لكم لا ترجون لله وقارا . وقال ثعلب : قال الفراء الرجاء في معنى الخوف لا يكون إلا مع الجحد ، تقول : ما رجوتك أي : ما خفتك ، ولا تقول رجوتك في معنى خفتك ، وأنشد لأبي ذؤيب :


إذا لسعته النحل لم يرج لسعها     وخالفها في بيت نوب عواسل



أي : لم يخف ولم يبال ، ويروى : وحالفها ، قال : فحالفها لزمها ، وخالفها دخل عليها وأخذ عسلها . الفراء : رجا في موضع الخوف إذا كان معه حرف نفي ، ومنه قول الله - عز وجل - : ما لكم لا ترجون لله وقارا المعنى لا تخافون لله عظمة ، قال الراجز :


لا ترتجي حين تلاقي الذائدا     أسبعة لاقت معا أو واحدا ؟



قال الفراء : وقال بعض المفسرين في قوله تعالى : وترجون من الله ما لا يرجون معناه تخافون قال : ولم نجد معنى الخوف يكون رجاء إلا ومعه جحد ، فإذا كان كذلك كان الخوف على جهة الرجاء والخوف وكان الرجاء كذلك كقوله - عز وجل : لا يرجون أيام الله هذه للذين لا يخافون أيام الله وكذلك قوله تعالى : لا ترجون لله وقارا وأنشد بيت أبي ذؤيب :


إذا لسعته النحل لم يرج لسعها



قال : ولا يجوز رجوتك وأنت تريد خفتك ولا خفتك وأنت تريد رجوتك . وقوله تعالى : وقال الذين لا يرجون لقاءنا أي : لا يخشون لقاءنا ، قال ابن بري : كذا ذكره أبو عبيدة . والرجا مقصور : ناحية كل شيء ، وخص بعضهم به ناحية البئر من أعلاها إلى أسفلها ، وحافتيها . وكل شيء وكل ناحية رجا ، وتثنيته رجوان كعصا وعصوان . ورمي به الرجوان : استهين به فكأنه رمي به هنالك ، أرادوا أنه طرح في المهالك ، قال :


فلا يرمى بي الرجوان أني     أقل القوم من يغني مكاني



وقال المرادي :


لقد هزئت مني بنجران إذ رأت     مقامي في الكبلين أم أبان
كأن لم تري قبلي أسيرا مكبلا     ولا رجلا يرمى به الرجوان



أي : لا يستطيع أن يستمسك ، والجمع أرجاء ، ومنه قوله تعالى : والملك على أرجائها أي : نواحيها ، قال ذو الرمة :


بين الرجا والرجا من جنب واصبة     يهماء خابطها بالخوف معكوم



والأرجاء تهمز ولا تهمز . وفي حديث حذيفة لما أتي بكفنه فقال : إن يصب أخوكم خيرا فعسى وإلا فليترام بي رجواها إلى يوم القيامة أي : جانبا الحفرة ، والضمير راجع إلى غير مذكور ، يريد به الحفرة ، والرجا مقصور : ناحية الموضع ، وقوله : فليترام بي لفظ أمر ، والمراد به الخبر أي : وإلا ترامى بي رجواها ، كقوله تعالى : فليمدد له الرحمن مدا . وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما : كان [ ص: 119 ] الناس يردون منه أرجاء واد رحب ، أي : نواحيه وصفه بسعة العطن والاحتمال ، والأناة . وأرجاها : جعل لها رجا . وأرجى الأمر : أخره لغة في أرجأه . ابن السكيت : أرجأت الأمر وأرجيته إذا أخرته ، يهمز ولا يهمز ، وقد قرئ : وآخرون مرجون لأمر الله ، وقرئ : مرجؤون ، وقرئ أرجه وأخاه ، و ( أرجئه وأخاه ) ، قال ابن سيده : وفي قراءة أهل المدينة قالوا : أرجه وأخاه ، وإذا وصفت به قلت : رجل مرج ، وقوم مرجية ، وإذا نسبت إليه قلت : رجل مرجي - بالتشديد - على ما ذكرناه في باب الهمز . وفي حديث توبة كعب بن مالك : وأرجأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا أي : أخره . قال ابن الأثير : الإرجاء : التأخير ، وهذا مهموز . وقد ورد في الحديث ذكر المرجئة قال : وهم فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية ، كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة ، سموا مرجئة لاعتقادهم أن الله أرجأ تعذيبهم على المعاصي أي : أخره عنهم ، والمرجئة يهمز ولا يهمز ، وكلاهما بمعنى التأخير . وتقول من الهمز : رجل مرجئ وهم المرجئة ، وفي النسب مرجئي مثال مرجع ومرجعة ومرجعي ، وإذا لم تهمز قلت رجل مرج ومرجية ومرجي ، مثل معط ومعطية ومعطي . وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : ألا ترى أنهم يتبايعون الذهب بالذهب ، والطعام مرجى أي : مؤجلا مؤخرا ، ويهمز ولا يهمز ، قال ابن الأثير : وفي كتاب الخطابي على اختلاف نسخه مرجى - بالتشديد - للمبالغة ، ومعنى الحديث أن يشتري من إنسان طعاما بدينار إلى أجل ، ثم يبيعه منه أو من غيره قبل أن يقبضه بدينارين مثلا ، فلا يجوز ; لأنه في التقدير بيع ذهب بذهب والطعام غائب فكأنه قد باعه ديناره الذي اشترى به الطعام بدينارين ، فهو ربا ; ولأنه بيع غائب بناجز ولا يصح . والأرجية : ما أرجي من شيء . وأرجى الصيد : لم يصب منه شيئا كأرجأه . قال ابن سيده : وهذا كله واوي لوجود رج وملفوظا به مبرهنا عليه ، وعدم ( رج ي ) على هذه الصفة ، وقوله تعالى : ترجي من تشاء منهن من ذلك . وقطيفة حمراء أرجوان والأرجوان : الحمرة ، وقيل : هو النشاستج وهو الذي تسميه العامة النشا . والأرجوان : الثياب الحمر ، عن ابن الأعرابي . والأرجوان : الأحمر . وقال الزجاج : الأرجوان صبغ أحمر شديد الحمرة ، والبهرمان دونه وأنشد ابن بري :


عشية غادرت خيلي حميدا     كأن عليه حلة أرجوان



وحكى السيرافي : أحمر أرجوان ، على المبالغة به ، كما قالوا أحمر قانئ وذلك لأن سيبويه إنما مثل به في الصفة ، فإما أن يكون على المبالغة التي ذهب إليها السيرافي ، وإما أن يريد الأرجوان الذي هو الأحمر مطلقا . وفي حديث عثمان : أنه غطى وجهه بقطيفة حمراء أرجوان وهو محرم ؛ قال أبو عبيد : الأرجوان الشديد الحمرة ، لا يقال لغير الحمرة أرجوان ، وقال غيره : أرجوان معرب أصله أرغوان بالفارسية فأعرب ، قال : وهو شجر له نور أحمر أحسن ما يكون ، وكل لون يشبهه فهو أرجوان ، قال عمرو بن كلثوم :


كأن ثيابنا منا ومنهم     خضبن بأرجوان أو طلينا



ويقال : ثوب أرجوان وقطيفة أرجوان ، والأكثر في كلامهم إضافة الثوب والقطيفة إلى الأرجوان ، وقيل : إن الكلمة عربية والألف والنون زائدتان ، وقيل : هو الصبغ الأحمر الذي يقال له النشاستج ، والذكر والأنثى فيه سواء . أبو عبيد : البهرمان دون الأرجوان في الحمرة ، والمفدم المشرب حمرة . ورجاء ومرجى : اسمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية